من "فضل إعراب القرآن الكريم في السنة النبوية" د/ أحمد بن عبد الله الباتلي.
***
الإعراب لغة مشتق من عَرَبَ, قال ابن فارس: "العين والراء والباء أصول ثلاثة:
أحدها: الإبانة والإفصاح.
والآخر: النشاط, وطيب النفس.
والثالث: فساد في جسم أو عضو".
قلت: وما يتعلق بموضوع البحث هو المعنى الأول.
من قولهم: أعرب الرجلُ عن نفسه إذا بيَّنَ وأوضح.
قال الجوهري: أعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب, وأعرب بُحجته أي أفصح بها.
فالخلاصة أن الإعراب لغة: الإظهار والإبانة.
أما الإعراب اصطلاحًا عند النحاة فعرفوه "بأنه تغيير أواخر الكَلِمِ لاختلاف العوامل الداخلة عليه لفظًا أو تقديرًا".
القرآن لغة مصدر قرأ يقرأ بمعنى جمع وتلا ما حفظه أو كتبه من الآيات. واصطلاحًا: "هو كلام الله المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بلسان عربي مبين, والمكتوب بين دفتي المصحف, والمنقول إلينا بالتواتر".
أما إعراب القرآن فهو: ضبط ألفاظه ضبطًا صحيحًا تتم به صحة التلاوة وإتقان النطق وفق قواعد العربية.
واجتهدت في صياغة هذا التعريف؛ لعدم وقوفي على تعريف اصطلاحي لإعراب القرآن مركبًا، فرأيت الجمع بين تعريف الإعراب لغة واصطلاحًا وربطه بالقرآن الكريم.
نقل الإمام البيهقي عن الحليمي قوله: "ومعنى إعراب القرآن شيئان:
أحدهما: أن يحافظ على الحركات التي بها يتميز لسان العرب على لسان العجم؛ لأن أكثر كلام العجم مبنيٌ على السكون وصلًا وقطعًا, ولا يتميز الفاعل من المفعول, والماضي من المستقبل باختلاف المقاطع.
والآخر: أن يحافظ على أعيان الحركات, ولا يُبدل شيئًا منه؛ لأن ذلك ربما أوقع اللحن, أو غيّر المعنى."
ثمرة إعراب القرآن الكريم: صيانة القرآن عن اللحن، وتلاوته تلاوةً صحيحةً كما أُنزل بلسان عربي مُبين؛ فتظهر روعة بيانه, وفصاحة ألفاظه ويتجلى إعجازه البياني. قال تعالى: "إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون" سورة يوسف الآية 2.
وذلك يعين على معرفة معانيه, واستنباط مراميه.
وللتوسع في ذلك يراجع ما ذكره الإمام السيوطي رحمه الله في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" باب في إعراب القرآن.