أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مؤسس المذهب الحنبلى

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Sep 2003
    المشاركات : 359
    المواضيع : 48
    الردود : 359
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي مؤسس المذهب الحنبلى

    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحمد ابن حنبل(780-855)

    هو الفقيه الاسلامى احمد بن حنبل و قد و لد ببغداد . و هو مؤسس المذهب الحنبلى, و أقوى الشخصيات فى معسكر أهل السنة بعد و فاة أستاذه الآمام الشافعى.
    و قد اجتمعت فيه خلال الورع و النضال, و الالتزام بالسنة مهما لاقى فى سبيل الدفاع عنها من أى أذى و اضطهاد.
    و كان عالما , ألمّ علمه بناحية واحدة فقط , هى القرآن و الحديث و ما انعقد من اجماع المسلمين , أمل العلوم الدنيوية فيبدو أنه لم يكن على حظ كبير منها.
    أعظم كتبه ( المسند) الذى يشتمل على ثلاثين ألف حديث من الأحاديث المسندة لاكثر من سبعمائة صحابى . و قد ساعد هذا الكتاب و غيره من الكتب التى اشتقت منه على احلال الحديث مكانة رفيعة كمصدر من مصادر الفقه الاسلامى .
    أما عن دوره أثناء حركة الأضطهاد الدينى التى بدأها المأمون و التى تعرف بمحنة خلق القرآن ,فقد قام ابن حنبل بما لم يقم به غيره من تعزيز المقاومة روح المقاومة فى حزبه القائل بأن القرآن قديم قدم الله ,و أنه غير مخلوق ,و مناهضة جهود الخلفاء المأمون و المعتصم و الواثق القائلين بأن القرآن مخلوق.
    و قد جلد ابن حنبل و حبس و عذّب فلم يغير موقفه , و لم تكف الدولة عن ايذائه الا فى عهد الخليفة المتوكل الذى عاد بالدولة الى مذهب أهل السنة.

    و لم يكن تأسيس المذهب الحنبلى عن قصد من ابن حنبل أو اعداد من جانبه ,غير أن اعجاب تلاميذه به و بخلقه و تقواه,دفعهم بعد و فاته الى جمع تعاليم أستاذهم فى قواعد و مبادىء و قوالب محددة ,كما أنهم ضمّوا صفوفهم كى يكونوا مدرسة فقهية.

    و كان نشوء هذا المذهب عفوا و دون تدبير سابق أو وصية من ابن حنبل دليلا على الأثر العميق الذى كان لشخصيته فى عصره و العصور التالية .
    و قد كان الحنابلة حتى القرن الرابع عشر الميلادى أكثر عددا منهم اليوم .
    و لاشك أن تعصبهم و تشددهم فى الدين كان لهما أثرهما فى انصرتف غالبية المسلمين الان عن مذهبهم.

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    أختي الكريمة اسكندرية:

    الإمام أحمد من الأئمة الذين أحيوا علوم الدين وجددوا للمسلمين وقد كان رحمه الله ممن يلتزم حرفية النصوص وكان لانشغاله الأساسي بالبحث عن صحيح الأثر وتدوينه ونشره ما عكس توجهه في مفهومه الفقهي.
    أما ما قلت بشأن عفوية نشوء المذهب فهذا ينسحب على كل المذاهب التي اشتهرت إذ لم يخطط أي إمام من أئمة المسلمين يوماً لتأسيس مذهب ديني أو خط فقهي معين بل كانت اجتهادات منهم في فهم آيات القرآن والسنة واختلفوا في بعض الأمور اختلاف رحمة بالمسلمين.
    والجدير بالذكر هو أن الأئمة الأربعة قد عاصر بعضهم بعضاً وتلقوا العلم كل عن الآخر بكل ود وحب وحرص على أن تكون كلمة الله هي العليا على عكس ما يفعل من يتبع اجتهادهم اليوم من المسلمين ممن يعادون بعضهم البعض ويتعصب كل لمذهبه ولا يرى في غيره إلا الخروج عن أسس الدين بل ويذهب بعضهم إلى تكفير ما سواهم.

    وكلمة أخيرة هي أن المذاهب اجتهاد وليست من أسس أو قواعد الدين وإنما يتبع المسلم ما صح لديه من دليل وفقه.


    أشكر لك هذه التقدمة الجميلة مع خالص تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 177
    المواضيع : 19
    الردود : 177
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الأخت الكريمة اسكندرية

    جميل هذا الطرح وهذا التعريف بعلم من أعلام الإسلام الفقيه الحافظ المحدث الإمام أحمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المزوزي. هذا العلم الذي كان عنوانا للثبات على الحق رغم شدة الابتلاء وعظم المعاناة.

    قال فيه الإمام الشافعي: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل".
    فهل تريدين شهادة لهذا العالم الجليل خيرا من تلك الشهادة.

    ثم إن لي على كلامك ثلاث وقفات سريعات:

    - حصرت علم الإمام في ناحية واحدة ثم تبين أنك تتحدثين عن ثلاثة أمور القرآن والسنة وإجماع المسلمين. والحقيقة أن مصادر التشريع أربع مصادر وهي القرآن والسنة والإحماع والقياس. إذن فالشيخ لم ينحصر علمه في ناحية أبدا. ثم إن عدم أخذ الشيخ بالقياس إلا في حالات نادرة لا يدل على أنه ليس له دراية بهذا المصدر من مصادر التشريع وإنما كان ذلك لمنهج رأى ذلك الإمام الفاضل أنه هو المنهج الصحيح. ثم إن حديثك عن أن الشيخ لم يكن له حظ من الإلمام بالعلوم الدنيوية بأسلوب يحمل انتقادا له دون حجة او برهان فيه شيء من التجاوز والتحامل على الشيخ ومذهبه. ثم ما هي الأمور الدنيوية التي تظنين أن الشيخ لم تكن له دراية أو إلمام بها مع شمول مذهب الشيخ لجميع الأحكام التي تخص المسلم.

    - ذكرت أن الشيخ وحزبه كان لهم رأي في أن القرآن غير مخلوق وأنه قديم قدم الله سبحانه وتعالى. و الحقيقة أن محنة الشيخ وأتباعه كانت في القول بخلق القرآن وأما تلك الإضافة "أنه قديم قدم الله" فلست أدري من أين أتيت بها وما هو دليلك على أن الشيخ الجليل تبنى هذه الفكرة وقال بها.

    - تحدثت عن تعصب وتشدد الحنابلة في الدين فقلت "و لاشك أن تعصبهم و تشددهم فى الدين كان لهما أثرهما فى انصراف غالبية المسلمين الان عن مذهبهم". فما هو تعريفك للتشدد والتعصب في الدين. أيتها الأخت الكريمة يجب أن تعلمي بأن الأمر إذا كان من الدين والشرع فلا يطلق على الالتزام به تشددا أو تعصبا. وإنما يطلق ذلك على ما كان خارجا عن أوامر الشرع وأحكامه وحكمته كفعل أولئك الثلاثة الذين جاء ذكرهم في حديث أنس بن مالك – (‏جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يسألون عن عبادة النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلما أخبروا كأنهم ‏ ‏تقالوها ‏ ‏فقالوا وأين نحن من النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إليهم فقال ‏ ‏أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني ‏ ‏لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. ‏

    ثم إنني أختم ردي بهذا الحديث عن محنة القول بخلق القرآن:

    كان آخر القرن الثاني وأول القرن الثالث من فترات الاضطراب الفكري ، التي تركت آثاراً ضخمة في الحياة الإسلامية.

    فـقـد كان لـنشوء البدع - المتقدم على هذه المرحلة - ثم ترجمة الكتب الفلسفية واشـتـغال المسلمين بها وحـث الخلـفـاء الناس على تعريبها، حيث وجد أهل البدع فيها سنداً لهم، فأصّلوا مذاهبهم على ضوئها ، وتوسعوا بشكل سافر في إدخال النظريات الفلسفية إلى صميم العقـيـدة الإسـلامـيـة ، أن صار ذلك العصر هو عصر النضج واكتمال بناء المذهب بالنسبة للمعتزلة، وفيه برز عدد كبير من فلاسفتهم ومنظري مذهبهم كأبي الهذيل العلاّف - شيخ المأمون وأستاذه - ، وإبراهيم بن سيّار النظام ، ومعمر بن عباد السلمي ، وبشر بن المعتمر وغيرهم.

    وقد علا شأن الرافضة - لما بينهم وبين المعتزلة من الأواصر العقدية - وبدءوا يجهرون بآرائهم في الإمامة والولاية والرجعة وغيرها.

    وفي وسط هذا المناخ المضطرب نشأت كثير من الحركات السرية الإلحادية والتي عرفت بحركات الزنادقة، وكان يقف خلفها الباطنيون المتربصون بالإسلام.

    وبالجملة فلقد كان ذلك العصر هو الذي وصفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله في الحديث: " ثم ينشد الكذب "(1).

    قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في وصف ذلك العصر: (وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهوراً فاشياً ، وأطلقت المعتزلة ألسنتها ، ورفعت الفلاسفة رؤوسها ، وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن ، وتغيرت الأحوال تغيراً شديداً ، ولم يزل الأمر في نقصٍ إلى الآن ، وظهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: " ثم ينشد الكذب " ظهورا بيناً ، حتى يشمل الأقوال والأفعال والمعتقدات والله المستعان) (2).

    وكان الخلفاء أنفسهم - ولأول مرة في الإسلام - يعتقدون البدع ويعلنونها فكان المأمون موافقاً للمعتزلة في معظم عقائدهم ، وكان إلى ذلك مرجئاً ، وجاء من بعده: المعتصم ـ، فالواثق ، فكانا على نهجه.

    وقد عمل المأمون بعد ولايته على نصر مذهب المعتزلة ، فقرب رؤوسه كأحمد بن أبي دؤاد ، وعقد مجال المناظرة بين المعتزلة وخصومهم من أهل السنة ، فلما لم تجد شيئاً بدأ بالتضييق على الناس وإلزامهم بالقول بخلق القرآن ونفي الرؤية ، حتى أصبح القول بذلك شرطاً عنده لتولي المناصب بما فيها القضاء!

    وحين كان بالرقة استطاع وزراؤه المعتزلة أن يقنعوه بحمل الناس على المذهب بالقوة ، فكتب إلى واليه على بغداد بجمع العلماء وامتحانهم في مسألة خلق القرآن وحمل من يرفض هذه العقيدة مقيداً مصفداً إلى المأمون.

    فأجاب العلماء أجوبة تتراوح بين التقية وحسن التخلص إلا أربعة أصّروا على عقيدة أهل السنة والمجاهرة بها ، وهم: القواريري ، وسجادة ، ومحمد بن نوح ، والإمام أحمد.

    ثم أجاب الأوّلان تحت ضغط التعذيب والإرهاب ، وحمل الآخران إلى المأمون مكبَّلين بالقيود ، فتوفي محمد بن نوح في الطريق ، وبقي الإمام أحمد وحده في الطريق!

    ثم مات المأمون ، فرد أحمد إلى بغداد ، وأخذت الفتنة مدى أوسع في عهد المعتصم ، حيث سجن الإمام أحمد مقيداً نحواً من ثلاثين شهراً ، وكان يصلي وينام والقيد في رجله!

    وفي كـل يـوم كـان يـنفـذ إلـيـه المعتصم من يناظره ويهدده إن لم يجب بأشد مما هو عليه، ثم يزاد في قيوده، وقد جهد المعتصم في التأثير على موقف الإمام بالملاينة والعطف وإظهار الـفـضـل، والـتـرغـيـب والـوعـد.. فكانت كلمة الإمام واحدة لا تتغير. حتى إذا استفرغوا وسـعـهـم أضـمـروا الـشـدة والـقـسـوة، وشعر الإمام بذلك فكان يشد عليه سراويله وينتظر الضرب، فيأتي المعتصم يناظره ويناظرونه ، حتى يثور غضبه فيشتم الإمام ويأمر بسحبه وتخليعه ، وظلوا على هذه الحال يأتي الجلادون بالسياط الغليظة فيردها المعتصم. ليطلب أغلظ منها ويأخذ الجلادون دورهم فيضربه كل واحد منهم سوطين ، والمعتصم يحرضهم وهـو واقـف على رؤوسـهـم حـتى أغـمـي على الإمام أحمد، فلما أفاق جاؤوا إليه بسويق، فقال: لا أفطر! وصلى - رحمه الله - والدماء تسيل في ثوبه.

    قال الإمام أحمد: ذهب عقلي مراراً، فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إليَّ نفسي ، وإن استرخيت وسقطت رفع عني الضرب.

    وقال أحد الجلادين: لقد ضربت أحمد ثمانين سوطاً لو ضربتها فيلاً لهدته.

    وكان الإمام أحمد ينتظر الشهادة في سبيل الله ، فحين نخسه أحد الحراس بسيفه فرح وقال: جاء الفرج، يضرب عنقي وأستريح، فقال ابن سماعة (3): يا أمير المؤمنين: اضرب عنقه ودمه في رقبتي، فقال ابن أبي دؤاد: لا يا أمير المؤمنين، إن قتل أو مات في دارك قال الناس: صبر حتى قتل ، فاتخذوه إماماً ، وثبتوا على ما هم عليه ولكن أطلقه الساعة فإن مات خارجاً عن منزلك شكّ الناس في أمره.

    فـأخـرج الإمـام أحـمـد وفي كـل مـوضـع منه جراحة حتى إن أحداً لمّا هم بمساعدته على الـنـزول من الـدّابــة وقعت يده على بعض تلك الجراحة وهو لا يشعر فصاح الإمام أحمد فـنـحـى يـده عـنـه. وجاءه بالطـبـيب فكان يدخل الميل في بعض الجراحات ، وكان يأتي بالحديدة فيعلق بها بعض لحمه ليقطعه بالسكين وأحمد صابر يحمد الله.

    ولما مـات المـعـتـصـم وولي الواثق فرض الإقامة الجبرية على الإمام أحمد، فلا يخرج حتى للـصـلاة، ولا يجـتمع إليه أحد، حتى هلك الواثق، ثم جاء بعده المتوكل، فرفع المحنة، ونصر السنة ، وقرّب أهلها.

    لقد كان انتصار الإمام في تلك المحنة الرهيبة القاسية انتصاراً للتيار الأثري الملتزم بما كان عليه سلف هذه الأمة في جميع نواحي الاعتقاد ، وليس في مسألة القرآن فحسب ، فثبت الناس على ما هم عليه بفضل الله ، ثم بفضل وجود القيادة التي تتحطم عندها أمواج البدعة ، وهذا كان رد الإمام أحمد على المروزي حين طلب منه التقية فقال له: اخرج فانظر! قال: فخرجت فرأيت خلقاً لا يحصيهم إلا الله تعالى ، والصحف في أيديهم والأقلام والمحابر ، فقال لهم: أي شيءٍ تعملون؟ قالوا: ننظر ما يقول أحمد فنكتبه!

    يقول الشيخ أحمد شاكر تعليقاً على موقف الإمام أحمد:

    (أما أولو العزم من الأئمة الهداة ، فإنهم يأخذون بالعزيمة ، ويحتملون الأذى ويثبتون ، وفي سبيل الله ما يلقون ، ولو أنهم أخذوا بالتقية ، واستساغوا الرخصة لضل الناس من ورائهم ؛ يقتدون بهم ولا يعلمون أن هذه تقية ، وقد أُتي المسلمون من ضعف علمائهم في مواقف الحق.. لا يجاملون الملوك والحكام فقط! بل يجاملون كل من طلبوا منه نفعاً أو خافوا ضرّاً في الحقير والجليل من أمر الدنيا.. ، ولقد قال رجل من أئمة هذا العصر المهتدين: " كأن المسلمين لم يبلغهم من هداية كتابهم فيما يغشاهم من ظلمات الحوادث غير قوله تعالى: ((إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً))، ثم أصيبوا بجنون التأويل فيما سوى ذلك.." (4).

    لقد صار الإمام أحمد علماً شامخاً يقتدى به ويقتفى أثره ، وارتبط به مذهب أهل السنة أيما ارتباط حتى ليقال: عقيدة الإمام أبي عبد الله ، ولا شك أن جماهير العلماء والأئمة في زمنه كانوا على ذات العقيدة ، ولكنها عرفت به لما بذل في سبيلها وتحمّل من أجل إقرارها. قال بعض العلماء عشية دفن أحمد: "دفنا اليوم سادس خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز ، وأحمد بن حنبل (5).

    وقيل لآخر: لو تكلمت يوم ضُرب أحمد؟! قال: أتأمروني أن أقوم مقام الأنبياء؟ (6). وقال إسحاق بن راهويه: لولا أحمد وبذل نفسه لما بذلها له لذهب الإسلام (7). وقال الحارث بن عباس: قلت لأبي مسهر: هل تعرف أحداً يحفظ على هذه الأمة أمر دينها؟ قال: لا أعلمه إلا شابٌ في ناحية المشرق، يعني أحمد بن حنبل (8). وقال علي بن المديني: إن الله أعز هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة ، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة. وقال أبو حاتم: إذا رأيت الرجل يحبُ أحمد فاعلم أنه صاحب سنة (9).

    ولقد مر زمان والإمام أحمد أعزل من كل شيء ، وحيد فريد ، لا يجلس إليه أحد ، ولا يعضده في موقفه أحد.. وكان لأعدائه الجاه والسلطان والدولة ، فكان يقول: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم الجنائز!. فلم تمض أويقات قليلة حتى علا شأنه ، رحمه الله ، وذاع صيته ، وانتشر مذهبه ، وعظم قدره، حتى تضايق هو من ذلك ، وتمنى الموت لكراهيته للشهرة وحبِّه للخمول. أما في الموت فإن أقل ما حرزت به جنازته سبعمائة ألف إنسان!.

    قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: (وقد صدق الله قول أحمد في هذا ؛ فإنه كان إمام السنة في زمانه ، وعيون مخالفيه ، أحمد بن أبي دؤاد وهو قاض من قضاة الدنيا لم يحتفل أحدٌ بموته ، ولم يلتفت إليه ، ولما مات ما شيعه إلا قليل من أعوان السلطان ، وكذلك الحارث بن أسد المحاسبي مع زهده وورعه وتنقيره ومحاسبته نفسه في خطواته وحركاته لم يصل عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس ، وكذلك بشر بن غياث المريسي لم يصل عليه إلا طائفة يسيرة جداً ، فلله الأمر من قبل ومن بعد) (10).

    ولم يكن هذا هو الجانب الوحيد الذي قاد فيه الإمام أحمد معسكر أهل السنة فخرج ظافراً منصوراً ، بل إن ثمة جوانب أخرى كثيرة نشير إشارة سريعة إلى واحدٍ منها ألا وهو وقوفه - رحمه الله - في وجه طغيان المادة ، وسريان روح الترف القاتل في أوساط المسلمين.

    فقد كان في نفسه - رحمه الله - مثلاً أعلى في الزهد والورع والتعفف والإعراض عن زخارف الدنيا ومباهجها ، ولقد رفض أموال السلاطين ، ولم يقبل عطايا المتوكل ، كما فرض على بنيه وقرابته عدم أخذ شيءٍ من ذلك ، فكان المتوكل يصلهم سراً! وله في الزهد والورع حكايات عجيبة عجيبة ، ولا ندري والله ما نأخذ منها وما ندع ، فليراجعها من شاء في مظانّها ؛ فهي مما يحرك في النفس عزيمة الاقتداء.

    ولقد صنف - رحمه الله -في ذلك كتابي: (الزهد) و (الورع).

    وإن كنّا من وراء هذه المفاوز البعيدة نقراً سيرته فنتطلع إلى الإقتداء والاتباع والاهتداء ، فما بالك بالناس في عصره وهم يرون بأعينهم - على الدوام - ما نسمعه نحن سماعاً، فلا يكاد يستقر في الأفهام ؛ بل ما بالك بتلاميذه وأقرانه وأبنائه وجيرانه..

    أيّ روحٍ يشيعه وجود مثل هذا الصديق بينهم؟

المواضيع المتشابهه

  1. الحزن : أيها المذهب العتيق !
    بواسطة عبدالله مصالحة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 29-04-2013, 01:42 AM
  2. لقاء مع د.سمير العمرى مؤسس الواحة
    بواسطة د. فوزى أبو دنيا في المنتدى لِقَاءَاتُ الوَاحَةِ
    مشاركات: 142
    آخر مشاركة: 23-04-2011, 12:49 AM
  3. صدقها الجميع ... محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة ... التأسيس المخابراتي الغامض ـ 2
    بواسطة صبـاح الـبـغدادي في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-06-2008, 07:15 PM