أحدث المشاركات
صفحة 6 من 10 الأولىالأولى 12345678910 الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 96

الموضوع: ملف واحة الفكر والأدب للرسائل الأدبية

  1. #51
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي رسالة إلى قيس ابن الملوح

    كتبت بالأمس رسالة لقيس ابن الملوح أقول فيها:
    أخي الكريم قيس؛
    تحية العشاق في غلاف البوح الشفاف، لونها وردي من باقة كباقات الورد الذي تهديني إياه أسماء كلما زارت مروج الأحزان التي يغذيها اليراع بنقي دمائي وقد غسلها حب بني عذرة في زمن سلطنة "بوش" الإبن !
    الله خالق الكون يعلم مالا نعلم ويقضي بالحق ويهدي السبيل... هو الذي زرع في صدرك تلك المضغة التي عم شعاع طهرها الدنيا فمجدها كل لسان. أرجو أن تكون ممن شادوا قصور العذرية في سهل البساتين الغناء وغسلوا فناءه بأنقى الدمع و بخروا أرجاءه بأريج الأشعار الزكي ممزوجا بالصدق والمثالية.
    أخي الكريم؛ لعل ما أكتب لك يصور ما نحن فيه من وخز الأوجاع على أيامنا الموصوفة بالتحضر! نحن اليوم بين أشباه لنا يسوموننا من السخف صنوفا غريبة متى ذكرنا قصتك وقصص أمثالك «سوني ومهوال » في الهند و«روميو وجوليت» في أوروبا؛ يرموننا بالسذاجة ، بالتخلف، وبكل ما يحط من عقولنا من الصفات ... فهل تعلم لماذا؟
    لأن الحب في زمننا اتخذ سبيل الأجساد وأصبحت غايته الأغراض، الكذب فيه حذق وشطارة والصدق فيه قلة حيلة وخسارة! والبراءة من سوء المكر والخسة من سمو القدر! ولذا امتزجت ألوان اللوحة في دنيانا و بهتت رسوم الورع والطهر.
    سمعت مرة أحد حكماء الهند يحكي قصة «سوني» حين ضمت صدره أمواج نهر «الجانج» قال: ما أظن تلك العاطفة الدفاقة إلا رسالة من خالق الأكوان للبشر تذكرهم بأن الشعور الصادق يكره الركون للظلام ويأبى التنكر والغش والاختفاء في جنبات المباني والحصون، فيسري كرقراق يشق الصخر إلى حيث النور ، فيتعلق بخيوط الشمس نهارا وبأطياف لجين القمر ليلا؛ يقول للناس " أنا هنـا" أطهر من القراح العذب! ويربط دائما بين عنصرين لاغنى عنهما لحفظ النوع، يطبع على قلبين سمة نورانية تتحدى كل الأغراض وكل أسباب الحيلة والمكر والخديعة... ولذلك تتشابه القصص في أرض الله الواسعة، تتحدى كل الأعراف الفاسدة وتأبى أن تسجن في حجرات القصور ...
    وسمعت فيما يسمع النائم في حلمه من شيخ مازال يؤمن بالورع قال "جاء عن خاتم المرسلين، نبي الرحمة، متمم مكارم الأخلاق، أمر بالجمع بين المتحابين في ظل شرع من فطر القلوب على الحب حتى لا تعم الفتنة ! " وفسر الشيخ الفتنة بالعمومية قال: من الفتنة أن يسود الباطل على صفاء الحق فيعكره ويستنجد الظالم بالمنافق فنصره، ويؤت القاضي يستفتى في ذنب معتد على حد من حدود الله فيظهر له الجرم جليا فيستره. فسُئل وما شأن المتحابين في هذا ؟ قال : إن صدق العلن السر، انتصر الحق واندحر الباطل!
    إن قصتك لعِبْرة لنفوس زوقها الغدر وحفرت فيها الخيانة أخاديد بعمق " المكان السحيق" فنبت فيها الفطر المقيت وذاعت ريحه النتنة في كل الكهوف المظلمة التي لا يرتادها إلا الخاطئون. ولما جن عليها ليل العمر المقمر، أيقنت من ضلالها طغيانا وكان بينها وبين الإياب شأو بعيد، فغاصت في أوحال المادية الآسنة مستسلمة لمصير قيدوم سفينة معدنية غرقت منذ خمسين حزنا في محيط المطر الحمضي قرب مدينة لم يزر دروبها قط معتبر. كذلك خبرتني زنبقة فتية جاءت تلتقط أنفاسها إلى جوار مجلس اتخذته غداة عمر ألم مرير أفكر في ظلم النفوس للنفوس، حين تراءى لعيني معول القدر يعبث ضاحكا ببقايا بعض النفوس!! أضحكني ألمي إذ دغدغ تفردي فأبكى صبري وأقلق سيل النغم في قرارة صمتي... حطت تلك الزنبقة قبلة طفولية خفيفة بريئة على خدي الملهب من صدى الأسفار في سهوب الأزمنة وتتبع حنوات السبل البعيدة الذائبة في الشفق الأصيلي حيث بدت أشباح الغموض تتمايل في رقصتها الأبدية. لكن قبلة تلك الزنبقة جلبت لصدري أنفاس الجلنار العبقة، فوجدتني أتنسم عبير العود الذائع وأنا أشفق عليه من ناره التي تحرر العبير من أوصاله المكتوية. وعندها ذكرت قصتك أخي الكريم فكتبت لك...
    وسأنتظر الرد على عنواني : بملتقى رابطة الواحة الثقافية .

  2. #52
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    بسم الله الرحمـن الرحيـم

    الرسالـة الثالثـة

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    إليكَ ياقمرَ الأحزان،

    هاقد عدتَ أخيراً..
    كنتُ أعلم أنك لن تتأخّر عليّ، فالمرافئُ هجَرَها المطر، والحدائقُ رتّبَها الصمت، والورودُ خاصمتْ رحيقهَا، حتى اليمامُ حلّق بعيداً عني لأنني تأخرتُ في الكتابة إليه، ولغاتُ الحزن أنشبتْ رماحَها في صدري، وحدها النجمةُ الأولى كانت تنتظرني بالشاطئِ المكتحـلِ بك، وهي تحرسني مني ومن دموعٍ ألقت بمرساتها هنا، ونحن نوزّعُ الثمارَ التي جنيناها من الشمس على أحبابنا وقصائدنا.
    أعرفُ أنني أكتبُ لكَ بمدادٍ آخر، لم تزرْهُ قطرةُ ماء ولم تدغدغه حبة رمل مبتلّـة، ولكنه البوحُ لحارسِ القلوب، حطّ على أفناني الليلةَ رقراقاً مُرَّ المذاق..
    أيها القمرُ العائد بعدَ غياب، يامنْ تزرعُ الضوءَ أشجاراً وألحاناً، يامنْ تهدي قناديـلَ قلبكَ للتائهين، وتقف بشارعِ الخوفِ تحرسُ المارّينَ من قطّاعِ الفـرح، ياأنيسَ الساهرين ونديمَهم، ياحبيبَ العاشقينَ وجليسَهم، خذني إلى أرضكَ، علّني أغسل وجهَ الصمت وأمحو من ذاكرتي تفاصيلَ الوجع، لكنني لاأعرفُ متى أخطو وكيف، وأنا مكبّلةٌ بسجومٍ حرّى وبعالمٍ لايربطني به غيرُ الغيـابِ ولغة لاأتقنها.
    أسمعك، أنصتُ إليك وأنتَ تخبرني عن النور الذي ينبتُ بأرضك كل صباح..أسمعك وأنصت إليك وأنتَ تسألني السفر معك، لقد جمعتُ حقيبتي وسقيتُ الأزهارَ التي تطوّقُ جيدَ شرفتي، وغطيّتُ يمامتي البيضاء بأهدابي كي لايسرقها البكاء، وهاأنذي على أهبة الاستعداد لمغادرة البلاد، سآخذ معي أوراقي وقلمي، ووردةَ البنفسج التي نقشنا عهدَ الوفاءِ معاً، سآخذ معي زمني الجميل وأندلساً أزهرتْ بين كفّيّ، سآخذ لوحةَ أمّي كي لايقرَبَها الحنين، سآخذ سجلَّ الجرح الذي كنتُ أوقّعُ فيه كل صباح، مكرهـةً ،أثبتُ حضوري وحضورَ الذكريات، سآخذه لأغسله بضوئكَ فقدْ يغتسل من ذاكرته هو الآخر، وقدْ يصبح قلبي بعد ذلكَ وطناً للورد.
    أكتبُ إليكَ وقد صنعتْ لي المسافاتُ قافلةَ سفري، وتأهّب الحمام الزاجلُ لحملِ رسالتي إليكَ، لأنّ المكان لم يعد يعشقُ ملامحي، وقد ضيّعتُ مراكبَ العودة..وحالَماَ أصلُ إليك سنبحث عن أحلامنـا وعن أحـلامِ جيلٍ بأكملـه، اختُطِفَتْ وبحَّ هديلُهـا.
    لكنْ، دعني أولاً أرافق يمامتي إلى أرضها، فقد وعدتُها ووعدتُ قبيلَتَها بزيارةٍ قصيرة، نناقش فيها قسوةَ عالمنـا وجراحَه، ثمّ أكون بعد ذلكَ طوعَ بنانـك.
    اعذرني، قد توقّف مدادي الليلة..وابتلَّ خطابي إليكَ بـك..انتظرني، سأعود إليكَ لأكتب لكَ خطابي الرابع، حينَ يطرقُ نافذتي جرحٌ أو ذكرى تعِبت من الرقاد، فاختارت جفنيّ عشّاً لها..أو حين يدغدغني حلمٌ صغيرٌ يشبهك، أو حين تزورني بسمةٌ لاأعرف شكلها الآخر..
    سأظلّ أدافع عنكَ حتى وإن غدرتْ بي الأحزان مرة أخرى، وسأظلُّ أفخرُ أنــكَ..تهمتي الأولـى..والأخيــرة..
    وسأنتـظرك..

    المتّهمَـةُ بـك..
    أسماء حرمة الله
    في : 11/12/2005

  3. #53
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    إليك يا نجمتي المستحيلة
    حضرتُ بلأمس مبارزة صبري والأوجاع بميدان الإهمال فتذكرت القصص اليونانية القديمة التي كنا نقرؤها معا في إحدى زوايا الحديقة العمومية، وتذكرتُ صور أمالي حين كانت الفراشات تسرق من ألوانها الزاهية، وتذكرتُ... فما أسعفني خيالي إلا أن ألَّبَ الدمع على جفني القريحين وألب التنهد على رياي يشد حبال الأنفاس بهما ويوقع بين النسيمات وصدري المرهق.
    ياراحة نفسي المستحيلة:
    كم كذبت على نفسي وكذبت علي وكم مرة أشرق صبح كاذب في ظلمة أبحر الهموم ما كاد يفترُّ عن شمس حتى أطبق الدجى فسد منافذ الرؤى حولي وأرخى كل أردية المكاره تحيط بزهرتي الفتية التي ألفت سلاف السقي الصباحي من إبريق مسحور أهدته لي أول نجمة مستحيلة عرفتها في صباي ... آه ! ما أقسى إنكاري لي واعترافي بكرم النجمات في إثراء الحشائش اليابسة في قلب لم ينبط قط بغير الشوق والحنين لرؤية الزنبقة المفقودة منذ آلاف الدهور...
    أنتِ من صنعت الستائر الحريرية البراقة وزينت بها أبواب سجني، فكيف الوصول إلى مدارك بين النجوم المتلألئة في ضحى نهار لم تزره الشمس منذ ألف حزن . لعلك الآن أصدق قولا من ذي قبل، لأن الدهر جر على وجهك قناع الخوف وغسل أديم جسدك بماء الورد المخنوق تحت حرارة يضبطها البحر وتنفخ فيها الريح تمدها بوقود لامرئي .
    لو كنت تعرفين ميقات بزوغ ذاك القمر الدامي لأطل من حروف كتاباتك الشعاع حاملا إبرة وخيطا حريريا ليرتق جرحي فيضم شفتيه لبعضهما ويكتم النزف العنيد في أخدود جبهة الزمن الباكي.
    وإني سامحت طائر الحمام الذي ربطت كتابك لي إلى جناحه فتهاون في تحليقه فوق الجدول المسحور حتى طالته يد الحورية اللعوب، فخذرت إحساسه بالمسافة الرملية وأباتته في مخبئها على سمر ؛ تحكي له قصتي مع العنادل إذ نقرت من ساحة قلبي المشرعة حبات الهناء فما أبقت إلا على بذور الصبر الممضة المريرة... أجل! سامحته لأني أعلم ظاهر معاني ماتكتبين مثلما علمني تأويلها النرجس البسام في رياض الأماني الحسان إبان طفولتي الموؤودة.
    ولتعلمي أن لن يفهم ألغازي الغامضة سوى طيف ألون يرسمه زارع حبات الندى بالقرب من شرفتك وهو يستمطر الفجر لحن المآذن البعيدة ويلمه تحت جناح النسيم الذائع، لتغزل منه شمس الصباح رداءا لأشجار الصفصاف الباسقة متى فرغت من لثم حبات الماس على شفاه زهرات مازلت أذكر مكانهن تحت شرفة تقابل نافذة غرفة نومك.
    دعيني أفضي لك بسر دعواتي لك في كل رسائلي ... وقد تكون الريح اختلست معانيها قبل أن تقرئيها. ففي رسالتي السابقة، حدثتك عن عمق الجرح الذي حفرته أنامل إحدى بنات حواء بين سويداء قلبي و تاجه الذي لم ينعم بلبسه قط. وتعالي بنا نحو الجدول من هنا…
    وأقبل بعد ها عصر الشدو، وانطلق اليمام يطرز أرجاء فضاءاته بلآلئ ماسية لماحة في كل صوب تتآلف أطيافها ونغمات بوحها في موكب سمفوني خلاب ، فما دريتُ إلا ويدي تعانق اليراع تبثه حسا وعشقا في هـزّات تكاد تكون نسيت إيقاعها منذ أحزان !
    كتبت لك بوحي على صفحات نابضة تنسجها الأطياف وتنمقها بلورات متراقصة تحت ظل وريقات خلفتها الحناء على ضفاف " أم الربيع (1)" قبل أن يأخذها الرحيل الأبدي، فسحنتها أيدي المارد الأسير منذ عهد مملكة سبإ وعجنتها ببرادة الرمل الممغنط المترامي على شواطئ ترزح تحت نير الصخب؛ كان ذلك بأمر من أمير مماليك الضجيج في خلجان الزيت السبية، حيث تذوب عذوبة الألحان وتتلاشى معاني البوح في وحل النفاق المقيت.
    وإن عذري عن تأخر كناباتي إليك ليقف الآن أمام حروفك مطرقا في خجل لا يدري ما يقدم أو يؤخر ، شاخصا يصغي للمساءلة في انتظار حضور الشمعة الكتوم وفنجان القهوة الذي استعصت ألغاز بوحه على أفهام القضاة القاسطين. هذان الشاهدان ، حضرا كل تفاصيل أحداث قصتي مع بنت حواء ، ولذلك استدعيا للإدلاء بشهادتهما قبل البث في القضية المرفوعة ضد عذري. ولا يخفى عليك أن التهم أضحت أرخص ما يُهدى على ساحة البوح تحت شرفة صبغها اللوم بألوان العتاب المرّ... فهل ستعذرين؟

    أيوب العصر الافتراضي
    محمد المختار زادني
    17 ديسمبر 2005

  4. #54
    الصورة الرمزية د. سلطان الحريري أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    الدولة : الكويت
    العمر : 58
    المشاركات : 2,954
    المواضيع : 132
    الردود : 2954
    المعدل اليومي : 0.39

    افتراضي

    الأديب الرائع الأستاذ محمد زادني:
    لا أدري كيف مررت من هنا ، ولم أر هذا الألق ..
    إنها رسالة رائعة نقلتني على جناح الحرف إلى عالم رائع من الجمال ، فكأنني بالجمال يكتبك ، مثلما تكتبه..
    دمت قلما جميلا نعتز به
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #55
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    بسم اللـه الرحمن الرحيم

    الرسالة الرابعـة

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    ياقمرَ الأحزان،
    ياأنيسَ دربي ووجداني وإحساسي وزمني المفقود،
    ياعطرَ أيامي وأحزاني وأفراحي التي ماتت،
    ياقصيدتي التي لم تكتمل بعدُ،
    يابوحي الموغل في الشجن،
    جئتكَ الليلة، مضرّجةً بالشجن حتى ثملتُ، وأنخابُ الألم تحتفل بروحي حتى ارتوتْ وروتْ حقولَ الصمت المتناثرة على شواطئي، ياقمرَ الأحزان، يارفيقَ دربي وأنيسَ ليلي ويا بكائي الطويل، يالونَ قلبي وشكلَ غدِي وهمسَ مراكبي، أكتب لك الليلة وأنا جالسةٌ إلى مكتبِ الشوق تضمّدني وردة، وتحرسني ذكرياتي المرّة من أريجِ شجر النارنج..كيف أخطو والزائرةُ قد أتلفتْ صحوي وأهرقَتْ دمعي وأحرَقتْ حرفي؟؟ كيف أخطو والمسافاتُ كلها ضاعتْ ؟؟ كيف أخطو والجراح الليلة اتقدتْ واشتعلتْ غاباتُها حتى أفنتْ مدخراتِ نيسان؟؟ كيف أخطو؟؟ والزمن المفقودُ يداوي نزيفَ وردةٍ، أجهشتْ بالشوق حتى تلفتْ أهدابُها فأجهزَ عليها الوجعُ ضاحكاً.. أكتبُ إليكَ، ياقمرَ الساهرين على دمعـة، ياشاطئَ العائدين من مدائنِ الغربة، يامنْ نسيتَ ملامحكَ منقوشةً على قلبي، ووضعتَ شجيرةَ التوت معلّقة بيني وبين الزمن الضائع، فماتت وتركتني نهباً لقبائل تتّهمني بكَ؟؟ أدركتُ بأنّ دقات الساعة تقترب الليلة من خطوها الأخير، وأدركتُ بأنني وأنا أعبرُ حدائقَ القلب كلها بين النار والبَرَد، والزائرةُ العنيدةُ تكبّل ملامحي ووجهَ الصباح، أعبرُ ملامحي وتقاسيمَ أيامي وأحزانَ أمة بأكملها، أعبر الخوفَ والأنهارَ التي تفصلني عن أرض اللقاء، وشمعتُنا التي أوقدناها بالكحلِ والورد والحرف والحلم الجميل قد خارتْ قواها، هاهي أناملي تكتب لكَ والأسرُ يكبّلها، كيف أخطو إليك؟؟ كيف أعودُ إلى مملكةِ الحياة التي وهبتُها بسمـةً، فوهَبَتني شوقاً مدراراً مهراقاً، وجفناً لايقوى على مقارعةِ الملح؟؟؟
    ياقمرَ الأحزان، يامن ابتلتْ أوراقي بأغانيك، أرقبك وأنت ترقبني، وقد وزّعتَ كل قصائدك على شجر الصبّار الذي نبتَ هنا، وقد ودّعتَهم جميعا لتجمع معي أمتعتي وبقاياي وتأخذني في رحلة قد تطـول..احترق صمتي الآن، وأصبحتُ مثلكَ قنديلاً أعشى، لايُذكيه إلا وجعٌ نسيَ ملامحَه بأزمنة الفراق...
    اعذرني، أعلم أن رسالتي الليلة مضرّجةٌ بالأحزان، وأنني أزعجتُ إغفاءتكَ الصغرى على كتفيّ كطفلٍ صغيرٍ حالمٍ مستسلمٍ لأغاريد الرعاة، والخضرةُ تزقزق حوله، وأحلام الأمان والفرحة تدغدغ قلبه الصغير، تزرع به الحنطة والفضة ومواسم اللقاء، ولكنه وفائي لمواعيدنا، ووفاؤكَ لبوحنا، أما زلتَ تذكر؟؟ أم أنك قد تركتَ كل ذلك معلّقاً بيني وبينكَ حتى يورقَ المطر، أو حتى يخبرنا الليلُ بأنّا إلى الغياب نعـود؟؟؟
    اعذرني، قد توقّف مدادي الليلة، وابتلَّ خطابي إليكَ بـك، انتظرني، سأعود إليكَ لأكتب لكَ خطابي الخامس، حينَ يطرقُ نافذتي جرحٌ أو ذكرى تعِبت من الرقاد، فاختارت جفنيّ عشّاً لها..أو حين يدغدغني حلمٌ صغيرٌ يشبهك، أو حين تزورني بسمةٌ لاأعرف شكلها الآخر..
    سأظلّ أدافع عنكَ حتى وإن غدرتْ بي الأحزان مرة أخرى، وسأظلُّ أفخرُ أنــكَ..تهمتي الأولـى..والأخيــرة..
    وسأنتـظرك، إلاّ إن سبقكَ الوجعُ وأخذني سبيّـة بقافلةٍ لاتعـود..

    المتهمةُ بك..
    أسماء حرمة اللـه
    في: 20/12/2005

  6. #56
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    بسم اللـه الرحمن الرحيم

    رسالة إليكِ

    يـارا،

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    أراكِ خضّبتِ قلوبَنا بالشوق، وأسكنتِ عيوننا بمدائن الملح سرّا وجهراً..ياطيرَ الجنة، ويامنْ كتبتْ بأحرفِ براءتها كتاباً عن الطفولة والفرح الأخضر، ورتّبَتْ زمنَ الأحلام بضحكاتها، فسافرتْ قبلَ أن يكتملَ الخطو أو تخضرّ المسافات، ولكنّ اللـه اختاركِ لحكمةٍ يعلمها ونجهلها، غير أني أهديكِ، والنبضُ رسولُ الأرواح، باقةً من حبِّ كلّ من مرّ من هنا وهطلتْ دموعه، تغسل وجعَ أستاذنا الوفيّ ووجع والديكِ، رحمك الرحمن يا يارا، ياأغنيةَ الطفولة، ويازهرةَ المطر، ويا غصنَ الزيتون، أكاد أراكِ بين حنايا حروف أستاذي د. سلطان، وأنتِ تمرحين وتعيدين على مسامعه حروفكِ، ترسمين لوحاتٍ لعصافيرِ الطهر والبراءة، وتغرسين بشجر التفاح نَوْراً، مازال يتعلم منكِ شكلَ التويج ولونَ الصباح..
    يارا، أكاد أراكِ، وقد وصفَتْكِ حروفُ أستاذنا فعبقتْ بكِ، عطراً لاتتقن صنعَه غيرُ الورود، أكاد أراكِ، تنظرين إلينا والبسمةُ تطرّز شفتيكِ وقلبكِ الصغير، وأنتِ تحكين لنا عن حلاوة القرب وجنات النعيم، وأنتِ تنثرينَ بدرب أستاذنا د. سلطان ودربِ والديكِ زهراً وريحاناً وبسمةً، تضمدين بها لوعةَ فقدهم لكِ، وتداوينَ بها جراحهم التي أهدرَها رحيلُكِ ،لكن قولي لهم، يا زهرةَ المطر، بأن يغسلوا الحزن بماء الاصطبار، وبأن يكتبوا على جبين ذكراكِ بنفسجةً.. والشمسُ ستظلّ واقفةً على صخرة الشاطئ كل يومٍ، ترقب وجهكِ الملائكي وهو يبسمُ بين جفونها، تنسجه خيوطُها وهو يترقرقُ بسمةً وطلاًّ وصبراً...
    يارا الحبيبة، رحمكِ الرحمن..

    محبتكِ في اللـه
    أسماء حرمة اللـه
    في: 27/12/2005



    ----------------
    اللوحة من تصميم الأخت العزيزة نورا القحطاني..

  7. #57
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    بسم اللـه الرحمن الرحيم

    إليكِ..صديقتي الحبيبة الراحلـة.. إيمـان..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ليلةَ رحيلك، فرّ الحرفُ مني مدثّراً بقوافي الملح، وقصيدُ الهروب يكبر بين يديه حريةً، وينبتُ على معصمي قيداً مصنوعًا من شجر الصبّار، تركني معلّقةً بين السماء والأرض، وأخذ المفتاح معه ورحـل..
    كان يتقفّى آثارَ روحك، يجوب الأمكنة التي عطّرتِها بنبضك وابتساماتك وهديلك ليناجيها، يجوب الأزمنةَ التي صنعتِها من شجر النارنج ومن فلق الصبح، ليهديها أحلى تحيـة حب..حتّى الأحلام التي صنعتِها لي وله، وجدها على صخرة الشوق تكتب لكِ رسالةً بماء الحيَا..لكنها ضاعتْ ! ماذا أصنعُ وقد أجهش الغيابُ بذكراكِ، وسكب الصباحُ بين جنبيّ أحاديثكِ الدافئة..فمللتُ طيفاً لايكون أنتِ..
    حتى والمرض يفترسك، كنتِ تدغدغين طفل الأمل ببسمة حانية، وتُخرجين من حقيبة أحلامكِ الجميلة هدايا العيد، تهدينها للقلوب الواقفة على صخور الصمت، يا بسمةً زرعتْ على أهدابي لونَ الحياة، ومزّقتْ تفاصيلَ العذاب على مقربة من الشمس، يا وجهاً مزروعاً بالأصداف، مازلتُ أراكِ دوماً بمنامي تنسابين كدمعةِ فرح، بل بصحوي وخطوي تكتبين لي ولكِ ديواناً موشّىً بالحلم والنقاء، وطيفكِ الجميلُ يهدّمُ صمتي الذي أقام مملكته الشامخة بالوجدان قسراً، يربّتُ على جراحي ويضمدها بقطرات الطلّ، كلما تمردتْ وجمعتْ جيوشها لتُزهِقَ أنفاسي وتزرعها بحقولِ السفر..فرّ حرفي إليكِ، وخرجتُ في إثرهِ أوزّع دمعاً وشوقاً على أشجار الصفصاف، فكيف أظفرُ بأغرودةِ مطـرٍ بعـــدكِ؟؟؟..
    رحمك الرحمـن...

    نصفكِ الثاني الذي سيظلّ يرقب طيفكِ، ليسأله عنكِ..
    أسماء حرمة اللـه
    09/01/2006

  8. #58
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.50

    افتراضي

    لله درك !!

    أختي الحبيبة أسماء :

    يا أميرة الحرف..

    حبيبتي أرثي كل كلمة كتبت، فأي حزن لا ينفكـ أبداً...

    بربك أي مشاعر هزت ذاك القلبـ؟؟

    فتفجر ينبوع الكلمات كما بركان...

    بـ إتساع السماء

    وجدت عزائي بين أحرفك..

    سيدة الحرف

    بقدر حزن كلماتك بقدر روعتها

    لا أستطيع ترجمة ما فعلته حروفك بداخلي ،لقد آلمت قلبي

    لكـ الله يا أسماء

    وسأكون دوما هنا لأتابع رسائلك المؤلمة

    واعلمي دائما أيتها الحبيبة ربما الفراق واقع يحتم علينا أن نفقد من نحبهم

    ولكن أروحنا دائما تعانق ذكراهم ...

    غاليتي دعي الدموع تجف ودعى البكاء يرحل

    لكـ كل السعادة

    كوني بخير

    ولك خالص حبي المعطر برحيق الورد

  9. #59
    الصورة الرمزية د. سلطان الحريري أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    الدولة : الكويت
    العمر : 58
    المشاركات : 2,954
    المواضيع : 132
    الردود : 2954
    المعدل اليومي : 0.39

    افتراضي

    أتابع رسائل القلب التي تتقطر إحساسا ، وتشي بنفس صاحبتها النقية المتألمة..
    أسماء أديبتنا الرائعة : جودي علينا بكلماتك التي تذكرنا بأنفسنا ، ولكن حاولي أيتها النقية أن تفتحي نوافذك على الفرح ، فربما يكون هنالك متسع لذلك..
    رائعة أنت يا أسماء

  10. #60
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.72

    افتراضي

    كنت و مازلت أعجب بفن الترسل إعجاباً يفوق إعجابي بسائر فنون النثر ، و لربما لغلبة الصدق في جلّ العواطف الباعثة على المراسلة كان إعجابي .
    لكل الراسلين الأدباء فيما سبق ؛ يبهجني المرور على رسائلكم ، و يطربني - رغم الوجع - صدق عواطفكم ، و يدفعني جمال الحرف للمشاركة - رغم الوهن - .

    يا أسماء
    ماذا سيكون من الفرح لو أرسلنا في طلبه برسالة بلغية من قلمك البيان !

    يا أستاذنا سلطان
    كيف نعلم و نتعلم فن الترسل من مدرسة الحريري ؟
    ضم بين دفتي الواحة رقعة لهذا الفن تعليماً " إذا تكرمت " .

    تحية لجميع من مرّ هنا .

صفحة 6 من 10 الأولىالأولى 12345678910 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل آخر نسخة من برنامج WeChat للرسائل والمكالمات المجانية
    بواسطة ميرفت خالد في المنتدى مَكْتَبَةُ البَرَامِجِ المُفِيدَةِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-09-2014, 08:07 AM
  2. واحة الفكر والأدب على أثير صوت العرب "بالصوت "
    بواسطة مروة عبدالله في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 12-03-2009, 08:14 PM
  3. ترقبوا الليلة : واحة الفكر والأدب على أثير صوت العرب(الحلم والواقع)
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى أَخْبَارٌ وَإعْلانَاتٌ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 20-02-2009, 06:16 PM
  4. هل انتهى زمن العمالقة في الفكر والأدب؟
    بواسطة مصطفى معروفي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 23-04-2008, 01:25 PM