https://www.d1g.com/a9waat/show/3388385
طاولة ممتدة بإمتداد المساء , على شرف المحبة تقدم الفناجين , في حضرة المضيف صاحب الطيب
سمعته لا تشبه الذهب لكنها تلمع و لمعانها خالٍ من الزيف, قهوة بنكهة الشرف, ساخنة بسخونة الجمر,
ذات مساء تواطأ الذل مع الصمت , في مؤامرة حيكت ببراعة , كشف فيها الجُبنُ عن مخالبه ,
و ظهرت عناكب الشك التي أقامت في رأسه , مزقت أعصابه, و نسجت في رأسه الف فكرة للإنتقام , و راح يستعرضُ عضلات القسوة ,يرافقه مواء الحاقدين ,
مذهلة هذه اللحظات التي فيها ترفع الستار عن المكر و الخداع ,
أشعر برغبة جامحة في سحق رأس خبيثة تطل من نافذة العار على طاولة الشرف,
جنون مفاجئ اعتراني من ذلك الحقد الدفين , أين كان يختفي و من الذي أيقظه فجأة..؟!
كادوا يجهزون عليه بعنف الإنتقام...كاد يختنق من بريق نظراتهم الصفراء المثبتة نحو جلبابه ,
و هو يحاول الثبات على الموقف , في مثل هذه المواقف تعرف الرجال الرجال , و يا أسفي على أمة تخشى من الإنسان , ولا تخشى يوم الحساب,
انقضت ساعات الليل الطويل , بكى خلالها و أحسستُ بدموعه الصامتة تنحدر على وجنتيه ,
حين يتذكر حديثه المتخم "بالمحبة"
كان يرددها و كأنها حبات سبحة في يد قلبه ,
قال الشاعر :
قالوا تُحِبُّ العرب؟ قلت أحبهم.... حباً يكلفني دمي و شبابي
مهما لقيت من الأذى في حبهم.... أصبر له و المجد ملء أهدابي
من بعيد رأيت عينين قلقتين ترقبان و تبرمان بضيقهما نهاية الإحتراق ,
اختنق , حبسَ أنفاسه و حبس عليَّ أنفاسي ,استسلم لذراع تحكم قبضتها على عصا المهانة ,
تتلذذة بالأذى ,
في وقتٍ متأخرٍ من الليل انطفئ مصباحي و نظراتي تلتصق بالسقف تلتمسان لي النوم الأبدي,
إلى جانب الصمت الطويل الممتد أمامي بلا نهاية,
إن مجرد التفكير بهذا و النظر ببلاهة إلى هذه البشاعة الراقدة على صفحات الوجوه, منتهى القساوة,
غابت عنا ابتسامة كانت ترف على ثغورنا من الصباح حتى المساء ,
حين أخبره بأنه سيستبدله بعصا , و الحقيقة أنه لم يستبدله بأي شيئ سوى في قلبه,
تسرب اليه السكون فملأه عليه , بات تلك الليلة حين تلاشى شعوره بمن حوله و معه ,
حتى تسربل الثلج بخوائه إلى أعماق القلب ,
كان يستخرج الحروف من عمق الجرح و يلوكُها بصمت,
ثوانٍ رهيبة كانت تزحف بثقلها الآثم في النفوس , و بعضها تنتفض برعشة الموتى ,
و السؤال يحز رقبة الساعة ,
كيف يمكن أن يحدث هذا ..؟!
الغريب في الأمر أني لم أغضب , لعله قلبي أو لعلي تعودت مذاق الخيانة و طعم المرارة,
للفناجين يا سادة شموخٌ و كبرياء ,
قال علي رضي الله عنه : أول ما تغلبون عليه من الجهاد ، الجهاد بأيديكم ،
ثم الجهاد بألسنتكم ،
ثم الجهاد بقلوبكم ، فإذا لم يعرف القلب المعروف ولم ينكر المنكر ،
نُكِّس ، فجعل أعلاه أسفله .
للغالي تحية شرف,,,
27\05\2010