أحدث المشاركات
صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 39

الموضوع: الأدب الإسلامي المعاصر ..

  1. #1
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي الأدب الإسلامي المعاصر ..

    الأدب الإسلامي المعاصر
    الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل

    طالما تساءل المتابعون لحركة الأدب الإسلامي عبر العقود الأخيرة هل إن الشوط الذي قطعه هذا الأدب حقق هويته المعاصرة ؟ وأين يمكن أن نضع هذا الأدب على خارطة الأدبين العربي والعالمي ؟ ومن أجل ألا يكون المرء متفائلاً بأكثر مما يجب فإنه يمكن القول بأن هذا الأدب قد حقق بعض الذي كان يرجوه.. لكن رحلة الألف ميل قد بدأت وقطعت خطوات طيبة ولن يوقفها شيء بعد اليوم !

    قبل أكثر من نصف القرن لم يكن هناك أدب إسلامي بالمعنى الذي يصطلح عليه الأدباء الإسلاميون اليوم ( مع التأكيد على وجود مساحات بالغة الأهمية في موروثنا الأدبي ) وهي مسألة متفق عليها ، رغم الجدل الكثير الذي أثير حولها بخبث أو سوء فهم.
    تجتاز المكتبات كلها ، وأسواق الكتب ، فلا تكاد تعثر على ديوان أو قصة أو رواية أو مسرحية أو جهد نقدي أو دراسة أدبية تحمل هموم الإسلاميين في العالم المعاصر ، وتبشر بكلمة الله في دنيا مكتظة حتى النخاع بالتحلل والفساد وغياب الرؤية الصائبة لموقع الإنسان في العالم ودوره في الوجود.

    كانت هناك محاولات مبعثرة لم يكن بمقدورها أن تشكل تياراً .. واليوم يتدفق التيار تغذيه من هنا وهناك حشود من الأعمال الشعرية والمسرحية والقصصية والروائية والتنظيرية والدراسية والنقدية.. يكفي أن يلقي المرء نظرة على كتاب ( دليل مكتبة الأدب الإسلامي ) الذي أصدره منذ أكثر من عقد الدكتور عبد الباسط بدر ، لكي يتأكد له ذلك من خلال مئات الأعمال الإبداعية والنقدية والتنظيرية وربما ألوفها.

    إن هذا لا يؤكد الظاهرة الأدبية الإسلامية فحسب ، ولكنه يعد بشيء.. وهو يمنح المصداقية لما يعد به يوماً بعد يوم ليس فقط بصيغة مقالات وبحوث وإبداعات تنشر ، وكتب تؤلف.. وإنما أيضاً من خلال دوريات ومجلات تصدر هنا وهناك.. ومن خلال مؤسسات تسهر على الدعم والترشيد والإغناء.. وكذلك من خلال القدرة على اختراق جدران الأكاديمية وإقناع حراسها القدامى والجدد بضرورة أن ينصتوا للصوت الجديد.. الصوت الذي يقدم شيئاً مغايراً تماماً لمألوفاتهم ومرئياتهم.. شيئاً يحمل الأصالة والاستقلالية ، ويحمل معهما خلفيات تصورية تملك - إذا أحسن التعامل معها - أن تعين على تشكيل معمار أدبي إسلامي وليس مجرد أدب إسلامي.. معمار تعلو أدواره الخمسة أو الستة بعضها بعضاً ، لكي تقف بجدارة قبالة آداب الشعوب والأمم الأخرى : الإبداع ، النقد ، المنهج ، المذهب ، الدراسة ، ثم التنظير الذي يلم هذا كله ويؤسس له.

    إن عشرات ، وربما مئات من رسائل الدراسات العليا وبحوث التخرج أنجزت ولا تزال في الدوائر الجامعية عن هذا الأدب الذي لا يزال البعض يشكك بجدواه ، بل بوجوده ابتداء ولأسباب كثيرة وجلها معروف ، ولكن ـ مرة أخرى ـ كانت رحلة الألف ميل قد بدأت منذ أربعين عاماً أو يزيد ولن يوقفها شيء.
    وبالتالي فإن موقع هذا الأدب على خارطة الأدبين العربي والعالمي سيتأكد يوماً بعد يوم وستزداد مساحته ، وسيصير حضوره أمراً مشهوداً.. فقط إذا عرف الأدباء الإسلاميون كيف يشمّرون عن ساعد الجد ويتركون جانباً من ميلهم المبالغ فيه صوب المضمونية والمباشرة والطرق المكشوفة في التعبير لكي يمنحوا شيئاً من اهتمامهم للتقنيات الفنية التي بها يصير الأدب أدباً ويكسب التقدير والاعتراف ، وإلا فهي المعاني المطروحة على قارعة الطريق كما يقول الجاحظ.

    والأدب الإسلامي هو بمعنى من المعاني أدب عربي ، ليس لكونه يكتب بالعربية ، فإن هناك حلقات خصبة من هذا الأدب كتبت وتكتب بالأردية والتركية والفارسية والكردية إلى آخره من لغات شعوب الأمة الإسلامية ، ولكن لكونه يحمل الهموم نفسها ويتشبث بالمصير الذي ضيعته رياح التشريق والتغريب.. ودعنا من كون مساحات واسعة من الأدب العربي اختارت أن تصير مرآة لأدب ( الآخر ).. مسخاً لا يملك شخصيته المستقلة وحضوره المتميز ، وهذا ما يلقي على عاتق الأدب الإسلامي مهمة أخرى لا تقل أهمية هي أن يرجع بالأدب العربي المعاصر إلى أصالته ، وأن يمنحه نسقاً يجعله ينبض بهموم العربي والمسلم ، وليس بالترف الفكري أو الإبداعي للإنكليزي والروسي والفرنسي والأمريكي.

    عالمياً ، لن يكون لأدب أية أمة في الأرض ثقل أو وجود على الخارطة ما لم ينطلق من خصائص هذه الأمة ، ورؤيتها ، وصيغ تعاملها مع الكون والحياة والإنسان.
    والعالم لا يحترم من يعيد إليه بضاعته المعروفة مزجاة.. لمن يردها إليه ولا جديد فيها أو إضافة عليها.. إنما هو يمد يده ويفسح المجال أمام أولئك الذي يعدونه بشيء جديد.. هذه مسألة معروفة في التقاليد الثقافية وسنن التاريخ والحضارات ، ولكن يبدو أنها غابت على الكثيرين في ديارنا بسبب الكم الهائل من المعطى الأدبي في ديار العروبة والإسلام والذي لا يعدو في معظمه أن يكون استمراراً للأداء الغربي.

    إن الأخذ عن الآخر ممكن بل هو ضروري ، ولكن شرط ألا يكون على حساب الثوابت والتأسيسات.

    ـــــــــــــــ

    مجلة المنار ، العدد 82 ، جمادى الأولى 1425هـ
    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  2. #2
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بهجت الرشيد مشاهدة المشاركة
    الأدب الإسلامي المعاصر
    الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل
    [color=#000000][size=4][font=simplified arabic][align=justify]
    طالما تساءل المتابعون لحركة الأدب الإسلامي عبر العقود الأخيرة هل إن الشوط الذي قطعه هذا الأدب حقق هويته المعاصرة ؟ وأين يمكن أن نضع هذا الأدب على خارطة الأدبين العربي والعالمي ؟ ومن أجل ألا يكون المرء متفائلاً بأكثر مما يجب فإنه يمكن القول بأن هذا الأدب قد حقق بعض الذي كان يرجوه.. لكن رحلة الألف ميل قد بدأت وقطعت خطوات طيبة ولن يوقفها شيء بعد اليوم !
    [/left][/left]
    إذا كان بين الأدب و مبلغ ما وصلت إليه أي أمة من حضارة علاقة مطردة أحدهما يشف عن الآخر !!
    إذا كان هذا صحيحا فيمكن أن نقول - من خلال حال الامة الإسلامية - بأن الادب الإسلامي - كما تم توصيفه - بدأ يشق طريقه الصحيحة .. وذلك نظرا للصحوة التي يشهدها عالمنا الإسلامي المعاصر .. وإن كان يحتاج إلى خطوات واسعة ليتمكن من منافسة الآدب الأخرى !!

    - دمت بخير استاذي الكريم على هذا النقل الموفق ..

  3. #3
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    ثقافة الصورة بدأت تتغلغل في حصوننا الأدبية ...
    الإنسان : موقف

  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    عالمياً ، لن يكون لأدب أية أمة في الأرض ثقل أو وجود على الخارطة ما لم ينطلق من خصائص هذه الأمة ، ورؤيتها ، وصيغ تعاملها مع الكون والحياة والإنسان.
    /
    عبارة للمفكر الكبير عمادالدين خليل ينبغي الوقوف معها طويلا و مليا
    إنه سؤال الذات و النتاج الأدبي الذي يعاني من الإغتراب و الإستلاب
    الواحة في منهجها مثال على التمسك بالخصائص في العطاء الأدبي و الفكري
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  5. #5
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    ولأستاذنا الحبيب الدكتور عماد الدين خليل بصمة رائعة في الأدب الإسلامي

    من روايات ومسرحيات وشعر


    وأريد أن انبه هنا إلى أن هناك كتاب متميزون شقوا طريقهم في هذا الطريق ، ولكن الأضواء لا تزال تجافيهم ..

    يحضرني منهم ـ لا على سبيل الحصر ـ

    علي احمد باكثير
    علي الطنطاوي
    نجيب الكيلاني


    وهنا في الواحة نبني لهذا الأدب البناء بإذن الله تعالى


    الاساتذة

    حسن العطية
    خليل حلاوجي
    عبدالصمد حسن زيبار


    شكراً على مداخلاتكم المفيدة




    تحياتي





  6. #6
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    الأدب الإسلامي والمجتمع





    <H5>يتوهم بعضهم أن الأدب الإسلامي يتقوقع في أحضان الماضي، وينجذب إلى الموضوعات التاريخية، وقد يرتبط شكلاً بها، سواء في مجال القصة أو الشعر أو المسرحية وغير ذلك، وآخرون يظنون أن الأدب الإسلامي لا يستطيع أن ينطلق إلى آفاق الإبداع الواسع، ويجوب تصور المستقبل، لالتزامه بقيم ثابتة لها من القداسة ما يجعل الخروج عليها أمرًا مستعصيًا، وترتبت على هذه الأوهام والظنون نظرة ظالمة إلى الأدب الإسلامي ودوره وطبيعته وتأثيره وقيمه الجمالية، فعزلوا هذا الأدب- جهلاً- عن واقع الحياة والمجتمع، وعن قضايا العصر ومشاكله، وعن أشواق الإنسان الجديد وأحلامه وآماله وآلامه.

    </H5>وهناك فئةٌ حسنة النية من الكتَّاب الإسلاميين حسبوا أن الأدب الإسلامي لا يكون بهذه الصفة إلا إذا ترددت كلمة (إسلام وإسلامي) صراحةً في ثناياه، وإلا إذا كانت نبرة الكاتب بالتوجيه عالية واضحة صاخبة، متناسين أن ذلك قد يضر بالأدب ضررًا بليغًا، ويمحو الفواصل بين ألوان الأدب المتعارف عليها، وبين فنون أخرى تتعلق بالخطبة والحديث والوعظ، والأخطر من ذلك أن أخوةً لنا قد فرضوا حظرًا تامًا على بعض الموضوعات كالمرأة وعواطفها والعلاقات الخاصة وغير ذلك من الأمور التي تشكل حرجًا، بالإضافة إلى الحظر المفروض على بعض العبارات أو الكلمات البذيئة التي يأباها الدين والذوق السليم، واتسع نطاق الحظر عند بعض العلماء حتى كاد يعطل وظيفة أدبية هامة في رسم بعض الشخصيات ودلالة اللفظ عند هذه النماذج، وارتباطه بنوعيتها وتصنيفها إلى جانب الشرّ والرذيلة والمروق.
    ولعلَّه من الواضح- فيما أسلفنا من قول- أن الأدب من خلال التصور الإسلامي يرتبط أشد الارتباط بالمجتمع، وبالإنسان ومشاكله وعلاقاته المتطورة والمتجددة، وبطبيعة الحياة التي تخضع دائمًا للكثير من المستحدثات، وخاصةً في هذا العصر الذي نعيش فيه، وبالعصور التالية، قياسًا على ما نراه، ولا شكَّ أن هناك العديد من الأسئلة الحائرة التي تضطَّرم في قلب الحياة، هذه الأسئلة لها علاقة وثيقة بتغير وسائل وأدوات الإنتاج والنمو الصناعي، وبتغير توزيع الثروة، وبميزان القوى الاجتماعية في كل دولة، وموازين القوى العالمية، وبالفلسفات التي انبثقت في القرون الثلاثة الأخيرة، وما قبلها من فلسفات، وبالقيم التي تغيرت تحت إلحاح الدعوات الجديدة المارقة تحت (شعار الحرية) القوية الجذابة، وبضعف الوازع الديني في أنحاء كثيرة من المعمورة، كما أن تخلِّي المرأة عن أوضاعها التقليدية، ومزاحمتها للرجل ومنافستها له، وتخلصها من القيود والأعراف التي عاشت في رحابها قرونًا عديدة، وتضخم ظاهرة ما يسمَّى (بحقوق المرأة)، وخروج هذه الحقوق من دائرة الأمومة المقدسة، والرسالة المنزلية الأسرية، إلى مجالات السياسة والإنتاج الصناعي والحرية الجنسية، وأندية الفن واللهو والتبرج، كل هذا وذاك أوجد واقعًا جديدًا أكثر حدة وشراسة، وبالتالي أكثر تعقيدًا ومشاكل، فكان لابد أن تضج في مختلف الأنحاء تساؤلات ملحاحة، شغلت رجال الدراسات الاجتماعية والنفسية والتربوية والدينية والسياسية والأدبية أيضًا.
    فهل في الإمكان أن يسد الأديب المسلم أذنيه عن هذه التساؤلات الصاخبة؟ إنها ظواهر لا نستطيع تجاهلها.
    إن تضحية الأديب المسلم بقيم الصورة الفنية (القيم الجمالية)- من أجل المضمون- خطر كبير، فإلى جانب إهدار مواصفات الفنّ، وخروجه الصارخ عن نسقه، تأتي مشكلة أخرى أعمق أثرًا، وهي عدم قدرته على إيصال رسالته بالطريقة الفنية الصحيحة، وخروجه من دائرة الفن إلى دائرة أخرى قد تكون الأبحاث، أو الموعظة المجردة، وهذه وتلك ساحات يشغلها غير الأديب، ويقوم بدوره فيها خيرَ قيام.
    الأديب المسلم لا يستطيع أن يخاصم العصر أو يهرُب منه إلى عصور قديمة، والأدب الإسلامي حينما يتناول موضوعًا تاريخيًّا قديمًا لا يهرب في الواقع من مجابهة المجتمع أو الحياة الحديثة، إنه يتناول التاريخ وعينه على الحاضر، ففي التاريخ كنوز ثمينة من التجارب الإنسانية العامة الشاملة التي لا تموت بمرور السنين، إنها قضايا الماضي والحاضر والمستقبل، فإذا قدم الأديب المسلم أنموذجًا أو مثلاً نابضًا عريقًا يرمز إلى قيمة من قيم الحق أو الخير أو الفضيلة وغيرها، أو صوَّر صراعًا بين خير وشر، وعدل وظلم، وإيثار وأثرة، كان لمثل هذا العمل الأدبي تأثيرٌ إيجابيٌّ، لما يتضمنه من جمال ومتعة وفائدة، والتاريخ واقع الأمس، وفيه قضايا متجددة هي قضايا كل عصر، ومَن قال إن الحرب والسلام، والخير والشر، والحب والكره قضايا عصر بعينه.
    إن المضمون لا يختلف، وإن اختلف أسلوب التناول، بل قد يختلف أو يتحور المضمون أيضًا من منظور آخر، دون إخلال بقواعد التطور والثبات في الإسلام.
    وليس الأديب المسلم بِدعًا في تعريجه على التاريخ، فكتَّاب أوروبا وأمريكا قد تناولوا مثلاً الأساطير الإغريقية عشرات المرات، كلٌّ بأسلوبه الخاص، وفلسفته التي آمن بها، وفعل كتَّاب العالم الإسلامي المعاصرون الشيء نفسه.
    أما الزعم بأن الأدب الإسلامي ينطلق من مقولات ثابتة لا جديد فيها، وأن الإنسان (القارىء أو المُشاهد) يحتاج إلى الجديد.. والجديد دائمًا- وهذه طبيعة الحياة- هذه المقولة في الواقع تنْبىء عن سوء فهم أو سوء نية، فالأديب مهما كان مضمون أدبه- إذا أراد النجاح- لا بد أن يقدم رؤيةً جديدةً.
    إن مئات الآلاف من القصص والمسرحيات صوَّرت صراع الخير والشر، لكن لكل واحدة منها مذاقها الخاص، ورموز الخير والشر في الأديان السماوية تكاد تكون واحدة، نرى ذلك في (قصة الخلق) "آدم وحواء والملائكة وإبليس"، كما نراه في دعوة الأنبياء والرسل إلى الفضيلة والحب والعدل والإخاء، وتترجمه ملايين الأحداث على سطح البسيطة في كل صقع وعصر، ولكن يبقى أمر هام وحيوي يتعلق بالتطور والثبات في عقيدتنا الإسلامية الكاملة، وهي الرسالة الأخيرة إلى الأرض، وقد حسمت النصوص هذه القضية الحساسة منذ البداية، اللهم إلاَّ إذا توهَّمت "الهرطقات" الضالة أنه في الإمكان التعديل لمنهج الله، حاشا لله!
    ولقد وضع الإسلام ضوابط وأطرًا عامة لمسيرة المؤمن في نظرته إلى الكون والحياة والإنسان، وفي تناوله لقضايا المجتمع ومشاكله، وفي علاقات الإنسان وممارساته، وفي طبيعة هذا الكائن الحي الذي يمر بمراحل معينة من النمو، وتجري عليه عوامل القوة والضعف، والخوف والشجاعة، والطمع والقناعة، والصلاح والطلاح، والصحة والمرض، والفطنة والجهل، والهداية والضلال، ويبقى الحق حقًا، والخير خيرًا، والشر شرًا، على ضوء الهدي الإلهي، والتوجيه النبوي، وأحكام الشريعة الغرَّاء.

    ويظل القارىء يحترم قيمة (الشجاعة) مثلاً، لا كفعل مجرد، ولكن لارتباطها بقيمة من القيم الخالدة، فشجاعة المجاهد في سبيل الله، غير شجاعة اللصّ أو قاطع الطريق، وشجاعة الطاغية أو القائد السفاح غير شجاعة صاحب القلب الطاهر، والفكر النيِّر، بل إن شجاعة القلب الجسور غير شجاعة العقل الألمعي، ورحم الله "شوقي" إذ يقول:
    إن الشجاعة في القلوب كثيرةٌ ***** ووجدْتُ شُجعان العقول قليلاً
    ليست الشجاعة- كقيمة- تصورًا مجردًا، ولكنها ترتبط بإيمان الإنسان، وقدرته على التضحية من أجل قضية عليا، ومن أجل التفاني في إعلاء الحق، وإحياء العدل، وقهر الشر، وحماية المقهورين والمستضعفين، أيّ جديد وأيّ قديم في ذلك؟ وكيف نستطيع أن نتصور بقاء حياة إنسانية راقية دون هذه المقومات الأساسية.

    إن القيم النابعة من الإسلام هي المقومات الأساسية لبناء حياة جديرة بأن تُعاش.. وعندما تتلبَّد السحب، وتُحارَب وتُسجَن هذه القيم فسيكون ذلك بمثابة إعلان عن بداية الشقاء البشري.
    إن علاقة الأدب الإسلامي بالمجتمع علاقة وطيدة، وهي تستمد خيوطها من التصور الإسلامي العام، ولا ينظر الأدب الإسلامي إلى المجتمع نظرة دونية، مهما تعاورت ذلك المجتمع نوبات الفساد والانحلال والضلال، فالمسئولية المقدسة في عنق الأديب المسلم تجعله يهدف أول ما يهدف إلى تحقيق السعادة والتوازن النفسي لدى الأفراد، واعتدال الموازين بين فئات المجتمع، والانطلاق من موقف إيماني صحيح، والنظر إلى سوءات الحياة الاجتماعية كنظرة الطبيب لمريضه، حيث تقتضي هذه العلاقة الحب والفهم والولوج إلى القلوب لتحقيق الثقة والإيمان والأمل والقناعة الخاصَّة، ومن ثمَّ يتولَّد الموقف الإيجابي، الموقف الذي يتحول إلى ممارسة وتغيير للأفضل.


    --------------------------------------------
    المصدر: مدخل إلى الأدب الإسلامي... لـ"نجيب الكيلاني" (بتصرف)


    http://www.ikhwanonline.com/Article....1627&SecID=362



  7. #7
    الصورة الرمزية عبد الله راتب نفاخ أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    الدولة : دمشق - سورية
    العمر : 38
    المشاركات : 1,624
    المواضيع : 234
    الردود : 1624
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    أحسب أن المشكلة أستاذي أصلاً في المصطلح ... فهل عهدنا طول أربعة عشر قرناً من نادى بأدب إسلامي .....
    و هل يمكننا حجر الأدب فغي هذه الزاوية الضيقة ابتداء ....
    لم لا يكون السعي لنفس المسمى مع تغيير الاسم حفاظاً على أدبية الأدب و حقيقته ....
    هل نادى علي أحمد باكثير و الرافعي و محمود شاكر و الطنطاوي و غيرهم بمثل هذه العبارة ... على أنهم التزموا بمضمونها ...
    هذه العبارة بمفهومها تعني ألا نكتب إلا في الإسلام و موضوعاته ، و ألا نجيز ما سوى ذلك ....
    أفيبقى ثمة أدب في مثل هذه الحال ؟!!!!!! ... أريد جواباً صادقاً ....
    أم يمكن للمرء أن يكتب أدباً ... و الأدب كما تعلمون كلمة بعيدة الغور واسعة الدلالة يلتزم فيه بقيم الإسلام دون أن يصنع أدباً من حضن الإسلام ..... لأن الأدب شيء و الدين شيء آخر .... هذا علاقة بالنفس و ذاك علاقة بالله .... و عندئذ يتحقق المراد دون أن ندخل في الأدب ما ليس منه و نخرج منه ما هو منه ......
    بانتظار رأيكم و ردكم أساتذتي الأكارم

  8. #8
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    الأستاذ عبد الله راتب نفاخ

    شكراً على تواصلك

    وسأكون معك في هذا الحوار ، ولكن اصبر عليّ قليلاً ، فلدي امتحانات الآن






    تحياتي




  9. #9
    الصورة الرمزية عبد الله راتب نفاخ أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    الدولة : دمشق - سورية
    العمر : 38
    المشاركات : 1,624
    المواضيع : 234
    الردود : 1624
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    حياك الله و سلمك .....
    بانتظار ردك أستاذي الكريم
    الأدب شريعة ربانية لا يصلح لها إلا المصطفون من أرباب القلوب

  10. #10
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي



    الأستاذ عبدالله راتب

    لقد طرحت مجموعة أسئلة جوهرية ، تحتاج إلى دراسة متأنية ..

    أولاً : ما هو الأدب الإسلامي ؟

    الأدب الإسلامي باختصار هو الأدب الملتزم بعقيدة الإسلام وأخلاقياته ومبادئه وقيمه ، وهو التزام عفوي نابع عن التزام الأديب بدينه .

    وهذا الأدب يقدم التصور الإسلامي للإنسان والحياة والكون .

    ووظيفة هذا الأدب هي بناء الإنسان والمجتمع الصالح ، والدفع بالبشر إلى الإصلاح في الأرض ، ونشر الخير والفضيلة ومحاربة الشر والرذيلة .

    وبالطبع فإن الأدب الإسلامي يلتزم جمالية النص وروعة العبارة والأسلوب الأدبي
    فهو ليس وعظاً أو خطبة جمعة أو درس في الفقه أو الحديث ... إلخ .

    والأديب الإسلامي يكتب في أي شيء ملتزماً قيم الإسلام وعقيدته ، ولا يعني ذلك أن لا يكتب إلا في الإسلام و موضوعاته ، وألا يجيز ما سوى ذلك ..

    وهنا يخطئ من يظن أن الأدب الإسلامي عبارة عن نقل التراث فقط ، وكلام عن شخصيات تاريخية ، قادة كانوا أو علماء أوفقهاء أو زهاد أو نقل لأحداث تاريخية .. بل يتعدى ذلك إلى الكتابة عن الواقع .. مشاكله .. تحدياته .. طموحاته .. آلامه .. أفراحه .. أحداثه .. ويواكب كل جديد .. ويكون من الناس وإليهم ..



    ولي عودة بإذن الله ..


    تحياتي





صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وداعاً عميد الأدب الإسلامي المقارن د. حلمي محمد القاعود
    بواسطة زاهية في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 17-07-2010, 12:22 PM
  2. ثقافة السلام والمقاومة والاستشهاد في الأدب الفلسطيني المعاصر
    بواسطة فضل شبلول في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-07-2006, 11:44 AM
  3. احتفالية رابطة الأدب الإسلامي بمصر للترحيب بالدكتور سمير العمري
    بواسطة إدارة الرابطة في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-07-2006, 06:04 PM
  4. الحرية في الأدب الإسلامي
    بواسطة قلم في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 22-12-2004, 09:49 PM
  5. أول موقع متخصص في الأدب الإسلامي الفلسطيني شارك بقلمك
    بواسطة رمضان عمر في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-09-2004, 11:01 AM