[ جنون ]
- 1 -
استفاق من جنونه الأبدي ، وراح يهذي ويبوح بالخيالات التي رافقته في رحلة الجنون ،
لقد غاب عن وعي المساءات الغارقة في الظلام ، وتنفّس أكسجين الأحلام ؛
وغصّ بحديث الفقد والأشواق ، حتى بدت عبراته النقيّة كروحه ،
وارتعدت أنامله ، وأطرق في انتظار من يمسح الحزن من عينيه !
- 2 -
رأيته ذات يوم ينتظر على قارعة أحد الطرق المؤدية إلى المدينة ،
كتائهٍ منذ زمن لم يجد من يحمل عنه أسفاره بل أحزانه التي أثقلت كاهله ،
يعلو ملامحه الشحوب ، وتعرّجات الزمن منقوشةٌ على جبينه الوضّاء ،
استوقفتني حشرجة صوته الذي يناديني بأحبّ الأسماء إليّ ،
عادت بي الذاكرة إلى تلك اللّحظات التي جمعتنا وأمنياتنا غضّة نتقاسمها بنقاء ومحبة ،
وترتسم في أعيننا التفاصيل الجميلة التي أدمنّاها سويا ، وكادت أن تذوب في زحمة النظرات ..
- 3 -
في أحد الصباحات المشرقة فكّر في أن يهدي نفسه هدية ، وعجز عن إيجاد مايرضي ذاته ،
غير أنه استعان بآمال بريئة وأهدى نفسه أمنيات لاتليق الا بخياله المحلّق ،
فبعث لنفسه رسالة يقول فيها :
صباحك.. نافذة مشرعة على السماء..
وعصافيرُ ترقص على أطراف الأحلام
وسحابة وجد تحلّق فوق هامة الشّمس..
صباحك طيفٌ يداعب خافق الأفق البديع ويستبيح الخيال..!
[ فقر ]
هو لايملك سوى التدثر بدفء تلك الصباحات المشرقة والتغني بأحلام الأمسيات المسافرة..!!!
[ غياب ]
قشعريرة الغياب تفترس جسد الليل ! وها أنا وحدي أتلو تفاصيل
اللقاء الأخير للقمر المنقوش على صفحة السماء..
تذبل ورود أفكاري ويتحجّر إحساسي كلما شهدت ميلاد خيبة جديدة عنوانها الفراق
وتفاصيلها قتل ترانيم الفراشات المحلّقة في سماء الروح..
يالتلك الأغنيات المسافرة في غور الجراح ، ويالتلك المساءات الخالدة في ذاكرة العدم ،
كم عطرت أمسياتنا المنسية !
ها أنا أحاول استعادة تفاصيل ملامحك التي رسمتها على طرف الشاطئ
قبل الغروب شمسا تحمل على كتفيها سحابتي نقاء ، وتبتسم في زهو وحبور..
ومازلت بانتظار العبير القادم من جهتك..!
[ فوضى ]
نكايةً بالفرح.. يبتكر الحزن ألف سبب ليغتال بسمة العمر ..
الحزن لايتقن سوى اعتلاء عرش اللحظات المسكونة بفوضى الاحتياج..
والفرح يتخبّط مابين أن يتحقق أو يتأجل !
إننا مقيدون بسلاسل صدق المشاعر .. وبين البوح والكتمان مسافة من هراء ..
نحتاج لتجاوزها أن نفضّ نزاعات الحروف .. المؤججة بمعاني التجاهل والغموض..!