|
ما للحَمامَةِ تهجُــرُ البستانَـا |
وتخَاصِمُ الأشجارَ و الوديـانَا ؟ |
وتودِّعُ الحقلَ البهيجَ و نَوْرَهُ ، |
و السهلَ ، و الأزهار و الريحاناَ |
أمنَ الحمـاقَةِ ، وهْيَ بعدُ حمامةُ ُ |
تَخِذَتْ منَ الصخر الأصمِّ مكانَا |
وأَوَتْ إلى الحُجُراتِ تحسِبُ بردَهَا |
فيءَ الخمائِلِ ، أوْ ندًى ريـَّـانَا |
جثَمَتْ بزاويةِ العمـارة مـرةً |
ومَضَتْ تشمُّ السَّقفَ ،و الأركَانَا |
فكأنها في السَّجنِ ، وهيَ طليقَةٌ ، |
و كأنهَا عَميَاءُ ، و هيَ ترَانَـا |
وكأنَّ هـذَا الكونَ أرْصَدَ خلفَها |
جُنداً فهَامَتْ تستَـدِرُّ أمَـاناَ |
ويلٌ لهَا إنَّ الحياةَ طلاقــةٌ ، |
فعلامَ تُسْلِم نفسَها السجَّــانَا؟ |
وتَؤمُّ أقبِـيَةَ القُرى ، ووراءَهَا |
صرحُ الطبيعة يسحـر الأعياناََ |
يا ليتَ لي كجناحِها ، و رياشِها |
فإذن علوْتُ مخلِّفاً دنيــانَا |
وسكنْتُ في ذاكَ الفضاءِ مطوِّحًا |
لا أعرفُ العمرانَ ، و الإنسَانَا |
ولضِقْتُ بالإسمنْتِ يَقتُلُ مُهجَتِي، |
و يُذيبُ مِنِّي العشْقَ ، والإيمانَا |
ويَسُلُّ وحيَ الشعرِ من رُوحِي فَلاَ |
تغدُو سِوى مسخٍ بدَا عُرْيـانَا |
مالي أنَا و الطِّـين يجدَعُ أحرُفِي |
و يسومُني الإذلالَ، و الخِزْيَـانَا |
و أنا المتيَّـمُ بالعلاَ ، و مدائنٍ |
للروحِ أبعدُ ما تكـونُ مكـانَا.. |
وُلدَتْ مواويلِي بكلِّ قصيَّة ، |
و نمَتْ تطاولُ في السماء ِ عَنانَا |
أنا عزْمةٌ تطـأُ المدَى ، و حكايةٌ |
تَرِثُ المكانَ ، و تعْجِزُ الإمكَانَا |
أنا قلبُ هذَا الرَّحْبِ، أين شموخُهُ؟ |
متَوثِّبٌ ، أتجَـاوَزُ الأزْمانَــا |
أنا كالعبيرِ أضُوعُ حيثُ مراكِبِي |
غرقَى وحيثُ فقـَدْتُ ما قَدْ كانَا |
بَحرٌ أنا عنْدَ المسـاءِ تجنْدَلتْ |
مِن حولِـه نسمـاتُه فتـوَانَـى |
أنا كالحمَامِ يضيقُ عنه فضَاؤُه |
فيُرَى و قَدْ حسِبَ القبـورَ جِنَانَا ! |