أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: عشقتُ مسدولا على العين يتذبذب

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي عشقتُ مسدولا على العين يتذبذب

    عشقتُ مسدولاً على العين يتذبذب .
    ـــــــــــــــــ
    جال بي الهوى ، وجالت به ،،، نفسي .
    وأعرس ليلته بلا صوت ولا ،،، همس .
    أريه ما صيّرني بفعلهِ الجوى ، ويريني النار بصلْية ،،، القبس .
    أقول له وربك لا تمر بي النائبات إلا بيوم ،،، نحس .
    ولا تبرحني إلا بعد أن تظعن أيام ،،، أنسي .
    خَلَتْ حبيبتي كما خلت من المقتول ،،، نفس .
    وأقام همّها ما أقام صداع ، وما أصرّ على إيلامه ،،، الضرس .
    وأقسى ما أعانيه كنزع الشَوَى[1] ، حتى أعود بلا روح ولا ،،، حس .
    وأجرع من سُمّ بعدها قراب بحر ، وتقسم عليّ أن أزيد على البحر ،،، كأس .
    وتقول دونك الدنيا فاسع في مناكبها ، وما علِمَت أن الفسيحة بلا الحبيبة ،،، حبس .
    عشقتُ مسدولا على العين يتذبذب ، ومن سحره خلا من عقله ،،، رأسي .
    يُبَصْبِصُ[2] على حَدَب جفنها كأذناب خيل ، فَخِلته بعد مَيْدِه راقصة ذات ،،، ميس .
    وإن طأطأت برأسها زهى مفرقها ، ليصدع كبدي ويعود ميتا ثم ،،، يبس .
    تعس الفؤاد لبعدها ، وكل ما في النفس لفراقها ،،، تعس .
    واختلط صبحٌ بأمسِ ، فسيّان أقمر في كبد السماء أم ،،، شمس .
    ويحكِ يا نفس ، أأربع صلوات أوفيتِها أم ،،، خمس .
    إن كانت أربعا وخلتها وافية ، فذاك ورب البرية ،،، مس .
    فآهٍ من الحب ما رجع بالأمر سويا ، بل نكسا بعد ،،، نكس .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـ
    ثم اتّكأتُ على صَحْصَح النفود أتأمل الغروب وكيف يولج الله النهار في الليل ، وكيف يسلخ هذا من هذا ،،، سبحانه حيث هو .
    ثم تَشَبَّحَتْ عُنَيْس ،،، فأقبلتْ على غير جمالها الذي أعهده !!! بل كالقمر ،،، ويح نفسي بل كشهاب ذُيَّل بما تيسر له من ألوان .
    فدَنَتْ ثم جلست جلسة من كانت بحضرة الملك المرقسي .
    فقلت : ورب البيت ما انتِ بعُيس ! .
    ضحكتْ وقالت : فمن إذن ؟
    قلت : وما أدراني !!! تلك الجنيّة أعرفها ،،، أما أنتِ فكالقمر ضياءً ،،، وما عهدت القمر يحط بين يدي .
    قالت : بل ،،، عنيس .
    قلت : إذن فمن كانت تلك ؟
    قالت : كانت عنيسا أيضا .
    قلت : كيف ذلك ؟؟!! .
    قالت : قبل أن أخبركَ ،،، ما تقول فيّ الساعة ؟
    قلت : والله إني لأعرف الجمال وأصفه ،،، ولكن ما إن أشرقتِ يا هذه حتى اكتشفتُ أنني من أهل الغفلة في وصفي الجمال !!! فمن أنتِ ؟
    قالت : ألا تلاحظ وفادتي عليك ؟
    قلت : بلى ،،، ما الأمر ؟
    قالت : وفدت عليك بعد الغروب !!! .
    وهذا لأني نفرتُ من الشمس لأذاها ،،، فكرهتها !!! .
    فقلت : آهة ،،، ثم ماذا ؟؟؟ .
    قالت : أوَلم يتّضح لكَ شيئا ؟
    قلت : نصفه ،،، ونصفه الآخر لا زال مُغَيّبا ،،، ولقد ذكرت قول الراجز :
    ( وقد بَهَرَتْ فما تخفى على أحد **** إلا على أحد لا يعرفُ القمرا ) .
    غير أني أحب الشيء كاملاً ،،، فهات نصفكِ الآخر يا عنيس .
    قالت : كِدت تصل أيها العربي الأبيّ ،،، ولكن ما تقول في قرية قد رَامَها رب البرية بخير ؟
    قلت : لا ريب أن الخير لفّها لف البطنُ الجنينَ ،،، .
    ضحكت وقالت : هل عرفت بمن تَشَبّحتْ عنيس ؟
    قلت : وإن عرفت ،،، فلا بد من الإعتراف .
    قالت : صفني .
    قلت : وكيف أصف القمر ! ،،، ثم لم يبق على قتلي إلا إطراقة الجفن ، فحلمكِ يا فتاة .
    قالت : هل أسدل الجفن على المقلة ؟
    قلت : ويحكِ يا فتاة ،،، لا أريد أن أموت الساعة .
    قالت : إذن تُبرم عهدا ! .
    قلت : وما ذاك ؟
    قالت : أن تفصح لي ،،، من هِي ؟؟؟ .
    قلت : قد عرفتكِ يا حسناء .
    قالت : عرفتني ،،، إذن فقل .
    قلت : لن تحبيها !!! .
    قالت : عجبا !!! ولم لا أحبها وقد تغزلتَ بها ووصفتها آنفا بما فاق الوصف .
    قلت : أنا لا أدّعي ، أنتِ قلتِ أنكِ لا تحبيها .
    قالت : متى قلتُ ذلك ؟ وكيف لا أحبها وأنا لا أعرفها !!؟؟ .
    قلت : لأنها شمس الشموس .
    قالت بعد أن ضحكت : نطقت بالحق ،،، ولكن قل لي كيف هي شمس الشموس ؟
    قلت : هي تأبى على الآناث إلا أنوثتها ،،، كالشمس تأبى على الأقمار إلا نورها .
    أرأيتِ صوتها ،،، تالله ما رجل سمعه إلا اكتظّ بالرجولة ! حتى لو شاءت رجولته أن تنبجس من جوانبه لانبجستْ ! .
    لو رأيتِ كيف عَمّهَا الجمال حتى فشا فيها الحُسن ،،، وحتى كل مليحة سرقت من هي ذَنُوْبا[3] ، وإن لم تسرق ، فهي أنفلتها طرفا من السحر .
    وإن الجمال فيها غُرس لِيُرى ، فتختّمتْ به وتختم بها .
    قالت : في كل مرة تأتي بالعجب يا حسين ، لكأن هي ليست تتراءى إلا لكَ ! .
    ولكأنها اضطرّت بقية النساء إلى التنحّي عن نواميسهن ، ثم اضطرها الجمال إلى السحر المنتهي بالفتك ! .
    قلت : ما أتيتِ بغريب ، ولا بناب عن سجيتها !!! هي كما قلتِ ،،، وليست هي من نحّت البقية ، بل هنّ لو رأينها لصدّقن بها وأكذبن على غيرها الأنوثة !!! ولخجل الحسن من أن يظهر في غير وجهها .
    يا طيبة المنبت : لو أن الرجاحة مقرونة بالمرأة ، لرفع القلم عن كل رجل يرى هي !!! .
    قالت بتعجب : لرفع القلم !!! ولم ؟؟؟ .
    قلت : لتنحّي العقل عن صاحبه ساعة النظر إلى وجهها الصبوح ! .
    أرأيت يا فتاة من أراد أن يجمّ قلبه ؟
    قالت : هاه ،،، ماذا ؟
    قلت : فوالذي رام قريتكِ بخيره ، ما ثَمّة جَمام غير النظر في عينيها ، وإن المُسْتجِم لو فعل لأنكر السحر في غيرها !!! ،،، ومن طلب النّجْعة ، ما ثمة مُنتجع إلا كفّها ، فجعل ينتجع ويتلمّس ، فإن أجْدَب أيمن كفها رام أيسر منها .
    قالت : آهة ،،، كيف هي أنثى الآناث وتُجدِب ، حتى ينتجع العاشق كفها الآخر ؟؟؟ .
    قلت : ليست تجدب أنوثتها البتة ،،، غير أنها متحرّزة متخفرة ، يداهمها القلق والسهاد ، وتهتم للقليل همّها للكثير ،،، تماما كـ . ( أورسولا ) زوجة ( خوزيه أركاديو بوينديا ) وأم أوريليانو أثناء شبابها كيف كانت قلقة مهتمّة .
    هذا ما قصدته ،،، تقلق ثم تتحرّز فتتنحى ،،، فأي جدب أنكى من التنحي ؟
    ضحكت وقالت : ربما !!! .
    ثم استدركت وقالت : أليست أورسولا أما لخوزيه أركاديو الإبن ، وهو الأكبر ؟
    قلت : بلى .
    قالت : لم ذكرت أوريليانو ولم تذكر إبنها البكر ؟
    قلت : لا أحبه فقد كان مثال الفسوق ، أما أوريليانو فكان صاحب قضية وناضل في سبيلها ثم صار رجل قانون وإدارة ،،، في حين كان الأول رجل فسوق وما في حكمها من كلمات .
    قالت : لكل وجهة نظر .
    عموما ،،، لقد عجبتُ لِهِي !!! كيف راحت تنالكَ بسحرها ، ثم استودعتْ حبها قلبكَ .
    قلت : لو نظرتِ إليها للمحتِ شعرها يكتنف حاجبها مسدولا هكذا ،،، والذي حببها إليّ لنظرة إليها تُذهِب عن القلب الصدأ والفتور .
    قالت : أتحبها ،،، ؟
    قلت : عجبا لسؤالكِ !!! لكأنّ الحُرقة وشدة الوَجْد ، ما خُلِقت إلا لِتُجعل في ضميري ، أقاسيها فردا .
    وبما لا يقبل الشك لهي محشوّة الأوصال كأنما دُكّت دكّا ،،، وبما لا ريب فيه لهي كالذهب يُنازَع ويدّعيه كل من أراد ،،، وبما وافق العقل أنها لو كانت كتابا لوصف بالإتقان والتبريز .
    ألا يكفي أنها غير متّهمة في كمال الأنوثة ، وأنها ضَبَطَتْها حدّا لغيرها ؟؟؟ .
    رفعت حاجبها متعجبة ثم قالت : هل قلت آنفا أنها من الريف البريطاني ؟
    قلت : نعم قلت .
    قالت : ولم هجرت موطنها ، إن كانت بريطانية كما تدّعي ؟
    قلت : هل تريدي الحق ؟
    قالت : نعم .
    قلت : لأنها من عِتاق الطير .
    قالت : أفصح ؟
    قلت : قالت لي يوما في نقاش ( ذولي ما اواطنهم بعيشة الله ، دايما يسوّون سواد ويه ) .
    ضحكت وقالت : أهذا هو الحق يا حسين ؟؟؟ .
    قلت : نعم .
    قالت : مرة أخرى ،،، ما أكذبك ! .
    ولكن ،،، يوما ما سأعرفها ،،، أتسمح لي بالإنصراف ؟؟؟
    قلت : تفضلي سيدتي .
    ــــ انتهى ــــ
    حسين الطلاع
    30/9/2009 م .
    المملكة العربية السعودية - الجبيل



    [1] : الشوى هو طبقة الجلد التي بها عصب الإحساس ، ومنه قوله تعالى ( نزّاعة للشوى ) والتي يبدلها الله كلما نضجت .

    [2] : البصبصة هي تحريك الذيل يمينا ويسارا للبعير والحصان .

    [3] : الذّنوب هو الدلو .

  2. #2
    الصورة الرمزية مينا عبد الله قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : حيث تكون روحي
    العمر : 42
    المشاركات : 2,091
    المواضيع : 110
    الردود : 2091
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    باقة ورد بعطرها ... ترحيبا بكم معلمي الكبير
    وتقبل الله اعمالكم وجعل أيامكم كلها خير وسعادة

    هذا أولاً ...

    وثانياً " عشقتُ مسدولاً على العين يتذبذب " .... عشقتها بحق لأسباب كثيرة ، أولها ، اللغة المحبوكة والصور المصاغة بإتقان معلم كبير ، ثم " مائة عام من العزلة " تلك القصة التي أعشقها لكاتبي المفضل ، ومن بعد تلك الحيرة التي وضعتنا بها في البحث عن " هي " وكأنك فسرت لنا الماء بالماء فبقينا في دوامة التساؤل والحيرة والبحث عن تلك الكائن الخرافي الذي أضاف لإبداعكم تميزاً ..

    وثالثاً .. سعادتي الكبيرة لأني أول من عانق ذلك الفيض .. عناق مشتاق لمنهل الإبداع

    استاذي الفاضل د . حسين الطلاع .. معلمي الذي أكن له من المشاعر الجليلة ما يفيض الوصف ، تقبل خربشة تلميذتك فوق جدار الروعة هذا

    احترامي ومودتي والتحايا

    مينا
    أنفاسي خطواتي نحو الممات .. و ربما تبقى لي ذكريات .. هكذا علمتني الحياة

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : سيرتـا
    العمر : 46
    المشاركات : 3,845
    المواضيع : 82
    الردود : 3845
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    المبدع الأديب / الطلاع

    ذات الرمش هاته أوقدت في حرفك جدوة وصف منهمر يصارح حينا و يلوذ ملمحا تارة أخرى , حتى بدت لنا الحوارية كلعبة شطرنج لا تستند إلى الذكاء بقدر ما تعتمد الحس منفذا و تذوق الجمال مخرجا من مكائد لغتك المدهشة التي تتطلب فطنة الذوق باستمرار .

    لم أعانق حرفك من فترة طويلة و لكنني ارتويت هنا حد الثمالة فما أبرعك من نديم حرف زاخر و ما أروعه ذلك النسيج الذي حاكته حروفك الحمراء .

    كل عام و أنت إلى الدهشة أقرب ...

    إكليل من الزهر يغلف قلبك
    هشـام

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. عشقت ..وما عشقت ..
    بواسطة أحمد ليبوركي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 27-01-2011, 09:51 PM
  2. العين حق " ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين"
    بواسطة سالم العلوي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-07-2010, 11:17 AM
  3. عشقت الضاد
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-06-2007, 07:03 PM
  4. عشقت الحرف .. فنادهني .. هل سترحبون بي ؟؟؟؟
    بواسطة daeaa25 في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 27-11-2005, 12:24 PM