أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: عجائب من الغربة

  1. #1
    الصورة الرمزية فتحي العابد أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2009
    العمر : 59
    المشاركات : 267
    المواضيع : 81
    الردود : 267
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي عجائب من الغربة

    بسم الله الرحمان الرحيم

    عجائب من الغربة

    كنت ذات صباح في قاعة الإنتظار بالمستشفى الجامعي القريب من سكني في روما، أنتظر دوري لأراجع الطبيب لبعض حروق ظهرت على أطرافي، وكان أمامي في القائمة شيخ إيطالي يناهز الثمانين بادية عليه علامات القلق، ينتظر هو بنفسه نفس الطبيب لتغيير ضمّادة حول معصمه وإعادة تطبيب يده من جديد، وكان قد أخبر الممرضة أنه في عجلة من أمره.. يطرق بين الفينة والأخرى باب غرفة الطبيب، يسأل الممرضة عن موعد دخوله، وهي تخبره في كل مرة أن هناك شخص أمامه في حالة حرجة.. وأنا أضحك، متعجبا من عجلته رغم أنه متقاعد ولا مشاغل كبيرة وراءه.

    وفي نفس القاعة كانت هناك امرأة عجوز إيطالية هي كذلك في مقعد مقابل لي وبعيدة عني بعض الشيء تنظر إليّ محدقة، أحسست بالإرتباك في أول الأمر، ثم حاولت أن ابتسم وأنا أنظر إليها تارة وأصرف النظر عنها مرة أخرى..

    وفجأة تقدمت نحوي.. سائلة: ما اسمك؟

    فأخبرتها بإسمي!

    فقالت: لقد كنت أنظر إليك لأن طريقة ضحكك تشبه طريقة ضحك إبني.. وصمتت قليلا، ثم تنهدت وقالت: لقد مات في حادث سيارة..

    لم أستطع أن أرد عليها.. ما الذي يمكن أن تقوله لإنسان يقول لك أنك تذكره بغال عليه فقده؟

    لقد اعتلاني شعور بالشفقة والحنان عليها، ووددت لو أضمها إلى صدري لأطفأ بعضا من نار قلبها على ابنها الذي فقدته..

    ثم أخرجتني هذه السيدة العجوز من حالة الشرود التي أنا فيها، وقالت: لقد تركت فيّ أثرا جميلا يابني هذا اليوم.. شكرا لك، لأنك ذكرتني بطريقة ضحكته المحببة إلى نفسي.. لقد كان يمتلئ حيوية ونشاطا..

    كان صباح الممرضات ذلك اليوم مشحون بالعمل، وهن يخرجن ويدخلن الغرف بدون انقطاع.. لم يهدأ بال ذلك الرجل العجوز الذي أثار انتباهي وفضولي، بعد أن أثارت تلك العجوز من قبل عطفي وحناني.. وهو يمشي ذهابا وإيابا، قلق يتذمر من التأخير الذي طرأ على مذكرة يومه، وفي طرقة من طرقاته باب غرفة الطبيب خرجت عليه الممرضة وهي تعاتبه، وقالت له: ماكل هاته العجلة وأنت لا شغل ولا مواعيد مهمة أمامك؟ وطلبت منه الممرضة الجلوس في أي كرسي من كراسي قاعة الأنتظار وستقوم هي بتطبيبه إذا كان لا يرغب في الإنتظار، ومقابلة الطبيب.. فوافق.

    ذهبت وأحضرت كل المستلزمات، ثم وقفت أمامه وهي تتحدث معه، بعد أن أزالت الضمادة واهتمت بجرحه..

    سألته الممرضة: إذا كان موعدك هذا الصباح مع طبيب آخر ولذلك أنت في عجلة من أمرك؟

    أجاب: لا.. لكنى ذاهب إلى دار الرعاية لتناول إفطار الصباح مع زوجتي ككل يوم.

    فسألته الممرضة: ما سبب دخول زوجتك لدار الرعاية؟

    فأجابها: إنها هناك منذ فترة لأنها مصابة بمرض فقدان الذاكرة..

    وفي تلك اللحظة انتهت الممرضة من تغيير الضمادة بعد أن طبّبته، وسألته: وهل ستقلق زوجتك لو تأخرت عن الميعاد قليلا ؟

    فأجاب: أنها لم تعد تعرف من أنا.. إنها لا تستطيع التعرف علي منذ أربع سنوات مضت.

    قالت الممرضة مندهشة: ولازلت تلازمها وتتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت ؟

    ابتسم الرجل العجوز وهو يربت على يديها وقال: هي لا تعرف من أنا، ولكنني أعرف من هي.. وانصرف مسرعا.

    مسحت الممرضة دمعة من عينها كادت أن تسقط، وقالت وهي تخنها الشهقة: هذا هو نوع الحب الذي أريده في حياتي.. ودخلت الغرفة.

    تأثرت كثيرا بذلك الموقف وأمضيت بقية يومي أفكر تارة في تلك المرأة العجوز، وتارة أفكر وأستغرب من أمر ذلك الرجل العجوز..

    لقد مضت بضع سنوات على تلكما الواقعتين لكنني لم أنساهما.

  2. #2

  3. #3

  4. #4
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    الأخ الكريم فتحي العابد
    جميل جدا هذا الموقف الإنساني الذي نقلته لنا بأسلوب ممتع وشيق وهادئ .
    النص احتوى قصتين لا رابط بينها من ناحية الحبكة ، وكان يمكن الاستغناء عن قصة الامرأة العجوز دون التأثير في القصة الرئيسية (كما فهمتها) ، وفي القصة القصيرة هذا مهم ، مالم يكن للحدث الآخر ارتباط بالحبكة .
    أما العبرة التي خلصت إليها من القصتين أخي فتحي في السطرين الأخيرين فأرى فيها مباشرة من الكاتب وتعليقا على القصتين ، وكان أجمل لو انتهت القصة قبلهما .
    ولأن هذا العمل الإبداعي هو نص أدبي بالدرجة الأولى فيحتاج كذلك إلى مراجعة لغوية ليكتمل له ألقه .
    أرجو أخي الحبيب أن يتسع صدرك لرأي وما قلته إلا أداء لأمانة النصح وواجب النقد .

    تقبل تحيتي واحترامي وتقديري
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    أحمد الله أني قرأت الردود قبل أن أضع ردي، لكيلا أحرج نفسي بتكرار ما قال الفاضل د.مازن لبابيدي
    النص في عمومه يقوم على فكرتين لقصتين جميلتي ومعبرتين فعلا، وفي دمجهما معا كسر لواحدة من أهم ملامح القصة القصيرة من حيث وحدة الحدث في الوحدة الزمانية التي تحكيها سردية القصة
    واللغة احتاجت منك لبعض عناية ومراجعة

    مع ذلك تبقى الرسالة الإنسانية التي حملها النص راقية سامية
    والفكرة في القصتين نبيلة ومؤثرة

    دمت بخي
    ر
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  6. #6
    الصورة الرمزية فتحي العابد أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2009
    العمر : 59
    المشاركات : 267
    المواضيع : 81
    الردود : 267
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    بسم الله الرحمان الرحيم
    جازاك الله خيرا أستاذ مازن هذا ماأنتظره من أمثالكم النصح والتقويم والترشيد وليس غير
    نبهتني لشيء مهم
    شكرا لك من جديد

  7. #7

المواضيع المتشابهه

  1. عجائب وغرائب
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-07-2006, 03:07 PM
  2. عجائب السجود لله من الناحية الطبية
    بواسطة زاهية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 29-11-2005, 01:05 AM
  3. عجائب قدرة الله في الظالم .. قصة عجيبة
    بواسطة زيدان سعيدة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-11-2005, 01:40 AM
  4. من عجائب القرآن
    بواسطة أم محمد العمري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-09-2004, 08:05 AM