تمر على الإنسان بعض من ذكرياته الخوالي فما يملك غير أن يصغي لها معرّضا أحاسيسه لنوع من سياط الحنين لتلك الأيام وتلك الذكريات ، ولكن عندما ينظر لواقعه لا يلبث أن يرضى بتلك الذكريات رفيقا حتى و إن أزعجته ببعث شجون الماضي و جمال لحظاته:
|
دعني لرهن طبائعي وتعوّدي |
دعني بعالم غربتي المتجرّد |
دعــني و آثاري و نظمَ خواطري |
نحـسو بقـايا يومنا المتمرّدِ |
يا ذكريات الأمس هل من أوبةٍ |
أم أنّ أمسي لا يمتّ إلى غدي |
أتْعَبْتِنِي لو تعلمين فهوّني |
لا ترهقي أركان قلب مجهد |
حسبي تعاليلُ الجوى وخواطرٌ |
تَسْتَلُّ نومي من ثنايا مرقدي |
القوم ثملى من سلافةِ كأسهم |
وأنا ثملتُ بكأسكِ المتوقّدِ |
الليل ليل النائمين وليلنا |
كنهارنا لا فرق غير الأسْوَدِ |
ماذا أردتِ و قد سلبت نضَارتي |
و فعلت فعل القاتل المتعمّدِ |
ووقفتِ منّي موقفا متجهما |
لم تذعني لتجمّلي وتجلّدي |
أجْلِبْ بأُنسكَ أو ببؤسكَ أيها |
ترجو خلاصاً منه لا تتردّدِ |
فوقفْتُ موقف حائر متبلّدٍ |
كيف الخلاص وقد سلبتِ قوى يدي |
و علمتُ علماً لا غضاضةَ دونهُ |
ماذا دعاكِ لتَبْطِشِي و لتعْتدي |
أغراك قلبٌ شيّقٌ و مشاعرٌ |
تهفو لكلّ مزمّرٍ و مغرّدِ |
لا حول لي غير الرّضا فطبائعي |
ترضى به ورْداً و نِعْمَ الموردِ |
نفسي تَعَوّدَتِ الرّضا فألفته |
مالي سوى-ياذكرياتُ- تَعَوُّدِي |
هذا هوايَ فإن رضيتِ فمرحباً |
و لئن سخطتِ فمن هوايَ تجرّدي |
|
|