..
سئمتُ القصرَ والوالي
.
قرأتُ مباهجَ التاريخِ
في صُحـُـفٍ منَ الأنوار
عنْ مجدٍ وعنْ نصرٍ
وأغنيةٍ وموّالِ
قرأتُ عنِ اخضرارِ العدلِ,
بينَ النـّـاسِ , يصنعُ ألفَ معجزةٍ
وتحتَ الحدِّ لا فرقٌ يمـّـيزهمْ
فكلِّ الناسِ في الأمصارِ
قدْ كانوا سواسيةً
فلا أمَـةٌ وسيـّـدةٌ
ولا شهبندرُ التـّجّـارِ
أوْ عبدٌ بلا مالِ
فأينكَ أيـّـها القاضي ..؟
منَ ( الآنِ ) الذي قدْ تاقَ للماضي
لأيامٍ أخذتَ الخبزَ فيها
منْ بني الأمراءِ للمسكينِ تفرحُـهُ
أتذكُـرُ إذْ جعلتَ الحقَّ سلطانًا على السّـلطانِ ,
تذكــُرُها ..؟ أمْ انـّـكَ يا
ترى سالٍ
أجبني أيـّها القاضي الذي امتلأتْ
خزائنُ بيتهِ خوفًا وأمتعةً وأرصدةً
وبعتَ مواجعَ الفقراءِ أشلاءً
لينمو رأسُ مالِ الحيـّـةِ الكبرى
ليزهوَ قصرُها العالي
تغيـّرَ طبعُـها الأيامُ
تلكَ طبيعةُ الدّنيا
وسنـّـةُ كونِنا المجنونِ
لا تبقى على حالٍ
فهلْ تاهتْ خطى عـُمـَـرٍ
أمِ الطـُّرقاتُ قدْ تاهتْ عنِ الأقدامِ
أمْ ماذا ..؟
ومنْ أبكى عيونَ الشـَّمسِ فانطفأتْ ..؟
منِ المسؤولُ عنْ إفلاسِ بيتِ المالِ ..؟
عنْ تجفيفِ وادِ النّـيلِ , ماعادتْ جداولهُ
تمدُّ الغيمَ بالأمطارِ ..!
أمستْ بعدها الازهارُ أحجارًا
بلا قلبٍ على أطلالِ صلصالٍ
أجبني أيـّها القاضي
ومنْ أعطى مفاتيحَ المدائنِ , بالتواطئ
معْ ظلامِ الليلِ , للحجـّاجِ
كيْ يغشى بلادَ الحبِّ هولاكو ,
وكيْ تبقى جحيمًا في إطارِ الشّرعِ
والقانونِ في مقصورةِ
الوالي
لقدْ حانتْ صلاةُ الفجرِ
لا يكفي اغتسالٌ في جنابةِ غاصبٍ للحقِّ
لا تكفي سيولُ الأرضِ كيْ تمحو
خطايا منْ علا في الأرضِ فرعونًا
ولا غفرانَ ينفعُ أيـّـما جرذٍ تآمرَ
دونما خجلٍ معَ الشّيطانِ كي يلهو بخيلاءٍ
على جثمانِ رئبالِ
سئمتكَ أيـّـها القاضي
سئمتُ الحكمَ والأحكامَ
والدّستورَ ذلكَ صاحبَ الوجهينِ,
تاللهِ سئمتُ الظـّـلمَ والظـّلامَ
والأسيادَ والقوّادَ والأوغادَ
والقيدَ الذي لا يعرفُ الامراءَ
ملعونٌ أبو الامراءِ إنْ سلبوا
منَ الاحداقِ آمالي
سئمتُ العدلَ مهترئًا ومقهورًا
بلا حولٍ
سئمتُ الفقرَ والاكواخَ تسقطُ فوقَ ساكنها
سئمتكَ أيـّها القاضي
سئمتُ القصرَ والأمراءَ
والسّـلطانَ والوالي
.
بقلم : رفعت زيتون
13 \ 6 \ 2010