(أ)
إنَّ حركة العين في الثُّلاثي المضعَّف تُمثِّل إشكالاً لغويًّاقبالة مَن يعمل في ضبط النُّصوص؛ لأنَّها سَماعية.




وقد بَحثْتُ عن كتب أو أبحاث تجعلها موضوعًا علميًّا فلم أجد،فشرَعْتُ في استقراء المعاجم وكُتب الصرف؛ علَّني أَجْمع منها ما يُمثِّل مادَّة تساعد الْمُراجع اللُّغوي على أداء عمله، لكنَّني لم أجد شيئًا كثيرًا على الرغم من البحث غيرالقصير.




وأنشر هنا ما وجدته؛ علَّ ذلك يكون سببًا ودافعًا لِمَن يعلم كتبًا أو أبحاثًا عالَجَتْ ذلك إلى إعلامي، وعلَّه يكون سببًا لأنْ يَشْرع الإخوة والأخوات في بَحْث هذا الموضوع؛ لتوفير مادة فيه.




(ب)



وهاكم النُّصوصَ التي وُفِّقْتُ إليها منسوبةً إلى قائليها:

1- "شَذا العَرْف في فنِّ الصَّرف"؛ للحملاوي، تحقيق الدكتور حسني عبدالجليل يوسف، مكتبة الآداب.

أ - ص28:

"فَعَل" مفتوح العين... إن كان مضاعفًا فالغالب أنَّه منباب نصَر إن كان متعدِّيًا؛ كمدَّه يَمُدُّه، وصَدَّه يصُدُّه، ومن باب ضرَب إن كان لازمًا، كخَفَّ يَخِفُّ، وشَذَّ يشِذُّ.




وقال المُحقِّق في هامش ص28 - 29: قوله: "ومن باب ضرب إن كان لازمًا..."، ومن غير الغالب: حَبَّه يَحِبُّه بفتح الياء وكسر الحاء، لغةً في: أحبَّه يُحِبُّه.




وقد جاء بالوجهَيْن عدَّةُ أفعال متعدِّية، وعدَّة أفعال لازمة؛ (أيْ:بضمِّ العين وكسرها):

فمن الأول: هَرَّ فلانٌ الشيءَ يَهُرُّه ويَهِرُّه؛ بِمعنى كرهه...، وشدَّ متاعه يَشُدُّه ويَشِدُّه بِمعنى أوثقه، وعلَّه الشراب يَعُله ويَعِله: سقاه علَلاً بعد نَهل...، وبتَّ الحبل وغيره يَبُته ويَبِتُّه بتًّا: قطعه، ونَمَّ الحديث يَنُمُّه ويَنِمُّه نَمًّا ونَميمة: حَمَله وأفشاه على وجه الإفساد.




ومن الثاني: صدَّ عن الأمر يَصُدُّ ويَصِدُّ صُدودًا: أعرض عنه، وأثَّ الشجرُ يَؤُثُّ ويَئِث؛ أيْ: كثر والتفَّ، وخرَّالحجر يَخُرُّ ويَخِرُّ؛ أيْ سقط من علو إلى أسفل، وحدَّت المرأة على زوجها تَحُدُّ وتَحِدُّ: تركَتِ الزِّينة، وثرَّت العينُ تَثُرُّ وتَثِرُّ ثرورًا: غَزُر ماؤها، ودرَّت الشاة تَدُرُّ وتَدِرُّ، وجمَّ الماء يَجُمُّ ويَجِم بمعنى كثر، وعنَّ له الشيء يَعُنُّ ويَعِن بمعنى عرض، وشذَّ عن الجمهور يَشُذُّ ويَشِذُّ: انفرد، وشطَّت الدار تَشُط وتَشِط بِمعنى بعدت، وطشَّ الْمُزْن يَطُش ويَطِش: أمطر دون الرش، وألَّ السيفُ يَؤُل ويَئِل: لمع.


ب - ص 29:

المضاعف يأتي من ثلاثة أبواب: من باب نصر وضرب وفرح، نَحْو: سرَّه يَسُرُّه، وفرَّ يَفِرُّ، وعضَّه يعَضُّه.




وفي الهامش ص29 قال المُحقِّق: المضاعف من الثلاثي ما كانت عينُه ولامُه من جنس واحد،نحو سرَّ وفرَّ، وللثُّلاثي منه: فعَل يفعُل نحو سَرَّ يَسُرُّ، وفعَل يَفْعِل نحو فرَّ يفِرُّ،وفَعِل (على الأصل) يَفْعَل نحو عَضِضْت أعَضُّ، ولا يجيء فَعُل بضم العين في الماضي إلاَّقولهم: حَبَّ يَحبُّ، أصله حبب.



2 - "المفتاح في الصرف"، المؤلف: أبو بكر عبدالقاهر الجرجاني، تحقيق الدكتور علي توفيق الحَمَد:

فللثلاثيِّ منه ثلاثةُ أبنيةٍ: "فَعَلَ" بِفَتْحِ العَيْنِ في الماضي، وضَمِّهِ في المضارِع؛كسَرَّ يَسُرُّ، أو كَسْرِهِ في المضارِعِ كـ: فَرَّ يَفِرُّ.




و"فَعِلَ" بِكَسْرِ العينِ في الماضي وفَتْحه في المضارع،كَـ: عضَّ يَعَضُّ، ولا يجيءُ "فَعُلَ" بِضَمِّ العينِ في الماضي إلاَّ قولهم: حَبَّيَحُبُّ، أصْلُهُ: حَبُبَ، شَاذٌّ.



3- "مقاييس اللغة"، لابن فارس، تحقيق الشيخ عبدالسلام هارون:

وقد لَبَّ يلبُّ.

قال المحقِّق الشيخ عبدالسلام هارون: يُقال: منباب فرِح وضرَب؛ الأُولى لأهل الحجاز، والثانية لأهل نَجْد، ويُقال أيضًا: لبُبت تلَبُّ بضمِّ باء الماضي وفتح لام المضارع، قال صاحب "القاموس": ليس له نظير في كلامهم، قلتُ: أماقولُهم في المضاعف: عزُزَت الشَّاة بضمِّ الزاي، إذا قلَّ لبَنُها - فليس نظيرًا لِهذا؛ لأنَّ ماضيه تَعُزُّ بضم العين لا فتحها؛ انظر ليس في كلام العرب، لابن خالويه، (9)، و"اللِّسان"،(عزز).



4- "تاج العَروس من جواهر القاموس"، للزبيدي.

أ- (و) قَدْ (زَبَّ يَزَبُّ) زَبِيبًا، قال شَيْخُنَا: مُقْتَضَى اصْطِلَاحِهِ أَن يَكُونَ كضَرَب، وهو غَيْرُ صَوَابٍ؛ فإنَّه مِنْ بَاب فَرِح؛ بدَلِيلِ تَحْرِيكِ مَصْدَرِهِ، والإِتْيانِ بِوَصْفِهِ على أَفْعَل، والواجِبُ ضَبْطُه، انْتهى.



ب- (و) الضَّبُّ: وَرَمٌ (آخَر في خُفِّه)، وقيل: فيفِرْسِنه، تقول منه: (ضَبَّ يَضَبُّ بالفَتْح) من بَاب فَرِح، (وهو)؛ أَيِ: البَعِير(أَضبُّ، وَهِي)؛ أَي: النَّاقَة (ضَبَّاءُ بَيِّنَةُ الضَّبَبِ).




ج- غثث: (الغَثُّ: المَهْزُولُ، كالغَثِيثِ)، يُقالُ: غَثَّت الشَّاةُ، إِذا هُزِلَتْ.

(وقد غَثَّ) اللَّحْمُ (يَغَثُّ ويَغِثُّ، بالفتح والكسر)؛ أَيْ: من باب فَرِحَ وضَرَبَ (غَثَاثَةً)، بالفتح، (وغُثُوثَةً)، بالضَّمِّ،فهو غَثٌّ وغَثِيثٌ، إِذا كان مَهْزولاً.




د- لذذ: (اللَّذَّةُ): الشَّهْوَة، أَو قَرِيبة منها،وكأَنَّها لَمَّا كانت لا تَحْصُل إِلاَّ لصحيحِ المِزَاجِ سالِمةً من الأَوجاع، فسَّرها بقوله: (ضِدُّ الأَلَمِ، ج: لَذَّاتٌ، لَذَّهُ و) لَذَّ (به)، يَتعَدَّى ولا يتعَدَّى، لَذًّا ولَذَاذَةً، وهو من باب فَرِحَ، كما صرَّح به الجوهَرِيُّ وأرباب الأَفعال، وإِن تَوَقَّفَ فيه بعضُهم؛ نظرًا إِلى اصطلاحه، فإِن مقتضاه أَن يكون المضارعُ منهما على يَفْعُل، بالضمِّ،ككَتَبَ، وليس كذلك، وفي "المُحكم": لَذِذْتُ الشيءَ، بالكسر، (لَذَاذًا، ولَذَاذَةً، والْتَذَّه) الْتِذَاذًا.