أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أحمد رامي " شاعرية بلا حدود "

  1. #1
    الصورة الرمزية نافع سلامة أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2009
    العمر : 45
    المشاركات : 212
    المواضيع : 46
    الردود : 212
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي أحمد رامي " شاعرية بلا حدود "

    " شاعرية بلا حدود "
    تأملات في تجربة الشاعر الغنائي : أحمد رامي
    من خلال الإبحار في قصيدته
    أغار من نسمة الجنوب


    لـ
    نافع سلامة
    ...
    حين يلامسَ الشعرُ الوجدان ملامسة الندى وقتَ الصباحِ مسامَ الزهورِ ليأتي النحل مبتهجا من خلاياه يرتشف من ثغرها عبير الياسمين فيخرج من بطونها عسل مصفى بلون الشمس المذهبة بماء الحنين .




    أغَارُ من نَسْمةِ الجنوبِ على مُحَيّاكَ يا حبيبي
    وأحسدُ الشمسَ في ضحاها وأحسدُ الشمسَ في الغروبِ
    وأحسدُ الطيرَ حين يشدو على ذرى غصنهِ الرطيبِ
    فقد ترى فيها جمالاً يروقُ عينيكَ يا حبيبي
    يا ليتني منظرٌ بديعٌ تطيلُ لي نظرةَ الرقيبِ
    وليتني طائرٌ شجي أشدو بأنغامِ عندليبِ
    أظلُ أسقيكَ من غنائي سلافةَ الروحِ والقلوبِ
    وذاكَ أني أراكَ ترنو للشمسِ في بهيجةِ المغيبِ
    وتعشقُ الطيرَ حين تشدو على ذرى الغصنِ يا حبيبي
    وأني من هيامِ قلبي وشدةِ الوجدِ واللهيب
    أغارُ من نَسمةِ الجنوبِ على مُحَيّاكَ يا حبيبي
    وأحسدُ الزهرَ حين يهفو على شفا جدولٍ لعوبِ
    وأحسدُ النهرَ حين يجري على بساطِ الجنى الخصيبِ
    فقد ترى فيهما جمالاً يروقُ عينيكَ يا حبيبي
    يا ليتني جدولٌ تهادي ما بين زهرِ وبين طيبِ
    وليتني زهرةٌ تساقت مع الندى قبلةَ الحبيبِ
    باتت تناجي الصباح حتى أطل في برده القشيبِ
    وذاك أني أراك ترنو للزهرِ في غصنهِ الرطيبِ
    وتعشقُ النهرَ حين يجري مرجع اللحنَ والضروبِ
    يا ليتنا طائرانِ نلهو بالروضِ في سرحهِ الخصيبِ
    وليتنا زهرتانِ تهفو على شفا جدولٍ لعوبِ
    تميلني نحوك الخزامى إذا سرت ساعة المغيبِ
    وذاك أني أراك ترنو للطير في جوه الرحيبِ
    وأن قلبي يذوب شوقاًً لساعةِ القربِ يا حبيبي


    متى نستطيع القول و كلنا ثقة، هذه شاعرية تعج بالشعر و الشعور، ؟ متى نجزم أن الكلام أصبح شعرا، و ليس وزنا أو نغما موسيقا فقط،؟ و متى نستطيع أن طلق العنان نحو التسميات الأدبية على أصحاب التجارب الأدبية وخاصة الشعرية، ؟ فنقول هذا " أمير الشعراء، وهذا شاعر النيل، وهذا شاعر النساء، وهذا شاعر الشباب، ليكون المسمّى ليس تبجيلا للشاعر أكثر من كونه تعبيرا عن امتزاجه بهذا اللقب ، أو صفة لمدى طوابعه البشرية الجميلة ، كحسه المرهف ، و وجده الرقيق ، و قلبه الشجي الرحب ، و خصائص شعره الأخرى من مرونة وسلاسة ، و عذوبة و مضمون يحمل قضية ، أو يعبر عن مداخلات النفس البشرية التي يحملها من البشر مَن لا يملكون الشاعرية ليعبروا عن انفسهم بها .

    سؤال ... لماذا أطلقوا على تجربة " أحمد رامي " لقب " شاعر الشباب " ؟ هل لأنه تغزل في محبوبه، و تغنى في الحب للشباب ، أم لشيء أخر ؟ وما هو وجه الشبه بين الشباب والطبيعة و بين كليهما الشاعر ؟
    قرأت مرة عنوان قصيدة لشاعر على صفحات الانترنت بعنوان ( الشعراء لا يشيخون ) ....

    أغار من نسمة الجنوب ... على مُحَيّاكَ يا حبيبي

    هنا و في هذه القصيدة تحديدا وجدت الإجابة الشافية عن اسئلتي السابقة ، لماذا شاعرالشباب ، و لماذا لم يكن مثالا شاعر الألحان أو الغناء أو الموسيقى ؟ كونه في المصاف الأول يعد من كُتّاب الأغاني الفحول إلم يكن أعظمهم .

    تعلمنا منذ أن كنا صغارا من خلال الدراسات التي كانت تتناول أشعار العرب المحدثين والقدامى وخاصة المتنبي أن غرضه الشعري من وراء كتابته لأشعاره لم يكن للمدح فقط ;كون المتنبي عاش مادحا لسيف الدوله في عموم قصائده ، و إنما كان عامل المدح هو الغلاف الظاهري الذي يحافظ به المتنبي على جوهرته و غرضه الشعري الثمين ليضمن لهذا الغرض البقاء والإستمرارية تخليدا له في ذاكرة الأدب ليُظهرَ مدى عظمته و خصال شخصه التى انفرد بها عن غيره ممن جاءوا قبله أو اللاحقون عليه .

    بنفس هذه المقايسة تقريبا كان " رامي " في شاعريته يبحث عن كيان انساني انسيابي يليق بحجم عواطفه و مشاعره الشبابية المتجددة طوال العمر فلم يجد أجدر من الحب و الأغنية و الموسيقة الظاهرية في النغم والباطنية في المعنى كيانا ليحافظ على جوهرته الثمينة من الزوال و هذا ما يفسر سر ارتباط سيدة الغناء العربي أم كلثوم باشعاره طوال فترة مشوارها الفني في عالم الأغنية الجميلة .

    ولست بصدد الكلام عن أعمال رامي التي تغنى بها المطربون و إنما الذي استوقفني هو هذه الشاعرية التى عايشها الشاعر و نماها بكل أمانة و إخلاص ليترك لنا كمّاً من القصائد العاطفية المغنّاة بأنغامها و صمتها لتأوي إلى مداركها الروح ، و ترسي القلوب فوق شطآنها و يستريح تحت ظلالها النبض .

    و " أغار من نسمة الجنوب " من هذه القصائد التي تلامس الوجدان و التي ظن الكثيرون أن رامي يتغزل في محبوبه و مدى عشقه و حبه له الذي ولّد بداخله غيرة لأبعد الحدود و إن كان هذا هو الظاهر فباطن الأمر مختلفا تماما فكما كان المتنبي يغلف شعره بالمدح كوعاء يحافظ فيه على بقاء روحه فعل " أحمد رامي " من خلال غنائياته الكثيرة أيضا فهو هاهنا كلٌّ من كلِّ في جسد و روح الطبيعة و جمالها فأخرج هذا الجمال الذي هو كلٌّ بداخله على صيغة التغزل في محبوبه و في محاسنه ليقول و يفصح بطريق بعيد عن المباشرة التي أحتاجها لغرضه الشعري في توصيل حكمة الحياة شاعر المهجر إيليا أبو ماضي إلى القارئ في قصيدته :


    أيها الشاكي و ما بك داء ... كيف تغدو إذا غدوت عليلا

    ولأن " رامي " يتعامل مع نفس فيها الجمال و لكنها اغفلته و تناسته فأراد أن يخاطب هذه النفس بعيدا عن المباشرة و أفعال الأمر و التي تتأفف منها النفوس البشرية على عادتها فأراد أن يتخلل داخل عمقها و يلامسها ملامسة النسيم للخدود وقت الفجر ليقول لها حكمة مرادها " ما أجمل الطبيعة الروحية المتجددة شبابا " ، كما أن " إيليا " كان يخاطب العقل فكانت حاجته إلى المباشرة و المنطق لا غنى عنها .

    و عن هذا الجمال الروحي الغض الساكن في مسام و عيون الشاعر بألوانه العاطفية في الزهور و في الطيور و في النهر و في الشمس و في القمر كل هذه الصور التي توالت تترا في القصيدة جاءت لتولد مشاعر الشباب و الحيوية في النص و منه تنتقل في نفس القارئ و لكي يضمن رامي بقاء و استمرارية هذا الشباب و هذه الحيوية كان عليه أن يجد شيئا يضمن له ذلك .

    و ما الشيء الذي يستطيع أن يحفظ هذا الشباب و هذه الحيوية دون أن يشيخ و يهرم فيموت فيُنْسى و من المؤكد أن لا شيء يستطيع فعل هذا الأمر إلا الحب في غلاف الأنغام و الموسيقة الظاهرية .
    فالحب هو الوحيد الشاب فوق الأرض و هو الوحيد الذي لا يموت على ظهرها فما أصابه كِبرٌ في زمان و مكان و قحط به المطر إلا ورحل سريعا إلى أرض غناء عذبة ماطرة ليبدأ عمرا شبابيا من جديد لذا أسكب " رامي " نظراته الشبابية الساكنة في روحه في وعاء الطبيعة من الشجر و الماء و الألوان و زخرفها بالموسيقة كشلال يترنم من أعلى ربوة ليجذب كل من يسمعها أو يقرأها على مر العصور و يضمن لها البقاء والحياة الخالدة .

    فالشاعر دائما ما يبحث عن الخلود فوق الأرض لذا يعمل على بقاء روحه داخل ثوب ملموس و مادي و هو ثوب القصيدة فإن مات الجسد و تحلل و تعفن ينتقل إلى هذا الجسد ليحيى فيه وبه بين الناس و بصورة أرقي من جلباب الطين فإن مات و تحلل هذا الثوب و اغفلته الناس و تجاهلت فهو بذلك ما عرف طريق الحفاظ على شاعريته و قليلون من يعيشون في ذاكرة الحب و القصيدة خالدين فوق الأرض ، فمن الذي خلد عنترة و قيس و كُثَيّر في تواريخ العشق إنها الشاعرية الحقة ، القصيدة المتجددة في ثياب الطبيعة والحب .


    أغَارُ من نَسْمةِ الجنوبِ ...على مُحَيّاكَ يا حبيبي
    وأحسدُ الشمسَ في ضحاها ... وأحسدُ الشمسَ في الغروبِ
    وأحسدُ الطيرَ حين يشدو ... على ذرى غصنهِ الرطيبِ
    فقد ترى فيها جمالاً ... يروقُ عينيكَ يا حبيبي


    أي شعر هنا أي معنىً ، أي رهف ، هذا ما دفعني إلى تسجيل قرائتي لهذه الشاعرية التي يمثلها رامي و هو ما قاله الناقدون عن هذه القصيدة ظلما لروح شاعرها .
    قالوا : أنها فطرية العرب التي تميزهم عن باقي الأمم أنها أمة غيورة على شرفها إلى أبعد ما يكون ، فمن أجله كانت تواري البنات التراب وهن أحياء ، فاختار الشاعر أرق شيء ليبدي مدى هذه الغيرة على المحبوبة كصفة عربية متآصلة في ذات و روح الشاعر كونه عربيا " .

    بالقطع لا يمت هذا النقد إلى روح الشاعر و شاعريته لا من قريب ولا من بعيد ولا يتعلق مطلقا بما أرادت أن تعبر عنه كوامن الشاعر الطبيعية حين استهلالت قصيدته بلفظة تعبر عن مده حبه لحبيبه و الذي يخاف معه " غيرة عليه " من أرق شيء في الوجود و هي النسمة بفتح النون " نَسْمةٌ " و ليس بكسرها " نِسْمةٌ " لما للخفض و الكسر من واقع ثقيل على الروح و لما للفتح من حرية الأنفاس التي تعانق الفضاء الطلق الرحيب و أما الكسر أو الخفض في عروض القصيدة فكان متوافقا جدا مع حالة التمني التي يرجوها الشاعر بأن يكونها لينال من المحبوب نسائم النظرات و ملامسة الأنهار وحرية الطيور .

    و الحقيقة أن الذين يذهبون إلى مثل هذه المذاهب في تناول شاعرية الشعراء و يسقطونها على الموروثات الدينية أو البيئية التي تربت و نشئت عليها رواحهم يخطئون إلى حد كبير ، لا شك أن المؤثرات الخارجية تعمل في روح الشعراء و تكوّن نسبة كبيرة من تجاربهم إلا أن كيان الشاعر حقيقة " من وجهة نظري الخاصة " هو كيان خاص بذاته و هو ما يميزه عن غيره فكلنا حولنا نفس هذه الموروثات ، فكل الناس ترى الحقل و الورد والانهار والاشجار و تحب و تعشق و ينتابهم مشاعر الغيرة و الفرح و الحزن والسعادة .

    و إذا ما سألنا أنفسنا ما الذي يدفع شخصا بعينه ليذهب مذهب التَّوحد و الإرتباط مع هذه الموروثات أين كان نوعها .؟ ، سندرك إنها الشاعرية تلك الموهبة التي وهباها الله لهذا المرء ، فهي كيان بذاته بداخله و هذا الكيان يتفاعل مع هذه المؤثرات ويشكلها و يصورها خاصة في الموضوعات التي تتعلق بالروح و المشاعر الإنسانية و إن كانت الطبيعة أهم هذه المؤثرات فهي بمثابة أم الشعراء ترضعهم و ترعاهم لتكبر و تنمو فيهم هذه الموهبة الربانية و من ثم تأتي بثمرتها .

    والواضح من جو القصيدة العام أن الشاعر ينهلُ من صور الطبيعة الملموسة ويحولها إلى دفقة لغوية محسوسة فأوجد له محبوبا يسقط عليه هذه الأحاسيس ليتغلغل داخل الآخر متشبعا بعواطف الحب ، فقوله " أغار " لم يكن بحال من الأحوال ليعبر به عن شعور يحسه تجاه المحبوب بالغيرة عليه من هذه النسمة الخفيفة الندية والتي تفيد و تنفع المحبوب ولا تضره بل هو نفسه يتمنى لمحبوبه و يمتدحه في ما هو آت من القصيدة بأنه حبيب حسّاس بما تحتويه الطبيعة من مناظر خلابة .

    و إنما استهل الشاعر قصيدته بفعل " أغار " لأمرين : عذوبة اللفظ و نداوته أولاً و الثاني ليبين مدى تعلقه بالطبيعة و رقة احاسيسه و مدى نقاهة روحه و صفائها و التي تحس بذرة خفيفة رقيقة ندية من ذرات النسيم و قت مرورها فوق وجنات الوجوه و أيضا من جماليات لفظة الفعل " أغار " أنه فعل متحرك داخل الروح يشي بالإنفعال الجميل و هو عكس الجمود و برودة الأعصاب و بلادة المشاعر ، فهو يتكلم عن مدى قوة مشاعره و ليونة احساسه بما هو كائن حوله لا قصدا منه عن غيرة على الحبيب .

    فـ "رامي " كشاعر غنائي أول من يعرف أن الحب يمتلكُ من الثقة ما يجعله هادئا مطمئنا فهو على كل حال " أي الحب " لم يكن يوما غيورا و الذين ينادون بالغيرة أنها حالة نفسية تدل على صحة المجتمع العاطفي و نباهة ضميره مخطئون مخطئون فغيرة الحب سواءً كانت في العرب أو أي أمة غيرها هي صفة غير محمودة و تنافي الحب و القائلون بأن العرب كانت تواري البنات غيرة و خوفا من العار و الفضيحة مزورون ، يعللون ضعف أنفسهم و المرض المتشعب في قلوبهم بالحب ليجدوا مخرجا يخلصمهم من وصف الأخرين لهم بالأوصاف البغيضة ، فالقرآن الكريم حين نهى فيه المولى سبحانه عن ارتكاب هذه الجريمة أوضح أن سببها حدوث و وقع الفقر في قوله تعالى بسورة الأنعام " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ " و خشية حدوث و وقع الفقر في قوله تعالى في سورة الإسراء " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم " و ما قاله " قيس " لزوج حبيبته " ليلى " عندما قبل الزواج منها و دخل عليها رغم علمه بما هو موجود بينهما من مشاعر و عواطف الحب يؤكد ان لا غيرة في الحب :



    بِرَبِّكَ هَل ضَمَمّتَ إِلَيكَ لَيلَى .. قُبَيلَ الصّبحِ أو قَبّلتَ فَاهَا



    فهو يستنكر على هذا الزوج أن تسمح له نفسه و تطيب روحه بأن يضم و يقبل إليه زوجة في قلبها حب لرجل غيره و كان الأولى أن يستنكر قيس على ليلى هذا الفعل أن تعطيه لرجل غيره لما بينهما من حب و عواطف ، و لكن لأن الحب روحا قبل أن يكون غريزة و جسدا فلام الزوج بأن يقبل بجسد دون روح ليقينه و ثقته بأن ليلى تحبه و ما زالت متعلقة به حتى بعد زواجها ، و أما ظرف الزمان " قبيل الصبح " فهو قمة الحب و انسيابيته و رومانسيته في قلب قيس لما يحلو النوم في هذا الوقت بالذت للعيون و القلوب معا فتنسى الحبيب و بهذا يحثه قيس على أن يلوم نفسه بقبوله هذا بأن ليلى لن تسهر معك إلى هذا الوقت المتأخر من الليل تسامرك كحبيب فقط ستعطيك حققك من الجسد أول الليل وبعدها ستأوي إلى عالم الأحلام حيث أنا و هي و الصبح و البيت قمة التحقير لزوج ليلى ولا غيرة فيه .

    فإذا ما كان في الحب غيرة تقتل البنات و تدحر المحبوب أو تقسو عليه فهذا دليل واضح وصريح على عدم اكتمال مواصفات هذا الحب كون الحب واثقا من نفسه و الغيرة نفسها تعني المشاعر المتحركة من فعل خارجي تعود لصالح المحبوب لا تعود عليه بمضرة و لو كانت نسمة خفيفة .

    و ما يؤكد كلامنا أن " رامي " لم يكن يتكلم عن مشاعر الغيرة هو : أن بيتا واحد يشير فيه إلى هذه الغيرة من حسود أو عزول أو عيون بشرية في جسد القصيدة لا نجده و إنما جاءت كل صور القصيدة تحاكي الحبيب على غرار ما يحسه الشاعر و ما يراه فهي كلها مبنية على حس الشاعر بالطبيعة حوله لا بروعة جمال المحبوب و إن كان أحيانا أفاد بمدى تعلق المحبوب بالطبيعية فهو اشارة منه لنفسه التواقة إلى هذه المناظر الحسنة التي تسحر العيون .

    و لربما دفعت رامي لأن يغفل في نصه جمال الهيكل البشري من وجه و تقاطيع و تقاسيم بني البشر التي خلقوا عليها تلك الصفة التي كان يراها في كل وقت و حين في وجهه " ضخامة الأنف " و التي كان لها مردود لم يكن يراه الكثيرون غير صفة دميمة تعيب الجمال الملموس فكأنها أراد أن يقول لهؤلاء الناس الذين يرى في أعينهم و يحس في أنفسهم حشرجة تجاه هذه الصفة التي خلق عليها و التي تؤثر على نظرة المحبوب إليه : لا تنظروا إلى وجهي و انظروا إلى روحي طبيعتي ، إلى مشاعري و أحاسيسي الجياشة كالطبيعة ، فصاغ هذه الجماليات المحسوسة فيه بصيغة التمني ليلفت حبيبه و الناس إلى خصال الروح لا خصال هياكل الطين و هذا ما نستشفه في قوله :


    يا ليتني منظرٌ بديعٌ ... تطيلُ لي نظرةَ الرقيبِ
    وليتني طائرٌ شجي ... أشدو بأنغامِ عندليبِ
    أظلُ أسقيكَ من غنائي ... سلافةَ الروحِ والقلوبِ
    وذاكَ أني أراكَ ترنو ... للشمسِ في بهيجةِ المغيبِ
    وتعشقُ الطيرَ حين تشدو ... على ذرى الغصنِ يا حبيبي


    فهو يلفت الحبيب إلى شبابه الطبيعي متمنيا ذاك المنظر البديع الذي نطليل إليه النظر استحسانا و تلذذا و كأن الشاعر يهمس : أنا من ينظر إلى روحي و شباب الطبيعة المزروعة بداخلي سوف يرى هذا المنظر الحسن الجميل .

  2. #2
    الصورة الرمزية كريمة سعيد أديبة
    تاريخ التسجيل : Nov 2009
    المشاركات : 1,435
    المواضيع : 34
    الردود : 1435
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    أخي الراقي نافع سلامة



    طرح قيم بالرغم من طابع العجلة والسرعة التي تجلت في بعض الأخطاء المطبعية ( نحوية وإملائية)

    وموضوع يحتاج لقراءة متأنية لترتيب الأفكار وتحديد مضامينها

    أما بالنسبة للشاعر أحمد رامي فبالفعل شدا بأشعار خالدة بريقها يزداد مع مرور السنين

    تقديري ومودتي

  3. #3

المواضيع المتشابهه

  1. شاعرية ومشاعر..
    بواسطة حيدرة الحاج في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 21-10-2016, 02:43 PM
  2. بلا حياءٍ .. بلا خوفٍ .. بلا ضمير
    بواسطة عدي أيمن أبو عيشة في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-04-2012, 05:42 PM
  3. مجرد""""كلمة"""""ترفع فيك أو تحطمك........!
    بواسطة أحمد محمد الفوال في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-05-2009, 12:27 PM
  4. شاعرية السرد وعبقرية الحوار لدى الأديبة القديرة الأستاذة صابرين الصباغ
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 13-03-2007, 10:34 PM
  5. النحات والرسام والمعمارى والشاعر ..مايكل انجلو عبقرية بلا حدود
    بواسطة اميمة الشافعي في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 15-12-2003, 07:31 PM