العودة الأخيرة
أعودُ الآن ؛ تمثالَ يأسٍ تنحته رياح الضياع وتحيله إلى سراب... تتصدعُ الجدرانُ في قلبي ويعصفُ الخراب، يلعقُ دمي ، ويستشرى في أوردتي ليلاً أسود لا يموت .
أعودُ...
صرتُ مثل الريح ... لا مكان لي ، أشعلتُ النار في أغصاني وأحرقتُ ذاكرتي ، صنعتُ من حروفي أجنحة للحمام تهدل صادحة بالحزن ثم تسقط منتحرة ... تهدر بين شظايا خرابي .
أعود وحيدة ، منهكة ، ضائعة ، أحترق فوق ثلوج تغرُّبي ، أحتاج دفئًا وأمنًا وعمرًا ؛ لأكتب فوق نافذة وهمي أسطرًا لعذابي .
أعود...
يبِستُ ... علقتُ الوقتَ على حافةِ الصمت . أعود وقد كبرتُ فجأة ، أنظر شيخوختي ، أواصل محدقةً كالبئر... ماذا وراءك أيها الصمت ؟! تزعق في روحي ، تشحذ من صراخ العشق سكينا يذبحُ صمتي الصمتًُ ، ويستحيل كفنا لموتي .
أعود عودتي الأخيرة ، تدور بي الأرض ، تنهب خطوي ، أسير بلا خطى ، أرفل في الغياب ، أرسم فوق الرماد خارطةً لوهمي .أمضى ... لهاثى ينفخ في الأرض فيشهق فيها الحزن ، أمضى أرتدي وجعي وأحمل ظلي ، أحمل نعشي ... أسير في جنازتي وحدي وخلفي التراب يبكى ...أمضى ... أبحث ... لعلي أجد في مكانٍ ما متسعاً للحدٍ ، وموتاً صغيراً.
ما زلت أمضي ، ويمضي ، ونمضي .
د. نجلاء طمان