( حمل الدّعوة واجبات وصفات ) من الكتب الهامة في أبحاث كيفية حمل الدعوة الاسلامية، مؤلف الكتاب باحث اسلامي شهير ومجتهد له في الفقه ( الجامع لأحكام الصلاة ) و ( الجامع لأحكام الصيام ) و ( أبحاث فقهية مختارة ) والكتاب الأخير هو أجوبة لأسئلة وردت للمجتهد في مواضيع فقهية، يسرني أن أقدم لأعضاء الملتقى هذا الكتاب القيم:
حمل الدعوة
واجبات وصفات
محمود عبد اللطيف عويضة ( أبو إياس )
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
فإن الله سبحانه قد اصطفى الأنبياء والرسل من بني آدم . وفضلهم على الناس أجمعين ، وكلفهم سبحانه بتبليغ الشرائع ونشر الهدى ، فكان تبليغ الشرائع ونشر الهدى هو عمل الأنبياء والمرسلين ووظيفتهم ، من أجله كان الاصطفاء ، وبه كان الفضل . فتبليغ الشرائع ونشر الهدى هو أفضل عمل وأكرمه على الإطلاق ، فإن نهض مسلم بمثل هذا العمل اقتداءً بهم وامتثالاً لأمرهم ، أي حمل الدعوة من بعدهم ، فقد قام بأفضل عمل وأكرم عمل يمكن أن يقوم به ويتولاه وإن هو لم يبلغ منزلة الأنبياء والرسل بسبب سبقهم له باصطفاء الله لهم وإنزال وحيه عليهم .
إن الله سبحانه كلما أراد تكليف إنسان بتبليغ الشريعة عنه ونشر هُداه بين الناس اصطفاه وفضّله وهيّأه وحباه بالفضائل والمكرمات ليُنزل عليه وحيه بالشريعة وقد اكتملت خصاله وسجاياه ، فتطابق الوعاء في الفضل والخير مع ما سكب فيه ، وتجانست الشريعة مع صاحبها والهُدى مع عَلَمه ، فكان التوافق بين الاثنين لازماً والتجانس بينهما واجباً ، فمن نهض من المسلمين بمثل عمل الأنبياء والمرسلين فإن عليه أن يجعل من نفسه مثالاً للفضل والكرم والخير ، يتمثل فيه الإسلام في أفكاره وأحكامه وما يدعو إليه من صفات وأخلاق حسنة فاضلة ، وإلا لم يصلح للقيام بهذا العمل ، وإن قام به لم ينجح فيه ولم يجر الخيرُ على يديه ، وذلك لانعدام التوافق بين الاثنين ، ولعدم وجود التجانس بينهما . وهما أمران لازمان وواجبان ، فحامل الدعوة ينبغي أن يعلم أنه إن لم يهيىء نفسه لتجسيد الإسلام فيه أفكاراً وأحكاماً وصفات فلن يصلح لحمل الدعوة ، بل لن يكون بحقٍّ حامل دعوة وإن هو حاول أو ادّعى ، فالدعوة رأس الخير والفضل في حياة الناس ، لا يحملها بحقٍّ إلا إنسان تحلى برأس الخير وقمة الفضل قولاً وفعلاً وصفات ، وقد ذكرنا في هذا الكتاب ما إن تمسّك به حامل الدعوة فقد تهيأ بالفعل لحمل الدعوة . وكان صالحاً له وناجحاً فيه ، يرجو من ربه النصر والتمكين في الأرض ، ودخول الفردوس في الآخرة مع النبيين والصّدّيقين .
وقد اخترنا أن تكون موضوعات الكتاب مدعّمة بالأدلة ، وموجزة في العبارة لتكون أبلغ في التأثير ، وأجدر بالشباب أن يأخذوها فتتمثل فيهم ، فمن وقف عندها فقد اكتفى ، ومن طلب المزيد فالباب مشرع أمامه ، والله يختص برحمته وفضله من يشاء .
وقد استدللنا بما صح عندنا وحسُن من الأحاديث ، ولم نستدلّ بحديث واحد علمنا أنه ضعيف أو موضوع ، وحسبنا أننا بذلنا الوسع في ذلك ، فإن كان قد تحقق ما قصدناه فلله الحمد والشكر ، وإن خفي علينا شيء منه فندعو الله لنا بالمغفرة والصفح ، وقد أثبتنا لفظ الحديث لراويه إن كان واحداً ، فإن كان الرواة اثنين فأكثر فلفظ الحديث للراوي المذكور أولاً ، وَمَن بعده من الرواة يوافقون في اللفظ أو يخالفون فيه كثيراً أو قليلاً دون أن يخرجوا بما رووْا عن مضمون اللفظ المثبت .
أسأل الله سبحانه أن يلقى هذا الكتاب من الشباب ومن الناس قبولاً حسناً ، وأن يقرأوه بأناةٍ ورويّة قصد العلم والعمل معاً ، حتى يتمثلوا بما فيه ، ويكونوا مؤمنين صادقين ، وحَمَلة دعوة مخلصين ، آمين .
17 من شَوال 1416
7 / 3 / 1996
محمود عبد اللطيف عويضة
وسيتم بعون الله تتمة الكتاب كاملاً على حلقات مسلسلة