أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 22

الموضوع: قراءة في "حروف الجب" للشاعر محمود فرحان حمادي

  1. #1
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي قراءة في "حروف الجب" للشاعر محمود فرحان حمادي

    قراءة في حروف الجب
    للشاعر محمود فرحان حمادي

    يتألف النص الإبداعي عموما من تركيبة شبكية من العبارات المتناغمة والمتسقة بما يعطي للنص معناه المرسوم أصلا في ذهن المبدع بنيّة توصيل رسالة للقاريء يقصد من خلالها إفادة معينة، وهذه العبارات هي ركيزة النص وسنده، فالشعر لا يراد لذاته، بل يقصد به شرح عاطفة أو توضيح أمر أو بيان مقصود ما، ضمن توظيف للمفردة يشكل عنصرا هاما من عناصر نجاح النص وتفوقه، وهذا التفوق هو الانطباع الأول الذي تحمله بعد قراءة واعية لمجموعة الشاعر محود فرحان حمادي الجديدة " حروف الجب" حيث تأتلق نصوص المجموعة على تنوعها بدرجة عالية من توهج النص والحس في تنوع موسيقي بديع وعلاقة شامخة بالمعاني التي تعاملت معها القصائد على اختلافها ...
    دلالات المفردة وتوظيفها
    ولا شك أن القصيدة تكتسب قيمتها من انتباهها الى محمولات وحدود مفرداتها وتراكيب عباراتها الشعرية، وهنا نرى حرفية التراكيب التعبيرية في شعر حمادي بحملها جملا مركبة المعاني تأتلق فيها العبارة بأكثرمن مضمون تتلاحق أو تندمج في بناء بديع يحمل قصده للمتلقي بحلة بديعة يتفتح معها ذهنه لاستقبال الرسالة الهدف بوعي واحساس، فتجده في رائعته يا شامةالأقطار يستهل القصيدة ب
    أبدًا تُسعّرُ في الفؤاد غراما
    والمحمول هنا واقعة التسعير بالفعل سعّر بتوهجة وحرارته
    وفي الفؤاد هي ظرف مكان للواقعة التي زمانها ابدا
    وهذا يحملنا الى الحدود لنجد الحد الثاني وهو متقبل الواقعة غراما
    فيستعر في رأس المتلقي السؤال عن الحد الأول والذي هو منفذ الواقعة .. من هي تلك التي تسعر الغرام في الفؤاد
    وتأتي الإجابة الأولى
    عينٌ .....
    فما بالها ؟ ... سؤال جديد
    وجوابه ....
    هجرت جمالها أعواما ... حمل جديد متصل
    فعينٌ هنا حدٌ أول لمحمول صدرالبيت كونها منفذ واقعة التسعير ، وهي متصلة بتماسك واندماج في ذات الوقت بالحدّ الثاني لواقعة الهجر وهو جمالها (جمال العين) التي نفذ عليها الحدّ الأول (تاء الشاعر)واقعة الهجر

    وتتواصل الصور وتتلاحق بواقعة تلي أخرى تنفذها العين على متبل لها أو تتقبلها من حد منفذ
    لننتقل الى حد جديدملفت
    أجثوا على الركب الضعاف معفرًا
    خدًّا مسحت بصدقه الأوهاما
    والحمل هنا واقعة الجثو الذي حدّه الأول الضمير الغائب أنا عائدا على الشاعر وحدّه الثاني الركب الضعاف متقبل الواقعة، في تحضير للمحمول التالي في معفرا حيث واقعة التعفير ينفذها الحد الأول السابق على حدّ ثان جديد هو صدق الخد في في عجز البيت
    صور تتوالى بمحاميل متنوعة كلها يفتح افاق أسئلة تستثير المتلقي وتفتح شهيته لغوص أعمق في تفاصيل القصيدة
    فتجد اعتناءا واضحا بحمل المعاني وحدودها، يجعل من محمول حدا لمحمول آخر، أي جعل الصورة واصفة( حالا) لسابقتها أو تاليتها مما يحقق اتساقهما وتناغمها
    ولا أقصد هنا طبعا التحول لدراسة البنيوية الداخلية للنصوص بما يحولها الى رموز واشارات عصية على المتابعة وإنما الاشارة الى هذا العمق في التعاطي مع مفردات النص وتوظيفها بحرفية قل نظيرها ..
    اللغة الشعرية
    بالعودة للإطار الرئيسي للنص الإبداعي والقائم أصلا على " كلامنا قول مفيد" يحسن السكوت عليه، أي أن يكون أنجز ايصال القصد في بناء إبداعي هو اللغة الشعرية هنا محققا التأثير المطلوب على المتلقي ضمن علاقتة بالانجاز بشروطه الثلاثة وهي القصد والبناء والتأثير فقط.
    وبعيدا عما تجنح اليه بعض المدارس الميالة للمبالغة في الرمزية، فإن الشعر هو ما يداعب شعور القاريء ويجعله يحس بعواطف الشاعر ويتفاعل معها وليس مايشكل لغزا محيرا أو خيالا مجنحا ، فالأصل في الجملة الشعرية أن تحمل خواطر الشاعر وأحاسيسه وانفعالاته وآراؤه وأحوال نفسه وعبارات عواطفه، مستندة لخيال واسع محلق لكن بمعقولية، لتزدهي القصيدة بجملة من اللوحات تعبر عن نفسية الشاعر برموز وأشكال مجازية وكأنها تشبه الصور التي تتراءى في الأحلام، بهدف نقل الأثر النفسي للرموز المستخدمة من وجدان الشاعر الى وجدان القاريء محملا برسالة الشاعر ومقصودة من نصه.
    ونقرأ الرسالة هادرة مزمجرة تتغلغل للوجدان في قصيدة بجماجم الشهداء عبر لوحات إبداعية حملها لغة شعرية برموز خلابة
    بجماجمِ الشهداءِ والثوّارِ
    يبقى العراقُ كمارجٍ من نارِ
    ***
    وبها رؤوسُ الغاصبينَ تفجَّرت
    بلظى جحيمِ الفتية الأخيارِ
    ***
    هذي صروحُك والسنينُ شواهدٌ
    لن تستكينَ لماردٍ جبّارِ
    ***
    للآن صوت الفاتحين مجلجلٌ
    يحيي النفوسَ بأصدقِ الأخبارِ
    ***
    ويظلُّ فيها النّصرُ سرٌّ كامنٌ
    فانظر فُديتَ جميلَ صنعِ الباري

    إسقاطات المعنى وجماليات الصورة
    وبنظرة تحليلية للصورة الشعرية في مجموعة حروف الجب تتجلى القدرة التصويرية للشاعر، فبينما يقع البعض في اضطراب يؤدي به إلى صورمحشودة أو مقحمة عندما يحاول تكثيف الصور وربطها في مجموعها لتحقيق ترابط القصيدة، فإنها في شعر حمادي تحملك بمجموعة صور منسجمة مع بعضها البعض الى كشف معنى أعمق من المعنى الظاهري للقصيدة، بإسقاطات للمعنى تتغلغل لوحات شعرية ترسم أمام المتلقي عوالم الفكرة بمعطياتها المؤثرة والتي تحمله إلى قيعان الأحاسيس المحركة لنشأة النص، إعتبارا من جملته الاستهلالية ، والتي نجدها هنا واضحة براقة ومتفجرة تنعش ذهن المتلقي وتهيأه لملاحقة الصور والأفكار في البيات التالية،
    ولنتامل معا صورته الاستهلالية في حروف الجب حيث يقول
    على جدران أحلام الطغات
    دفنت بمعولي وجهَ الحياةِ

    حيث فتح الشاعر هنا ستائر مسرحه عن صلابة وجفوة مثلتها الجدران ، وظلامٍ أسقطته مفردة الطغاة، قبل أن ينقلنا في عجز البيت الى الفعل الكئيب "دفنت" كحدث يهيأ المتلقي لمرارة ولم يتعرف بعد على جنس المدفون أو آليات الدفن، ليصدمنا وبتتابع سريع بالصورة التالية، وجه المدفون..وجه الحياة، محدثا التأثير الابتدائي لمستهلته بهذه الصورة القاتمة، تأهبٌ لغضبةٍ أو غضبةٌ متحققةٌ عند المتلقي ضد الطغاة، الذين لم يخض أصلا في تفاصيل جورهم وطغيانهم

    ومن رحم الليالي وسطَ بحرٍ
    كتبت مدامعي والموجُ عاتِ
    والتقاط آخر لظلمة أولى يمثلها الرحم معطوفة على ظلمة ثانية تسكن مفردة الليل في ظلمة ثالثة بوسط البحر تشكل في مجموعها صورة أكبر وأكثرثقلا على النفس، تعدها لمحمول جديد هو واقعة الكتابة والتي حدها المدامع، كصورة تحمل دفقا من المعاني المتفاعلة مع وجدان القاريء وضميره، ليستكمل الشاعر بعدها تفاصيل حدتها في نهاية البيت بصور الموج العاتي
    وسافر قاربُ الحرف المعنّى
    إلى شطآن مملكة السبات
    ونلاحظ في الصورالمتقدمة حمالية الاستخدام لصور ذات علاقة ، ليس ببعضها وحسب بل بالفكرة الرئيسة للقصيدة وجوها ومؤثراتها وسائر مكونات البناء الشعري
    فتشعر وكأنه ينحت قصائده في حجر سيحمل ملامحها عبر الصور

    التقابلات و الانزياحات الدلالية
    تتضمن الصورة الشعرية عند حمادي العديد من التقابلات المثيرة والانزياحات الهادئة والمقبولة للذائقة الأصيلة والعازفة أصلا عن استخدام الانزياحات المجحفة بالمعاني والتي تشكل انحرافا عن قوانين الكلام والاستعمالات المألوفة للكلمة
    وتستهويك هنا تقابلات مثيرة بجماليتها تفتح للمتلقي آفاقاً للتأويل تجعله مشاركاً في صياغة النص بتدخله اللاإرادي في معاني الصور ودلالاتها، في مزج بين الغرائبي والمألوف يضفي على الصورة الشعرية أبعاداً جمالية من خلال موقعها في بنية النص، نسوق منها على سبيل المثال
    من قصيدة أسرجت خيلي
    ولسطوة البطلِ الجسور يخاف غاشيةَ العِقابِ (سطوة/ يخاف)
    وأظلُّ مشدودَ الفؤادِ بخيط قافلة الإيابِ (مشدود/ الفؤاد) (خيط / قافلة)
    وبعض انزياحات سلسة في تقابلات من نشيد القيام
    قومي بزوبعة الجهاد
    كما سرت من الف عامِ (زوبعة/ الجهاد)
    ماذا جنينا من كلا
    مٍ قد تكسّر بالكلامِ (كلام / تكسر)
    ومثلها في قريضك
    تُجسّدُ فيه للإبداعِ صرحًا (تجسد / صرحا)
    وكم أرخيت للذكرى عنانًا ( ذكرى / عنان)
    ولولا تربةٌ كنّا صِغارًا
    نُقبّلُ وجهَها قبلَ الكمالِ ( تربة / وجه)

    موسيقى الشعر
    بعد جولة سريعة على القواعد المتحكمة نصيا بهذه المجموعة الشعرية من قوة انجازية وبلاغة أدبية تحققت من خلالها الدلالات المقصودة في رسالة الشاعر، نجد أننا تأثرنا بقوة بالقواعد الصوتية للنصوص، والتي اتسمت بشاعرية فذة صالت في ميادين العروض بمهارة واقتدار، متمكنة من موسيقى الحرف ومسخرة مفرداتها المطوعة للإنسياب عبر العبارات الشعرية بتناغم بين المعنى ولحن التعبير، فجاءت القصائد منوعة بين أصالة القصيدة العامودية ، ووتحرر شعر التفعيلة من قيود البحور الفارهيدية ، ومسكونة في الوقفت ذاته بلحن شعري لم يخرج عن الموسيقى التي تحن لها الذائقة في الشعر قيد انملة، في جرس تباين بين شجن وطرب ملتاع وخببية تكاد تتقافز فيها الحروف عن السطور لتراقص الوجدان الذي حلق مع النصوص بين ثورة وشجن ودمعة وضجيج معركة


    قراءة عامة
    حروف الجب ..
    اسم صارخ يدخل المتلقي في عوالم اختارها الشاعر لتكون ميدان عدوه منذ الحرف الأول
    فيخطر على المعشوق الأول الوطن معلنا هواه ومتحديا المستغل والمحتل والغاصب والمضيّع، مناديا بالوحدة الوطنية والوفاق القومي والانصياع لنداء الوطن، ومشيدا من كل زاوية بالمقاومة مؤكدا على شرعيتها ووجوبها
    يبقى (العراق) نسيجًا في تلاحمه
    يُطرِّز الودَّ أبناءٌ له نُجُبُ
    سينجلي الليلُ مهما طالَ عن بلدٍ
    من مائهِ أنبياءُ اللهِ قد شربوا
    سينجلي الليلُ عن (بغدادَ) مندحرًا
    فلا عداءٌ بها يبقى ولا صخبُ

    ونرى بغداد في قصيدته يا شامة الأقطار غيداء معشوقة يتلوى الحبيب لما آل إليه حالها
    أبدًا تُسعّرُ في الفؤاد غراما
    عينٌ هجرت جمالها أعواما
    هاجت بقلبي الذكريات فجئتها
    صبّا أطارحها الغرامَ كلاما
    أنا في هواها والغرامُ يلفّني
    فردٌ تعلّق بالسعود فهاما
    هي غادةُ الدنيا وتاج عروشها
    ومنارةٌ منها الفخارُ تسامى
    هي بنت (هارون الرشيد) مدينة
    قد مزّقت برجالها الأوهاما

    وفي "بلدةٌ ضمَّ ثراها الأولياءَ" يتحدى جيوش الكفر بأبطال سجلوا في سطورالتاريخ دروسا خالدة وقيدوا اسماءهم في سجلات الشهادة
    يا خنازيرُ هنا فلوجةٌ
    بلدةٌ ضمَّ ثراها الأولياءَ
    فيكمُ التاريخُ لا أصلَ لهُ
    ولنا التاريخُ يعني الإنتماءَ
    وغدًا في الأرض يبقى شاخصًا
    معلمًا منّا وتُمسون غثاءَ
    أيَّها التاريخُ ها هم فتيةٌ
    بجوار اللهِ عاشوا رحماءَ

    ويعلن عن روح الفداء بصوت مدوٍ في " فدى لعينيك" فيقول معاهدا العراق ومفاخرا به ومستذكرا امجاده واستحقاقاته
    فدىً لعينيك (يا بغداد) كوكبةٌ
    كأنها والضحايا جحفلٌ لجبُ
    فذا (العراق) وقد ديست مرابعُهُ
    وصالَ في رافديه اليومَ مغتصبُ
    يبقى عصيًّا على الأعداء ما فتئت
    فيه الملايينُ من أرواحنا تثبُ
    إنَّ (العراقَ) مسارُ الكونِ مختزلٌ
    في مقلتيه، وسحرُ الأرضِ منتصبُ
    من يوم (ذي قار) هذي الأرضُ باسمةٌ
    يزهو بأمجادِ أجدادٍٍ لها العقِبُ
    سيعلمُ العربُ أنْ بغدادَ قلبُهمُ
    بل إنَّ (بغدادَ) أُمٌ فيهمُ وأَبُ

    ويعرج على الأحبة بين قريب وغريب وفقيد وشهيد مناديا بشوق وتوق ومتحفزا ومحفزا لانطلاقة نحو التئام وتلاقي
    ونراه في " بديل" يغرد بالشوق للقاء
    طالَ التَغَرُّبُ، وَالحَنيـْنُ يَضُجُّ بالليْلِ الطَّويْلِ
    إنّي إلى وَطَني أحُـنُّ حَنيْنَ "قيْسٍ" أوْ "جَميْلِ"
    لا تَبْكِ ـ يا ليْلَ التَغَـرُّبِ ـ إنْ لَمَسْتَ غَدًا رَحيْلي
    حانَ الإيابُ كما تَرى فابْحَثْ لِنَفْسِكَ عَنْ بَديْلِ

    و في "نعمَ الرحيلُ" يرثي محزونا ومتعزيا فيسلب الألباب
    طافت بنعشك يومَ غبت أحبَّةٌ
    وكذاكَ نعشُ الفتيةِ الأبرارِ
    لم تطلبِ الدنيا وكنتَ أميرَها
    وطلبتَ عيشَ الخلَّصِ الأخيارِ
    جللٌ مصابُك قد بكته بحسرةٍ
    عينُ الزمانِ بدمعِها المدرارِ
    واهنأ برضوانِ الإلهِ وجنَّةٍ
    تحيى بها الشهداءُ كالأقمارِ

    وبين الأحبة والمحبة تقف مرثيته في امه معلما وأثرا حيث يقول في " يا عذبة الصوت"
    أماه والعين قد باتت مسهّدةً
    إذ مسّها لجلال الحادث القترُ
    هل تعذريني إذا أدميتُ قافيتي
    أو ملّني مكرهًا من حالتي الضجرُ
    أمسى لفقدك صبري وهو منخرقٌ
    ومَن لفقدك بعد اليوم يصطبرُ
    وبات شعري حزينًا كلما طلعت
    للشعر قافيةٌ تذوي وتحتضرُ

    بل وربما تقرأ مجموعة باسرها في " المعاني الحسان جياع"
    وامتطينا أيامَنا للنزوحِ
    تحت جنحٍ من الظلامِ فسيحِ
    باع وجهَ الشموخ منا إباءٌ
    واحتوى الذلُّ كلَّ وجهٍ قبيحِ
    ****
    وأفقنا على انتشار الصباحِ
    بجراحٍ قد ضُمّدت بجراحِ
    جدَّ يومي فلم أعد أتقيه
    بصبوحٍ أو غنوة أو مزاحِ
    *************
    وانتبهنا على أنين الحيارى
    كيف تحت الرغام حلمٌ توارى
    لا تسل عن حروفه كيف أمست
    (فالليالي تُعانقُ الأقمارا)

    ورغم أن الوطن أخذ في المجموعة الحيز الأكبر شعرا وشعورا، ففرض حضورة في جل ملامحها، غير أن الغزل في الحس الإنساني يظل موجودا ما وجد الرجل والمرأة، ومن هذا الواقع الانساني نثر الشاعر حروف غزلياته في معزوف شعري رقيق، فتراه ينقلنا معه ليقف بباب المحبوبة الأنثى مستدعيا الذكريات، ومكرسا المعاني الأسمى في العاطفة فيضيء زاوية الحياء مرة ويباهي بعشقة وشعر عشقه أخرى ويصف الحبيبة بعذوبة
    فيقول في تسائلني وأعترف محملا نصه رسالة سمو الاستتار بعاطفة تخص اثنين لا ثالث يشاركهما حسهما
    تسائلني على مرأى
    ومسمع كلِّ مَن وقفوا
    فأخشى أن أبوحَ بما
    تضمُّ بجوفها الصدفُ
    وأخشى عشقَ أوردتي
    وأنفاسي فأنصرفُ
    **
    يناديني هواك ضحىً
    ويمنعُ ردّي الشرفُ

    ويعود ليمنح الحبيبة حقها في تودد يعلن فيه مكانتها وما لها عنه، فيقول في من أجل عينك وكأنما يعتذر لها بأن المروءة والوقار يكبلان حروف حبه فتأتي عفية حيية
    إن كنت مطّلعًا على الأسرارِ
    يا بدرُ فاحفظ عزّتي ووقاري
    أسمعتُ كلَّ العالمينَ قصائدي
    وعزفتُ لحنَ الحبِّ للأطيارِ
    ***
    ثم يشير لإنفلاته مرغما بحبها من ما يلجم به اندفاع عواطفه
    حتى عرفتكِ فاستبدَّ بي الهوى
    ومحوتُ من كلِّ النساءِ شعاري
    وأتيتُ بابَ الذكرياتِ كأنّني
    لصٌّ يخافُ عقوبةَ الإنكارِ
    فكأنّني ما ذقت ثغرَ جميلةٍ
    وكأنّني ما عشت بين جواري
    ما شاقني سكنُ الرياض لأنّهُ
    ما غيرُ دارَكِ في الهوى من دارِ
    تدرك إذ تقف أمام أي من قصائد المجموعة أنك أمام نص شعري جميل، تحلق مفردته في افق البيان الرحب على أجنحة تمكن الشاعر وإدراكه اللغوي، وحسه الشعري العالي، وتفاعله مع القضايا العامة في محيطه، والخاصة في دخيلة نفسة، وتخرج من قراءتها وقد تشكلت عندك فكرة عميقة عن كل ما أراد توصيلة من رسالة تحكي معاناة الوطن وصراعات الأهل وما تعيش الأمة من هوان يحاول بحرفة وحرفته الشعرية أن يزرع في المتلقي موقفا منه يصنع بالتالي تغييرا هو الأمل والغاية
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد الشحات محمد شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    الدولة : القاهرة
    المشاركات : 1,100
    المواضيع : 103
    الردود : 1100
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي



    قراءة متعمقة ، و فاحصة لما بين اللغة الشعرية و قصد التصوير و تداعياته ، و تلك الصور المركبة المدهشة و استثارة العقل و الوجدان من خلال التقابلات و الانزياحات مع الالتزام بموسيقى الشعر سواء في الشكل العمودي أو التفعيلي

    كان اختيار النصوص مُحكماً ، و معبراً عن التنويعات الشعورية و معظم المضامين ، بحيث يكون إلقاء الضوء على هذه المجموعة مع دعوة المتلقي للمشاركة الفاعلة بحب و استمتاع لما تحمل النصوص من حمولات حياتية مشحونة و شاحنة رغم قاموسيتها الحياتية

    أبدعت سيدتي القديرة/ ربيحة الرفاعي

    تناول نقدي مُكثف ، و رؤية ذات تفريعات مُتحركة ، و مُحرّكة في ذات الوقت

    يستحق أخونا / محمود حمادي عدة قراءات لنصوصه ،

    فتحية له ، و لكِ ، و لهذه المجموعة الإبداعية "حروف الجب"

    مودة و تقدير

    عرفْتُ طعْمَ الندى بالصومِ مُرْتَجَلاً .... و النورُ منطقةٌ أرنو إلى فيها

  3. #3
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.20

    افتراضي

    كنت هنا لأقرأ للمبدع الشاعر محمود فرحان من جديد ،

    فكل التقدير لما قدمته لنا الأستاذة ربيحة الرفاعي ،

    سلسا مرتّبا و عميقا .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  4. #4
    الصورة الرمزية رائد عبد اللطيف شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2009
    المشاركات : 173
    المواضيع : 33
    الردود : 173
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    ما شاء الله قراءة ناضجة واعية، وسبر جميل لنصوص شاعر مبدع يستحق هذه الحزمة من الضوء بيد شاعرة وناقدة مبدعة .
    الأخت الأديبة ربيحة الرفاعي سلمت يمينك ودام لك حسك المرهف.
    وتحيتي لشاعرنا المبدع محمود حمادي.
    لكما كل التقدير والاعتزاز

  5. #5
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    نحتاج مثل هذه القراءات يا ابنتي العزيزة أم ثائر لتفكيك معطيات القصيدة .. والعلاقة بين النقد والإبداع علاقة أزلية لا انفصام لها وتكون الصورة في أوج جمالها وعظمتها عندما يكون الناقد شاعراً وناثراً مثلك ..عمت مساءاً وتحياتي لكل من حولك مع كل الود وعاطر التحايا للشاعر الفذ محمود ومبارك له هذا الديوان الشعري الجميل .

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الشحات محمد مشاهدة المشاركة
    قراءة متعمقة ، و فاحصة لما بين اللغة الشعرية و قصد التصوير و تداعياته ، و تلك الصور المركبة المدهشة و استثارة العقل و الوجدان من خلال التقابلات و الانزياحات مع الالتزام بموسيقى الشعر سواء في الشكل العمودي أو التفعيلي
    كان اختيار النصوص مُحكماً ، و معبراً عن التنويعات الشعورية و معظم المضامين ، بحيث يكون إلقاء الضوء على هذه المجموعة مع دعوة المتلقي للمشاركة الفاعلة بحب و استمتاع لما تحمل النصوص من حمولات حياتية مشحونة و شاحنة رغم قاموسيتها الحياتية
    أبدعت سيدتي القديرة/ ربيحة الرفاعي
    تناول نقدي مُكثف ، و رؤية ذات تفريعات مُتحركة ، و مُحرّكة في ذات الوقت
    يستحق أخونا / محمود حمادي عدة قراءات لنصوصه ،
    فتحية له ، و لكِ ، و لهذه المجموعة الإبداعية "حروف الجب"
    مودة و تقدير
    أطريتني فوق ما استحق أستاذي الكريم
    إنما هو خطو ابتدائي نحذو فيه حذوكم ونسيرعلى خطاكم في هذا الصرح البهي ، نتعلم ونمارس ونطور إمكاناتنا وملكاتنا

    كلنا هنا تلامذة حرف وحراس أدب ...

    فطوبى لقلعة شامخة صامدة في وجه من يريد بلغتنا وأمتنا ما لا نحب كواحتنا وطن حروفنا وارواحنا.
    قلعة علم فيها أساتذة بحجمك وقدرك، ومبدعون بحجم شاعرنا محمود فرحان حمادي، يمنحوننا نصوصا بروعة مجموعته حروف الجب لقراءتها وتدارسها معا.

    دمتما بألق

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد الشحات محمد شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    الدولة : القاهرة
    المشاركات : 1,100
    المواضيع : 103
    الردود : 1100
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
    أطريتني فوق ما استحق أستاذي الكريم
    إنما هو خطو ابتدائي نحذو فيه حذوكم ونسيرعلى خطاكم في هذا الصرح البهي ، نتعلم ونمارس ونطور إمكاناتنا وملكاتنا

    كلنا هنا تلامذة حرف وحراس أدب ...

    فطوبى لقلعة شامخة صامدة في وجه من يريد بلغتنا وأمتنا ما لا نحب كواحتنا وطن حروفنا وارواحنا.
    قلعة علم فيها أساتذة بحجمك وقدرك، ومبدعون بحجم شاعرنا محمود فرحان حمادي، يمنحوننا نصوصا بروعة مجموعته حروف الجب لقراءتها وتدارسها معا.

    دمتما بألق
    الأستاذة القديرة

    ربيحة الرفاعي

    ما قُلْتُ بعضاً مِماَّ نُكنُّ لكِ من تقدير ،

    و ما قرأته هنا من دراستكم الغراء حول مجموعة أخي المبدع "محمود فرحان حماّدي" جديرٌ بالدراسة حول الدراسة ،
    و من باب نقد النقد ، و في إطار الاهتمام بما يليق و قدْر مبدعي "الواحة الثقافية"

    و في هذه الواحة/ الجامعة كلُّنا يتعلم من كلنا

    و بنفس القدْر .. كلّنا يُكمل كلّنا

    و نعم .. للأدب و حرّاسه ، و نِعْم الحرّاس إذا كانوا من أمثالكم

    تحية إجلالٍ و تقدير

    و كلّ عام أنتِ و إخوة الإبداع بخيرٍ

    و عيد أضحى سعيد على الجميع

  8. #8
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    تناول نقدي إبداعي من أديبة صاحبة باع وإبداع في مجالات الأدب بعمومها لمجموعة من إبداعات شاعر يشار له بالبنان.

    راق لي كثيرا ما قرأت وسرني هذا التناول والرصد وتسليط الضوء على إبداعات بعضنا البعض فهذا مما نراه سنة حسنة ندعو لها.

    دمت كريمة يا أم ثائر ، ودام أخي محمود المبدع الشاعر!


    تحياتي لكما.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية بوغرارة مشاهدة المشاركة
    كنت هنا لأقرأ للمبدع الشاعر محمود فرحان من جديد ،
    فكل التقدير لما قدمته لنا الأستاذة ربيحة الرفاعي ،

    سلسا مرتّبا و عميقا .
    رقيق مرورك وغامر بروعة حسك وألق حضورك

    دمت مبدعة غاليتي

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رائد عبد اللطيف مشاهدة المشاركة
    ما شاء الله قراءة ناضجة واعية، وسبر جميل لنصوص شاعر مبدع يستحق هذه الحزمة من الضوء بيد شاعرة وناقدة مبدعة .
    الأخت الأديبة ربيحة الرفاعي سلمت يمينك ودام لك حسك المرهف.
    وتحيتي لشاعرنا المبدع محمود حمادي.
    لكما كل التقدير والاعتزاز
    إنما هي روعة تلك الحروف وما نثرت من بهاء المعنى والحس، أنطقت حرفي فبحت بما خطر لي إذ قرأتها...

    شرفتني بكريم مرورك وطيب حضورك شاعرنا المبدع

    دمت متألقا

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة ليست نقدية في "حروف الجب"
    بواسطة محمود فرحان حمادي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-05-2014, 06:23 PM
  2. ردا على قصيدته " البديل " أهدي "أبكيت قلبي الى الأخ محمود فرحان حمادي
    بواسطة محمد ذيب سليمان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 15-04-2013, 10:37 PM
  3. تعازينا للشاعر محمود فرحان حمادي
    بواسطة ربيع بن المدني السملالي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 15-10-2012, 08:54 AM
  4. صدور المجموعة الشعرية حروف الجب للشاعر محمود فرحان حمادي
    بواسطة ربيحة الرفاعي في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 63
    آخر مشاركة: 05-05-2011, 08:49 PM
  5. "قراءة في "حروف الجب" / محمد الشحات محمد
    بواسطة محمد الشحات محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 05-11-2010, 07:32 AM