بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أقلب تلك الصفحات سعيدة ، مبتهجة ، أعاود القراءة فيها يوما بعد يوم ، متأملة جمال معانيها ، فرحة برقة لفظها ، تؤرجحني أمواج بحورها .
الآن ، وكلما حملني الشوق إليها ، والنظر فيها ، فاض وجدي ، ففاض قلمي ..
تحبين تهجئة الحروف ، و ترسمين بكل حرف زهرة ، و تنسجين بكل كلمة قصة ، فيتلون الخيال بكل أصباغ الطيف ، و يمتلئ بأعذب ألحان الجمال .
هكذا كنت ؛ تقلبين الصفحات ، وتنهلين من معين الحروف و الكلمات و تلتهمين السطور تلو السطور التهام جائع غرثان ، فيسري زادك دفأً في حناياك ، وتنتشي روحك جمالا بروعة تلك الكلمات ، وترقص طربا لصدق ذي المعاني .
تتأملين الخطوط ، وتراقبين خلجات أنفاسها ، بل و تسافرين بعيدا تلاحقينها ، لتعرفي أين استقر سفينها ، وعلى بنادرها تحطين الرحال ، حيث وجدت هناك كل الصدق و الوفاء ، بل كل الحب .
أهو ضباب يلف موانئ الكلمات ! أم فيض عيني ؟
لم البكاء ؟!
و كيف تذوي أغصان سعادة بمعنى ظللني ؟
أو تذوب بهجة لفظ عانقني !
و لم يغفُو شوق إلى حس أطربني ؟
أيتها الباكية ! أحق لك في المداد مسلوب ؟ فيجري ماء عينك ، ويصدح بالأنين خفق قلبك ؟
أم باتت ترسم لك تلك الصفحات صورة حسناء تنازعك العرش الذي تتربعين !!
أيتها الشاكية دموعا لها في الفؤاد صدى ، ما أنت إلا زائرة لجنبات القلوب ، سائحة بين رياض العقول ، مصطافة لربوع الشعراء ، فبعينيك ترفقي ..