الفيديو كليب ..
عبدالغني خلف الله
ليس اسوأ من رؤية فنان أو فنانة تتغني بكلام جميل ولحن شجي ومن خلفها أو من خلفه شرذمة من البنات والأولاد يقومون بحركات أشبه بحركات ( الزار ) ..وقد تكون الأغنية ذات رؤي وأفكار جديدة ومضامين هادفة لكن لا رابط بينها وبين المعاني والمضامين ولا حتي أجواء النغم الطروب فتجبرك علي التحول وبسرعة شديدة من القناة التي تبثها ..أما الإهداءات والعبارات التي تكتب في شريط متحرك أسفل الصورة ( الشات) فإنها تعطينا صورة واضحة عن المدي الذي وصل إليه بعض شبابنا العربي من التسطيح والضحالة ..وربما يقول قائل أن تلك الرقصات عبارة عن رقص تعبيري لتجسيد مفاهيم القصيدة المغناة ..وقد رأينا وتفرجنا علي الرقصات التعبيرية بكل فنونها لا سيما فن ( الباليه ) ..فلم نشاهد ولم نر القليل من الميوعة التي لا تشبهنا كعرب ومسلمين ..فمن اين جاء فن ( الفيديو كلب ) هذا ليطيح بعروش حهابذة الغناء العربي علي أيام أم كلثوم ووردة الجزائرية ونجاة الصغيرة إلي عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ..وفي مسرحنا القومي ..عثمان حسين ووردي وابراهيم عوض وسيد خليفة وبقية العقد الفريد ..حفلات في الربيع وحفلات في أمسيات الصيف ..وحفلات داخل الصالات المغلقة المفعمة بالدفء والهتاف والتصفيق ..الشاهد أننا بدأنا نتلقف فن ( الفيديو كليب ) ..من الغرب بعد أن تخلي كبار المطربين الغربيين من أمثال ( ستيف وندر ..وباري وايت ..) وغيرهم عن الغناء لتطلع علينا مجموعة من المغنيين حرصوا علي الرقصات الخليعة والعري أمثال ( مادونا ومايكل جاكسون ) وغيرهم ..أغنيات هابطة وبمصاحبة آلة واحدة كبديل للغناء الجاد بمصاحبة أوركسترا تضم العشرات من الموسيقيين الرائعين ..تصعد وتهبط في تناغم وانسجام والأصابع الذهبية تسفح أجمل المشاعر وهي تداعب الأوتار بكل العنفوان علي مقربة من الجميع ( مايسترو ) مسكون بالنغم يتمزق ويعطي أجمل ما عنده من مواهب ..وحتي الجمهور الغارق في ثنايا شلال من الموسيقي يطرب حتي النخاع ويطلب المزيد ..فهل كان إندياح ( الفيديو كليب ) بصورته الراهنة وهيمنته علي القنوات الفضائية باستثناء القلة القليلة التي تحترم نفسها ومشاهديها ..هل كان كل ذلك صدفة ؟ أم أن الموضوع يأتي عبر برنامج معد سلفاً بعناية فائقة ومنهج مدروس وبأهداف محدده أشرفت وتشرف عليه عقول خبيرة بعلوم الاتصال والعلاقات العامة أجادت وتعلمت وسائل وخبايا التغيير والتأثير علي عقول الشباب العربي المسلم وشباب العالم الثالث ..لصرف الأول عن مثله وتقاليده وتعاليم ديننا الحنيف والثاني لصرفه عن العلم والمعرفة وأنماط البناء الوطني والإعتداد بالنفس والبلد والتاريخ ..أخذت تلكم العقول المتآمرة وتأخذ وقتها وهي ليست في عجلة من أمرها ..وقد يلخص البعض القضية برمتها في عبارة ( الاستلاب الثقافي ) ..لكنني أضعها في خانة التخريب الكامل للموروثات والمسلمات الفكرية والحياتية لنا كعرب وأفارقة ومسلمين ..فيا أيها الشباب الناهض .. يا نصف الحاضر وكل المستقبل خذوا حذركم مما يدبر ويحاك لكم لتصبحوا مسخاً بشرياً مشوهاً بدون هوية ولا عنوان تعيشون علي هامش هذه الحياة كقطيع من الحيوانات وعلي ذكر الأغاني المصورة لي رجاء لدي تلك القناة المتميزة بأن تسحب من ديباجتها ذلك المشهد الذي يصور فتًى وفتاة يقفزان عالياً ثم يلتحمان بجسديهما في لقطة خاطفة لأنه باعتقادي يخدش الحياء العام .. وبالله التوفيق .