هناك كلمات تُكتبُ على خلاف لفظها؛ ومخالفةُ الرسمِ واللفظ إما أن تكون بحذف حرفٍ حَقهُ أن يُكتب تبعاَ للفظه، وإما أَن تكون بزيادة حرف يكتبُ ولا يُلفظ وكان من حقه أن لا يكتب، وإما أن تكون برسمِ حرفٍ يُكتب على خلاف لفظه وكان من حقه أن يُرسم على لفظه.
(1) ما يلفظ ولا يكتب
فأما ما يُلفظُ ولا يُكتب فذلكَ في كلماتٍ نَسرُدُ عليك أكثرها استعمالا:
(1) تُكتب (الذين) بلامٍ واحدة، وتلفظ بلامينِ؛ لأنها مشدَّدة.
(2) ما كان مبدوءًا بلام كلبنٍ ولحمٍ، ثم دخلت عليه (ألْ) كاللبنِ واللحمِ، ثم دخلت عليه لامٌ- فحينئذٍ تجتمعُ ثلاث لامات.
فإذا اجتمعنَ فلا يُكتَبْنَ كلهنَّ، بل يُكتفى بلامين فقط، مثلُ "للَّبن منافعُ كثيرة، ولِلحمِ فوائدُ ومَضارُّ، واللَّبن أنفعُ من اللحم).
وهكذا إذا اجتمعت ثلاثُ لاماتٍ في كلمة اكتفيتَ باثنتين، فتقولُ في (اللَّذانِ واللَّتان واللاّتي واللاّئي واللَّواتي)، إذا دخلت عليهنَّ اللام "أَحسنتُ لِلذَين اجتهدا، وللتين اجتهدتا" إلخ.

(3) تُحذفُ الألف في كلماتٍ هذه أشهرها:
1- الله.
2- الرحمن، مُعَرَّفًا بالألف واللام. وقَيَّدَ بعضهم الحذف في حال العلمية، وأثبتها في غيرها وقيده بعضهم في البسملة، وأثبتها فيما عداها.
3- إله نكرةً ومعرفةً، مثلُ (إنما إلهكم إلهٌ واحد - أَجَعلَ الآلهة إلها واحدًا). وإما إلاهة والإلاهة فتثبت أَلفهما، كما رأيت. وقُرِئَ في الشذوذ "ويذرك وإلاهتك"، وفي غير الشذوذ "(والهتك)، وبالجمع.
4- الحرث علمًا مقترنًا بأل، ومنهم من يكتبه "الحارث" بإثبات الألف.
5- لكن.
6- لكنَّ.
7- سموات، جمع سماء. ومنهم من يكتبها في غير القرآن الكريم "سماوات". بالألف.
8- يا حرف النداءِ قبلَ "أَيها" مثلُ "يأيها الذينَ آمنوا"، وقبلَ "أَهلٍ"، مثلُ "يأهلَ الكتابِ"، وقبلَ كلِّ عَلَمٍ مبدوءٍ بهمزةٍ، مثلُ "يإبراهيم". ويجوز في غير القرآن الكريم إثباتُ ألف (يا)، وهو المشهور بين الكتاب مثلُ يا أيها، يا أهل، يا إبراهيم".
9- منهم من يحذف الألف من كل علم مشتهر كإسحق وإبرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن وغيرها، والأفضل إثباتها في غير القرآن الكريم.
10- منهم من يحذفها في الجمع السالم مذكرًا ومؤَنثًا كالصلحين والقنتين والصلحت والقنتت والحفظت تبعًا لحذفها في المصحف الأمِّ، والأفضل إثباتها كالصالحين والقانتات والحافظات؛ لأن خطَّ المصحف لا يقاس عليه.
(4) تُحذفُ ألفُ (ها) التَّنبيهيّةِ إذا دخلت على اسم الإشارة مثل "هذا وهذه وهؤلاء".
(5) تُحذف ألفُ (ذا) الإشاريَّة إذا لحقتها اللامُ، مثلُ "ذلك وذلكما وذلكم وذلكنَّ"، ومنهم من يثبتها في غير (ذلك).
(6) كلُّ حرفٍ يُدغمُ في حرفٍ مثلهِ أو مخرجه يُحذفُ خطًّا ويُعَوضُ عنه بتشديد الحرف الذى أدغمَ فيه مثلُ "شدَّ، والنساءُ أَمِنَّ واستعنَّ، ونحنُ أمِنَّا واستعنَّا، وآمنّي، ولم يُمكنِّي، ومِمَّنِ وعَمَّن، وإلَّا تجتهدْ تندمُ، وإمَّا تجتهد تنجحْ، وأُحبُّ ألاّ تكسلَ ونِعمّا تفعلُ"، ونحو ذلك.
ومنهم من يُثبتُ نون "أن"، إذا جاءَ بعدها "لا" أحبُّ أن لا تكسلَ".
(2) ما يكتب ولا يلفظ
وأما ما يُكتبُ ولا يُلفظ من الحروف، فهو في ألفاظ:
(1) زادوا الواو في عمروٍ في حالتيْ رفعهِ وجرّه، مثلُ "جاءَ عَمْرٌو، ومررت بعمرٍو"، وحذفوها في حالة النصب، مثلُ "رأيتُ عَمْرًا". قالوا: وذلك للتفرقة بينه وبينَ "عُمَر"، وإنما حُذفت منه في حالة النصب؛ لأنه لا يشتبهُ بعُمَر في هذه الحالة؛ لأن "عُمَر" لا يُنَوَّن لمنعه من الصرف.
(2) زادوا ألفًا غير ملفوظة في "مائةٍ" مفردةً ومُثناةً ومُرَكبةٍ معَ الآحاد، فكتبوها هكذا "مِائَةُ ومِائتان وثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة" الخ. ومن الفضلاء من يكتبها بياء بلا ألف، هكذا "مئة". ومنهم من يكتبها بألف بلا ياء هكذا "مأة". ووجه القياس أَن تكتب بياءُ بلا ألف وهذا ما نميل إليه.
وإنما كانوا يكتبوها بزيادة الألف يوم لم تكن الحروف تنقط كيلا تشتبه بكلمة (منه)، المركبة من "من" الجارة وهاء الضمير، كما قالوا. قال أبو حيان: "وكثيرًا ما أَكتب أَنا (مئة) بلا أَلف مثل كتابة "فئة"؛ لأن زيادة الألف خارجة عن الأقيسة فالذي أختاره كتابتها بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة أو بالياء دون الألف على تسهيلها).

وزادوا أَلفًا بعدَ واوِ الضمير، مثلُ كتبوا، ولم يكتبوا وكتبوا".

(3) زادوا الواو في "أولات"، كقوله تعالى {وأولاتُ الأحمال أجلُهُنَّ أَن يضعْنَ حَمْلهُنَّ}، وزادوها في أولو وأولي "بمعنى أَصحاب"، كقوله تعالى: {وأولو العلم - يا أولي الألباب - لأُولي الألباب}. وزادوها في أولاءِ وأولي الإشاريَّتين، كقوله سبحانه: {أولئك على هُدًى من ربهم}. وأما "الألى" الموصولية "بمعنى الذينَ"، فلم يزيدوا فيها الواو.