السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
عدتُ شاعرتنا الفاضلة كما وعدتُ لنستكشف ما بالنص من در مكنون ، و نفتح مجالاً لنقاش أدبي ، أتمنى من الله أنه يحقق المنفعة و يسمو به فكرنا الأدبى و البلاغى . بالطبع أى نقاش يحمل وجهة نظر كل طرف التى تقوم على التذوق الشخصى للنص الشعرى ، و وجهة النظر تلك لا تنقص أبدًا من قيمة العمل الأدبية و الفكرية .
..
موت طبيعى .. بداية من العنوان نستطيع أن نشعر بما يوحيه بخيبة الأمل و الحسرة ، و ذلك ما أرادته الشاعرة لتهيئنا لاستقبال النص ، و أراها وفقت كثيرًا فى إختيار العنوان لصلته الشديدة بالفكرة التى تناولتها الشاعرة فى الأبيات. و مع أول أبيات القصيدة التى بدأتها الشاعرة باستفهام يثير فكر القارىء و يدفعه إلى متابعة القصيدة للوصول إلى مغزى السؤال الذى بدأت به قصيدتها ، و بالولوج إلى الأبيات التالية فى القصيدة تبدأ الإجابة عن السؤال تتضح شيئًا فشيئًا ؛ حيث توجه الشاعرة عتابًا إلى من تركها ، و تبين له قبح فعله و خيانته ، مستخدمة فى ذلك التعبيرات الموحية ( لما مديت من عنادك مشنقة حوالين وريدى // لما تلعب بالمشاعر .... كذب يقتل // لما قطعت بظنونك .. )
و ببراعة أظهرت لنا الشاعرة أول خيط نستطيع من خلاله معايشة أجواء القصيدة ، و الإحساس بما تشعر به الشاعرة من خلال أبياتها السابقة فى إجمالٍ محاط بألفاظ مناسبة للتعبير عن حالة القصيدة . من ثَمَّ يأتى التفصيل بعد إجمال لتبين لنا سبب خيانته و تركه لها ( أو للى تاخده نزوه من حضنى اللى ضمه .. ) ، و هنا تتضح قدرة الشاعرة على جذب إنتباه القارىء حتى آخر حرفٍ فى القصيدة ، حيث تبدأ فى إيضاح تفاصيل الحكاية أكثر .
كلى حيرة وجوه منى علامة استفهام كبيرة
كل شىء فيا قاللى ....... ابعدى
راح تموتى من مروغاته الكتيرة
راح تموتى شوق وغيرة
لو تموتى ف بعده أحسن
ع الأقل موت طبيعى ..... واستريح
هنا تصف الشاعرة حالها ، فهى تقع بين أمرين متناقضين ؛ بين حبها المخلص له و بين كبريائها التى تحتم عليها عدم الوثوق فيه مرة أخرى ، و كيف تثق فيمن هو كثير المراوغة . و كم كانت الشاعرة هنا فى استخدام الألفاظ المناسبة و المعبرة عن شخصيتها و شخصيته.
يبقى هابعد
قبل ماتململ وتقفل
أو حصانى منى يجمح
كنت عايزة بس اسأل
هل ............
يتضح لنا فى أبيات الأخيرة للقصيدة ، قرار الشاعرة الذى لا مفر منه ؛ ألا و هو الفـراق ، معلنةً بذلك أن لحواء كبرياءُها الذى المحافظة عليه أهم من الحب ، و التخلى عنه أَمَرُّ من الفراق . ختمت الشاعرة قصيدتها بالتساؤل الذى بدأت به لتنهى بذلك الحكاية بأكملها فى تكثيف بليغ تنعكس آثاره على نفس القارىء حين يتعايش مع جو القصيدة حد الاندماج .
...
...
من ناحية أخرى :-
صهوة الحب الملالى بين ضلوعى : الحقيقة اختلفتُ هنا على معنى كلمة ( صهوة ) . فهى كلفظة تحمل أكثر من معنى ، و أرى أن جميعهم لا يؤدون المعنى المراد من البيت .
الطفولة ف نن قلبه فيه بتفضح : جاءت كلمة ( فيه ) هنا لإتمام الوزن من أجل الحفاظ على موسيقى البيت ، و لكنها فى المقابل أخلَّت بالشكل اللغوى للبيت ، كمثل من يقول ( أنا صليت فى المسجد داخله ) فكما نرى أن كلمة ( داخله ) هنا لم تضف شيئًا جديدًا للمعنى المراد من الجملة .
كل شىء فيا قاللى .... ابعدى : بالطبع هنا ، اختلت الموسيقى ، و قَدَّم استاذنا الطنطاوى إقتراحًا لتعديل موسيقى البيت ، و لكن أشعرُ أيضًا إن الوزن لم ينضبط بعد . أتمنى أن تراجعى ذلك البيت و تصححيه حسب ذائقتك.
أو حصانى منى يجمح : أرى إن استخدام كلمة ( يجمح ) غير مناسبة لجو القصيدة ، فعندما نقول ( فَرَسٌ جَمُوحٌ ) أى فرس سريع و هو يدل على نشاط الفرس و قوته.
و أخيرًا فى نهاية القصيدة ؛ وددتُ لو أتممتى كتابة السؤال كما بداية النص . لأن القارىء بطبيعة الحال سيكمله عند قراءة الأبيات الأخيرة لأنه متعلق بذهنه من بداية القصيدة.
*******
فى النهاية أقولُ ؛ استمتعت جدًا بالقراءة لشاعرة حقيقية ، تمتلك موهبة جميلة و تكتب بإحساسها، فكما يقولون ( أولا الشعور و من ثَمَّ يأتى الشعر ) . أتمنى لكِ التوفيق
تحياتى
و
إلى لقاء