مشهد 1
تنعقد قمة العرب الكبار الطارئة ، و يحضرها الخليجي والمشرقي و المغاربي . هم يعرفون جيدا أن الكاميرات اختبار لما حفظوه سابقا ، ولذا يأخذ كل واحد منهم في الشجب و الإدانة و الاستنكار . تطفأ الكاميرات ، فيبدؤون فورا الإجراءات الفعلية لما اتفقوا عليه ، وذلك بسؤال بعضهم البعض : هل بدا دوري مقنعا ؟
مشهد 2
كان يزور هذه المدينة لأول مرة ، وتصادف أن كانت شوارعها تضج بمظاهرات الطلبة والتلاميذ ضد العدوان على غزة ... و لذا قرر أخذ صورة تذكارية لهم .
مشهد 3
جلس ليشاهد التلفاز ،فصار يتنقل بين القنوات التي تعرض الجرح الفلسطيني للفرجة على أنظار العالم . فجأة سأله ابنه ذو السنوات الست :
- أبي...لماذا يموت الناس هناك ؟
- لأنهم يطالبون بالحرية .
- إذن فنحن أحرار ، ولهذا نحن أحياء ؟
شعر بطلقة في صدره . غير القناة الإخبارية إلى قناة سبيس – تون .
مشهد 4
أخذ يصحح أجوبة التلاميذ عن الامتحان ، ذاك الذي كان موضوعه تعريفا مختصرا للتاريخ . قرأ في إحدى الورقات : التاريخ هو أكثر المواد التي تدرس سخافة و زيفا و حمقا .
في الصباح سأل صاحب الورقة :
- لماذا ؟
- عندما أفقد البارحة أبي بطلقة رصاص من بندقية تخرس فيه صوت تعلقه بالأرض ، ثم آتي اليوم كي تدرسني – حضرتك – درسا حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ألا أكون محقا في إجابتي ؟
هو يدرك جيدا أنه لا يستطيع طرده أو إبطال رأيه ، لكنه استطاع اتخاذ قراره أخيرا بالاستقالة .
مشهد 5
وقفا وجها لوجه . أحدهما يحمل رشاشا والآخر يحمل حجرا . الأول يرتدي لباسا عسكريا كاملا ، و الثاني يلف كوفية على رأسه .
- ألق الحجر من يدك .
- عندما تلقي الرشاش سأفعل .
لم يحتمل هذا الكم من الكبرياء في التفاوض عن خسارة واضحة . قال :
- سأقتلك .
- ربما ، لكنك لن تقتل الحجر .
- انطلقت الرصاصة . تأمل الكوفية والحجر المصبوغين بالدم...ومضى . عند نهاية الشارع برز عشرة أشخاص مقنعين بكوفيات وفي أيديهم حجر . أدرك أن الموتى هم دوما على حق ، و لذا صوب فوهة رشاشه إلى صدغه... و أطلق .
مشهد 6
ترتدي فستانها الأجمل ثم تخرج لتختبر وقع أنوثتها عليه . تجده ما يزال ممسكا بآلة التحكم أمام التلفاز منذهلا مما يرى . تسأله :
- ما رأيك بي ؟
يستعيد شيئا من رشده . يحملق بها في شرود كأنه لا يراها ثم يقول :
- ... شهيد و .... جريح بغزة . إنها كارثة .
ترد بسرعة وهي تدور دورة كاملة أمامه :
أجل...طبعا . و لكنك لم تخبرني بعد : ما رأيك بي ؟
مشهد 7
في الثالثة والعشرين يبدوا دور الأرملة أكبر من سنها . تفقد أبناءها الأربعة في قصف للمدرسة ، فتخرج لمواجهة الدبابة رميا بالحجارة محاولة جاهدة ألا يفلت رضيعها المشدود بإزار من على ظهرها و ألا يصاب . تخترق طلقة صدرها ، فيسارع أول ملثم واقف إلى جانبها باختطاف الرضيع . ستموت بلا شك ، لكن على الرضيع أن يبقى ليتعلم وضع الكوفية و مواجهة المدرعات بالحجر .
مشهد 8
في خطبة الجمعة يصعد إلى المنبر واعظا و مرشدا و ناصحا . يأخذه الانفعال و هو يدعو الحاضرين إلى الجهاد ردا على ما يحدث لإخوانهم المسلمين هنا و هناك من تقتيل و تشريد من طرف اليهود ،على مرأى و مسمع من سادتنا و حكامنا العرب . عند صلاة العصر يؤم الناس وجه جديد لا أحد يدري من أين أتى . يستمر الحصار أسبوعا آخر، و في خطبة الجمعة الموالية يصعد الوجه الجديد إلى المنبر واعظا و مرشدا و ناصحا، ليدعو الحاضرين إلى وجوب طاعة ولي الأمر ، بعد درس حول فرائض الوضوء .
مشهد 9
هو ضيف الشرف في الأمسية الشعرية المقامة حول موضوع : الهوية والوطن . يلقي قصيدة عنوانها : أرضي ليست لك . تسيل أحداق الطلبة دمعا تأثرا بما جاء فيها ، فيقومون تصفيقا هاتفين : الله أكبر... وليسقط الخونة . يغادر دون أن يصل إلى منزله . بعد خمس سنوات يعرض على المحكمة ، و التهمة : إرهاب .
مشهد 10
تسعة إخوة تحت الأنقاض ، خمسة ماتوا و الأربعة أحياء . كل واحد يذكر الآخر : لا تنس النطق بالشهادة .
حسبنا الله و نعم الوكيل