أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: بين قلب محب وألم عقد من الزمن

  1. #1
    الصورة الرمزية محسن العافي أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 433
    المواضيع : 60
    الردود : 433
    المعدل اليومي : 0.09

    بين قلب محب وألم عقد من الزمن

    وسط عالم ملي ء باللامبالاة والعبث ،يتخيل إليك أنه متجه صوب كل جميل، ولا يكون من ذلك إلا عبث وهدم لشعور الآخر وفرط في الأنا ،عيش وسط أفكار هدامة محت كل معاني الجمال الدنيوي الأخاذ، لكنه لا يدري شيئا،فكانت هذه المرأة التي تدعى ``علياء`` ترى ظلمة لا تريد أن تنزاح من أمام عينيها لحظة،فكرت مليا فيما آلت إليه أوضاعها النفسية والعاطفية والأسرية، بعد نكران الذات الذي لازمها عقدا من الزمن، فكان مؤلما حقا ما ينتابها، فأصبحت تعيش في سراب مجحف . فكأن الذي حدث بعد وقت متأخر جعلها لا تأبه لشيء إلا أن تكون السعادة والمرح والطمأنينة تلقي بظلالها على كل جوانب حياتها، فتنعم بحب على وقع نغمات سحرية، حيث لاوجود لليأس والملل.....تفاجأت عندما انكشف عنها الغطاء فعرفت أنها بخير، وأنها لاتعاني شيئا مما كان يعتصر أنفاسها ويهدد سكينتها،بل ما كان من معاناتها تلك هو السيطرة والعبث بعواطف وحس مرهف ونقص وتفريط في أشياء وأشياء، ربت بسوئها فأثرت على جوانب عدة من حياتها،فشاب النقص والفتور كل شيئ فبدت بذلك على غير طبيعتها عندما رأت نفسها مرسومة على لوحة بريشة الفشل الذي كان باديا على محياها وحرصت زمنا طويلا على إخفائه . طول صبر والاه طول انتظاروإحباط دائم ،دونما أمل فيما يحمل الغد. مرت السنون على ذاك الحال،تكبدت فيها كل انواع المعاناة والحرمان في وكرها المزركش بألوان الطيف الذي ليس لجمال طيفه وجود حقيقة كما الأطياف المعروفة، فلم تعد ترى إلا زيفا قابعا، يحجب رؤية القاصي والداني، فلا تعجب فيما إذا سمعت من يقولون أنه مميز وملتزم ومدبر ومتصف بالحكمة.....فكان بكل حركاته وعلاقاته المحدودة يبدي من تركيبة شخصيته كل جميل، مع أن شرارة الشر والمكر كانت تطفو على كل تصرفاته بين الفينة والأخرى مع اخرين ممن يعرفونه، فيغلب الطبع التطبع .
    سلمت أخيرا أمرها إلى الله وقالت :فليكن مايكون وسألتزم الصراحة والوضوح في حياتي،فكان هذا بعدما تمكن منها اليأس وهوت إلى قعر اليم حينما انكسر المجدافان وتقطعت حبال الأمل و استحالت النجاة وسط بحر عميق من التساؤلات والترددات والشكوك والوساوس التي تعصف بكل كيانها ،وبعدما أثقل كاهلها كثرة التنقل بين عيادات الأطباء المتخصصين، الذين كانوا يحتارون في الأمر كل الحيرة،فما من تخصص في هذا المجال إلا ما وهبها الخالق من صبر وخلاص......ما كل هذا الصمت الذي يلازمها ؟هل كل هذا خوف من مصير مجهول ؟تردد في نفسها وهي سابحة في يم ذاكرتها مجيبة بسؤال اخر:أليس المصير المجهول هو ما أعيشه في حياتي المضنية هاته ؟كانت أمام أمواج عاتية جعلتها تستسلم دون سابق معرفة بحقيقة الأمر، لاتعرف لمعاني الحياة الجميلة إلا الجزء اليسير فقط ، بينما كان الاخر يكرر عبارة: ``المال والبنون زينة الحياة الدنيا`` منشغلا حتى أخمص قدميه في المال وسبل تحصيله ، دونما حنين إلى التساكن والمودة والرحمة ، أشياء سامية كان حريا به أن يسعى إليها قبل التفكير فيما يلازم أفقه وخططه من قبل ومن بعد ،لكنه كان غافلا عنها....لاينتبه إلى أشياء تجعل الحياة راقية وجميلة وممتعة ،يخيل إليه أنه ناجح ومرتاح فيما يفكر فيه، ويحصل عليه من درجات وامتيازات،لم يكن ذلك قط نجاحا على حد قول صاحبته هاته التي كانت تعيش ضغطا نفسيا من كثرة التهميش والعبث المتكرر بشعورها، حتى خالت نفسها تعيش في عصور الجاهلية ،حيث لا مكانة مميزة ماثلة للمرأة أنذاك إلا الإنحطاط والمهانة ،داس على كل العواطف وكل جميل، بل على كل مايجعل الحياة ذات قيمة سامية بينه وبينها ،فنسي بذلك أن ما من شخصين اجتمعا على شئ إلا ويجب أن يكلل حياتهما معا صفاء وطهر وطمأنينة، وأن الحياة أخذ وعطاء وليست أخذا فقط كما يظن، فهي امرأة لاتفتقر بوجودها في هذه الدنيا إلا لمعاني كلمة جعلها الله مفتاحا لكل القلو ب،ولكل إحساس راق متدفق من اعماق القلب،ولايهمها شيئ غير ذلك.
    لكنها كانت تعجب لأمره عندما تراه يتنحى جانبا غير آبه لما عانت وتعاني منه من فراغ ووحدة قاتلة في ظل بيت تملأه أصوات الأطفال، فبقدر ما كان ذلك المنزل فضاء رحبا بقدر ما كان ينتظر حركة من ذرات حب تملأ أفقه وهواءه.
    كانت إطلالة الآخر بين الفينة والأخرى بمواقيت معينة دون كلمة رقيقة منه،أو كلمة اعتراف أو شكر،فكانت تنظر إليه نظرة حسرة وألم وأسف، لانها تريده كما كانت تراه قبل الارتباط، سيوفر لها كل أنواع السعادة .....ظلت على هذه الحال سنين يدعمها الصبر ومايصيبها من سب وشتم وإهانة وإهدار للحقوق والواجبات، حتى فوجئت يوما بمناد يناديها من بعيد :أين أنت أيها الأنيس ؟عشت سنين من القهر وألم تهيؤات وأفكار محبطة، ولم أجد أمامي أحدا يسمعني إلا أنت،أيها الوجه الملائكي الذي وهبك الله كل جميل ،أين أنت لنلتقي قريبا يشدنا إلى بعضنا التزام وعهود ووفاء ؟دعينا نلتقي يواسي بعضنا بعضا، نحمل حبا صادقا بعد تعاسة مضنية، نملأ أيامنا حبا لامتناهيا ،يجعل الظلمة تتبدد ببدر ساطع، يسبغ ليلنا سحرا وبهاء وجمالا أبديا، كما كان سرابا قاتلا .....استفاقت من حلمها على صوته وهو يصيح بكل قوة : إستفيقي أيتها البلهاء !ألازلت نائمة إلى الآن ؟فاستيقظت تاركة حلمها الذي ترى فيه ملاذا وفرارا من كل بؤس ومعاناة.

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    معاناه لحالة اجتماعية تناولها الكاتب ببراعة
    وكأنه يقرأ الصراع النفسي للزوجة وشعورها بالفقد لأشياء هي ماتشعرها بذاتها
    وفرارها من معاناتها داخل الحلم الذي رأت فيه ملاذها الوحيد
    وإشباع النقص الذي يعيشه الزوج بالتجبر والوصول بها لمستودع اليأس
    سيدي الفاضل ...
    كنت رائعا هنا بدقة الوصف حيث القدرة الفائقة على التعبير
    وكانت النهاية مقنعة جميلة تتماشى والحالة
    مرحبا بك في ربوع الواحة
    وكل عام وأنت للرحمن أقرب
    تقديري الكبير

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    مهزلة هي حين لا يجد المستوحش ملجأ من واقعه غير أحلام يشده الوقاع منها متى شاء

    قصة ملفتة بشائقية السرد وغائية المحمول وروعة التوصيف
    الحوار بشقية البراني والجواني كان معبرا والأداء طيبا


    دمت بخير أيها الكريم

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  4. #4
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    هربت من واقعها لوهم
    والوهم بحر يغرق فيه من يدخله، ولا يجد ما ينجيه منه
    إلا عندما يستعيده الواق لعذابه

    قصة رائعة أخي
    أمتعتني قراءتها
    وأعجبني فهم الكاتب لمشاعر الزوجة

    شكرا لك

    بوركت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية لانا عبد الستار أديبة
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    العمر : 53
    المشاركات : 2,496
    المواضيع : 10
    الردود : 2496
    المعدل اليومي : 0.60

    افتراضي

    قصة جميلة الطرح والأسلوب والحوار فيها شيق والمضمون إنساني ومعبر

    أشكرك
    -

  6. #6
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    كم نحن متعبون ونلهث وراء أحلام نختبئ فيها
    قصة بسرد ماتع و أسلوب مشوق وحبكة متقنة
    دمت بخير
    تقديري

المواضيع المتشابهه

  1. حبةٌ مِن عِقدْ ..!
    بواسطة نغم عبد الرحمن في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 31-07-2019, 03:08 PM
  2. بين هم وألم
    بواسطة أحمد بن محمد عطية في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 23-03-2016, 10:34 PM
  3. إعتذار قلبٌ مُحب
    بواسطة محمد حسن النادي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 06:27 PM
  4. رحيل قلب .. وذكرى محب
    بواسطة إيمان دلول في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-04-2007, 11:25 PM
  5. شوق وألم
    بواسطة عبدالله في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 01-01-2005, 02:25 PM