" عرس الشهيدة منتهى "

عرس الشهيدة
" منتهى "
عند البكور توافدت أترابها
فرأينها جذلى بما عبق الصباح من الشذا
وقفت تحيي وفدها
وتقول هيا للعلا ...
للمجد ...حيث المجد يأنف أن يلاقي عزمنا متسلحفا
فلنجعل المريول راية عزنا خفاقة ...
فوق المدارس والربا ...
فوق المساجد والمنازل تنتشي من عطر أنفاس السما
* * *
نظرت خديجة للحبيبة منتهى
فرأت شروق البشر شعشع من بريق عيونها
قالت لها : يا منتهى
سفر الرؤى قد زارني في مضجعي
فرأيته في صورة العملاق يهتف قائلا :
" يا آل حوراني لكم في المجد ميراث عريق سرمدي ...
ما مات من قد نال من شرف الجهاد شهادة "
يا منتهى :
نفحات مسك شهيدنا داود عابقة الشذا
فعلى خطاه تقدمي ...
للمجد والعلياء ...لا تترددي
واستلهمي من ذكريات الأمس نورا للغد
* * *
فمضت مع الأتراب تكتنف التحدي للعدا
فصرخن في وجه العدا :
" ما ضاع حق نحن فيه نطالب ...
فلتخسؤوا ... فلتخسؤوا ... فلتخسؤوا
فازداد من هول التحدي والفدى غيظ العدا
فإذا بنيران البنادق صُوِّبَتْ أهدافها
نحو الحشود الغاضبة
زعما بأن سيادة الأعداء تكمن في تمزق شعبنا
فبوابل من حقدهم ورصاصهم تلقى الشهادة منتهى
فانثال من طيب الدماء على الثرى
عطر الزهور ونفحها
فحقولنا ستظل طيبة المواسم والجنى
* * *
فتحت نواظرها جنين على صدى النبأ الحزين
فتأملت صور الجلال تزف أنفاس الندى
وتزف أنفاس الخزامى والشذا
وشقائق النعمان في صدر الضحى
وأذا بآيات الخلود تهز أوتاد الربا
وسهولها والمنحنى
وتقول : هيا يا جنين ...تجهزي
فاليوم عرس للشهيدة منتهى
* * *
وقفت جنين دقيقة ...
للصمت إجلالا على روح الشهيدة منتهى
فتململ الغضب العنيف بصدرها
كتململ الزلزال في حضن الربا
ثم ابتدت بخطابها :
يا امتي : اليوم تحتضن السموات العلى
روح الشهيدة منتهى
تلك الشهيدة قد نما في الأرض طيب جذورها
وتخلدت وسط السماء فروعها
وتسربلت كل الكواكب والنجوم بنورها
تلك التي سحر الضياء قد ازدهى من سحرها
يا أمتي :
قسما بأن نفدي الشهيدة منتهى
وسننثر الأرواح بغية عزة تتربع الأجيال في أحضانها
يا أمتي :
أبت الديار بأن تذل لغاصب
فبرغم أنفاس العدا ...
سيلوح فجر النصر في أفق الدجى
في القدس ... في عكا وحيفا والنقب
في الناصرة ... في المكر ... في دير الأسد
في كل أرجاء الوطن
وسيأتي الفجر الذي فيه الجرائم تنتهي
فيه الجراح ستندمل
وعروبة الضاد العزيزة قد توحد شملها
يا أمتي
آن الأوان بأن نجهز منتهى
فاليوم عرس للشهيدة منتهى
اليوم عرس للشهيدة منتهى
الثلاثاء : 7 أيار 1996 م
ملاحظة :
* الشهيدة منتهى الحوراني : استشهدت على يد قوات الإحتلال الصهيوني بتاريخ 11 / 11 / 1975 م على أرض جنين القسام الطهورة ؛ أيام كانت طالبة في إحدى مدارس المدينة .
** خديجة : والدة الشهيدة .
*** الشهيد داود الحوراني : جد الشهيدة منتهى الذي استشهد أثناء خوضه معركة الدفاع عن ثرى فلسطين الطهور .

تجليات روحية وبراعة تقنية واستغرب كيف يفوت هكذا شعر بدون أي بصمة
رائع يا كيير

يا حبيب الروح يا أحمد
تحية فلسطينية مقدسية مضمخة بمسك الشهداء الأبرار
أشكر لك مرورك الرائع الذي أسعدني
ستبقى كلماتك ساطعة في هذا المنبر سطوع الشمس في رأد الضحى
لا حرمنا الله منك ومن لآلئ درك
دمت بود

الشاعر الجميل أحمد أبو الرب
تعجز حروفنا وينفذ مدادنا ولا نقدم ما يليق
بمقام الشهداء الأكرم منا جميعا
قصيدة معبرة وسامقة بمعناها ومبناها
بوركت وبورك حرفك
دمت بكل الخير

قصيدة قرأتها بالقلب ولم يغب عن إبداع الحرف اللب إذ بدا فيها أسلوب السهل الممتنع والألأق الكبير والقدرة البارعة على صياغة الحدث بهذه الدقة.

أنت شاعر مبدع كبير تستحق التحية!

دمت ودامت الروائع ولا حرمت فلسطين أمثال منتهى وأمثالك!


وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

الشاعر المبدع أحمد ابو الرب
لواعجك الصادقة تسديها دومًا بحرفك الجميل الثائر
لوحاتك الشاعرية تظل لنا بلسمًا لكل جرح عميق
لك مني كل التحية