..
..
.
الساعات الأولى لصباح بارد ..
الشمس .. تكاد تسترق الدخول من الستائر المتهالكة ..
البرد .. يفرض السكون على كل شيء ...
الأشياء .. مبعثرة تعمها الفوضى شأنها شأن كل صباح ..
صوت القطارات يشق السكون ..
تلك القاطرات تعج بالكثير من الآمال و الأحلام الراحلة إلى محطات أخرى ..
أنتشل نفسي من بقايا أحلامي و أهم بكوب قهوة يدخل الدفء إلى حيث أفتقده ..
السكر .. في طريقه إلى النفاد ..
القهوة .. إختارت أن تنهي صلاحيتها مبكرا قبل الولوج إلى مصير مجهول النهاية ..
كل العلب تبدو فارغة إلا من كل شيء ..
في لحظة غضب .. ألقي بكوبي الفارغ من النافذة .. ملقيا معه بأحلام كانت لتكون أجمل ...
أيها الصباح رفقا بي فنهار طويل بإنتظاري ..
..
.
.
تشرق الشمس ضاحكة على الكثير من الوجوه ..
لكنها تكون عابسة على وجهي العابس أصلا ..
حاولت مرارا التخلص من هذا العبوس الملحق بي ..
لكنه هو الآخر يطاردني في كل الزوايا و يتمثل لي في كل شيء ..
أسرع الخطى في محاولة يائسة لللحاق بالقطار القادم .. بحثا لأحلامي عن محطة أخرى و إلى حيث سافر أولئك بأحلامهم ..
تشق العربات طريقها بين مختلف التضاريس ..
و لوقع أصوات العجلات في أذناي موسيقى ملهمة ..
أتأمل في وجوه المسافرين واحدا واحدا ..
الصمت يطغى على الجميع ...
يا لقدري أن يكون أصاب ركاب هذه المقطورة البكم هذا الصباح ..
و كل التضاريس خارج القطار تلتحف السواد و كأنها في مأتم ..
أشق طريقي بين المقاعد بحثا عن مقعد شاغر آخر ..
فلربما كان السر في المقاعد نفسها لا في الجالسين عليها ..
لا يبدو الحال مختلفا هنا في الأمام ..
فالوجوم يعم الجميع ..
أرقب الساعة بضجر و أنا في إنتظار المحطة القادمة ..
علها تكون نهاية لهذا الكابوس الصباحي الذي لا تنقصني رؤيته ..
يتوقف القطار أخيرا ..
انتزع نفسي من بين أحضان ذلك المقعد المعمر ..
لألقي بنفسي خارج مقطورة البكماء بدون أدنى وداع ..
و لسان حالي يقول ..
تبا لكم يا بكماء ..
تبا لكم يا بكماء ..
..
.
الفصل الأخير ..
تعود بي الذاكرة مرة أخرى إلى بداية صباحي البائس ..
إلى القهوة الخالية من القهوة و السكر ..
و إلى صوت القطار يشق السكون ليجد في داخلي صدى مماثل له ..
يسافر بي و بأحلامى شتى المحطات ..
و يعود بي إلى حيث كنت ...
و لكن بدون أحلام ..
..
.
النهاية.