أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أحكام الفاعل .. من "جامع الدروس العربية" للشيخ مصطفى الغلاييني

  1. #1
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي أحكام الفاعل .. من "جامع الدروس العربية" للشيخ مصطفى الغلاييني

    للفاعل سبعةُ أحكامٍ:
    (1) وجوبُ رفعه، وقد يُجَرُّ لفظًا بإضافته إلى المصدر نحو "إكرام المرءِ أباهُ فرضٌ عليه"، أو إلى اسم المصدر نحو "سَلمْ على الفقيرِ سلامَكَ على الغني"، وكحديثِ "من قُبلة الرجلِ امرأتَهُ الوُضوءُ". أو بالباءِ أو من أو اللاّمِ الزَّائداتِ، نحو {ما جاءَنا من أحدٍ، وكفي بالله شهيدًا، وهَيهات هيهاتَ لما توعَدون}.
    (2) وجوبُ وقوعهِ بعدَ المُسندِ، فإن تقدَّمَ ما هو فاعلٌ في المعنى كان الفاعلُ ضميرًا مستترًا يعود إليه، نحو "عليٌّ قامَ".
    (والمقدم إما مبتدأ كما في المثال والجملة بعده خبره، وإما مفعول لما قبله نحو "رأيت عليًا يفعل الخير"، وإما فاعل لفعل محذوف نحو "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره" فأحد فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور.
    وأجاز الكوفيون تقديم الفاعل على المسند إليه، فأجازوا أن يكون "زهير" في قولك: "زهير قام"- فاعلا لجاء مقدمًا عليه. ومنع البصريون ذلك، وجعلوا المقدم المبتدأ خبره الجملة بعده كما تقدم. وتظهر ثمرة الخلاف بين الفريقين في أنه يجوز أن يقال على رأي الكوفيين: "الرجال جاء"- على أن الرجال فاعل لجاء مقدم عليه. وأما البصريون فلم يجيزوا هذا التعبير، بل أوجبوا أن يقال: "الرجال جاءوا"- على أن الرجال مبتدأ خبره جملة جاءوا من الفعل وفاعله الضمير البارز.
    والحق أن ما ذهب إليه البصريون هو الحق، وقد تمسك الكوفيون بقول الزباء:
    ما للجمال مشيها وئيدا** أجندلا يحملن أم حديدا
    فقالوا: لا يجوز أن يكون "مشيها" مبتدأ؛ لأنه يكون بلا خبر؛ لأن "وئيدًا" منصوب على الحال، فوجب أن يكون فاعلا لوئيدًا مقدمًا عليه. وقال البصريون: إنه ضرورة، أو إنه مبتدأ محذوف الخبر وقد سدت الحال مسده، أي ما للجمال مشيها يبدو وئيدًا.
    على أنه لا حاجة إلى ذلك، فهذا البيت على فرض صحة الاستشهاد به شاذ يذوب في بحر غيره من كلام العرب. ونرى أن الاستشهاد به لا يجوز؛ لأن الزباء هذه مشكوك في كثير من أخبارها، ثم إنها لم تنشأ في بيئة يصح الاستشهاد بكلام أهلها؛ فإنها من أهل "باجرما" وهي قرية من أعمال البليخ قرب الرقة من أرض الجزيرة جزيرة "أقور" التي بين الفرات ودجلة، وهي مجاورة لديار الشام. والعلماء لا يستشهدون بكلام الفصحاء المجاورين لجزيرة العرب، فكيف يصح الاستشهاد بكلام امرأة من أهل جزيرة "أقور"؟ وقد قالوا: إنها كانت ملكة الجزيرة، وكانت تتكلم بالعربية. راجع ترجمتها في شرح الشواهد للعيني، في شرح شواهد الفاعل. وفي مجمع الأمثال للميداني في شرح المثل "بِبَقَّةَ صُرِمَ الرأي". وذكر في جمهرة الأمثال هذه أنها كانت على الشام والجزيرة من قبل الروم. وفي القاموس وشرحه للزبيدي أن الزباء اسم الملكة الرومية تمد وتقصر، وهي ملكة الجزيرة، وتعد من ملوك الطوائف وهي بنت عمرو بن الظرب أحد أشراف العرب وحكمائهم، خدعه جذيمة الأبرش، وأخذ عليه ملكه وقتله، وقامت هي بأخذ ثأره في قصة مشهورة مشتملة على أمثال كثيرة.
    نقول: وإن تاريخ الزباء يشبه تاريخ زنوبيا التي يذكرها الروم في أخبارهم، ويرجح العلماء أنها هي. ويراجع الكلام على "باجرما" و"جزيرة أقور" في معجم البلدان).
    احرص على أن تنادي أشياء حياتك الإيمان وشريعة الله تعالى!

  2. #2
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    (3) أنه لا بُدَّ منه في الكلام، فإن ظهرَ في اللفظ فذاك، وإلاّ فهو ضمير راجعٌ إما لمذكور، نحو "المجتهدُ ينجحُ"، أو لما دل عليه الفعلُ كحديثِ "لا يزني الزاني حينَ يزني وهو مؤمنٌ، ولا يشربُ الخمرةَ حين يشربُها وهو مؤمن"، أو لما دلَّ عليه الكلامُ كقولك في جواب هل جاءَ سليمٌ: "نَعَمْ جاءَ"، أو لما دلَّ عليه المقامُ نحو {كلاّ إذا بَلغت التراقيَ}، وقول الشاعر:
    إذا ما أَعرْنا سَيِّدًا من قَبيلةٍ * ذُرا مِنْبرٍ صَلى عَلينا وسَلَّما
    إذا ما غَضِبْنا غَضْبةً مُضَرِيَّةً * هَتكنا حِجابَ الشَّمْس أو قَطَرَتْ دَما
    أو لما دَلَّت عليه الحالُ المُشاهَدةُ نحو "إن كانَ غدًا فائتني"، وقول الشاعر:
    إذا كان لا يُرضيكَ حتى تَرُدَّني * إلى قَطَريٍّ لا إخالُكَ راضيا
    (4) أنه يكون في الكلام وفعلهُ محذوف لقرينة دالة عليه كأن يُجابَ به نفيٌ، نحو (بلى سعيدٌ) في جواب من قال: (ما جاء أحدٌ)، ومنه قولُ الشاعر:
    تَجلَّدْتُ حتى قيلَ لم يَعْرُ قلبَهُ * من الوجْدِ شيءٌ قُلْتُ بلْ أعظمُ الْوَجْدِ
    أو استفهامٌ، نقول: (مَنْ سافرَ؟) فيقال: "سعيدٌ"، وتقول: (هل جاءك أحدٌ؟) فيقال: (نعمْ خليلٌ)، قال تعالى: {لَئِن سألتَهم من خلقَهم ليقولَنَّ الله}. وقد يكون الاستفهام مقدرًا كقوله تعالى: {يسبِّح له فيها بالغُدُوَّ والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله}، في قراءة من قرأ (يُسبَّح) مجهولًا، ومنه قول الشاعر:
    ليُبْكَ يَزيدُ ضارعٌ لِخصُومَةٍ * ومختَبِطٌ مما تُطيحُ الطَّوائحُ
    ومما جاء فيه حذفُ الفعل مع بقاءِ فاعله كل اسمٍ مرفوعٍ بعد أداةٍ خاصةٍ بالفعل، والحذفُ في ذلك واجبٌ، نحو {وإن أحد من المشركين استجارك فأجِرهُ حتى يسمع كلامَ الله ثم أبلغْه مأمنَه}، ونحو {إذا السماءُ انشقَّت}، ومنه المثلُ (لوْ ذاتُ سِوارٍ لطمتني)، وقول امرئ القيس:
    إذا المرءُ لم يخزُن عليْه لسانهُ * فَلَيْسَ عل شَيءٍ سِواهُ بخزَّانِ
    وقول السموأل:
    إذا المرءُ لم يدْنَس من اللؤْمِ عرضُهُ * فكلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
    فكل من "أحد، والسماءِ، وذات، والمرء"- فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور بعده.
    (5) أنَّ الفعلَ يجبُ أن يبقى معه بصيغة الواحد، وإن كان مثنَّى أو مجموعًا، فكما تقولُ: "اجتهد التلميذُ"، فكذلك تقول: "اجتهدَ التلميذان، واجتهد التلاميذُ" إلا على لغةٍ ضعيفة لبعض العرب فيطابق فيها الفعل الفاعِلَ، فيقال على هذه اللغة: أكرماني صاحباك، وأكرموني أصحابك. ومنه قول الشاعر:
    نُتِجَ الربيعُ مَحاسِنًا * أَلقَحنها غُرُّ السَّحائِبْ
    وقول الآخر:
    تَولّى قِتال المارقينَ بنفسِه * وقد أَسلماهُ مُبْعِدٌ وحَميمٌ
    وما ورد من ذلك في فصيح الكلام فيُعربُ الظاهرُ بدلًا من المُضمَرِ، وعليه قوله تعالى: {وأسرُّوا النّجوى الذين ظلموا}. أو يعرَب الظاهرُ مبتدأ والجملة قبله خبرٌ مقدّمٌ، أو يُعرَبُ فاعلًا لفعل محذوف. فكأنه قيل بعد قوله: "وأسرُّوا النّجوى": من أسرَّها؟ فيقال: أسرَّها الذين ظلموا، وهو الحقُّ. وأما على تلك اللغة فيُعربُ الظاهر فاعلًا وتكون الألفُ والواو والنون أحرفًا للدلالة على التثنية أو الجمع، فلا محلّ لها من الإعرابِ، فحكمها حُكمُ تاء التأنيث مع الفعل المؤنث.
    (6) أنَّ الأصلَ اتصالُ الفاعل بفعله، ثم يأتي بعده المفعول. وقد يُعكسُ الأمر، فيتقدَّم المفعولُ، ويتأخرُ الفاعلُ، نحو "أكرمَ المجتهدَ أستاذُهُ".
    (7) أنه إذا كان مؤنثًا أُنِّث فعله بتاءٍ ساكنةٍ في آخر الماضي، وبتاء المضارعة في أول المضارع، نحو "جاءت فاطمةً، وتذهبُ خديجةُ".

المواضيع المتشابهه

  1. الزيادة والنقص .. من "جامع الدروس العربية" للشيخ مصطفى الغلاييني
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-06-2010, 11:34 AM
  2. الوصل والفصل .. من "جامع الدروس العربية" للشيخ مصطفى الغلاييني
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-06-2010, 11:31 AM
  3. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-06-2010, 02:24 PM
  4. أحكام تأنيث الفعل ودرجات فصاحتها .. من "جامع الدروس العربية" للشيخ الغلاييني
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّحوُ والصَّرْفُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-06-2010, 01:19 AM
  5. التمييز .. من "جامع الدروس العربية" للشيخ مصطفى الغلاييني
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّحوُ والصَّرْفُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-04-2010, 12:04 PM