طُفْتُ سَحَرَاً .
ــــــ
أطيرُ ما أطيرُ يا ذئب ، ثم لا أراها إلا كالشّبح ! .
وإنّ خيالها لأتَرَوَّحُ به ،،، ففيها ألف أنثى في روحٍ واحدة ،،، آه يا ذئب ، لطالما كاتَمْتُ قلبي الوَلَه .
قال الذئب : لعلّ[1] الروح أصابتها روح فهاجت بها .
قلت : بل روحي في روحها ، كالحرق في النار ، وكاللين في الماء ،،، ولقد طُفتُ سَحَرا لعلّي أجدُ ما أقمعُ به شغفي ،،، ويحك يا ذئب لكأنها تتضارب في بعضها وتشد بعضها بعضا .
قال : هل قلت لها شيئا ؟
قلت : نعم .
قال : مَهْ ؟
قلت : لمعشوقة أنتِ ، عَمْرَكِ الله كيف تكفرين بالجحد ،،، عشقي ؟ .
ونَضِرة أنتِ ، قاتلكِ الله كيف تحرمين من الدم ،،، عِرقي ؟ .
ولأنتِ قلبٌ إلى جانب قلب في ،،، صدري ! .
ولأنتِ عين ثالثة في ،،، أم رأسي ! .
قال : وماذا بعد ؟
قلت : ولأنتِ لذّة لا تحلو لي إلا إذا كنتِ ،،، أنتِ .
ولأنتِ الغنى إن بادلتِ الوُدّ وُدّا ، وَسَارّ[2] الحسين ،،، أنتِ .
ولأنتِ الفقر إن خلت منكِ النفس ، وصرت إلى الخلاء ،،، أنتِ .
قال الذئب : مسكين أنت ، والله إنها لتجوز عليك الصَدَقة ! .
قلت : أي صدقة هذه ! ؟ .
قال : الحُب ،،، لو كنتُ مكانها لتصدقت عليك بحبي !!! .
ثم ضحك اللئيم .
ثم قال : وماذا أنت فاعل ؟
قلت : وددت لو أشتريها بكلمة من الله .
قال : ليتكَ تفعل وتريحنا .
قلت له بغضب : ها أنت تفسد الأمر عليّ يا ذئب .
تعجب وقال : أنا !!! وكيف ؟
قلت : أما علمت أن ليت تفيد الذي لا يحصل ، وما هي إلا تمنّي فقط ،،، هل غاب عنك قول الله تعالى ( .... يا ليت قومي يعلمون ) ،،، يا ذئب هيهات هيهات أن يعود إلى قومه فيعلمهم لأنه مات ، ولذلك جاءت يا ليت .
كان الأجدر بك أن تقول ( لعلك[3] تفعل ) .
تمنّع الخبيث وقال : لن أقولها .
ثم قال : أكمل ؟
قلت : قلت لها ،،، يا برد الفؤاد ، لقد هتكَ حبّكِ قلبي ،،، وكلمة هتكَ عند ابن الغزير مجرد ( فعل ماض ) وما إلى ذلك ،،، وعندي تعني التقطع والهرس الذي لا يُرجى إصلاحه البتة ، فانظري بم سُبقت !!! بالمجرمة ( لقد ) وتعني بلوغ الشيء نهايته ،،، أي لن يعود قلبي كما كان سليما معافا .
قال الذئب : فبماذا أجابتك ؟
قلت : لم تُجب ،،، غير أنها رقّت لي ،،، ثم قالت : أدنُ دونك .
قال : هاه ،، وماذا ؟
قلت : دنَوْت ،،، فاحتضنتني ،،، فأغمضت عيني ،،، فَسُحتُ في عالم ليس من العالم ، وفي أرواح ليست من الأرواح ،،، فنمتُ .
قال : أهي ،،، هي ؟
قلت : نعم ،،، هي .
ـــــ انتهى ــــــ
ـــــــــــــــ
حسين الطلاع
31/10/2009
المملكة العربية السعودية - الجبيل
[1] : لعل بهذا المقام تفيد الظن .
[2] : أي جعله مسرورا
[3] : لعل هنا تفيد الترجّي المتوقع حصوله .