|
لَيْلَى أَفِيقِي فَقَيْسٌ شَقَّقَ الْكُثُبا |
وَعَادَ كالنَّخْلَةِ الخَضْرَاءِ مُنْتَصِبا |
تمْتدُّ قَرْنًا عَلَى البَيْدَاءِ قَامَتُهُ |
وَيَحْمِلُ الحُبَّ في عيْنَيْهِ والرُّطَبا |
أتى عُكَاظَ وَفي أَحْضَانِهِ قِصَصٌ |
يسْترْجِعُ الشِّعرَ والأَمْثالَ والْخُطَبا |
قد عادَ عَرَّافَ عِشْقٍ من تَلَوُّعِهِ |
يَسْتقْرِئُ الْخطَّ والفِنْجانَ والحُجُبا |
يجْتازُ جِسراً من الّلاءاتِ مَقْصِدُهُ |
يَسْتخْلِصُ الْحُبَّ ممن جارَ واغْتصبا |
لم يُرْضِهِ القهرُ يكوي بَعْدَهُ حُلُمًا |
يَسْتاقُ جَمْراً عَلى الْحُسَّادِ مُلْتهِبا |
أتى يَقُـودُ الأَمَانـي خَلْفَ بُرْدتِهِ |
لمّا رَأَى سـادِنَ الْعُشَّـاقِ مُرْتَعِبا |
في كَفِّهِ مِنْ خَطَايا الأَمْسِ أَلْويةٌ |
عَنْ كُلِّ يوْمٍ أذاقتْ عاشِقًا نَصَبا |
حَتّى يُري النّاسَ كيفَ الْقلْبُ إنْ مُنِعا |
مِنْ أَنْ يَضُمَّ حبيباً عِشْقُهُ انْسَكَبا |
يَسْتَلُّهُ الْحُزْنُ والآلامُ تَقْذِفُهُ |
في بَحْرِ هَمٍّ مَدَى الأَيَّامِ مُكْتَئِبا |
ما عادَ قيسٌ من الأزْمانِ مُلْتحِفاً |
دهراً من الْعِشْقِ بالصَّحْراءِ مُعْتَصِبا |
إلاّ ليروي الْذي غشَّاهُ مِنْ وَلَعٍ |
لم يُنْصِفِ الْحُكْمُ مَا سمّاهُ وانْسَحَبا |
لَكِنَّهُ فَاجَأَ الْجُمْهورَ أنَّ لَهُ |
طَيْفاً لليْلَى يَزِيدُ الحُزْنَ والنَّدَبا |
ما زالَ يَرْوي مُعاناةً لِعشْقِهما |
يُلْقِي التَّحَايَا ويَجْبي الْعُذْرَ والسَّبَبا |
مَالي سِوى غُرْبةِ الأطْلالِ أحْضُنُها |
قد هامَ ليْلي ونجْمي غابَ واحْتَجَبا |
وَغَادَرَ الْمَسْرَحَ الْمَفْتُوحَ مُعْتَذِراً |
يَطْوي الْمَسَافاتِ مَلْهُوفًا وَمُنْتَهِبا |
حَتَّى تَوارَتْ مَعَ الآكامِ صُورَتُهُ |
لم ينْهضْ الصبحُ إلاّ ظِلُّهُ غَرَبَا |