أحدث المشاركات
صفحة 7 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 71

الموضوع: رحلة في قاع المدينة ..رواية .

  1. #61
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي


    الحلقة السابعة والأربعون
    تواترت الاتصالات بين الخرطوم ونيويورك تطلب سرعة عودة شقيقتي سلمى وزوجها ريمون أو شنكل بالمفهوم القديم .. ولكن لماذا هذا الإلحاح من جانب المستر ريتشارد ؟! .. الإجابة بسيطة يا حربي .. قال لي شنكل ونحن في طريقنا للمطار .. لقد تعود علينا وتعودنا عليه ولابد أن طفلتنا الصغيرة ( هديل ) قد أوحشته .. تعرف يا حربي .. المستر ريتشارد ده ممكن يدخل الإسلام بقليل من الجهد معه .. سلوكياته وتصرفاته والقيم التي يؤمن بها تجعله أقرب للإسلام .. وكم أتمنى أن يتم ذلك على يدي .. سلمى ذرفت دموع المطر وهي تودع أمي وشقيقتي .. لم تكن مرتاحة لفراقنا .. لقد قالت لي عيناها ذلك .. سلمى لم تخلق للغربة والعيش بعيداً عن أحضان أمي .. إنها رقيقة كالانسام .. وتبكي حين أنسى تحيتها وأنا أغادر البيت .. تشيعني نظراتها الحنونة .. وهي أول من يهرع لفتح الباب لي عندما أطرقه بايقاعات أحب الاغاني عندها .. لا تزال تكفكف دموعها وقد جلست بالمقعد الخلفي بعربتي التاكسي التي لا تعمل في نقل الركاب .. مع قلة الذين يؤشرون لي طالبين أخذهم في مشوار .. لقد ضاقت الأوضاع وأصبح التواصل عبر التاكسي ترفآ لا يجوز .. يكفي أن تندس وسط الاجساد المحشوة داخل الباصات وأنت تتنفس الغبار والدخان لتصل إلى المكان الذي تقصده .. سوف نفتقدكم بشدة يا شنكل ويا سلمى .. وكم أود ان تحضروا معنا نتيجة الانتخابات .. لقد سمعت أنها ستذاع تباعاً ابتداءاً من نشرة الساعة الثالثة ظهر اليوم .. سلمى تصحح هذه المعلومة .. من قال لك ذلك .. ؟! ولماذا لم تخبرينني . ؟. لقد فهمت أن المؤتمر الصحفي لوزير الداخلية سيبدأ السابعة مساءً .. لا يا عزيزي الفاضل .. تم تقديم موعد بث النتائج .. يا الله !! .. اشعر بتوتر شديد وهل النتيجة تهمك لهذه الدرجة يا زعيم ؟!.. لا والله يا شنكل .. أخشى من حالة الاحباط التي ستصيب القاعدة العريضة التي رشحتني والتي بنت آمالاً عراضاً على فوزي وتبني قضاياهم الأكثر إلحاحاً داخل قبة البرلمان إن لم أوفق وأخشي أيضآ أن أخذل سحر .. ستفوز بإذن الله .. ها قد وصلنا المطار وأمامنا ثلاثة ساعات قبل الإقلاع .. أقترح أن ندلف إلى كافتيريا المطار ونتابع جانباً من المؤتمر الصحفي من على الشاشة الفضية بدلاً من الراديو .. هذا إقتراح وجيه وأود شراء عصير ( جوافة ) لي ولإبنتي قبل مغادرة السودان .. سلمى تدعم اقتراح زوجها .. تعرف يا حربي .. عصير الجوافة ده ما موجود في أي مكان بخلاف السودان .. حاجة كده زي النيل والجروف والغنا الحلو .. حاجة زي الحبوبات الحنينات وضجة السيرة والدلوكة ولمة الأهل في الاعراس ( والطهور ) .. الله يا سلمى !! ماقلت ليك أنت أنسانة رقيقة وحساسة ما عاوزة تصدقيني .. شنكل وهو يداعب زوجته .. والآن .. أظنني بحاجة إلى فنجان قهوة .. أعصابك يا زعيم .. ومن ثم بدأ المؤتمر الصحفي .. واسهب الوزير في تفاصيل لا تعنينا في شيء .. الدائرة رقم ( 32 ) مهنيين الفائز صالح عويضة و .. ( يوي يوي يوي .. ) زغرودة أطلقتها بعفوية شقيقتي سلمى أطارت النعاس من عيون الحاضرين الذين أتعبتهم المواقيت المؤجلة لوصول الطائرات .. مبروك يا زعيم .. ألف مبروك .. شنكل وقد أخذني بالاحضان .. سحر أين أجد سحر ..؟ هي تعلم أنني سأذهب للمطار لتوصيل سلمى وزوجها .. أين وكيف القاك يا رائعتي العزيزة .. يا أميرة إحساسي واشواقي .. يا كل آمالي وأحلامي .. أين أنت يا سحر ؟! .. كنا قد اتفقنا على حضور المؤتمر الصحفي معاً عند السابعة ولكن هذا هذا التقديم المفاجئ أربك برامجنا جميعاً .. ستأتي .. انا واثق من أنها لن تصبر على هكذا انجاز .. انها من دبرته وخططت له وانفقت الوقت والجهد والمال في سبيل تحقيقه .. هاهي .. هاهي قادمة ألم أقل لكم .. لقد توجهت إلى المطار بمجرد ان علمت بأن موعد اذاعة النتائج قد تقدم .. مبروك يا صالح .. مبروك .. مبروك .. قالت ذلك وهي تمسك كلتا يدي بيديها وتحرك رأسها يمنة ويسرة وخصلات شعرها تدوران معها من النشوة والسعادة ومسحة من الارتياح العميق تلون قسماتها الحلوة .. وأكثر من دمعة تغادر عينيها لتستقر في زوايا فمها النديان ..
    وكيف الوصول إليك يا سحر وانت مثل عنقود من التمر في قمة نخله .. والمشوار إليك محفوف بالاشواك والعقبات .. اتريد أن تحقق كل أحلامك في اسبوع واحد يا صالح ؟ .. فها انت وقد اديت القسم كنائب مستقل تتطلع نحو كرسي الوزارة بعد ان دخلت كل الاحزاب في كتل برلمانية متصارعة .. سرعان ما نسي الجميع ناخبيهم وتركزت انظارهم نحو المناصب .. وانت معهم يا صالح .. لا يا عزيزتي .. انا فقط احتاج كرسي الوزارة لسبب بسيط هو اثبات الذات .. لن يقتنع والد سحر بكوني نائبآ برلمانيآ وفي الأسرة أكثر من وزير وسفير ونائب أنا محتاج لأن أكون وزيراً حتى أدعم موقف سحر امام شقيقها ووالدها .. ومن ثمّ تحقيق طموحات من منحوني ثقتهم واوصلوني هذا الموقع الذي لم أكن احلم به في يوم من الأيام .. اذن سنذهب أنا وخال سحر المحامي إسحق.. لابد من المواجهة واليوم .. مبروك الفوز في الانتخابات يا صالح .. قالها والدها بصدر رحب وكذلك فعلت والدتها .. اما شقيقها (عصام ) فقد ظل ساكناً واجماً وهو يتشاغل بصحيفة ما بيده .. أما الاستاذ إسحق فقد قال لهم بعد مقدمة طويلة والاخ صالح معكم هذه الامسية ليخطب يد ابنتكم الاستاذة سحر .. هنا وقف شقيقها وهو يغلي كالمرجل وكانه قرأ في عيوننا الغرض من هذه الزيارة التي لم نقم بها إليهم منذ تقاعد والدها ومغادرته لموقعه بالمصلحة .. سيتزوج سحر اختي ؟ ! .. عاوزنا نزوج سحر ل .. سواق ابوها .. كمل يا ابن اختي العزيز .. لكن السيد صالح لم يعد سواقاً .. هو الآن نائب برلماني ومرشح للوزارة .. كان سواق عند ابوك وهذا ليس عيباً في حد ذاته لكن الأخ الاستاذ صالح اجتهد واقنع الناس بروحه الوثابة ونبل اخلاقه بترشيحه للبرلمان والوقوف إلى جانبه حتى الفوز بالانتخابات .. على العموم سحر مخطوبة لإبن عمي السفير عمر .. وانت يا خال بتعرف ده كويس .. القنصل العام عمر في كندا منذ اربع سنوات .. واذا كان والده يطمح في تزويج ابنه من سحر .. فإن سعادة السفير لم يقل ذلك صراحة .. وهكذا دار حوار متوتر بينهما وقد لزمت الصمت وكذلك فعل والده وامه .. وفي تلك اللحظات الرهيبة شعرت وكانما سحر توشك ان تضيع مني ربما وإلى الأبد .. لكنها هبطت علينا فجاة بكامل أناقتها وكأنها على موعد ما .. أهلاُ سيد صالح .. أهلاً خالي .. خير أن شاء الله .. مالكم واقفين .. في حاجة ؟! .. نعم يا سحر والدتها وقد تحدثت أخيراً والحمد لله جيتي في الوقت المناسب .. الاستاذ صالح طالب ايدك على سنة الله ورسوله .. ويطلب ايدها كيف وهي مخطوبة للسفير عمر .. ما تتكلمي يا سحر .. هنا انسحبت سحر عائدة إلى غرفتها وهي تنادي على خالها وشقيقها .. وتناهى إلى اسماعنا صوتها وهي توجه كلامها إلى شقيقها .. اسمع يا ( عصام ) انا صابرة عليك وبحترمك لأنك أخوي الكبير والوحيد .. قبل كده تزوجت المهندس طلال .. صديقك الحميم .. لأني كنت صغيرة في السن ولا أفهم أي شيء عن الناس والحياة .. قبلت به زوجاً عشان خاطرك فماذا كانت النتيجة .. طلقني بالثلاثة ولم يمض على زواجنا عام واحد نزولاً على رغبة والدته وشقيقاته ولأنه كان انساناً صعيفاً ومخموراً وغائباً عن الوعي طول الليل والنهار لم يدافع عن بيته .. وانا لن اسمح لك بتكرار ما حدث مرة أخرى .. والسفير عمر لعلمك تزوج من كندية وعنده منها طفلان .. انا سأتزوج من السيد صالح إذا رضيت أم أبيت .. لن تتزوجينه ولن يدخل هذا البيت حياً طالما كنت انا على قيد الحياة .. ولن اسمح لك بتلطيخ سمعة العائلة بزواجك من انسان جاهل لا أصل له ولا فصل وكان شغال عندنا سواق .. لا فائدة من الحديث معك .. ارجوك يا خال قل لوالدي ووالدتي بأنني اوافق على الزواج من صالح .. وهبط علينا الاثنان وبقيت سحر بغرفتها وهي في حالة توتر شديد ولعلها رات في تصرف شقيقها بوادر عاصفة لا تبشر بالخير .

  2. #62
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الثامنة والأربعون
    كثفت الشرطة من عملياتها بحثاً عن السائق الذي من المفترض أن يكون قد أخذ بطة والطفلة أريج إلى شاطئ النهر .. ولعلها تريد أن تحشد اكبر قدر من البينات ضدها قبل المواجهة الحاسمة معها .. وقاد أحد المصادر الشرطة إلى وكر المعلم الكيك .. حيث ذكر لهم أن بطة هذه كانت تحضر ضحى كل يوم مع سائق تاكسي يدعى جابر .. وقادهم إلى حيث يوجد الكيك ومجموعته .. كانوا يدخنون الحشيش ويلعبون القمار ومعهم بعض الفتيات القاصرات .. وجاءتهم من بعيد أصوات الغناء والضحكات وهم يقتحمون المكان .. ( ارفع ايديك .. ثابت.. ما تتحرك .. المعلم الكيك .. إنت المعلم الكيك ..؟ .. معي أمر تفتيش للمنزل اتفضل إقرأ .. ) وسارت عملية التفتيش بهدوء لتعثر الشرطة على كميات كبيرة من الحشيش مخبأة في جوالات تحت أسّرة إحدى الغرف .. وكان هنالك ثمة مخزن داخلى .. إدّعى المعلم الكيك بان المفاتيح ليست لديه ولكن الشرطة هشمت الأقفال لتفاجأ بكميات ضخمة من اسبيرات العربات ..تم اقتياد الجميع إلى مركز الشرطة وكذلك المعروضات .. ولم يدر بخلد المعلم الكيك أن هذه الهجمة الشرسة لها ما بعدها وأن وراء الاكمة ما وراءها.. بطة ؟!.. أيوة بطة .. عاوز تقول إنك ما سمعت بالأسم ده قبل كده ؟! .. لا يا جنابو .. سمعت بيهو .. الحقيقة بطة إنسانه كويسة .. صاحبتنا وأختنا .. جيد يا معلم .. من هو السائق الذي كان يحضرها لكم كل يوم تقريباً ؟! .. الأوسطى جابر .. جابر عبد القادر .. وجابر عبد القادر ده ساكن وين وسايق ياتو نوع من العربات وبتواجد أكثر حاجة وين ؟ !! .. فوجئ الرجل بالشرطة تطلب منه اصطحابها إلى المركز .. وكانت لهجتهم حازمة ونهائيه .. طلب منهم أن يذهب بعربته حتى لا تتعرض للسرقة .. وافقوا على طلبه وألحقوا معه أحد عناصر الشرطة المسلحين .. وتحرك الجميع صوب المركز .. بيد أن السائق وما أن غادر الشرطي عربته حتى انطلق بها لا يلوي على شيء .. هرع جنود الشرطة إلى عرباتهم واطلقوا صفاراتهم وهم يتعقبون خطاه .. إصطدم الرجل بأكثر من شيء .. صدم سيدة عجوزاً كانت تحاول العبور عند أحد المنعطفات وصدم عربة (كارو) وأحدث بها تلفاً بليغاً وهو يسير بسرعة جنونية بين العربات محدثاً حالة من الذعر والهلع لم تشهدها شوارع ام درمان من قبل .. ولكن الشرطة طوقت كل المداخل والمخارج ليفاجأ الرجل بشاحنة ضخمة تسد أمامه الطريق فما كان منه إلا أن استسلم للشرطة ليواجه عدداً من التهم أبسطها الاخلال بالأمن والطمأنينة العامة .

    اقتيدت بطة وهي مكبلة بالسلاسل الى ساحة السجن لعرضها على الكلب الشرطى ومعها عدد من النسوة السجينات لاغراض الطابور .. اذ ينبغى ان تجلس بطة القرفصاء كمتهمة رئيسية بين أخريات للتمويه على الكلب الشرطى واذا ما تعرف عليها بعد ان تكون الشرطة قد مكنته من شميم فردة حذاء الراحلة أريج والتى عثر عليها عند الشاطىء تكون الشرطة قد ربطت بين وجود الحذاء فى ذلك المكان وبين بطة على افتراض انها هى من هيأت الصغيرة أريج للخروج وهى تأخذها لتلاقى حتفها .. بيد ان الاستاذ إسحق المحامى طمأنها على انه فى حالة اذا ماتعرف عليها الكلب بهذه الوسيلة تستطيع ان تدافع عن نفسها باعتبار ان وجود رائحتها بحذاء القتيلة شىء طبيعى لوجودهما معا فى بيت واحد .. احتشد الناس .. عساكر ومسجونون وسجينات وهم يتابعون عربة الشرطة وقد ترجل منها ثلاثة من الجنود وعمدوا الى فك وثاق كلب شرطى ضخم اثار الرعب فى نفوس السجينات .. وجلست النسوة وبينهن بطة رابطة الجأش بينما الاخريات يولولن من هول الموقف .. وهرولت اكثر من واحدة مغادرة الطابور اثر رؤيتهن للكلب الشرطى وقد اقنعتهم سلطات السجن بضرورة المشاركة تحقيقا للعدالة وان الكلب لن يفعل اكثرمن المرور بقربهن وشمّهن ولم يزد هذا التوضيح الموقف الا تعقيدا .. واخيرا انتظم الطابور تحت وهج الشمس .. ودار الكلب دورة واحدة قبل ان يعقب ويضع ارجله الاماميات فوق كتفها ثم بدأ فى تمزيق عروة فستانها .. هنا ضج الحاضرون بالصياح والتصفيق اما (بطة) فقد اسود وجهها وحاولت ان تكظم خوفها وغيظها مما يجرى ومن ثمّ قامت الشرطة بتغيير موقعها اكثر من مرة والكلب مصر على موقفه.. (بطة وليس سواها ) وبدون اى تردد .. شكرت الشرطة ادارة السجن على تعاونها وهي تغادر المكان ولكن ردات افعال السجناء والسجينات كانت مفاجئة للجميع فقد شرع السجناء فى قذف (بطة) بكل ما وصل الى ايديهم من حجارة وزجاجات فارغة .. وهجمت عليها السجينات وهن ينشبن اظافرهن فى وجهها وكل اجزاء جسدها .. وبذل الحراس جهدا كبيرا لاحتواء الموقف .. وان كانت قد نجحت فى حمايتها منهن فقد فشلت فى ايقاف سيل من الشتائم والهتاف (يامجرمة ..ياسافلة .. يا..) .. ولم تكد تمضى سحابة ذلك اليوم حتى تسلمت ادارة السجن عريضة من السجينات وهن يعلن الاضراب عن الطعام لحين مغادرة بطة لسجن النساء .. ولكن لماذا كل هذه الثورة الظالمة والمجرم برىء حتى تثبت ادانته (صحيح نحن حرامية .. ونشالين ..ونصنع الخمور البلدية ولكن ما ممكن نصدق انو واحدة تقتل طفلة بريئة عشان تفشش غبنها فى امها .. ياحضرة الضابط .. المجرمة دى ماليها قعاد وسطنا .. نحن ناس شريفين .. صحيح بنسوى المريسة عشان نربى عيالنا .. لكن ماممكن توصل بينا الخساسة لدرجة نكتل طفلة صغيرة عشان ننتقم من امها .. بطة بتاعتكم دى ماليها قعاد معانا.. ) وعلى ضوء هذا الموقف المتوتر قامت الشرطة بنقل (بطة) الى سجن اخر واصداء الهتاف ضدها تزلزل كيانها (ماليها قعاد معانا .. ماليها قعاد معانا ..) ووصلت انباء الاضراب عن الطعام بالسجن الى كبار المسئولين بالدولة والصحف .. وطلب احد النواب بالبرلمان الجديد اثارة قضية (أريج) في اقرب جلسة كقضية طارئة مطالبا وزارة الداخلية بتقديم بيان للبرلمان حول ملابسات القضية وسير التحرى فيها .. وهكذا انتقلت قضية (بطة ) الى البرلمان بمجرد اداء القسم وحتى قبل تشكيل الحكومة الجديدة .. وهرع وزير الداخلية المكلف الى جلسة خاصة لمناقشة الموضوع وتقدم ببيان مقتضب شرح فيه ابعاد القضية باختصار وكيف ان المتهم الرئيسى فى قبضة الشرطة وان التحريات تسير وفق ماهومخطط لها .. وأمطره النواب الجدد المزهوون بسيماء النيابة .. أمطروه بوابل من الاسئلة .. وجلست انا وقد غبت تماما عن حيثيات المناقشة لأعود بذهنى القهقرى الى تلك اللحظة التى نضت (بطة ) ثيابها عنها قطعة قطعة أمامى بمنزل المعلم الكيك .. وشعرت من تصرفاتها ليلتها بانها عاهرة غير محترفة وأنها لابد ان تكون ضحية لظروف اجتماعية قاهرة اجبرتها على ارتياد هذا الطريق الوعر ...فطلبت منها ارتداء ملابسها وأقنعتها بهجر تلك المهنة البائسة لاعيدها الى منزل قريبتها وما تبع ذلك من زيارات انتهت جميعها بالإحباط .

  3. #63
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة التاسعة والأربعون


    بذل الأستاذ إسحق جهودآ مضنية في إقناع المحكمة بأن بطة مختله عقليآ واستمعت إلي أقوال عدد من الشهود ومن بينهم ذلك الشيخ الوقور الذي أخذوها له في ذلك البلد النائي .. وقص علي المحكمة كيف أنها كادت أن تقتله عندما أحضروها له في المرة الأخيره .. فقد أمضي سحابة ذلك اليوم وهو يقرأ التعاويذ ويتفل عليها ثم وعندما أخذ ( السوط ) لإخراج الجن من جسدها هجمت عليه وأنشبت أظافرها في عنقه وضغطت عليه بكل ما أوتيت من قوة وقد تطلب إنقاذه من بين براثنها تدخل عشرة من ( الحيران) الأشداء .. وعلي ضوء تلك الشهادة قررت المحكة إحالتها إلي ( كونسلتو ) من الطب النفسي لتقرر ما إذا كانت قادرة علي الدفاع عن نفسها .. وتوصل أولئك الأطباء إلي أن بطة تعاني من حالة ( فصام في الشخصية ) وأنها منذ مدة طويلة تعيش بشخصيتين .. بطه مجنونه ؟!! هكذا صرخت دون أن أشعر في وجه الأستاذ إسحق وهو ينقل لي تفاصيل الجلسة المثيره .. يعني أنا كنت بحب مختله عقلياً ؟! .. لا مش بالضبط يعني .. إنه مرض نفسي خطير ولعل هذا ما يفسر إقدام بطة علي هذه الفعلة الشنيعه .. ومن ثمّ أمرت المحكمة بإيداعها المصحة العقلية بالسجن العمومي لتمضي بها بقية حياتها وقد أحدث أقرباء الطفلة أريج صخبآ وضجيجآ داخل المحكة وخارجها واعتدوا بالضرب علي الأستاذ إسحق وكانت فوضي لا مثيل لها .. وحتي تبدو المحكمة متوازنة في أحكامها فقد قضت بسجن والد الطفلة الضحية ( أريج ) بالسجن لمدة خمسة أعوام مع إيقاف التنفيذ .

    هل صرنا أغنياء ؟! لا ليس بعد .. ولكنها ( مستورة ) والحمد لله .. إذن ما بال ذلك التاجر المرموق .. الذي كنت أصلح له عربته بين الفينة والفينة يطرق بابي ذاك المساء ليستلف مني مبلغ مائة ألف جنيه لمقابلة نفقات علاج زوجته التي تركها بعيادة الطبيب قبل مجيئه لي ..( ما تتصور يا حضرة النايب تعبت كيف عشان أوصل ليك ) .. ثم بدأ يسرد لي حكاية سقوطه المريع ومعه آخرون بالسوق .. ولكنني ركضت إلي داخل المنزل لأستلف أنا بدوري المبلغ من ( كافو ) .. دخل غرفته وعاد بالمبلغ ولم يصدق الرجل سرعة استجابتي له .. قلت له لأسري عنه همومه ( والله أنا ذاتي مفلس زيك وقد استلفته من زوج شقيقتي .. سأعيده لك بمجرد أن .. لا داعي لإعادته .. علي الطلاق ما يرجع .. يا راجل إنت كمان بتأخروا عليك .. ياما ساعدتنا ويا ما فتحت بيتك للغاشي والماشي يأكل ويشرب ..) .. جزاكم الله خيرآ يا حربي .. مائة ألف دفعة واحده ؟! لقد أصبحت والله رجلآ يا كافو .. إنه يكبر ويتعلم الأصول .. لقد مات العم صباحي وأصرّ قبيل وفاته علي إحضار محامي لتسجيل ورثته لكافو .. وهل تملك من حطام الدنيا شيئآ يا عم صباحي ؟! .. أيوه يا ولدي .. هاك دفتر التوفير ده أصرفوا منو علي ( الفراش ) .. وعندي ثلاث عربات كارو بسوق أم درمان .. ومن ثمّ أعطاني أسماء وعناوين سائقيها ..عربيه ليك وإتنين لولدي كافو .. ولكن لم لم تخبرنا بها من قبل ؟! .. (خفت تاخدوني بيناتكم علي طمع ..لكن والله ما خيبتوا ظني فيكم ..كنتو لي نعم الولد ونعم الأهل ..) وبصعوبة شديدة قص علينا حكاية المصاغ الذهبية التي ورثها من والدته وكيف أنه باعها لدي وصوله الخرطوم واشتري بثمنها عربات الكارو تلك .. لقد كانت لحظات رحيله مؤلمة ومؤثرة .. وبكاه كافو بدموع المطر وكأنه أباه الحقيقي ,,ما هذه الحظوظ المتواترة عليك يا كافو .. حوافز جوليا وورثة العم صباحي ؟ .. ليك حق تستقيل.. بيد أن الثروة التي تهبط علي الإنسان فجأة تحوله إلي عاطل .. فقد صار كافو لا يعمل .. وهاهو يعيش علي بقية المبلغ المهول الذي أوصي به له العم صباحي بدفتر التوفير وريع عربات الكارو .. هجر الميكانيكا وباع الورشة وتفرغ لحياته المنزلية يرعي أطفاله وما تبقي من وقت يمضيه في لعب الورق مع عم عبدالوهاب و(شلته ) عند ناصية الشارع .. وكانت اسعد اوقاتي التي امضيها بالحي عندما اجلس امام بقالة عبيد الربراب .. وهو شاب خفيف الظل .. يحفظ أهل الحي واحداً واحداً .. وما يعيبه سوى النميمة و( القطيعة ) في خلق الله من سكان الحي .. ( ما تغرك القيافات دي يا حربي .. عليّ الطلاق الناس ديل اتعصروا لامن جابو الزيت .. تلقى الواحد طالع من بيتو .. الريحة تقول يا غربتي والسجارة البنسون وهو لا يملك حق المواصلات .. ) قلت له ( يا عبيد .. يا عبيد .. مية مرة قلت ليك ما تخوض في اعراض الناس .. البيوت لها اسرار .. واذا ما خليت العادة دي والله ما اجي اتونس معاك تاني ..) بيد أنه غالبآ ما يعود لعادته القديمة عندما يتعلق الأمر بخبر يعجز عن كتمانه ( هاك الخبر ده .. خبر واحد .. عليك الله اسمع ) ..
    وعدت لممارسة هوايتي المفضلة في الفرجة وقراءة قسمات الآخرين ..كافو قال لي غاضبآ ( عليك الله عاجبك شنو في ( ا الربراب .. الشين ..الكج ..بتاع الشمارات البجيب الجلا ..) ..وفي الحقيقة ليس صاحبنا هذا بالشخصية السوية وهأنا أحاول تغيير طباعه وأحوله من هماز مشاء بنميم إلي مواطن صالح واستمتع بمعرفته بسكان الحي .. لقد كنت دائمآ تواقآ لمعرفة ما يدور بالأحياء العادية عندما كنت بالحي العشوائي .. كنت أتصور أن أي اسرة تعيش بمنزل يخصها سعيدة ومحظوظة بعكس الواقع المرير الذي عشته في الحي العشوائي .. وإذا بي أكتشف أن الناس هنا أو هناك من طينة واحدة .. أناس عاديون طيبون وأولاد حلال ( ياها الكسره والملاح ) لا فرق يذكر ..وصاحبي ( عبيد ) هذا نموذج للشخصية الفضولية المسكونة بمعرفة تفاصيل التفاصيل عن كل رجل وامرأة وفتاة وحتي الأطفال من سكان الحي وهو متخصص في إخبار الآنسات الصغيرات بأنه يريد هذه عروساً له وتلك خطيبه لجذبهن للشراء من دكانه .. فلا غرو أن واظبت كل الصبايا علي الشراء منه دون سواه وما يدهشني حقآ وجود كل فتيات الحي بالجامعات تقريباً .. فما أن تلفت انتباهي إحداهن حتي يبادر بالقول ( دي بتقرأ في جامعة الخرطوم .. دي دخلت جامعة القاهرة الفرع .. دي في رابعه هندسة ) ..إنه يضع العقبات بيني وبين كل فتاة بالحي فكرت في خلق نوع من العلاقات الرومانسية معها .. ( وإنت يا شقي مالك ومال بنات الجامعة وعندك سحر ؟! .. سحر ؟ وأين هي الآن سحر .. أنت السماء بدت لنا واسنعصمت بالبعد عنا ..وشنو كدا ما عارف .. ولعل أكثر ما يدخل البهجة في قلبي من خلال جلوسي أمام الدكان التعرف بل والتودد إلي أطفال الحي .. لقد صادقتهم كلهم باستثناء القلة المتحفظة بطبيعتها .. أحادثهم وألاطفهم واشتري لهم الحلوي .. وبات من الضروري تجهيز مبلغ صغير لشراء الحلوي قبل أن أحمل ( كرسي البلاستيك ) وأتوجه للدكان .. ساعتها يكون صديقنا (سعيد ) قد قام بنظافة ورش الفناء الواقع أمام الدكان وقد أحضر مبكرآ للفرجة علي الصبية وهم يلعبون كرة القدم .. طفولة تبدو حلوة لشخص مثلي بلا طفوله .

  4. #64
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الخمسون
    عاد ( عصام ) مهموماً إلى مكتبه بالشركة التي يعمل بها والتي يملكها صديقه (فؤاد) العاشق المتيم بسحر .. والذي ينتظر بفارغ الصبر موافقتها على الزواج منه .. قال له .. سحر شقيقتك هذه يا (عصام .. ) إنسانة غير عادية .. انها ملاك أكثر منها انسان .. ومكانها ليس العمل كموظفة .. مكانها هنالك في ( هوليود ).. تذكر لما حكيت لي مرة انو أكثر من عشرين خطبوها اثناء السفريات .. عشرين واحد .. رجال اعمال .. ومسؤولين وحتى الضيوف الاجانب .. لهم حق .. والله لهم حق .. تعرف يا صاحبي لو اختك سحر دي وافقت على زواجنا .. أول حاجة أعملها أبدل ليها عربتها ال ( تيكو ) التعبانة دي بعربة ( شبح ) .. واسجل ليها قطعة الارض بتاعة ( قاردن سيتي ) وابني ليها فيلا انيقة .. بل قصر ولا قصور هارون الرشيد .. وسأسجل لها نصف اسهم الشركة .. اما انت يا صديق العمر ورفيق الصبا فسوف اسلمك مفاتيح عربة ( B M W ) جديدة وارفع ليك نسبة (الكومشن ) بتاعتك من 15% إلى 25% .. وانت عارف قدامنا شنو .. صفقة العربات الصالون على وشك الانتهاء وربما نوقع على العقد خلال هذا الاسبوع .. أربعة ملايين دولار المقدم المدفوع وصفقة المصانع الجديدة تبقي عليها التوقيع .. المصانع ستشحن من ( تايوان) .. ( والهانقرز ) من ألمانيا لزوم التمويه .. وبعدين نغير ال(LABLES ) دي مشكلة ..؟ وصفقة … ثم ماذا ايها التمساح الكبير .. عربات ارتفاعها من الارض لا يزيد عن بوصتين تستجلب لتعمل في بلد كالسودان شمسه مثل الافران وطرقاته عفى عليها الزمان .. وبعد عام او نصف العام تتحول إلى خردة وتقبض انت وامثالك آلاف الدولارات .. والمصانع لماذا من تايوان والاتفاق يقضي بان يكون المنشأ أوروبا .. هذا شيء مقصود .. قال لضميره .. انت لا تفهم في ( البزنس ) .. المصانع المستهلكة لها أكثر من فائدة .. فبعد قليل ستحتاج إلى تاهيل ثم اعادة تاهيل .. واعادة اعادة تاهيل .. اما المصانع الألمانية تعمر مئات السنين وهذا يجعلها غير مواكبة للتكنلوجيا الحديثة .. التكنولوجيا تتغير كل خمسة دقائق .. اما العربات الصغيرة فهي أيضاً مقصودة في حد ذاتها .. لان البلد تعاني من أزمة مواقف .. تقوم تجيب لينا ضفادع من الصفيح وتسميها عربات .. وانا مالي يا خي .. اذا كان مدير المشتروات عاوز كده .. والراجل معه حق تخفيض التكلفة النهائية .. كل بلد على قدر حالها .. ونحن نعاني من حرب اهلية مفروضة علينا كيف يعني نجيب مرسيدس لشوية موظفين يضيعون وقتهم ووقت الدولة في قراءة الصحف ؟* .. ألا يعملون أليسو مدربين ومؤهلين للقيام بواجباتهم ..؟ أين التخطيط السليم والمتابعة .. ؟ هذه ادبيات موجودة في كتب الاقتصاد فقط .. اما على أرض الواقع فإن ادارات التخطيط والمتابعة موجودة في الهيكل فقط لاضافة وظائف جديدة .. ينقل إليها المدراء المغضوب عليهم .. ويوضعون في صناديق جانبية خلف المصلحة بعيداً عن مكتب المدير .. اطلقوا عليها جوراً وعدواناً ..إسم مكاتب .. الناس فيها لا يخططون لتجويد الاداء .. انما يخططون لانفسهم .. كيف سيقابلون التزاماتهم المعيشية المتزايدة .. اقساط الجامعات .. مصاريف المواصلات والفطور وشراء المراجع واللحمة والخضار .. أما العلاج فنسأل الله العفو والعافية .. فتلك ثالثة الاثافي لذلك لا يلومهم أحد .. لن يتسني لعقول تكبلها الالتزامات المستحيلة إبداع أي شيء ..هل إقتنعت ..؟

    شكلك كده يقول إنك محبط .. الحاصل شنو يا ( عصام ) اتكلمت مع سحر في موضوع زواجنا .. أيوه اتكلمت .. ووافقت ؟*.. المسألة ليس بهذه البساطة يا (فؤاد) سحر عاشت تجربة مريرة مع صاحبنا (طلال) وهي تقريباً معقدة من الزواج كفكرة .. والولد الجربوع الميكانيكي سواق الوالد .. لسه بحوم حواليها ؟* .. لا أبداً .. ومافي حاجة تلمنا بيهو خاصة بعد إحالة الوالد للتقاعد .. آآخ لو تعلم سحر كم أعاني بسببها لو تعلم كيف أسهر الليالي أناجيها وأستبقي خيالها بجانبي .. من قال أني ملك الصفقات ( المدنكلة ) وأكبر صفقة في حياتي خارج دفاتري .. لم يبدأ حتى النقاش في تفاصيلها واستلام كراسة المواصفات .. ناهيك عن التوقيع واستلام الـ ( DOWNPAYMENT ) .

  5. #65
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الواحة والخمسون
    قالت لي سحر وهي تبكي في التلفون .. الكل ضدنا يا صالح .. والدي تم استقطابه تماماً بواسطة شقيقي ووالدتي تتأرجح بين الوقوف إلي جانبي ومؤازرة ابنها .. نقاشات صاخبه يا صالح لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد .. وكنت أقف له بالمرصاد .. فما أن يردد عبارة ( الميكانيكي ده ) أرد عليه بحدة ( ومالو الميكانيكي ؟ ماعيب الميكانيكي ؟ علي الأقل يكسب عيشه بالحلال وليس عبر صفقات وهميه ما أنزل الله بها من سلطان .. وحتي وإن كان ميكانيكي فأنا حرة في إختيار شريك حياتي .. لن أتخلي عن صالح ولو إنطبقت السماوات السبعه .. النائب البرلماني المهذب .. هل قلت لهم كل هذا الكلام يا سحر .. قلت لها مقاطعاً ..؟ لا دخل للنيابة البرلمانية وغير البرلمانيه في موضوعنا وأنت تعلم ذلك .. لقد أحببتك يا صالح منذ أنت كنت صبي ميكانيكي بورشة سلمان الفاضي .. كنت توترني يا ولد وتعصف بمشاعري .. أنا يا سحر ..؟ إختياري لك لا دخل له بالمراكز الإجتماعية ولو أن دخولك البرلمان دعم موقفي أمام أهلي .. وربما تسمعين ما يدعم موقفك أكثر لو إستمعت لنشرة التاسعه .. فقد دارت مفاوضات مضنية وراء الكواليس بالبرلمان وشكلنا نحن المستقلون قوة ضغط رهيبة بالرغم من ضآلة عددنا علي بقية الأحزاب .. وفي ظل تقارب عدد المقاعد التي فاز بها كل حزب أستطيع أن أقول بأننا من سيقرر الحزب الحاكم هذه المرة وقد وعدنا كل تكتل بحقيبة وزارية هي وزارة الإسكان إن نحن صوتنا إلي جانبه .. ولماذا الإسكان بالذات يا صالح ؟ .. هذا إختياري أنا لأشياء في نفسي ستعرفينها في حينها إذا وفقت في دخول الوزارة لا سيما وزملائي الباقون بكتلة المستقلين لا تسمح لهم ارتباطاتهم العلمية والمهنية بالتفرغ للوزارة .. لذلك لمع إسمي كمرشح وحيد .. وزير بجد يا صالح ؟!! .. قالت والفرح يلون انبهارها الطفولي عبر الهاتف .. صدقيني أنا لا ألهث خلف المناصب يا حياتي ولو أنها قد تساعدنا في معركتنا المصيرية مع أهلك .. وعندما علمت أن الوزارة ستكون الإسكان تذكرت معاناة العشيرة والجيران بالحي العشوائي وتذكرت مطالبنا كنقابة بمساكن شعبيه وآليت علي نفسي تحقيق ذلكم الحلم فيما لو تم اختياري ..عظيم ..عظيم يا صالح .. إذن موعدنا نشرة التاسعه .. كلمة أخيره يا سحر .. قول سامعاك كويس ..أنا مستعد لقتال الخرطوم والشرق الأوسط والقارات السبعه في سبيل الفوز بك أو أموت دونك .. تموت ..لا لا ما تموت ؟!! ..(بعد الشر عليك ).

  6. #66
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الثانية والخمسون
    ( أيوه قتلتها يا أستاذ .. أنا جبانه وحقيره وأستحق المشنقه ) .. بطه وقد سئمت كثرة التحقيق والإنتقال من سجن إلي سجن .. هذا الكلام خطير يا بطه وسيؤخذ ضدك في المحكمه .. الأستاذ إسحق وقد صدمه اعترافها .. أنت لست مضطرة للإعتراف بذنب لم ترتكبيه .. إعقلي يا بطه ولو سمعتك الشرطة ستسارع لتسجيل هذا الإعتراف وانتهي الأمر .. خاصة مع بقية الأدلة ضدك وكذلك أقوال الشهود .. لكن أنا فعلآ قتلتها يا أستاذ .. خنقتها بإيدي دي .. خنقتها وماتت وهي بتفرفر زي الطيره بين إيدي .. قالت لي وهي بتموت .. ليه بس كده يا خالتي بطه ؟!! .. رقبتي بتوجعني .. كان المفروض أقتل أمها الحاقده المتعجرفه .. لا ما بقتل أمها .. خليها تعيش في النكد والندم عشان تاني ما تحتقر زول .. كرهتها يا أستاذ .. الكراهيه أعمتني .. قمت قتلت ( أريج ) المسكينه .. ( أريج ) البحبها من أعماقي .. ليه كده يا بطه ؟؟ .. ومن ثم ّ انخرطت في البكاء بصوت عال .. وأضافت أنا مجرمه أنا جبانه فتسرب الخبر عبر الحراس إلي المتحري الذي جاء علي عجل .. بيد أن الأستاذ إسحق رجاه مغادرة المكتب ريثما يستجلي الأمر وسوف يحضرها بنفسه للشرطة لتدوين اعترافها وعوضآ عن ذلك تقدم بطلب لإرسالها للطبيب النفسي قبل تدوين الإعتراف .
    -هل حصل ودوك لطبيب نفساني ؟ دكتور يعني ؟
    -ما حصل .. لكن ودوني لفكي .. قالوا أني بمشي أثناء النوم وبتكلم بحاجات ما مفهومه أثناء بالليل .
    -كم مره ودوك للفكي ؟
    - تلاته مرات تقريبآ .. وفي كل مره بقعد حوالي تلاته شهور .
    - وكان بحصل شنو أثناء وجودك بالخلوه .
    - بشرب المحاية ..تعرف المحايه ماء يقرو فيه القرآن وبجلدوني بالسوط .. وفي المره الأخيره .. في المره الأخيره .. ( حيره وتردد )
    - أيوه كملي .. حصل شنو .
    - جابو راجل .. أهلو قالوا مجنون ..
    - أها حصل شنو ؟
    - الراجل ده .. الراجل ده .. يا دكتور خليني أنا شاعره بصداع رهيب .. صداع رهيب .. واي .. واااي ..
    ودخلت بطه فيما يشبة الصرع .. تشنج وهستيريا رهيبه .. الشيء الذي تطلب حجزها بالمستشفي وإعطاءها بعض الحقن المهدئه .
    وجاء اعتراف بطه بمثابة زلزال إعلامي وأحدث ضجة لم يسبق لها مثيل .. ومثلما كانت جريمة قتل( أريج ) حدثاً إستثنائياً أصاب المجتمع بالصدمة جاء خبر إعتراف بطة كأهم خبر تناقلته وسائل الإعلام وتفننت في التفاصيل .. وعندما تماثلت بطه للشفاء ثبتت علي موقفها وقامت بأخذ الشرطة إلي مسرح الجريمة وأعادت تمثيلها وهكذا تنفس المحققون الصعداء .. بيد أن المعركة الحاسمة في أروقة القضاء لم تبدأ بعد وقد حدد المحامي إسحق استراتيجية الدفاع التي ربما ترسل بطه إلي السجن المؤبد بدلآ عن حبل المشنقه .

  7. #67
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الثالثة والخمسون
    وبدأت أيام الإحتفالات بتعييني وزيراً بكل ما فيها من بهجة وحبور.. بداية سيرت النقابة العامة موكبآ من السيارات حتي منزلنا وأقام أهل الحي حفلآ كبيرآ غلب عليه الطابع الديني تخللته المدائح النبوية .. وأحدث أهل الحي العشوائي فوضي إحتفالية مسائية تفاعل معها سكان الحي فقد كانت هنالك الرقصات الشعبية وكرنفالات الأزياء والمصارعة وموسيقي (الكيتا) وتحول ميدان الحي إلي ما يشبه ساحة المولد إذ اختلط الحابل بالنابل .. وكانت سحر في قمة معنوياتها وهي تشاهد الناس من حولها وهم يسبغون علي شخصنا الضعيف كل ألوان المحبة والتقدير .. إرتسمت ابتسامة رائعة فوق فمها الرقيق وربما بقايا أحلام لم تتحق خبأتها شفاهها العنبية وكأنها تحدث نفسها .. لم لا يكون شقيقي ووالدتي هنا ليروا بأنفسهم كيف أنني كنت موفقة في اختيار شريك حياتي .. نعم .. لقد مضت أيام الإحتفالات ولم تفوت الصحف تلك المناسبة الفريدة .. وجاءت العناوين البارزة وهي تقدمني للشعب علي نحو مثير .. فأنا لم أدرس في جامعات امريكا وفرنسا ولم أسمع من قبل بعبارة ( C.V. ) ..فأكتفت الصحف بمناداتي بالوزير العصامي والمناضل البطل وقد يشيرون إلي أنني أصغر الوزراء سنآ علي الإطلاق .. وتساءل أكثر من كاتب عمود .. ماذا نتوقع من وزير خرج من بين ثنايا الطبقات المسحوقة التي لا مأوي لها سوي الإنجازات العظيمة والحلول الناجعة لمشاكل السكن .
    وبعيدآ عن الأضواء سارت إجراءات زواجي من سحر أمام المحكمة الشرعية في هدوء شديد .. وأنابت سحر خالها الأستاذ إسحق المحامي بتحريك الدعوي وكلفته أنا أيضآ بالتوقيع علي أية أوراق أو تعهدات إنابة عني .. وأعلنت المحكمة والدها للمثول أمامها ليوضح الأسباب التي حدت به لرفض زواج ابنته مني بيد أنه لم يحضر في المرة الأولي والمرات التالية مما حدا بالقاضي لإرسال طلب حضور يتم لصقه علي الباب الخارجي للمنزل وعندما لم يأت أيضآ أصدرت حكمآ غيابيآ يخولنا الزواج ويمهله أسبوعين للإستئناف وكنت وأنا أواصل برنامج زياراتي لإدارات الوزارة المختلفة والأقسام التابعة لها بالعاصمة والأقاليم أحسب الأيام والساعات بل الدقائق والثواني أملآ في إنقضاء مهلة الإستئناف دون أن يتقدم والدها بشيء من هذا القبيل .. وكانت سحر تتابع من علي البعد ردات أفعال رموز الأسرة لا سيما شقيقها ووالدتها ووالدها وعلمت أن شقيقها فعل الكثير لإقناع والده بالإستئناف دون جدوي وقد إستعصم بالصمت الرهيب والإعتكاف بغرفته لا يلتقي بأحد .. وحانت اللحظة المناسبة لآخذ سحر في أحضاني وكنا لوحدنا وأنا أتمتم ( سحر يا مني عمري .. يا زوجتي الحبيبة أمام الله والناس ) وسال الدمع مدراراً علي وجنتيها الساحرتين وأنا أضمها إليّ بشدة أكاد أهشم أضلعها .. وتمت مراسم الزواج في صمت ودون أية مظاهر لافتة للنظر إحترامآ لمشاعر أسرتها بالرغم من عدم اقتناع ( الست ) الوالده .. لقد كانت تحلم بزواج خرافي لإبنها الوحيد ولكنني أقنعتها بأننا سنحتفل ولكن ليس الآن وبينما نحن ننتقل إلي شقتها في أول ليلة لنا معآ تذكرت لحظتها تلك الزيارة التي اصطحبتني فيها سحر وسؤالها لي عن تلك التفاصيل الدقيقة حول خارطة الشقة وكأني بها قد حددت أهدافها مذ ذاك الحين .
    لا لم نسافر لأي جهة لقضاء شهر العسل .. وفيما أنا أخطو أولي خطواتي بالوزاره كلفت إحدي الهيئات الإستشارية بإعداد الدراسات لبناء تسع مدن عمالية تغطي جميع عواصم الأقاليم .. تخصص معظم مبانيها للعاملين بالدولة من عمال وموظفين مزودة بكافة الخدمات الضرورية تملك لهم عن طريق البيع بالتقسيط وفي ذهني اصطحاب سحر معي في أول رحلة خارج البلاد لتعويضها عن شهر العسل المرتجي .

  8. #68
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الرابعة والخمسون

    عكفت تلك الهيئة علي وضع أدق تفاصيل المشروع وكلفتها الإجمالية فأجريت سلسلة من المقابلات مع سفراء عدد من الدول وبالصناديق الإنمائية بالأمم المتحدة والدول العربية والأوروبية وكانت النتائج مذهلة وعلي الفور تلقيت عروضآ من إحدي الهيئات بجمهورية ألمانيا وبدعوتها لي بزيارة ذلك البلد الذي لا أعرف عنه شيئآ باستثناء مباريات كأس العالم .. فرحت سحر فرحآ شديدآ عندما علمت بأننا سنسافر بعد أيام قلائل وقلت لها مداعبآ ( اسمعي يا وليه .. سفرك معي بصفة مترجم قبل أن تكوني زوجه .. مفهوم ) وكنت أعلم أن سحر تتقن اللغة الألمانية ..( أيوه مفهوم .. لكن شنو حكاية وليه دي يا أستاذ ؟!) .. قالت في تململ ضاحك .. قلت لها أنا آسف يا سحر .. هكذا سمعت آبائي وأجدادي ينادون أمهاتنا وحبوباتنا ..( يا وليه الفطور إتأخر ليه ؟ يا وليه المفتاح ده طار وين ؟ ) .. ضحكنا معآ وقالت لي بين ضحكاتها الآسرة يا معالي الوزير .. الكلام ده كان زمان .. لما كانو الحبوبات مغمضات ما جايبات خبر .. دلوقت المرأة قاضي وسفير وضابط شرطه . .و. . وطبيبه ومهندسه .. أعلم ذلك يا عمري .. ولكنني أمزح معك لا أكثر.
    كانت شقيقتي سلمي وزوجها شنكل والمستر رتشارد وزوجته جوليا يتابعون مجريات الأحداث بصورة شبه يومية وكانت سعادتهم عظيمة بفوزي في الإنتخابات وبالحقيبة الوزارية .. وقال لي شنكل أن المستر رتشارد أعطي الأمر أهمية لا تصدق وظل يردد لساعات وهو غير مصدق ( هل صار وزيرآ إتحاديآ ؟ .. أوو .. هذا رائع .. هذا عظيم . .قلت لي أن شقيقك الآن هو وزير الإسكان .. لا بد أنه عبقري .. وسياسي بارع ) ..عبقري ؟ .. أنا سياسي بارع وعبقري ..؟ لا بد أن والدي الله يرحمه كان مخطئآ وهو يكرر علي أسماعي عبارة ( إنت ولد ما نافع .. إنت ولد مغفل ..) .
    والدتي تزورنا كل يوم تقريبآ وفي كل مرة تتطلع في سماوات سحر بحب وحنان وكأنها تريد أن تعوضها مقاطعة والدتها لها .. كانت تأخذها بالأحضان ويروحان في وشوشات لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد .. أنا شخصيآ لا أذكر أنني أعطيت والدتي أكثر من خمس دقائق أتجاذب معها أطراف الحديث وفي الأوقات العصيبة فقط .. فمن أين لسحر هذا الصبر علي محادثة أمي والجلوس إليها طويلآ وما هي الموضوعات التي يمكن أن تجتمعان عندها .. سحر قالت لي ( بختي يا صالح حتكون عندي أطيب (حماة ) في التاريخ .. التاريخ عديل يا سحر .. نان عاد ما جننت المبالغه .. ما تقولي في السودان في أفريقيا مثلآ .. والله أمك دي يا صالح كتله متحركه من الأحاسيس والمشاعر .. لو قلت ليها .. ها .. دموعها تجري ..) .. سحر يا ضوء عيوني وحشاشة فؤادي ربنا( يخليكي لينا) .. آمين يا رب .. بوسعك أن تصادري كل أحزاني وهزائمي بمجرد ابتسامة من وجهك الصبوح فكيف يكون الأمر وقد صرت خيمتي ومدفأتي وقناديلي .. كيف يكون الحال وأنت هنا بين ضلوعي أذوب في خلاياك وأبحر في أنفاسك .. فهل للسعادة حدود لم نصلها بعد .. أشك في ذلك كثيرآ أشك في ذلك .. وما فرحة العرس وضجة الأهل والأصدقاء والصديقات من حولنا يا سحر .. أنت هنا في عيوني في خاطري وذاك هو المهرجان الكبير .. فلا داعي لأن تتضايقي من غياب القشور ولدينا العمر بحاله .. أم ماذا؟ تأكدي أننا سنتصالح مع والدك ووالدتك بل وحتي شقيقك .. ولو كنت شيئآ أستطيع التخلي عنه لأجلهم لفعلت .. ولكنك حياتي فكيف أتخلي عنك .. صدقيني يا سحر لو لم نتزوج لمت همآ ونكدآ فما طعم الحياة بدونك ؟ .. ومن قال لك أنني سأسمح بشيء كهذا يا صالح ..أنت الآن أبي ووالدتي وشقيقي وصديقي ..و..وبس ؟!وحبيبي ..(خلاص ارتحت ؟!) .. همست بين عينيها .. وأكثر .. والطائرة تقترب من مطار ( ميونخ ).. تأمل يا صالح هذه الخضرة والجمال .. إنها أجمل من ( هثرو ) .. وأين هثرو هذه يا سحر تساءلت في سري وأنا في واقع الأمر أركب الطائرة لأول مرة في حياتي .. ولولا وجود سحر بجانبي لمت من الخوف .. وفي إحدي ضواحي ( ميونخ ) المزدانة بالروعة والهدوء أمضينا أسبوعآ كاملآ تخللته بعض الزيارات هنا وقد حرصت السفارة وعمدة المدينة علي تقليص فقرات برنامج الزيارة بعد أن علموا بأننا متزوجان قبل فترة وجيزة .. ومضت الأيام كلمح البصر وسحر هي كل ما أشتهي في هذا الكون .. واكتشفت بعد أيام وليال من الحب الحقيقي أنني لم أقدر سحر حق قدرها وبأنني لم أفهمها بشكل دقيق .. لا يمكن أن تكون من بني البشر بأي حال .. إنها ملاك ضل طريقه عبر سراديب السماء إلي كهوف هذه الأرض الظالم أهلها .. يا للرقة والوداعة والوسامة والتواضع .. لقد عشنا بعمق تلك الأيام وكأننا قد عدنا أطفالآ من جديد .. ضحكنا من أعماقنا وتواعدنا وتواثقنا علي الحب والإخلاص ..وتجولنا في تلك المدينة الرائعة مشيآ علي الأقدام ..زرنا ( البيناكوتيك ) والحديقة الإنجليزية ومعارض الفنون التشكيلية وال( شفاينق شتات ) وال( هوف بروي هاوس) الحانة التي شرب فيها هتلر نخب معركته الخاسره .. بيد أن حادثة صغيرة أصابتني بالرعب والخوف علي سحر .. فبينما كنا نتفرج علي معروضات إحدي المتاحف أحست سحر بما يشبه الإغماءة القديمة التي كثيرآ ما داهمتها من قبل .. حملتنا عربة الإسعاف وانطلقت بنا إلي إحدي المستشفيات وفي غرفة الإنعاش همس الطبيب في أذني أن زوجتك تعاني من ضعف في القلب يا سيدي وعليها الإنتباه لصحتها فلا مجهود عضلي أكثر مما ينبغي ولا سهر أو إنفعالات وهي في هذه المرحلة لا تحتاج لجراحة ومن ثمّ استبقانا لعدة ساعات عدنا بعدها للفندق وهنالك قالت لي سحر .. لقد لاحظت مدي خوفك ولهفتك عليّ يا صالح .. هل تحبني لهذه الدرجة .. وبلا حدود .. إذآ لقد قررت أن أهبك بإذن الله طفلة جميلة تعوضك عني إذا حدث لي مكروه تنظر في عينيها فتراني .. مكروه؟! لا سمح الله يا سحر .. لقد أفزعتني .. لا عليك يا سعادة الوزير أنا بخير وأشعر بأني قوية كمهرة جامحة .. لا لآ صرخت في رعب حقيقي .. لا أود سماع هذه المخاوف مرة أخري .. قلت لها ذلك وأنا أطمئن نفسي .. لقد قال لي الطبيب أن أي حمل سيكون خطرآ علي حياتها وهذا ما لم أشأ أن أوضحه لها .

  9. #69
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الخامسة والأربعون
    تكللت رحلتي بالنجاح علي جميع الصعد .. فمن ناحية المدن الإسكانية التسع وجدت أكثر من شركة بناء تستطيع وحدها إعادة بناء الخرطوم وليس مجمعات سكانية .. وسنحت لي فرصة التجوال في أعرق المدن الألمانية ورأيت كيف أنهم يحافظون علي مدن مضي عليها أمد بعيد بالرغم من مظاهر الحياة العصرية التي يعيشها مواطنوها إلا أن المباني ظلت كما هي تحتفظ بحجارتها الآجورية التي تعود إلي ما قبل التاريخ .. وتذكرت كيف أننا مسحنا من علي الخارطة مواقع أثرية وأخري عامة لنشيد علي أنقاضها البنايات الأسمنتية الباهتة التي لا طعم لها ولا رائحة .. لقد حاول الحلفاء محو ذاكرة ذاك البلد من خلال إستهدافهم للمتاحف والمكتبات .. بيد أن شعبآ أنتج لنا (قوته ورنتقون وفاغنر) سرعان ما أعاد ترميم تلك المواقع وتذكرت في ذلك الأثناء صديقي الأستاذ عامرالذي أودع السجن لمجرد عجزه تسديد شيك مصرفي .. فهل يتحمل كائن رقيق مثله جدران السجن وهو الذي تعود علي السمو فوق المكان والزمان .. لذلك وجهت مدير مكتبي باختيار قطعة أرض استثمارية مميزة وقمت بمنحها له وكلفت الأستاذ إسحق المحامي ببيعها وتسديد كلفة الشيك من ريعها .. لم تصدق أسرته خروج والدهم من السجن بل وحصوله علي وظيفة مستشار وزير الإسكان للإعلام ومنسق لحملة انتخابي لرئيس الجمهورية في أقرب انتخابات عامه .. ( الرئيس دفعه واحده يا حربي .. نان عاد ما بالغت عديل .)
    هذه البذلة لا تناسب هذا الصيف القاتل يا صالح .. أرجوك خذ هذه .. سحر وهي تراجعني قبل توجهي للعمل كل يوم .. لقد نسيت أن تشذب ذقنك .. أرجوك استبدل ربطة العنق هذه بأخري .. وقبل أن أخطو خارج الباب تأخذني بالأحضان وهي تردد في حب حقيقي .. ( ما تتأخر عليّ وحاول نظم وقتك .. ليس بإمكانك إكمال كل مهامك في يوم واحد .. الإرهاق عدو الإنسان الأول يا صالح .. أنت ُتسأل فقط في نطاق مسئولياتك لا أكثر .. لا تنس أنك صرت أبي وأمي وزوجي وحبيبي ..أرجوك حافظ علي نفسك يا صالح ولو ما عشاني أنا .. عشان ولدك .. ( بالجد ؟!! .. أيوه يا أستاذ تستطيع أن تقول من اليوم أنك أب لطفلتين .. سحر وسحر .. يعني أنا وبتي .. مش إنت أبونا الاتنين ؟!! ).. نعم ..نعم .. يا سحر .. يا ألف ألف خاطر يزدهي بالأناقة والألق في سماوات عمري .. هل أقول أحبك .. نعم أحبك .. أحبك .. أحبك .. كفي يا صالح أرجوك .. هل هذه مفردات وزير ؟!
    ومع مرور الوقت أراها تزداد نحولآ والطبيب يعطيني بعض الأمل .. إنها مجرد أعراض مبكرة للحمل وستزول بعد أن تتقدم في الحمل .. هذا كثير عليّ يا حياتي .. ليتك لم تحبلي أصلآ يا سحر ..( يخسي عليك يا صالح معقول تقول كلام زي ده ؟ وما فائدة الحياة بدون أطفال ؟.. ومع تفاقم حالتها يومآ بعد يوم بدأت أخاف بأنها ربما تكون مرشحة لما هو أسوأ .. فقد مات والدها ولم يكلف شقيقها نفسه إبلاغنا الخبر لتعلم سحر بالأمر من إحدي جاراتها .. وكانت الصدمة فوق احتمالها .. لم نتردد في الذهاب لمنزلهم وهنالك بكت سحر طويلآ في أحضان أمها الشيء الذي فجر عاصفة من الدموع لدي الحاضرين .. وسامحتها أمها علي خروجها عليهم في موضوع زواجنا وحدثتها كيف أن والدها عفا عنها ودعا لها بالخير والبركة من كل قلبه لدي تسلمه هديتها بُعيد عودتنا من شهر العسل وكيف أنه قال أمامها بالحرف الواحد ( أنا عافي من سحر دنيا وآخره ) .

  10. #70
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة قبل الأخييييييييييييييييييييي يييرة

    كنا جلوسآ نتابع الأخبار في التلفاز حيث سأظهر عبر نشرة المساء وأنا أقوم بافتتاح عدد من المنشآت الجديدة إنابة عن السيد رئيس الوزراء .. كان يومآ عاصفآ وحافلآ بالمفاجآت السارة والمفرحه .. فبينما وأنا أقص الشريط التقليدي لافتتاح إحدي المراكز الصحية الجديدة بالعاصمة إذا بي أفاجأ بالدكتوره أميرة ضمن الفريق العامل بالمركز .. سلمت عليها بحرارة ووقفت أمامها أكثر من ثلاثة دقائق وأنا أمطرها بسيل من الأسئلة عن أفراد أسرتها فرداً فرداً وبدا وكأن كل واحد منا يعاتب الآخر علي عدم إهتمامه به والسؤال عن أحواله .. واستغربت سحر من الإبتسامة العريضة التي ارتسمت علي وجهها وهي تصافحني وتهمهم بكلام خارج إطار التغطية أعقبته بضحكة مجلجلة وهي تلتفت نحو إحدي زميلاتها .. هذه بنت الجيران بالحي العشوائي .. أميره عبدو الفولاني .. آها .. حلوه وأنيقه .. كانوا جيران طيبين وقد غادروا الحي في وقت مبكر .. وقد حاولت جهدي أن أبدو غير مهتم بما سجلته الكاميرا الغبية .. هل كان من الضروري التركيز علي ملامح وجهها النظيف لتراه سحر .. وتململت في جلستها وسألتني هل أحضر لك كوبآ من اللبن ؟.. أيوه لو سمحت .. وكان مخرجاً ملائماً لكلينا ولكنها ما أن خطت نحو المطبح حتي رن جرس الباب .. قلت لها لا عليك سأفتح أنا الباب .. لم أصدق عينيّ وأنا أري والدة سحر ومن خلفها شقيقها (عصام ) ..فهتفت بل صرخت .. أهلااااان .. ثم سحر .. سحر .. أمك يا سحر .. أمي ؟!!! وكمان أخوك .. أمي وأخوي .. ما بصدق ..!!!..أهلاً .. إتفضلوا .. بسم الله ما شاء الله تمتمت والدتها وهي تدخل الشقه .. مساء الخير سعادة الوزير .. شقيقها والكلمات تخرج من فمه بصعوبة شديده وكانت ليلة ستظل في ذاكرتي مدي الدهر .
    ألم أقل لكم أن العمر ليس سوي حزمة من المفاجآت وإلا كيف يتحول صديقي وزوج شقيقتي شنكل إلي رجل أعمال مرموق يزور السودان ضمن وفد من رجال الأعمال الأمريكين .. لقد طالعت القائمة القادمة علي ال ( K.L.M. ) فردآ فردآ فأنا الوزير المكلف رسميآ من قبل مجلس الوزراء بمرافقتهم أثناء الزيارة ولا أدري كيف فات عليّ ملاحظة إسم ( المستر ريمون رتشارد من نيويورك ستي ) .. قال لي وهو يضحك ضحكته الصافية ونحن بمنزلنا .. هي الأقدار تفعل بنا ما تشاء وهي التي حولتك من مجرد صبي ميكانيكي إلي وزير متزوج من سيدة رائعة حقا إسمها سحر .. قل له يا ريمون .. لعله نسي هذا في خضم مسئولياته .. سحر وقد أطربتها الفقرة الأخيرة من عبارته .. وهي نفس الأقدار التي حولتك من مجرد تاجر للحشيش إلي ملياردير أمريكي متزوج من أجمل شقيقاتي .. الأستاذة سلمي ..(إحم ..إحم ..شكراً ..شعبي ) سلمي وقد إزداد طولها عشرة بوصات .. وضحكنا مرة أخري وسحر تحلق فوقنا بأناقتها المعتادة تقدم لنا ( الفطائر ) والقهوة وتشاركنا ذكرياتنا ومرحنا .. كثيراً ما حذرته منك يا سيده سحر .. قلت له عليك ب ( بطه .. فهي شبهك ) .. فلن ترضي بك سحر غفيراً لديها ناهيك عن زوج أو حبيب .. أنت مخطيء في هذا يا سيد ريمون .. فلو رجعت عقارب الزمن إلي الي النقطة التي رأيت فيها صالح لأول مرة لآختاره قلبي من جديد ودون تردد .. أنت إنسانه عظيمه يا سحر ولولاك لما كنت أي شيء في هذه الحياة .. طلبت منها أن تخلد للراحة وتتركنا نواصل السهر لوحدنا فقد بت أخاف عليها من التعب والإرهاق .. فجلسنا الساعات الطوال ونحن نجّتر ذكرياتنا معاً .. وسألني عن الجميع ..عن (كافولة ) وعن أفراد الحي العشوائي فرداً فرداً ولم يفتني إخباره طبعآ بمقابلتي للدكتورة أميره .. واقترح علّي تمويل مشروع خدمي يموله للموقع الذي رحلوا إليه فاقترحت عليه حفر بئر وبناء مركز صحي وزاد علي ذلك ببناء مسجد .. وكانت فرحة سكان الحي عظيمة وأنا أضع برفقته حجر الأساس لتلك المنشآت باسم مؤسسة (شنكل )الخيرية .. شنكل وليس ريمون .. وكأني به يريد أن يقول لهم .. أنظروا يا أحبابي إلي أولادكم وهم يتقدمون نحو الأمام في هذه الحياة برغم كل الصعوبات التي واجهتكم .. ولن يتنكروا لكم مهما بلغوا من ثروة وجاه .
    كلفت (عصام ) شقيق سحر بإدارة شئون المؤسسة بعد أن قام الأستاذ إسحق بإجراءات التسجيل المعتادة وأوكلت له وظيفة المدير العام كبادرة مجاملة لزوجتي بالرغم من عدم ثقتي فيه ..وقلت لنفسي الأموال أموالنا وتخص زوج شقيقتي وكم كنت مخطئاً وأنا أتوصل لتلك القناعة ..وهاهي المؤسسة تتوسع وتضخ في أوصالها ملايين الدولارات وقد تحولت من مجرد منظمة خيرية إلي شركة عملاقة تضاهي أكبر شركات البناء بالبلد .. وكان تأثير ذلك عظيمآ علي سحر ووالدتها ولعل الأم تمنت لو أن زوجها كان علي قيد الحياة ليري صهره المسكين وهو يفتح الآفاق المغلقة أمام ابنه الوحيد ويضعه علي سلم الثروة والمجد .
    وحانت لحظة المخاض الرهيبة .. سحر حبيبتي .. زوجتي الرائعة تصرخ وتولول وأنا أحاول أن أتماسك أمام أفراد عائلتها الذين تجمعوا من كل حدب وصوب بعد أن عادت الأمور إلي مجاريها بيني وبينهم .. والمستوصف الأنيق بردهاته البلورية الأنيقة يحتضن تأوهاتها وصراخها .. لم أفزع في حياتي كما فزعت يومها بيد أنني تمسكت بالدعاء والإبتهال ليحفظ الله رائعتي الجميلة سحر .. زوجتي وحبيبة عمري ..

صفحة 7 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة لرواية ( قاع المدينة ) للكاتب عبدالغني خلف الله
    بواسطة عبدالغني خلف الله في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 25-06-2010, 07:56 PM
  2. رسالة من قاع الدست !
    بواسطة خليل انشاصي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 11-09-2008, 04:52 PM
  3. قصيدة: رسالة من قاع الدستِ .للشاعر د. خليل انشاصي .
    بواسطة خليل انشاصي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-09-2008, 01:27 PM
  4. ْ{ فِي رِحَابِ .. المَدِينَةِ المُنَوَّرَة }
    بواسطة عبدالملك الخديدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 21-02-2007, 07:27 AM
  5. أسئلة في قاع البحر
    بواسطة بن عمر غاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 29-06-2004, 04:50 PM