درويشُ قد ترَكَ الحِصانَ وحيداًقلب يودِّعُ راحلاً قبل الغيابْ...مـروان ارزيـقـات
وطنٌ يودِّعُ فارساً فوق السّحابْ...
روحٌ تحلّقُ فوقنا ...
كالغيمِ حينَ يحتضنُ الهِضابْ...
وتحدَّرَ الدَّمعُ الهَتون ...
واحتجبَ المدى مثل الضَّبابْ...
هذا الرّحيلُ المرُّ والحزنُ الثّقيلْ..
فبكى المخيَّمُ وانحنى ظلُّ النَّخيلْ..
عادوا وما عاد المتيَّمُ للجليلْ..
عاد النَّشيدُ الشّعرُ يحملهُ الصهيلْ..
عاد النّشيدُ الحرفُ صوتُكْ..
ميمُ .. البدايةُ يبدأُ اسمُكْ..
حاءُ .. الحياةُ فأنت حيٌّ بعدَ موتِكْ..
ميمُ .. المقاومُ تاجُ مجِْدكْ..
واوُ .. الوطنْ عهدي وعهدُكْ..
دالُ .. الدّموعُ فأنت شعرُكْ..
محمودُ ... لونُ اللّيلِ حالكْ..
للشعرِ ملحمةٌ فمن غيرُكَ للمعاركْ..
درويشُ في القلبِ المسجَّى بالقصيدْ...
درويشُ قلبُ الشّعرِ ينبضُ بالنّشيدْ...
حلمٌ تبعْثرَ في المكانْ...
وهو الزّمانُ ولا زمانْ...
درويشُ قد ترك الحصانَ وحيداً..
درويش اقرأ ..
ما أنت قارئ..
اقرأ وصيَّتكَ الأخيرة..
واكتبْ على الوطنِ المضرَّجِ بالنَّدى ..
رغمَ الجراحِ ورغمَ الرّدى ..
" حقَّ الجهادُ وحقَّ الفدا "
درويشُ قد ترك الحصانَ وحيداً..
فتسلَّلَ الموتُ الفجائيُّ..
ليسرقَ الأزهارَ من دمِنا..
في ليلةٍ أولى وليستْ آخرة..
وتكسّرَ الدَّمعُ الحزينُ ..
وفي العيونِ الغائرة..
عبرَ المسافرُ جِسرَهُ..
نحو العُلا...
وأضاءَ روحَ الذَّاكرة...
درويشُ قد تركَ الحصانَ وحيداً..
والأمُّ تبحثُ عن فتى أحلامِها..
والقهوةُ السّمراءُ تبسمُ في انتظارْ..
وعلى أحرِّ من الجمرْ..
الخبزُ ينتظرُ الصَّباحْ..
الأمُّ ناعِسةٌ..
والدِّيكُ أسمَعها الصِّياحْ..
" درويشُ قد تركَ الحصانَ وحيداً "
فتنبَّه القلبُ المعذّبُ بالنَّوى ...
خفَقَ المحبَّةَ والهوى...
ومن الأعالي قد هوى...
نحو المعارج والعلا ...
ثمَّ استوى...
نِعْمَ الفتى..!!
ولئِنْ سألتَ الشعرَ عنه عيونَه ...
متَسرْبِلاً ثوبَ الحدادِ مردِّداً...
نِعْمَ الفتى..!!
أينَ الفتى..؟؟
ثمَّ انحنى...
درويشُ في عينِ الثُّريّا بازِغاً...
درويشُ في قلبِ الثَّرى...
درويشُ ابنٌ للقصيدةِ لا يُرى...
درويشُ إنَّه ها هنا ...
درويشُ إنَّه ها هنا ...