أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: تغريبٌ أم تغييبٌ للنص

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام مصطفى شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 838
    المواضيع : 50
    الردود : 838
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي تغريبٌ أم تغييبٌ للنص

    [FONT="Arial Black"]تغريبٌ أم تغييبٌ للنص ؟!![/FONT]

    كثر في الآونة الأخيرة الدعوات التي تصدر هنا وهناك بالعودة إلى قراءة النصوص كما كان سابقا، والمعتمدة على ما سار عليه الأقدمون من بيان للمعنى والحكم عليه، أو قل إن شئت الدقة على المناهج المستقاة من التراث العربي المجيد ، تجد قبولا بين أوساط المبدعين العرب أو على أدق تقدير بين ثلة منهم أمام ثلة أخرى عارضت ذلك وبشدة تارة وبلين أخرى .
    وكلٌ يسوق أدلته التي تعتمد مرة على الحس القومي أمام الشعور بالغربة وضياع الهوية ( كما يرون ) وأخرى على الاعتزاز بالتراث ورؤيته المثال الذي يجب الاحتذاء به ، وعليه فإن خرجت القراءة للنص عن تلك المناهج فإنما يعني ذلك خروجا على الشرعية المكتسبة من عبق التراث والهوية ، بل واعتبار ذلك تشويه للنص والخروج بمسار المعنى عن مساره الحقيقي ، وإن شئت قلت إلباس المعنى قبعة بدلا من غطاء للرأس .
    وقد يبدو ذلك صحيحا إلى حد ما إذا كنا نقصد من العملية النقدية تصويب مسار النص والمبدع معا ، وبالتالي فرض ما يسمى بالوصاية على النص والمبدع معا ، حيث يصبح للناقد الحق ليس في إبداء الرأي بل فيما يجب فعله وما لا يجب ، حتى يصل بالنص إلى حد الكمال ، نقول قد يبدو ذلك صحيحا ( مع الاحتفاظ بحق رفض هذا المعنى للنقد ) مع القصيدة التقليدية العمودية لكون النص يحمل أسسا جمالية تبيح ذلك ،حيث أنها تعبر عن موضوع معروف مسبق وله سقفه ومعانيه التي يمكن أن نصل إلى صواب أو خطأ المبدع في التعبير عن المعنى أو لا ، بجانب دوران النقد في حدود معنى الفحص والتدقيق .
    إلا أن هذا أيضا لا يجوز لنا التسليم به وعدم مساسه، وخاصة مع الشعر المعاصر حيث تبدل الأسس من جهة ومن جهة أخرى تبدل الموضوع كمحرض جمالي إلى ما يسمى شعر التجربة وبالتالي مما يعني تحول الاستراتيجيات المعبرة عن المعنى ، حيث أن العملية النقدية أصبحت بالفعل الآن عملية إبداعية ثانية للنص الأصلي ( وهذا ما استقر عليه ) ولا يتوقف عند حدود كشف المعنى بل اتجه إلى ما يسمى إنتاج معنى لم ينتبه إليه المبدع ذاته اللهم ما دفعته إلى ذلك الحالة اللاشعور للعملية الإبداعية الأولى للنص .
    لذا فإن حدود النقد تبعا إلى ذلك تقف عند حدود طرح الأسئلة والتي تلمح ولا تصرح ، وبالتالي لا تفرض وصايا ولا تحدد ما ينبغي على الأديب أو الشاعر قوله وما لا ينبغي ، والتي لا تتوقف عند حد القراءة الأفقية للعمل أو الرأسية بل على الربط بينهما ، ليس احتراما لرؤية المبدع الأصلي للنص وحرية الإبداع فقط بل لاحتمالية الوصول للمعنى في فترات لاحقة وبمناهج نقدية أخرى وليظل النص مفتوحا أمام القراءات فالحكم يعني الغلق والانتهاء إلى قناعة قد تتغير بتغير المفاهيم والمقاييس ، كما أنه يعني امتلاك الحقيقة المطلقة ، وهذا يتنافى مع المنطق .
    ويبدو أن هناك تناسيا أو إهمالا للتغيير الذي طرأ ولا نقول التطور ( حيث أن التطور يعني التحول وبالتالي الأفضلية بين القديم والجديد وبين العمودية والتفعيلة وما بعد الحداثة ) نقول التغيير الذي طرأ على الأسس الجمالية للفن عموما والأدب والشعر خصوصا ،والتي تجعل من المناهج النقدية التراثية بالنسبة للشعر المعاصر غير مجدية ، بل إن محاولة تطويع النص المعاصر لهذه المناهج يشبه كمن يحاول أن يقرأ نصا باللغة الإنجليزية بقواعد اللغة العربية ، فليس غريبا إذن أن يبدو النص مبهما وليس غامضا غير ذي قيمة بل وعبثي ( ليس بمفهوم العبثية الفلسفية لكامي أو سارتر ) أو هو لغو من الكلام ، وبالتالي الخروج بالنص عن مساره الصحيح ودفن المعنى وتآكله وعليه فلا تفسير للنص على الوجهة الصحيحة ما يجعله يخالف الروح العربية الأصلية بالرغم من كون منتجه عربي الروح والهوى ولغته عربية فصيحة .
    إذا ما الذي يمكن أن نقوله بعد هذه المقدمة الطويلة ؟ إن الذي نحاول أن نقدمه في هذه الكلمات أننا بهذه الدعوات إنما نفصل الأدب عن الحياة ونغرّب النص لا عن لغته وانتمائه بل عن واقعه وبيئته وبالتالي فإنما نحن نغيّب الأدب .
    وإن كان الأمر كذلك ، فهل يعني طرح القديم والاتجاه لأوربة الأدب ، أو الاعتماد على المناهج الغربية ؟.
    بالطبع لا ، لأننا في هذه الحالة نخاطب الوعي العربي بما لا يملكه ، وهذا لا يعني قصورا في الوعي العربي ، وإنما لكل وعي أسسه وحالته النفسية في قبول هذا أو رفض ذاك .
    وهذا بالطبع ما يجعلنا نلقي باللائمة على الاتجاه الآخر ، والذي يأخذ بالنظرية الغربية ،ويطبقها كما هي ، وكأن النظرية قد باتت هدفا لا وسيلة ، وكأن الاتجاهين قد اشتركا في تقديس ما يقدمه من حيث عدم الميل إلى التطوير للنظرية للملاءمة ، وكأن الاتجاهين قد اشتركا أيضا في العقلية الاستهلاكية ، والتي تسيطر على أوجه الحياة العربية عموما والثقافية خصوصا ، حيث أصبحت الحياة العربية مستهلكة غير منتجة ومشاركة في الحضارة الإنسانية ، والرسائل والبحوث الزاخرة بها مكتبات الجامعات شاهدة على ذلك ، بل والكتب النقدية التنظيرية أو التطبيقية والتي اقتصر دورها على الشرح للقديم أو نقل الغربي الجديد دون الخروج من كل ذلك برؤية جديدة لنظرية منبثقة عن الوعي بما قدمته .
    والغريب في الأمر أن العقلية الغربية لا تجد غضاضة ( برغم تقدمها ) في الأخذ من أي مصدر طالما يخدم تطورها وحتى وقتنا هذا ، والدليل على ذلك هؤلاء العلماء العظام العرب والذين يحملون الفكر العربي والثقافة الشرقية والعربية بامتياز ، لا تجد غضاضة في أن تأخذ من هذا أو ذاك لتشكل وعيها الجمالي ولكن حينما تفعل ذلك فإنما تفعله بوعي وبعد أن تجعله قاعدة انطلاق لرؤاها هي ، فهي حينما تفعل ذلك تفعله انطلاقا من الثقة بالهوية والعقل وليس من عقلية واهية ضعيفة مترددة .
    فقد طرحت تقديس القديم وجعلته تراثا يجب الحفاظ عليه من جهة ومن جهة أخرى تجاوزته فهو قابل للنقاش والتعديل والتطور ليكون أكثر ملاءمة ومواءمة لعصرها ونمط حياتها .
    فهل من المقبول أنك تجد وأنت محلق في الفضاء وقد بلغت أوج التقدم العلمي من يحدثك عن وقفته أمام الأطلال وتأوهاته للحبيبة وللفراق مثلما كان يفعل الأجداد حيث قمة الرجولة والفروسية أن تكون شديدا في ملاقاة العدو متهالكا أمام محبوبتك وكأنك عدت لتصبح عنترة وهي عبلة أو أنك قيس الذي جن ، نحن نحترم هؤلاء ولكننا لسنا هم ، هم قد عبروا عن رؤاهم ومبادئهم وحياتهم وملامحها وأعرافها وعلينا أن نفعل مثلما فعلوا ولكن بما يعبر عنا لا عنهم ، أو من يجعل همه الأوحد المبالغة في التراكيب والعبارات دون النظر لا في استراتيجية المعالجة أو الرؤى المطروحة .
    وهل من المقبول اعتبار العمل عملا رائعا لمجرد أنه يدعو للقيم أو المثل العليا فيحول الوعظ وكأنه أقصوصة أو الخطبة قصيدة عصماء وبغض النظر عن مستواه الفني وانسياقه واعتماده على الأساليب القديمة بل والعبارات التي سار عليها الأقدمون منذ قرون خلت ولم يكلف نفسه عناء التطوير أو التعبير عن الذات .
    وعلى الضفة الأخرى يجب الاعتراف أن التنظير للشعر الحديث لم يبلغ حد النضج والاستقرار ، بحيث أننا نجد أن المصطلحات النقدية مثلا مازالت متضاربة حد التضاد ولعل مصطلح الحداثة مثالا واضحا والذي بلغ تعريفاته ما يقرب من العشرين تعريفا حتى وصف بالمصطلح المراوغ ، مثالا آخر لتعريف الشعر ذاته حيث أنه كلام موزون مقفى على ظاهر التعريف ولم يقدم تعريفا آخر يواكب ما طرأ على الشعر من تغيير فإن سألت أحد الحداثيين ما الشعر لم يقدم لك تعريفا بل رفضا للتعريف المذكور آنفا ، فلا الذي رفضه قدم البديل أو حاول معرفة لماذا الإصرار على الوزن والقافية دون غيره من مظاهر الشعر وما دلالة ذلك ولا الذي قبله حاول تطوير تفسيره فلم يسأل لم وصف بالكلام ولم نصفه بالألفاظ مثلا ، وكلاهما توقف مفهوم الشعر عنده بحدود القصيدة مهملا المتلقي وبالتالي لم يتطور مفهوم الشعر ووقف عند حد تعريف العلامة النقدي قدامة بن جعفر .
    إن الأمر أكبر من أن يناقش في بضع كلمات هنا أو هناك لأنه متعدد الأوجه والزوايا وحسبنا التساؤل والطرح للتفعيل وإعادة التفكير والنظر في أمور يمكن لها أن تنتج وجها جديدا للأدب بشقيه الإبداعي الأول والنقدي أو الإبداعي الثاني شريطة أن نمتلك الوعي المواكب لعصرنا والمعبر عنا لا عن الغرب أو القدماء من الأجداد وكذلك يعكس الهوية الواثقة لا الهوية المترددة الضعيفة الخائفة وإن كان هذا الضعف وذلك التردد هو الانعكاس الحقيقي للحياة العربية الآن فلعل الأدب يكون المدخل لتغيير ذلك كله ، وأخير نعود للتساؤل المطروح أصلا بعد هذه المرور السريع ،هل نغرّب النص أم نغيّبه ؟ أعتقد أننا في كلا الحالتين نغيبه .

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    ويبدو أن هناك تناسيا أو إهمالا للتغيير الذي طرأ ولا نقول التطور ( حيث أن التطور يعني التحول وبالتالي الأفضلية بين القديم والجديد وبين العمودية والتفعيلة وما بعد الحداثة ) نقول التغيير الذي طرأ على الأسس الجمالية للفن عموما والأدب والشعر خصوصا ،والتي تجعل من المناهج النقدية التراثية بالنسبة للشعر المعاصر غير مجدية ، بل إن محاولة تطويع النص المعاصر لهذه المناهج يشبه كمن يحاول أن يقرأ نصا باللغة الإنجليزية بقواعد اللغة العربية ، فليس غريبا إذن أن يبدو النص مبهما وليس غامضا غير ذي قيمة بل وعبثي ( ليس بمفهوم العبثية الفلسفية لكامي أو سارتر ) أو هو لغو من الكلام ، وبالتالي الخروج بالنص عن مساره الصحيح ودفن المعنى وتآكله وعليه فلا تفسير للنص على الوجهة الصحيحة ما يجعله يخالف الروح العربية الأصلية بالرغم من كون منتجه عربي الروح والهوى ولغته عربية فصيحة

    أحسنت الطرح والفكرة
    شكرا لك

  3. #3
    الصورة الرمزية هشام مصطفى شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 838
    المواضيع : 50
    الردود : 838
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة براءة الجودي مشاهدة المشاركة
    ويبدو أن هناك تناسيا أو إهمالا للتغيير الذي طرأ ولا نقول التطور ( حيث أن التطور يعني التحول وبالتالي الأفضلية بين القديم والجديد وبين العمودية والتفعيلة وما بعد الحداثة ) نقول التغيير الذي طرأ على الأسس الجمالية للفن عموما والأدب والشعر خصوصا ،والتي تجعل من المناهج النقدية التراثية بالنسبة للشعر المعاصر غير مجدية ، بل إن محاولة تطويع النص المعاصر لهذه المناهج يشبه كمن يحاول أن يقرأ نصا باللغة الإنجليزية بقواعد اللغة العربية ، فليس غريبا إذن أن يبدو النص مبهما وليس غامضا غير ذي قيمة بل وعبثي ( ليس بمفهوم العبثية الفلسفية لكامي أو سارتر ) أو هو لغو من الكلام ، وبالتالي الخروج بالنص عن مساره الصحيح ودفن المعنى وتآكله وعليه فلا تفسير للنص على الوجهة الصحيحة ما يجعله يخالف الروح العربية الأصلية بالرغم من كون منتجه عربي الروح والهوى ولغته عربية فصيحة

    أحسنت الطرح والفكرة
    شكرا لك
    سيّدتي براء
    وأنت بالفعل أحسنت القراءة والإمساك بتلابيب الفكرة
    مودتي

  4. #4
    الصورة الرمزية ريبر أحمد شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 120
    المواضيع : 36
    الردود : 120
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    موضوع يطرح من وجهة ايديولوجية اعتقادية ،فالموضوع ليس موضوع أخذ من تراث أو واقع بل هو باختصار تبادل وجهات مثقين وكتاب كل حسب ثقافته واطلاعاته ،وليس القضية قضية تغريب،لقد بالغ العروبيون وغالوا بهاجس التآمر الغربي على الثقافة العربية فالثقافة العربية ككل الثقافات تتأثر وتمر بتحولات شتى وفق الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية،فالتغريب في سياق هذا المقال تقوقع شائك في مدار التراث والواقع والبيئة المعيشة،فالرابطة القلمية مثال شهير على تحول وتطعيم الذائقة العربية بتجارب ورؤى مبدعة تنسجم والتغيير الاجتماعي الذي طرأ على المجتمع العربي عموماً

  5. #5
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.65

    افتراضي

    خير الأمور هو الوسط

    والوسط هنا هو تحديث المعنى والحفاظ على المبنى

    مما يحفظ للشّعر موسيقاه ولحنه

    ويخاطب القارئ بلسان عصره وفكره

    دون ارتداء عباءة فكريّة دخيلة تدعوه إلى اتّباع ما يخطّه الغربيّ حتّى ولو كان منافيا لعقيدته وخلقه

    طرح رائع وأفكار قيّمة

    بورك حرفك أخي

    مودّتي

  6. #6
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    أنا أرى أن الأمر ليس الهوية الاستناد للتراث فقط
    ولكن القراءة وفقا للنظريات والمناهج الغربية جعلتنا نقرأ خيالا في خيال، وأقوال لا تستند لشئ منطقي ولا معقول ولا يأخذ شرعيته من من عقل ولا فكرة غير استناده لنظرية قالها شخص ما هنا فكره وأدبه ينتميان لثقافة غريبة لا علاقة لنا بها
    وهذا الفكر الغريب يساعد في قراءة النصوص التي يسمونها شعر ما بعد الحداثة وهو ليس شعرا ومن الظلم للشعر أن نسميه شعرا لأن الحداثة ليست أن تخلع الشجرة من جذورها وتضع مكانها قضيبا أجردا بحجة التغيير والتحديث

    شكرا لك أخي

    بوركت

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام مصطفى مشاهدة المشاركة
    كثر في الآونة الأخيرة الدعوات التي تصدر هنا وهناك بالعودة إلى قراءة النصوص كما كان سابقا، والمعتمدة على ما سار عليه الأقدمون من بيان للمعنى والحكم عليه، أو قل إن شئت الدقة على المناهج المستقاة من التراث العربي المجيد ، تجد قبولا بين أوساط المبدعين العرب أو على أدق تقدير بين ثلة منهم أمام ثلة أخرى عارضت ذلك وبشدة تارة وبلين أخرى .
    وكلٌ يسوق أدلته التي تعتمد مرة على الحس القومي أمام الشعور بالغربة وضياع الهوية ( كما يرون ) وأخرى على الاعتزاز بالتراث ورؤيته المثال الذي يجب الاحتذاء به ، وعليه فإن خرجت القراءة للنص عن تلك المناهج فإنما يعني ذلك خروجا على الشرعية المكتسبة من عبق التراث والهوية ، بل واعتبار ذلك تشويه للنص والخروج بمسار المعنى عن مساره الحقيقي ، وإن شئت قلت إلباس المعنى قبعة بدلا من غطاء للرأس .
    ليس خروج قراءة نص ما عن المناهج المستقاة من التراث العربي "خروجا على الشرعية المكتسبة من عبق التراث" كما أشرتم أديبنا ولكنها دون شك خرج على الذائقة التي استمدت أدوات استشعارها من التراث العربي المجيد، وحسبنا دليلا على ذلك ما وصل إليه الأدب تحت مسمى الحداثة وما بعدها من جنوح نحو اللاشئ وإغراق في الغموض والعجائبية والقتامة مكتسبا شرعيته في ذلك الذي تأباه الفطرة السليمة وفلسفة الحق والخير والجمال من قراءة نقدية متفرنجة اعتمدت النظريات الغربية المتناقضة

    واسمح لي بانتهاز إشارتك هنا "حيث أن العملية النقدية أصبحت بالفعل الآن عملية إبداعية ثانية للنص الأصلي ( وهذا ما استقر عليه ) ولا يتوقف عند حدود كشف المعنى بل اتجه إلى ما يسمى إنتاج معنى لم ينتبه إليه المبدع ذاته اللهم ما دفعته إلى ذلك الحالة اللاشعور للعملية الإبداعية الأولى للنص" لأقول أن هذا وإن إدعى به وايده الكون بمن فيه سيبقى إجحافا بحق النص الصلي وكاتبه، فالناقد قد يدّعي بفبركة المعاني ولي عنق الكلام معنى للنص لم يقصده الكاتب، لكنه ابدا لن يكون موجودا ولا حقيقيا، ولا يقبل عقلا أن يتضمن القول ما لم ينتبه إليه القائل فجاء لينتبه له قارئ تنحصر علاقته في حالة لا شعور العملية افبداعية الأولى للنص باستقائه من معين متحذلقي الغرب ونظرياتهم التي كلما قراتها أكثر أزددت يقينا بانها وليدة حالات غيبوبة ذهنية بتاثير مسكر أو مخدر

    ربما أكون رجعية في رؤيتي كما يراني البعض وقاسية في تعاملي مع كل ما هو مستورد كما يراني آخرون، ولن انكر هذا ولا ذاك، فالأدب عندي واجهة حضارة الأمة، ويجب أن تكون نقية صافية أصالية لا يتسرب إليها من غيرها شئ، وإلا صارت واجهة لغيرها وفقدت ذاتيتها

    موضوع قيّم وطرح متبحر يستحق قراءة متأنية


    دم بخير أديبنا

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    الرؤية النقدية تحتاج إلى مرتكزات الوعي بالدور المنوط بالأدب ، وفي الغرب ينظر للأدب على أنه ترف لغوي فكري وتناول لا يبنى عليه رأي أو قرار ، والأدب في الشرق عموما وفي مجتمعنا العربي خصوصا هو قائد قكر ونابض شعور له منتهى التأثير في المجاميع ويشكل الرؤى المجتمعية والاجتماعية والروابط الإنسانية بما يبرز هنا الضرورة للتفريق بين الأدبين وبتاتالي التفريق بين التناول النقدي لكل منهما.

    وعليه فإن الرؤية النقدية العربية للأدب العربي هي أساس متين للتناول النقدي للنصوص ولا غضاضة من تلقيح هذه الرؤية بما يتوافق من أفكار ومناهج أخرى بما لا يخرجها عن إطارها وأسلبوها وأن تظل دوما تعتمد الرؤية الشمولية بتناول المباني والمعاني والربط بينهما.

    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    أنا لست مع الذين ينصحون بالتوسط
    لأن أدبنا عظيم والأصالة تميزه وتحميه من الذوبان في غيره
    وهو ما يحمي لغتنا
    ولغتنا تحمي ديننا

    موضع هام أخي

    شكرا لك

    بوركت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة عَبَثيّةٌ للنّص ـ تركي عبد الغني
    بواسطة تركي عبدالغني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 23-12-2012, 03:56 PM
  2. تغريب النص الأدبي العربي وحمى المنهج النقدي ...
    بواسطة د. عبد الفتاح أفكوح في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-10-2011, 10:54 PM
  3. زمانيَ أشكو أمِ النائباتْ..؟! // أمِ النفسُ أشكو.. فقد أسرَفَتْ
    بواسطة زياد بن خالد الناهض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 29-09-2011, 11:13 PM
  4. يا أمَّ قصرٍ !!
    بواسطة جمال حمدان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 26-08-2005, 06:46 PM
  5. الغاية أمّ للوسيلة
    بواسطة ريان الشققي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-03-2005, 08:32 PM