أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ما يجب أن يراعيه معرب القرآن .. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي

  1. #1
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي ما يجب أن يراعيه معرب القرآن .. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي

    وعلى الناظر في كتاب الله تعالى الكاشف عن أسراره النظر في الكلمة وصيغتها ومحلها ككونها مبتدأ أو خبرا أو فاعلا أو مفعولا أو في مبادئ الكلام أو في جواب إلى غير ذلك.
    ويجب عليه مراعاة أمور:
    أحدها: وهو أول واجب عليه
    أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الإعراب؛ فإنه فرع المعنى؛ ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور إذا قلنا بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه.
    وقالوا في توجيه نصب " كلالة " في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً}: إنه يتوقف على المراد بها؛ فإن كان اسما للميت فهو حال و"يورث" خبر "كان " أو صفة وكان تامة أو ناقصة وكلالة خبر أو للورثة فهو على تقدير مضاف أي ذا كلالة وهو أيضا حال أو خبر كما تقدم أو للقرابة فهو مفعول لأجله.
    وقوله: {سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي}: إن كان المراد بالمثاني القرآن فـ "من" للتبعيض، أو الفاتحة فلبيان الجنس. وقوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} فإن كان بمعنى الاتقاء فهي مصدر أو بمعنى متقى أي أمرا يجب اتقاؤه فمفعول به، أو جمعا كرماة فحال.
    وقوله: {غُثَاءً أَحْوَى} إن أريد به الأسود من الجفاف واليبس فهو صفة لغثاء، أو من شدة الخضرة فحال من المرعى.
    قال ابن هشام: وقد زلت أقدام كثير من المعربين راعوا في الإعراب ظاهر اللفظ ولم ينظروا في موجب المعنى من ذلك قوله: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} فإنه يتبادر إلى الذهن عطف "أن نفعل "على "أن نترك "، وذلك باطل لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤون، وإنما هو عطف على "ما "فهو معمول للترك والمعنى: أن نترك أن نفعل. وموجب الوهم المذكور أن المعرب يرى أن والفعل مرتين وبينهما حرف العطف.
    الثاني: أن يراعي ما تقتضيه الصناعة
    فربما راعى المعرب وجها صحيحا ولا ينظر في صحته في الصناعة فيخطئ. من ذلك قول بعضهم: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}: إن ثمودا مفعول مقدم وهذا ممتنع؛ لأن لـ "ما "النافية الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، بل هو معطوف على "عادا "أو على تقدير: "وأهلك ثمودا ".
    وقول بعضهم في: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}، {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}: إن الظرف متعلق باسم لا وهو باطل؛ لأن اسم "لا "حينئذ مطول فيجب نصبه وتنوينه وإنما هو متعلق بمحذوف.
    وقول الحوفي: إن الباء من قوله: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}- متعلقة بـ "ناظرة "، وهو باطل؛ لأن الاستفهام له الصدر بل هو متعلق بما بعده.
    وكذا قول غيره في: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} إنه حال من معمول "ثقفوا "أو "أخذوا "باطل؛ لأن الشرط له الصدر بل هو منصوب على الذم.
    احرص على أن تنادي أشياء حياتك الإيمان وشريعة الله تعالى!

  2. #2
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    الثالث: أن يكون مليا بالعربية
    لئلا يخرج على ما لم يثبت كقول أبي عبيدة في: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ}: إن الكاف قسم حكاه مكي وسكت عليه فشنع ابن الشجري عليه في سكوته ويبطله أن الكاف لم تجئ بمعنى واو القسم وإطلاق ما الموصولة على الله وربط الموصول بالظاهر وهو فاعل "أخرجك "وباب ذلك الشعر. وأقرب ما قيل في الآية إنها مع مجر ورها خبر محذوف أي هذه الحال من تنفيلك الغزاة على ما رأيت في كراهتهم لها كحال إخراجك للحرب في كراهيتهم لها.
    وكقول ابن مهران في قراءة: "إن البقر تشابهت "بتشديد التاء: إنه من زيادة التاء في أول الماضي، ولا حقيقة لهذه القاعدة وإنما أصل القراءة: "إن البقرة تشابهت "بتاء الوحدة، ثم أدغمت في تاء "تشابهت "فهو إدغام من كلمتين.
    الرابع: أن يتجنب الأمور البعيدة والأوجه الضعيفة واللغات الشاذة
    ويخرج على القريب والقوي والفصيح فإن لم يظهر فيه إلا الوجه البعيد فله عذر وإن ذكر الجميع لقصد الإغراب والتكثير فصعب شديد أو لبيان المحتمل وتدريب الطالب فحسن في غير ألفاظ القرآن، أما التنزيل فلا يجوز أن يخرج إلا على ما يغلب على الظن إرادته؛ فإن لم يغلب شيء فليذكر الأوجه المحتملة من غير تعسف ومن ثم خطئ من قال في: {وَقِيلِهِ} بالجر أو النصب: إنه عطف على لفظ "الساعة "أو محلها لما بينهما من التباعد، والصواب أنه قسم أو مصدر "قال" مقدرا.
    ومن قال في {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ}: إن خبره {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}، والصواب أنه محذوف. ومن قال في {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ}: إن جوابه {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ} والصواب أنه محذوف، أي ما الأمر كما زعموا أو أنه لمعجز أو إنك لمن المرسلين.
    ومن قال في: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ}: إن الوقف على "جناح" و"عليه" إغراء؛ لأن إغراء الغائب ضعيف بخلاف القول بمثل ذلك في {عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} فإنه حسن؛ لأن إغراء المخاطب فصيح.
    ومن قال في: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} إنه منصوب على الاختصاص لضعفه بعد ضمير المخاطب، والصواب أنه منادى. ومن قال في {تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} بالرفع: إن "أصله" أحسنوا فحذفت الواو اجتزاء عنها بالضمة؛ لأن باب ذلك الشعر، والصواب تقدير مبتدأ أي هو أحسن.
    ومن قال في: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ} بضم الراء المشددة إنه من باب:
    إنك إن يصرع أخوك تصرع
    لأن ذلك خاص بالشعر، والصواب أنها ضمة إتباع وهو مجزوم.
    ومن قال في {وَأَرْجُلَكُمْ}: إنه مجرور على الجوار؛ لأن الجر على الجوار في نفسه ضعيف شاذ لم يرد منه إلا أحرف يسيرة، والصواب أنه معطوف على {بِرُؤُوسِكُمْ} على أن المراد به مسح الخف.
    قال ابن هشام وقد يكون الموضع لا يتخرج إلا على وجه مرجوح
    فلا حرج على مخرجه كقراءة {نُجِي المُؤْمِنِينَ} قيل: الفعل ماض ويضعفه إسكان آخره، وإنابة ضمير المصدر عن الفاعل مع وجود المفعول به. وقيل: مضارع أصله "ننجي "بسكون ثانيه، ويضعفه أن النون لا تدغم في الجيم. وقيل: أصله "ننجي "بفتح ثانيه وتشديد ثالثه فحذفت النون، ويضعفه أن ذلك لا يجوز إلا في التاء.

  3. #3
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    الخامس: أن يستوفي جميع ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة
    فتقول في نحو { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}: يجوز كون الأعلى صفة للرب وصفة للاسم، وفي نحو: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ} يجوز كون "الذين "تابعا ومقطوعا إلى النصب بإضمار "أعني" أو "أمدح" وإلى الرفع بإضمار "هم".
    السادس: أن يراعي الشروط المختلفة بحسب الأبواب
    ومتى لم يتأملها اختلطت عليه الأبواب والشرائط، ومن ثم خطئ الزمخشري في قوله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ}: إنهما عطف بيان، والصواب أنهما نعتان لاشتراط الاشتقاق في النعت والجمود في عطف البيان.
    وفي قوله في: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} بنصب "تخاصم ": إنه صفة للإشارة؛ لأن اسم الإشارة إنما ينعت بذي اللام الجنسية، والصواب كونه بدلا.
    وفي قوله في: {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} وفي {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا}: إن المنصوب فيهما ظرف؛ لأن ظرف المكان شرطه الإبهام، والصواب أنه على إسقاط الجار توسعا وهو فيهما "إلى". وفي قوله: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}: إن "أن "مصدرية وهي وصلتها عطف بيان على الهاء لامتناع عطف البيان على الضمير كنعته.
    وهذا الأمر السادس عده ابن هشام في المغني ويحتمل دخوله في الأمر الثاني.
    السابع: أن يراعي في كل تركيب ما يشاكله
    فربما خرج كلاما على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه، ومن ثم خطئ الزمخشري في قوله في: {وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} إنه عطف على {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}، ولم يجعله معطوفا على: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}؛ لأن عطف الاسم على الاسم أولى، ولكن مجيء قوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} بالفعل فيهما يدل على خلاف ذلك. ومن ثم خطئ من قال في: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ}: إن الوقف على "ريب "و "فيه " خبر "هدى "، ويدل على خلاف ذلك قوله في سورة السجدة: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
    ومن قال في: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}: إن الرابط الإشارة وإن الصابر والغافر جعلا من عزم الأمور مبالغة، والصواب أن الإشارة للصبر والغفران بدليل: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ولم يقل "إنكم ".
    ومن قال في نحو {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ}: إن المجرور في موضع رفع، والصواب في موضع نصب؛ لأن الخبر لم يجيء في التنزيل مجردا من الباء إلا وهو منصوب. ومن قال في {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}: إن الاسم الكريم مبتدأ، والصواب أنه فاعل بدليل {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}.
    تنبيه
    وكذا إذا جاءت قراءة أخرى في ذلك الموضع بعينه تساعد أحد الإعرابين فينبغي أن يترجح كقوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ}، قيل: التقدير: ولكن ذا البر وقيل: ولكن البر بر من آمن، ويؤيد الأول أنه قرئ: "ولكن البار ".
    تنبيه
    وقد يوجد ما يرجح كلا من المحتملات فينظر في أولاها نحو {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً}، فـ "موعدا "محتمل للمصدر، ويشهد له {لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ}، وللزمان ويشهد له: {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ}، وللمكان ويشهد له: {مَكَاناً سُوَىً}. وإذا أعرب "مكانا "بدلا منه لا ظرفا لـ "نخلفه" تعين ذلك.

  4. #4
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    الثامن: أن يراعي الرسم
    ومن ثم خطئ من قال في {سَلْسَبِيلاً}: إنها جملة أمرية، أي سل طريقا موصلة إليها؛ لأنها لو كانت كذلك لكتبت مفصولة. ومن قال في {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}: إنها إن واسمها أي إن القصة وذان مبتدأ خبره لساحران والجملة خبر إن وهو باطل برسم "إن "منفصلة وهذان متصلة.
    ومن قال في {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}: إن اللام للابتداء والذين مبتدأ والجملة بعده خبره وهو باطل، فإن الرسم "ولا ". ومن قال في {أَيُّهُمْ أَشَدُّ}: إن "هم أشد " مبتدأ وخبر وأي مقطوعة عن الإضافة وهو باطل برسم "أيهم "متصلة. ومن قال في {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}: إن "هم" ضمير رفع مؤكد للواو وهو باطل برسم الواو فيهما بلا ألف بعدها، والصواب أنه مفعول.
    التاسع: أن يتأمل عند ورود المشتبهات
    ومن ثم خطئ من قال في: {أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً} إنه فعل تفضيل والمنصوب تمييز، وهو باطل؛ فإن "الأمد "ليس محصيا بل محصى، وشرط التمييز المنصوب بعد "أفعل" كونه فاعلا في المعنى؛ فالصواب إنه فعل وأمدا مفعول مثل: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}.
    العاشر: ألا يخرج على خلاف الأصل أو خلاف الظاهر لغير مقتض
    ومن ثم خطئ مكي في قوله في: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي} إن الكاف نعت لمصدر أي إبطالا كإبطال الذي، والوجه كونه حالا من الواو أي لا تبطلوا صدقاتكم مشبهين الذي فهذا لا حذف فيه.
    الحادي عشر: أن يبحث عن الأصلي والزائد
    نحو {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فإنه قد يتوهم أن الواو في {يَعْفُونَ} ضمير الجمع فيشكل إثبات النون، وليس كذلك، بل هي فيه لام الكلمة فهي أصلية والنون ضمير النسوة، والفعل معها مبني ووزنه: "يفعلن" بخلاف {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ} فالواو فيه ضمير الجمع وليست من أصل الكلمة.
    الثاني عشر: أن يجتنب إطلاق لفظ الزائد في كتاب الله تعالى
    فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له وكتاب الله منزه عن ذلك، ولذا فر بعضهم إلى التعبير بدله بالتأكيد والصلة والمقحم. وقال ابن الخشاب: اختلف في جواز إطلاق لفظ الزائد في القرآن، فالأكثرون على جوازه نظرا إلى أنه نزل بلسان القوم ومتعارفهم ولأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف وهذا للتوكيد والتوطئة. ومنهم من أبى ذلك وقال: هذه الألفاظ المحمولة على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصها فلا أقضي عليها بالزيادة. قال: والتحقيق أنه إن أريد بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فباطل؛ لأنه عبث، فتعين أن إلينا به حاجة لكن الحاجة إلى الأشياء قد تختلف بحسب المقاصد، فليست الحاجة إلى اللفظ الذي عده هؤلاء زيادة كالحاجة إلى اللفظ المزيد عليه. انتهى.
    وأقول: بل الحاجة إليه كالحاجة إليه سواء بالنظر إلى مقتضى الفصاحة والبلاغة، وأنه لو ترك كان الكلام دونه مع إفادته أصل المعنى المقصود أبتر خاليا عن الرونق البليغي لا شبهة في ذلك ومثل هذا يستشهد عليه بالإسناد البياني الذي خالط كلام الفصحاء، وعرف مواقع استعمالها وذاق حلاوة ألفاظهم وأما النحوي الجافي فعن ذلك بمنقطع الثرى.

  5. #5
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    تنبيهات
    الأول
    قد يتجاذب المعنى والإعراب الشيء الواحد بأن يوجد في الكلام أن المعنى يدعو إلى أمر والإعراب يمنع منه والمتمسك به صحة المعنى ويؤول لصحة المعنى الإعراب، وذلك كقوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} فالظرف الذي هو "يوم "يقتضي المعنى أنه يتعلق بالمصدر وهو "رجع" أي أنه على رجعه في ذلك اليوم لقادر، لكن الإعراب يمنع منه؛ لعدم جواز الفصل بين المصدر ومعموله فيجعل العامل فيه فعلا مقدرا دل عليه المصدر.
    وكذا {أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ} فالمعنى يقتضي تعلق "إذ" بالمقت والإعراب يمنعه للفصل المذكور، فيقدر له فعل يدل عليه.
    الثاني
    قد يقع في كلامهم هذا تفسير معنى وهذا تفسير إعراب، والفرق بينهما أن تفسير الإعراب لا بد فيه من ملاحظة الصناعة النحوية، وتفسير المعنى لا تضره مخالفة ذلك.

  6. #6
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي فريد
    غبت فترة عن فوائدك الجليلة التي تسوقها لنا .

    مع التحية
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  7. #7

المواضيع المتشابهه

  1. وجوه "الفتنة" .. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى المُعْجَمُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07-02-2023, 11:58 AM
  2. وجوه "القضاء" .. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى المُعْجَمُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-01-2012, 02:06 PM
  3. وجوه "الهدى" ومشتقاتها.. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى المُعْجَمُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-02-2011, 06:45 PM
  4. حكم فن الاقتباس .. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-11-2010, 06:11 AM
  5. إعراب أسماء سور القرآن .. من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّحوُ والصَّرْفُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-10-2010, 11:52 AM