حكم الشفعة
للفقهاء قولين في حكم الشفعة

القول الأول: قال جمهور الفقهاء : إن حكم الشفعة الإباحة

إي : أنها حق اختياري للشفيع المطالبة بهذا الحق فور علمه بالبيع كما لة ان ترك طلب الشفعة
أدلتهم على ذلك : من السنة والإجماع
من السنة
1- روى احمد عن عبادة بن الصامت ( إن النبي صلى الله علية وسلم قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرض والدور ) 1
2- روى البخاري من حديث جابر ( رض ) ان النبي صلى الله علية وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) 2
3- روى مسلم وأبو داود والنسائي من حديث جابر ( رض )( إن النبي صلى الله علية وسلم قضى بالشفعة بين الشركاء في كل شركة لم تقسم ربعة او حائط لا يحل له إن يبيع حتى يؤذن شريكة فان شاء اخذ وان شاء ترك فان باعة ولم يؤذنه فهو أحق بة ) 3
الإجماع :
اجمع أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما يبيع من دار أو حائط ( بستان ) وقد حكي هذا الإجماع ابن المنذر 4
ولم يعلم خلافا لهذا الإجماع إلا لأبي بكر الأصم 5 ولا عبرة بهذا الخلاف لأنة وجد بعد إجماع أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك الذي لم يقاسم ولعل ابن الأصم لم يعلم بهذا الإجماع 6
-----------------------------------
1- الشوكاني5/ 334.مسند عبد الله بن الإمام احمد رقم 356
2- البخاري حديث رقم 2257 /
3- صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 45/ النسائي رقم 320 أبو داوؤد رقم 3513
4- ابن المنذر : هو إبراهيم بن المنذر بن عبد الله احد كبار العلماء المحدثين عن مالك وابن عيينة توفى 236 هجرية
5- أبو بكر الأصم :هو محمد بن الأصم المتوقي 320 هجرية تاريخ بغداد2/193
6- الإجماع لابن المنذر 85

القول الثاني :
عدم الإباحة : إي إن الشفعة ليس حقا للشفيع وليس له حق المطالبة بها وذهب إلى ذلك كل من جابر بن زيد من التابعين وأبي بكر الأصم
أدلتهم :
من الكتاب :
قولة تعالى (({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }1
وجه الدلالة :
إن الله تعالى قد نهى عن اخذ أموال الناس بالباطل بما لم تبحه الشريعة الإسلامية الغراء من أمثال الخيانة والسرقة والنصب والقمار وعقود الربا
ثم استثنى التجارة عن تراض وهو استثناء منقطع ومعناه ولكن اقصدوا كون تجارة عن تراض منكم وقولة تعالى ( عن تراض ) صفة لتجارة بمعنى تجارة صادرة عن تراض وخص التجارة بالذكر لان أسباب الرزق أكثرها متعلق بها2

--------------------------
1 - سورة النساء أية 29
2- الكشاف للزمخشري 1 /522
-----------------------------

فلو كانت الشفعة التي لا تراضي فيها مشروعة لكانت أحق بالاستثناء و لأنها يتوهم دخولها لعدم التراضي فيها فعدم استثنائها دليل على عدم مشروعيتها وعدم إباحتها 1
ويجاب على ذلك :
بان الشفعة لم يتوهم فيها باطل لان الأخذ فيها بمثل الثمن او القيمة التي استقر عليها البيع بمعنى بما قامت على المشتري بخلاف التجارة فان الإنسان قد يشتري بخمسين ويبيع بمائة فيتوهم إن هذا داخل في الباطل فاستثناه الله تعالى رفقا ولطفا بعبادة 2
من السنة :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه ) 3
فان النبي في قولة ( لا يحل مال امرئ مسلم )نهى عن الأخذ والانتفاع بأي مال مملوكا للغير دون رضاه أو بغير طيب نفسه ومن ذلك العقار الذي يبيعه الشريك أو الجار لأجنبي فلا يحل لشريكة أو لجارة الملاصق إن ياخذة من الأجنبي بغير رضاه 4
ويجاب عن ذلك :
بان المنهي عنة اخذ المال الذي حصل علية صاحبة باستعمال حقه الذي رسمه الشارع كالبيع والهبة والإجارة والإرث وغير ذلك
إما المال الذي حصل علية الشخص بإساءة استعمال الحق وإلحاق الضرر بالغير بتملكه اياة فأخذة الشفيع منة بالطريق الذي رسمه الشرع الإسلامي ليس منهياه عنة
فاخذ الشريك أو الجار المشفوع فيه بما قام على المشتري لدفع الضرر عن نفسه الواقع أو الذي سيقع بسبب الجوار او الشركة يباح له شرعا
ولقد نهى النبي صلى الله علية وسلم عن الضرر بقولة ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ) 5
أنة لا ضر ر في الأخذ بالشفعة على المشتري لأنة سيأخذ ما دفعة ثمنا للعقار وكل ما في الآمر إن الصفقة أخذت منة فحالة بعد اخذ العين المشتراة بالشفعة هو حالة مثل أخذها منة
--------------------------------------------------------
1- الكشاف 1/5221

2- الشفعة في الفقه الإسلامي الدكتور جودت عبد الغني الناصر ص8
3- البيهقي 10783 مسند احمد 20168
4- الشفعة في الفقه الإسلامي الدكتور جودت النصر ص8
5-موطأ مالك 1426 ابن ماجة 2337
------------------------------------------------------

ولو سلمنا جدلا إن الأخذ بالشفعة يلحق بالمشتري ضررا فان الضرر الذي سيلحق الشفيع إن لم يبح له اخذ المشفوع فيه أعظم بسبب التضييق علية والظهور على عوراته والاطلاع على اسرارة وعثراته ومما لا شك فيه إن رفع أعظم الضررين واجب شرعا
ولهذا جاءت الأحاديث لإباحة الأخذ بالشفعة للشريك في نفس المبيع أو في حق المبيع أو للجار الملاصق إذا طلبها المستحق لها فور العلم بالبيع فكانت هذه الأحاديث مخصصة للعموم الذي ورد في قولة صلى الله علية وسلم ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه ) 1

--------------------
1- الكشاف 1/522