بسم الله الرحمن الرحيمالإنهيار .. مشاهد واقعيةمن أي بلد أنت أيتها الجميلة مثل أستار الكعبة وقناديل المدينة ؟ ..قلت ان اسمك هو سامية ..؟ وكيف لا يكون وقد سموت فوق كل المعاني والحروف .. بأي لغة أكلمك فالكلمات تقف عاجزة ومضطربة وترتجف من شدة الخوف والرهبة وهي تقف خاضعة ذليلة أمام قامتك الباسقة يا سامية محمد آدم الحلو ..الأنيقة النبيلة والشامخة شموخ جبل مرة ..الآن قد سمعوا بك وقرأوا عنك وغداً سيطمرك النسيان لأن سجل البطولات الزائفة والإنجازات المضخمة لن يطيق أن يمنحك بعض الأسطر لنكتب اسمك فيها .. وهل تطيق دهاليز الظلمة انبثاق النور.. إذن دعينا نبحث عن إطار آخر نرسم فيه قسماتك الرائعة ووجهك الوسيم .. ما رأيك بدفاتر التلاميذ في المدارس وكراريسهم .. التلاميذ الذين يا طالما أحببتهم وأحبوك .. سنطلب منهم أن يرسموا بهائك كما رأوك وتمنوك مرشدة للصف ومعلمة للتاريخ أو الجغرافيا .. المهم أن يؤرخوا لإطلالتك الحلوة كل صباح وأنت تمسكين بالطباشور والماسحة وتطلبين منهم أن يرددوا خلفك ..بسم الله الرحمن الرحيم ..وتجيء أصواتهم الدافئة في نغم كورالي متدفق كالشلال في( نرتتي ) .. وكأهازيج الرعاة في الكثبان البعيدة .. بسم الله الرحمن الرحيم ..( نون والقلم وما يسطرون ..) صدق الله العظيم ..وانتهت الحصة ولكن لم تنته بعد دروسك في الحياة .. النظافة من الإيمان .. من عليه الدور للنظافة اليوم ؟.. الكنبة الرابعة .. ممتاز .. الفصل قديم ومتشقق ولكن علينا أن ننظفه ونجّمله لماذا يا بنات ؟ .. لأن النظافة من الإيمان .. رائع والآن هيا اخرجوا للفسحة ..وتدافعن كالفراشات الملونة .. كالشفق .. كالعصافير وتدفقن بكل الحيوية والنضارة والبراءة .. وخرجت التلميذات وعدن .. و( السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين والشمس تبدو خلفها صفراء معصوبة الجبين لكنما عيناك يا سامية ساهمتان ترنوان للأفق البعيد ..سامية فيم تفكرين ..؟!) ألا تري معي ما أري .. الزوابع والأمطار تتشكل وهي تظللنا بشكل مخيف .. أخشي علي تلميذاتي من المطر والجدران آيلة للسقوط أخاف علي بناتي .. وطفلك الذي في أحشائك وقد بلغ ثمانية أشهر من العمر .. ألا تخافين عليه ؟.. وزوجك ؟ . .رفيق صباك وشريك حياتك .. لعلك لم تقدمي له كوباً من الشاي والعصير هذا الصباح .. وكيف أفعل والطابور الصباحي ينطلق عند السابعة والنصف صباحاً .. أنا صاحبة رسالة وزوجي يتفهم مهنتي .. ولكن يا إلهي .. ماذا يجري في الصف الثاني .. أيها الناس .. يا عالم ..الصف الثاني ينهار .. ينهار .. سامية رجاءً كونب حذرة .. سامية توقفي ..لا لن أتوقف .. لن استطيع الوقوف مكتوفة اليدين وتلميذاتي يصرخن ويستنجدن بي .. الإنهيار والغبار والرماد .. وغبار الأسئلة ورماد التكهنات قد بدأت الآن في الهطول تماماً كالأمطار وبغزرارة مميزة هذه المرة .. وفي جعبة كل مسئول أكثر من إجابة وأكثر من تبرير..إذن ماتت المعلمة سامية بعد أن أنقذت آخر تلميذة .. طمرتها الأتربة وألواح الخشب وبقايا الجدران .. ولم يتبق إلا أن نقول .. وداعاً سامية محمد آدم الحلو ..وداعاً سامية .عبدالغني خلف الله