أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: جنيّة الأحقاف ( الجزء 1 )

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي جنيّة الأحقاف ( الجزء 1 )

    جِنِيّة الأحقاف ( الجزء 1 ) .
    ـــــــــــــــ
    سلوا النَجْلاء غداة بَيْنِها ، كم خلّفتْ للصدر ضيقا ، وللقلب ما ،،، راعه .
    قلتُ قَنَعَتْ بما ترى ، ولات حين ،،، قناعة !!! .
    أَسَلْخ الشوى يُجزء ، فيما لو كان السلخ ،،، شفاعة ؟
    فقد أسقمني البين والنوى ، حتى خَلَت الدماء ، ومن الأوصال خلَتْ ،،، مناعة .
    وخلا الرُّشد مني ، كالمجنون حوى عقلا ثم ،،، أضاعه .
    وكالفدِّ توحّش فطار في العراء ، بفقده الأهل ومن قبل ،،، متاعه .
    أقريب يوم اللقاء ، أم هو في الحشر بعد قيام ،،، الساعة ؟
    لا غدا ليومي ،،، ! بل أُمسي كأمسِ أتلوّن بأفانين ،،، صراعه ! .
    فيا هند ،،، يا من حوت من كل الأناثيّ كلّ ،،، وَدَاعة .
    سيري إلى السواحر ، علّهنّ يرحمنني ولو ،،، لِساعة .
    وقولي ودّع أبي الدّعَة ، والهمّ والسهد يأبى ،،، وداعه .
    وأنفق عافيته ولَهاً ، واستودع الرأس ،،، صداعه .
    يئن أنين شجيّ حَرِضٍ ، حتى ألِفَت الأذن ،،، سماعه .
    وما عهدته إلا محروما ، ومن قبل طفلا قد حُرم ،،، الرضاعة .
    فأطاعه شظف العيش حَرْسا ، واللين قط ما ،،، أطاعه .
    فاجتهد يذود طورا ، ولكنه النوى فقد عزّ ،،، دفاعه .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
    وآهٍ منكن معاشر اللواتي لم يألفن قط رحمة ،،، ولست أدري لم جُعلت الشفاه فيكن هكذا كالعنّاب ، والعين أرمى للكبد من السهم المُرسل ! ؟ .
    لماذا ؟
    لم تأمرن وتنهين بطرف فقط ؟
    لم ابتسامة إحداكن تفك قيد الأسير ،،، ويغدو الجلاّد كأنه حمَلا وديعا لم يُقِم حدّا قط ؟
    أما نحن والجلاّد ،،، هِهْ ، فَهَيْهَات نضربُ في حديدٍ بارد[1] .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــ
    ثم وعلى حين غفلة ضحكتْ عُنَيس وقالت : ما بك ،،، ومن تُحدّث !!؟؟ .
    قلت : أحدث الليل ! .
    قالت : من حدّث الليل ، جُنّ ،،، ومن جُنّ طُويت عنه الصحف .
    قلت : يا بُشرى إن طُويت ،،، غير أنها ما زالت تَعُد الأقوال والأفعال .
    قالت : لك عندي ما تشتهيه يا حسين !!! .
    قلت : لعمر أبيكِ الخير ،،،، ما هو ؟
    سهِمَتْ هُنيهة ثم قالت : ما تقول بجنية الأحقاف ؟
    قلت بتعجب : هاه !!! .
    قالت : وماذا ،،، لو كانت من الأميرات أيضا ؟
    قلت : أيّ أميرات ؟
    قالت : أميرة أميرات الأحقاف ؟
    قلت بتعجب : أميرة الأميرات !!! .
    قالت : سليلة الملوك والأمراء كابراً عن كابر ،،، وباقيا عن غابر .
    قلت : ويحكِ يا عنيس ،،، عجّلي بها ؟
    قالت : لم أنته بعد يا حسين ! .
    قلت : وماذا أيضا ؟
    قالت : ما تقول أيضا بجنية النيل ؟
    قلت : وهل هناك جِنيّات !!!؟؟؟ .
    قالت كأنها تستصغر علمي : ألأُمّكَ غيرك يا حسين ؟
    قلت : نعم ،،، ولماذا ؟
    قالت : لأُعزّيها ،،، وأسأل الله لها العوض إن كنتَ وحيدها !.
    قلت : لماذا يا لئيمة اللئيمات ؟
    قالت : أمِنْ عاقل يسأل إن كان في النيل جنيات ! ؟ .
    قلت : مَهْ ،،، هو سؤال ولا ضير .
    ولكن ،،، كيف الأحقاف والنيل معا ؟
    قالت : دعت أميرة الأحقاف أميرة النيل ،،، وإنهنّ بتلك الحُقُف يسمرن .
    قلت : فارحميني بهن إذن .
    قالت : قف واستدر .
    قلت : لم ؟
    قالت : لأضمّكَ ،،، صدرا لظهر ، ثم أطير بك .
    قلت : ولم ليس صدرا لصدر ،،، حيث أحلّق بذراعيّ حول عنقكِ ،،، وكذلك تفعلين ، فيكون التعلّق أمكن والطيران آمن .
    ضحكت ضحكة سريعة عابرة ثم قالت : إن فعلنا لن نطير البتّة ،،، وسنبقى هكذا كأننا العُشاق ،،، ولن نلحق بمجلس الأميرات ،،، فهيا استدر .
    قلت : ألا نجرب أولا ما أشرتُ به ؟
    قالت : هل تريد أن تستوفي حرمانك الذي ترنمت به أعلاه ،،، مني ؟
    قلت : لا والله ما إلى ذلك ذهبت .
    قالت : إذن هيا .
    فاستدرتُ ،،، واقتربت الحسناء حتى ألْمَسَتْ صدرها ظهري ، وشدّت بيديها على صدري ،،، رباه ما هذا الدثار ، وما هذا الدفء !!؟؟ .
    فسهِمتُ ثم أخذت أدير رأسي تلقاء اليسار ،،، غير أنها قالت وفمها خلف أذني بصوت كأنها عروس الخِدْر : ما ،،، بك ،،، ؟
    قلت : لا شيء .
    قالت : أنطير ،،، ؟
    قلت : نعم .
    ثم أقلعت ،،، ولا أدري أنحن نتسامى أم الأرض تتباعد ؟؟؟ .
    ثم استوت وانطلقت تلقاء الشرق ،،، تتيامن بي ساعة وأخرى ذات اليسار ،،، كأنها تداعب الرياح برقصات ما عرفها البشر ، وعلى أنغام السحب والنجوم ، التي صرت أراها كأنها الشهب المرسلة .
    ثم أدنتْ طرف شفتها من أذني وقالت : قد وصلنا !!!!!!!!!!! .
    ثم هَوَت وأنا أرى الأرض وأجرامها تتعاظم ،،، وحتى خفت أن ترتطم بنا فنذهب في جوفها ،،، فشددت على يديها ،،، ثم هبطتْ بي هبوط الطير ،،، وحطّت كيمامة حطّت على عُشّها ،،، وإذا بالحُقُفِ تحت أقدامي !!! .
    رباه ،،، أين أنا ؟؟؟ ! .
    ثم تنبّهتْ عنيس وقالت : أنظر هناك .
    ففعلتُ ،،، وإذا بي أرى العجب العجاب !!! طبيعة أرض وهواء ، وفوق كل ذلك سماء ،،، والقمر أحال كل لون إلى فضة تبعث لألائها رغما !!! سواء تعنّتَ كُنه الشيء أم رضخ .
    ثم رأيتُ مَيْسَا[2] غير بعيد ،،، فدنوت حتى صرت كقاب قوسين منه أو أدنى ،،، وإذا به ميسا غير الميس !!! به من الطيب والجوهر والثياب ما لا ينبغي إلا للملوك .
    فما كدتُ أفرغ من بهْرَجه ،،، حتى آنستُ أنقاض[3] الحسان كأنه النغم يبعث الطرب ،،، وكأنه التغريد تصدح به الأطيار .
    فقلت لعنيس : أسمعهن ولا أكاد أراهن !!! أسمع جعجعة ولا أرى طحنا !!! ،،، أين الأميرة ؟
    قالت : دونك ،،، ذات اليمين ، ألا تراها ؟
    فالتفتُ ،،، وإذا بامرأة رَصُوفٍ[4] ساعة التبذّل !!! تلبس ثوبا مُجَسَّدا[5] ،،، بلغ من القصر إلى لدن الركبة ،،، وبلغ كُمّه إلى لدن الإبط ،،، شُد على الكشح حتى صارت قبّاء[6] ،،، وشدّ على الصدر حتى زاحم النهدُ النهدَ ،،، وحتى كادا قهرا أن يشقا عليها قميصها .
    وتضع نَصِيْفا مُهَرّى[7]،،، إن خلعته زانها وإن أبقته زانها ،،، فأقبلتْ تخطو وتميس ،،، ثم تخطو وتميد ،،، ثم تخطو وتتأوّد ،،، بَرَهْرَهَة كأنها ترعد من الرطوبة ،،، رطوبة الأنثى التي لا رطوبة بعدها .
    ثم اقتربتْ وأشارت وقالت : هات أذنك لأقول لك شيئا ! .
    ففعلتُ .
    فوضعت فمها قرب أذني حتى أحسست نَفَسَها الدافئ وقالت : أريد أن أسحرك بجمالي الساعة .
    قلت : رُحماكِ ،،، لا .
    قالت : إ شْ وَكِتْ[8] ،،، أسحرك إذن ؟؟؟ .
    فما قالت الأميرة ( إ ش وَكِتْ ) حتى ساخت قدمي وخارت قواي ، ودارت بي الأرض ، فوقعت على صدرها ، فتلقفتني بكل حرص وحنان ، وأضجعتني الأرض ، ثم جثت ،،، كأنها الأم راعها صغيرها ، وجعلتْ تضرب خدي بنعومة بالغة وتقول : قم .
    فلما قمتُ قالت : ما بك ؟
    قلت : يكفي بلفظة ( وَكِتْ ) قتلا لمثلي !!! يكفي بتدوير الشفاه عند الواو ، واتساعها عند حركة الفتح ، والتصاق اللسان بالغار[9] مع كسر الحركة عند الكاف ، ثم انبساطه والتصاق رأسه بالأسنان مع الوقف عند التاء ،،، سحنا لعظمي وتقطيعا لأوصالي !!! .
    ضحكت اللئيمة وقالت : إش قَدْ تحبها ؟؟؟ .
    قلت : كثيرا .
    قالت : اهْوَايِهْ ،،، يعني ؟؟؟ .
    فلتفتُّ تلقاء عنيس وقلتُ : يا عنيس ،،، إن لم تلتزم هذه الساحرة بالفصحى ،،، أخذتُ سَمْتِي[10] وقفلت راجعا من حيث أتيت ، وعليكِ إعادتي .
    تبسمت الأميرة وقالت : حسنا ،،، أنت ضيفي وعليّ إكرامك !!! .
    قلت : هاتِ ما عندكِ من كرم يا أميرة الأحقاف .
    قالت : أتحب الغزل يا حسين ؟؟؟ .
    قلت : سلي من قرأ لي .
    قالت : أتجيد الغزل يا حسين ؟؟؟ .
    قلت : وأصدع به قلب الأنثى صدعا ،،، وأفلق كبدها فلقا ،،، وألصقها بأنوثتها إلصاقا ،،، حتى تقول رحماك رجل ،،، رحماك .
    قالت : ما الأنثى ؟
    قلت : ما تنبغي لي فقط .
    قالت : ولم لك ؟
    قلت : لأني أوَظِّف جميع أنوثتها كل فيما يخصّه ، وأُحِقّ حق كلّ منها وما يستحقه ، والكرم سجيّتي ،،، وأخرى لا بد من ذكرها .
    قالت : وما هي ؟
    قلت : هنا وبهذا المقام ،،، أنا من المطففين ،،، ولا ويل لي ! .
    قالت بعد أن ضحكت : لا ويل لك .
    ولكن ،،، كيف تستوفي هي إن طفّفت أنت ! ؟
    قلت : هي من المطففات أيضا ،،، ولا ويل لها ! .
    قالت : أتحب الرّبا يا حسين ؟
    قلت : أمقته ،،، إلا في العشق .
    إن استودعتني قبلة ،،، رددتها ثلاث .
    قالت : وكيف يكنّ ؟
    قلت : الأولى قبلة يدها ،،، والثانية قبلة عينها ،،، والثالثة قبلة حاجبها .
    قالت : وهي ؟
    قلت : قبلة من عينها فقط ،،، ترسلها من خلال وطفها فتتلقفها الروح وتستودعها مكانها الحق .
    قالت : وإن خجِلَت حبيبتك ؟
    قلت : خجلها أجلّ قبلة تبعث رجولتي ،،، وحمرة خدها ثانية القُبَل ،،، والثالثة رشحها عرَقَ الحياء .
    قالت : هذه ثلاث منها ،،، أليس كذلك ؟
    قلت : ألم أقل لكِ آنفا أنها من المطففات أيضا !!! .
    ثم قلت لها : قلتِ آنفا أنني ضيفكِ وأنكِ ستكرمينني ،،، بماذا ؟
    قالت : سأكرمك بمن لا نحسدها إن أصابت مقتلك ! .
    قلت : ويحي !!! من ؟
    قالت : وبمن لا نسألها كيف أحِلّ لها دمك ! .
    قلت : من تلك ؟
    قالت : وبمن لا نحرمحها إن ظفرت بك وهيّأت مذبحك ! .
    قلت : رحماك جنية الأحقاف ،،، أفصحي ؟
    قالت : والتي إن شدّت أوصالك ثم حزّتها بشفرتها ، كان من لدنها سخاء خالصا وجودا عليك ! .
    قلت : أتكرهينني أيتها الأميرة ؟
    قالت : لا ،،، لا أكرهك ،،، .
    قلت : لم مقتلي ،،، ودمي ،،، ومذبحي ، إذن ؟
    قالت : بالسحر ،،، والوطف ،،، واللمى ! .
    قلت : وَيْكأنّكِ لم تأتِ بالذبح حقا ،،، أيتها الجنية ،،، إن ما ذكرتيه أمضى على الحسين من شفرة السكين ،،، وأقطع لمَتْنِه من الهندية القُضُب[11] ،،، وأنفذ في صدره من أسنّة الرماح .
    قالت : إن السحر قد حُرّم ،،، غير أن سحر الوطف لا كُفرا ولا إثما ! .
    وإن القتل قد حُرّم أيضا ،،، غير أن اللمى لا تُجرّم بافتعالها القتل ! .
    قلت : وإذن ؟
    قالت : وإذن ،،، ذُق من بديع الخالق ،،، وانظر كيف أعجز العالمين بصنعه ! .
    قلت : ويحي مما أنا فيه .
    قالت : هات يدك لأذهب بك إليها .
    قلت : من ؟
    قالت : جنية النيل !!! .
    قلت : أوَليست هي هنا ؟؟؟ فقد أبلغتني عنيس أنها تسمر معكِ .
    قالت : بلى ،،، غير أنها أبطأت قليلا لبعض شأنها ،،، فوافتني توّا .
    قلت وما الذي أبطأ بها ؟
    قالت : يبدو أن ظعن ابن الغزير خلّف الفوضى بين جِنّة بحيرة قارون ،،، فعاد الفساد كما عاد السقم بغياب الطبيب .
    فأوفدتها ملكة النيل إلى البحيرة لعمل التنظيمات اللازمة ، فلما فرغت خَوّلَت وزيرتها بالصلاحيات هناك ثم جاءت بِقِطْعٍ من الليل .
    قلت : وأين هي ؟
    قالت : هناك ،،، اقترب وانظر .
    ففعلتُ
    ربّاه !!!!! .
    من تلك الأميرة التي تلبس ثوبا مُوَرّسا[12] ، وتضع نصيفا مُزَبْرقا[13] ؟؟؟ .
    وأيّم الله ،،، قد أُزيل القبح بحسن ،،، وزيد الحسن بجمال ،،، ومُدّ الجمال بألق ،،، وتلألأ الألق بليل ،،، وتعاظم الليل بسَحَر ،،، واكتمل السَحَر بجنية الأحقاف وجنية النيل ،،، .
    ثم وقفتُ بينهن ،،، لا أدري من أرمق .
    أما هذه ،،، فتخطف الروح ومن قبل خطفت العقل ،،، غير أن بقية منه بقت ولله الحمد .
    وأما تلك ،،، فتخترع الفتنة اختراعا ،،، وتسنّ الجنون كما سنّت الخمر ذهاب الرشد .
    فقالت جنية النيل : إيه ،،، ما لك ؟
    ثم أطرقتْ بدلّ ، وأظنها متعمّدة .
    فالتمستُ حجرا أريد أن أفلق رأسها به ! .
    فحالت جنية الأحقاف بيني وبينها وقالت : هل جننت يا هذا ؟
    قلت : ليس بعد ،،، فهناك بقية ! .
    قالت : ولم تريد شجّ رأسها ؟
    قلت : لأُبقي على نِتَفٍ من العقل لا أدري أهي هنا في مقدمة رأسي أم على الجانبين ! .
    قالت : دعني أتحسس رأسك لأرى .
    فما رفعت يديها الأميرة الساحرة حتى بضّ الإبط كاللُّجَيْن .
    وما أن لمست رأسي حتى سار النظر منحدرا من أسفل الحنكِ مرورا بالنحر وصولا إلى صدر يمدّ كلما شهق ويجزر كلما زفر ،،، وقد أُعْتِق من القبح .
    ثم ترنّح الجسد غير أنها سندتني ،،، فوقع الخدّ على عضدها ،،، وأجلستني .
    فنادت جنية النيل جنية الأحقاف : ألكِ حاجة في المساعدة ؟
    قالت : نعم .
    فقامت ،،، كأنها رَقُوْد الضحى ، طويلة الأشفار ، ناعسة العين .
    وأخذت تمشي بقدم حافية ، يداعبها الهواء ، تارة يعبث بشعرها ونصيفها ، وأخرى يرسم جسدها ،،، حتى اقتربت وجلست أمامي .
    فقالت بغنج ودلّ : أتُرْياقاً تريد ؟؟؟ .
    قلت : وأين الترياق ،،، هاته يا قاتلة الرجال ؟
    قالت : تمدد لأطبّبَك .
    ففعلت ُ .
    فصارت من لدن رأسي وقد جثت على ركبها ووضعت راحتيها على جانبي رأسي ، وانثنتْ ! .
    فكان وجهها يقترب من وجهي كصفحة من فضة ، وشعرها يتدلى تدلي الشال على المتن ،،، ثم ثبتتْ وأدارت فمها كأنه فم رضيع يريد أن يقول ، ولكن هيهات له .
    فبلعتُ ريقي بعد أن ارتعش بدني ،،، إذ لا أدري ما ترياقها هذا ؟! .
    ثم نفثت على فمي نسيما من فيها ،،، خرج بتكوير شفاه وظائفها إشعال الحشا نارا تتأجج ! .
    فقالت : هاه ،،، هل ذهب عنك ما تَجِد ؟؟؟ .
    قلت : لم تطفئ اللمى حرّ الفؤاد بعد .
    قالت : أفصح ؟
    قلت : لا شيء .
    قلّصَتْ عينيها كمحقق نُزِعت من قلبه الرحمة وقالت : لعلّك طمعتَ بـ ..... ما ،،، ؟
    قلت : لا ،،، غير أني ظننتُ ذلك .
    قالت : مظان اللمى تورد الهلكة .
    قلت : أي هلكة ؟
    قالت : أولها تشرب بالرّضاب عسلا ،،، ثم تعتد إقصاء غرامك بحمرة اللمى .
    قلت : وثُمّة[14] ؟
    قالت : ثمّة تتمنّع وتتعزّز ! .
    قلت : من ؟
    قالت : اللمى ! ،،، وهذه موارد الهلكة .
    قلت : لا أقسم بالله[15] أنكِ أجمل الجمال ،،، فارحميني .
    قالت : غدا ترحمني أولا ،،، ثم أرحمك .
    ــــــــــــــــــــ
    يتبع الجزء الثاني .
    حسين الطلاع
    المملكة العربية السعودية – الجبيل
    18/4/2010 م .










    [1] : أصله ( هيهات تضرب في حديد بارد ) مثل عربي قديم يضرب فيما لا جدوى من المحاولة معه ،،، كالحديد البارد لا يطاوع مع الطرق إلا كان ساخنا .

    [2] : المَيْس : هو المتاع أو الرحل .

    [3] : أنقاض : أي أصوات .

    [4] : الرصوف هي المرأة الطيبة الخلوة .

    [5] : الجساد هو الزعفران .

    [6] : قباء أي لطيفة البطن .

    [7] : النصيف هو الشال في منتصف الرأس فقط ،،، والمُهرّى أي بلون الشمس ،،، وكان هذا اللون لسادة العرب .

    [8] : إ ش وكت ،،، لفظة محلية وغالبا عراقية ،،، بمعنى متى أو في أي وقت .

    [9] : الغار هو سقف الفم على مقربة من لسان المزمار .

    [10] : السمت من أسماء المتاع .

    [11] : الهندية القضب هي السيوف القواطع .

    [12] : المورّس من الورس وهو يلي الزعفران مرتبة .

    [13] : المزبرق من الزِّبْرقان ،،، وهو من أسماء القمر .

    [14] : ثمة هي نفسها ثُم ،،، غير أن التاء زائدة وقد وردت في الأدب الجاهلي .

    [15] : لا أقسم ،،، هي القسم بعينه ،،، وحرف لا زائدة فهي من الزوائد ، والمعنى إلغاء وجودها ،،، فقد قال تعالى : لا أقسم بهذا البلد ،،، وهو أراد سبحانه القسم ولم يرد النفي .

  2. #2
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 2,240
    المواضيع : 61
    الردود : 2240
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    الأستاذ الرائع القدير حسين الطلاع

    الله ..الله

    أقسم أنك قد الجمت يراعي..
    كأني أتنقل بين مياسم الزهر ...فهنا أعب عبيرا ً ..وهناك أتنسم رحيقا ..
    يالشذى الحرف ..يسكر دون أن يقرب كأس من شفه ..
    لله درك ..
    من أين إستقيت هذا البوح الشفيف ..سبحان من حباك من كرمه ما اكرمتنا به من حرفك الوضاء ..
    هناك سؤال عابر ..أليس الورس كذلك نوع من الصبغة الأقرب إلى لون الحناء كان العرب قديما يصطبغون به من داء البرص .؟ أذكر أني مررت يوما ً ما على ما أسلف في كتاب للجاحظ رحمه الله

    ليس لي إلا انتظار الجزء المكمل لرائعتك التي وددت ان لاتنتهي ..

    سلمت ..وسلم مدادك ..

    لك من أخيك أجمل المنى..

    حماك ..الله
    الفكـرة ُ..العالـية ُ..
    لا تحتاجُ.. لصوتٍٍ..عـال ٍ..

  3. #3
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 100 مشاركات
    أهلا بك أخي الحبيب .
    أسعدني اطلاعك وحسن تعليقك .
    ولعلك زدتني شرفا من تحته شرف ومن فوقه شرف .
    أما الورس : فنعم ،،، وإنه لون يُتَزّين به .
    وإنما كان قصدي من أنه يلي الزعفران هو باللون ولا شيء غيره .
    أكرر شكري وتقديري وإحترامي لشخصك النبيل .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
    حسين الطلاع

  4. #4
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.19

    افتراضي

    ما هذا ؟

    هو هو النثر في أبهى حلله ، لغة مدهشة ، و تصوير أخاذ ، و معان حالمة ،

    و قدرة فائقة لشد القارئ حتى آخر حرف .

    قرأت هنا قامة تنحني أمام حضرتها كل العبارات .

    تقبل مروري أخي الكريم .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  5. #5
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 100 مشاركات
    مرّة أخرى أرى نادية تضع بصمة لها هنا
    حيث جنية الأحقاف وجنية النيل ،،، حيث أخذتا العقل وطارتا به إلى تلكم الحقُفْ .
    وإن كلمتكِ لتمعن في تخليق الخجل ،،، حبث نقول : إن أذنتِ لنا أن نتقدم بأسمى آيات الشكر لذوقكِ الرفيع .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
    حسين الطلاع

  6. #6
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2010
    المشاركات : 28
    المواضيع : 0
    الردود : 28
    المعدل اليومي : 0.01
    من مواضيعي

      افتراضي

      كلمات تستحق المتابعة
      دمت بخير

    • #7
      الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
      تاريخ التسجيل : Aug 2008
      الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
      المشاركات : 424
      المواضيع : 89
      الردود : 424
      المعدل اليومي : 0.07

      افتراضي

      الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 100 مشاركات
      أجنادين هنا مرة أخرى ،،، ما أبهى خاطرتي بكِ
      أشكركِ على هذا الإطراء .
      ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
      حسين الطلاع

    المواضيع المتشابهه

    1. جنيّة الأحزان
      بواسطة ضحى بوترعة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
      مشاركات: 13
      آخر مشاركة: 16-01-2007, 07:36 PM