أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كاتب جديد لمسرح قديم قراءة نقدية لمسرحية محمد خليل

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2011
    المشاركات : 19
    المواضيع : 8
    الردود : 19
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي كاتب جديد لمسرح قديم قراءة نقدية لمسرحية محمد خليل

    كاتب جديد لمسرح قديم
    قراءة نقدية لمسرحية محمد خليل
    ذئاب بني مروان
    محمد عطا فريد
    ماجستير الادب والنقد


    مغامرة غير مأمونة العواقب ان يتحول كاتب قصة إلى آفاق المسرح .. خاصة إذا كان هذا الكاتب يمتلك رصيدا ضخما من الإبداع من النمط الأول عرف به وارتاد من خلاله افلق شتى.. واستأثر بكامل تجربته الفنية .وتستحيل هذه المغامرة إلى نوع من المقامرة وتصبح من الخطورة بمكان إذا كان هذا الكاتب مثل "محمد خليل" ممن يمتلكون مثل هذا الرصيد السابق ورصيدا موازيا من حب الناس له ككاتب وقاص له صوته الأدبي المميز.
    هنا تصبح المغامرة مقامرة بهذا التاريخ وهذا الكم الهائل من الريادة والحب..هذه المغامرة تحمل بين طياتها عوامل الفشل وعوامل النجاح على السواء . والمعول عليه بين النتيجتين هي الفروق التي تميز بين النمطين القصة والمسرح وأيضا وجهات التلاقي التي تجمع بين النمطين ودراسة الكاتب المستوعبة للأصول الفنية لكل منهما ومن هنا نستطيع أن نقيم العمل تقييما موضوعيا يرتكز علي أسس ومنهج واضح .
    تلك كانت أولي العقبات التي عرضت لنا أثناء دراسة مسرحية " ذئاب بني مروان " للقاص المعروف " محمد خليل " والمسرحية هي باكورة نتاجه المسرحي وقد تأخر ظهورها فترة ليست بالقصيرة .
    أما العقبة الثانية فتمثلت في نوعية التقييم والعرض لها هل ندرس المسرحية علي أنها نوع أدبس فنحاول تصنيفها حسب قواعد " التأصيل " المسرحي القديم " لأرسطو " أو " لهراس " من بعده
    أم نكتفي بدراستها من خلال المذهب الإبتداعي الذي تمثله " كلاسيكي " أو " رومانسي " أو " واقعي " و...... أو غيره .

    أعتقد أن الدراسة الفنية تلك التي تعرض لعناصر العمل الفنية بالكامل من شخصيات وأحداث زمان ومكان وعنصر مسرحي متكامل بألوانه وإيقاعاته هذه الدراسة هي التي تفيد العمل والقارئ معا خاصة إذا كان صاحب العمل حديث العهد بهذا النمط الأدبي الجديد يحتاج إلي من يميط اللثام عن سماته وخصائصه ككاتب مسرحي يقدم أوراق اعتماده الأولي .
    بدء ذي بدء يجب أن أعرض في شيء من الإيجاز لأسباب ونتائج لجوء " محمد خليل " إلي التاريخ يقول الدكتور عبد العزيز الموافي في كتابه المسرح الشعري بعد شوقي ..... إن المبدع إذا هام حبا بتراثه ورأي فيه خير مايؤسس عليه بناء حاضره عمدا إلي فترات مشرقة وشخصيات عملاقة ليخلق منها مثلا عليا تهفو إليها أفئدة معاصريه ليخلص بذلك إلي تعميق المفارقة بين ما كان وماهو كائن .
    وهو في اعتقادي أحد الأسباب التي دعت " محمد خليل " إلي اتخاذ التاريخ شكلا يصوغ من خلاله أفكاره ليقدم لنا العظة في نموذج حي مجسد في شخص أو في أسلوب يكون المثال عندئذ لما يقول ويعمق فينا الأثر الذي يريده . ويحدث هذا الأثر ذلك الجو الأسطوري والجلال والهيبة التي تبعثهم صور الماضي .. فإذا كانت هذه الشخصيات عملاقة بالطبع ومثالية بالفعل وبعيدا عن خلق وإبداع الكاتب مثل شخصياتنا وبطل مسرحياتنا " عمر بن عبد العزيز " .. فبلا شك يعتبر انتقاء موفقا ضمن للمؤلف النجاح مبدئيا .. ووتر آخر أعتقد أن محمد خليل ضرب عليه بشدة في اختياره لهذه الفترة المضيئة من تاريخنا الإسلامي هذا الوتر هو استئناس الجماهير بهذا التاريخ لما له من قداسة في نفوس وعقليات الناس وكذلك كل معطي تراثي .. خاصة إذا كان يمت بصلة أو بأخرى إلي العقيدة أو أحد رموزها مثل عمر بن عبد العزيز .. هذا الانتقاء من " محمد خليل " أكسب المسرحية بعدا حضاريا وتاريخيا في آن واحد
    والقالب التاريخي هو أصعب القوالب التي يصب المبدع فيه أفكاره حيث تعترضه معلوماتية الحدث وثبوتية الشخصيات مما يفوت علي المبدع جزءا هاما من استغلال عنصري التشويق أو استدعاء شخصيات خفية غير معلومة ( خيالية ) . ومع هذا ستبقي أكثر الأعمال المسرحية روعة وقيمة هي تلك التي تتخذ من هذا التاريخ وعاءا تسوق من خلاله أعمالها . خاصة إذا كان من وراء هذا الانتقاء دواع ودوافع مرعية الجانب فيجب أن تكون تلك الفترات التي يبعثها الكاتب من الفترات المضيئة في تاريخ الأمة إذا كان يقصد من عملية الإسقاط التاريخي بعث أمة من رقدة الذل والعدم بتذكيرها بماضيها العريق . وهنا يجب علي المبدع أن تكون أفكاره مختمرة في ذهنه متقدة متمكنا منها حتى تنجح عملية البعث أو الإسقاط .
    إذا طبقنا هذا الكلام علي مسرحية " ذئاب بني مروان " سنجد أن " محمد خليل " اتجه إلي التاريخ فانتقي وجاء انتقاءه مناسبا تماما لنوعية أفكاره فكانت فترة من أخصب فترات الدولة الإسلامية ازدهارا بالعدل والسلام .. كما نجح في أن يحدث فينا هذا التصادم " الوهلي " ذو الأثر البعيد بين ما كان وما نحن فيه الآن .. وتركنا نستخلص بعقولنا وأذهاننا التي أيقظها ما وراء القيم من رمزية واضحة بين عصرين .. وذلك هو النجاح بعينه أن نلمس بأنفسنا ذلك الأثر الذي أراده لنا الكاتب .. فالمسرح كما يقول " فرانك هواتنتج " في كتابه " مقدمة إلي المسرح " حين سأل هل المسرح مجرد ترفيه ؟ فأجاب .. " إن هدف المسرح الجيد هو أبعد من الترفيه ففي عصور عظمته وازدهاره كان كتابه وممثلوه ومخرجوه ومصمموه يبحثون عن معني الوجود والجمال .. لأن جوهر الفن المسرحي يقوم علي أساس عام من المعرفة الشاملة .. أي علي قدرة الإنسان علي الاستكشاف والتعجب والتأمل " .. وأعتقد أن " محمد خليل " ساعدنا بسهولة علي اكتشاف هذه القدرة فينا وأعطانا زاوية نستطيع من خلالها الرؤية بشكل أوضح . رؤية كل شيء .. رؤية ما حولنا وما بداخلنا من قيم تكاد تفقد أهلية الوجود حين تصطدم بأدنى أشكال الصراع .
    والآن نستطيع أن نقرأ العمل قراءة ثانية .. قراءة نتأمل من خلالها عناصره الفنية كل علي حدة .. ونبد أ أولا " بالحبكة "
    ( الـحبــكـة )
    دون أن يستقل أحدهم بها دون الآخر وإلا كانت هشة مفككة ومهمة الكاتب المسرحي كما يقول " ميليت وبنتلي " في كتابه " فن المسرحية " أوضح من مهمة الكاتب القصصي وهي بعث الاهتمام والتشويق وتركيز الترقب والإبقاء علي حالة الترقب هذه حتى نعد العدة لتخفيفها وهذا ما وعاه " محمد خليل " بالنسبة لترتيب الأحداث وتتابعها المنطقي فلم نجد أي طفرة تند عن سير الأحداث بل سارت في منطقية سلسة وفي تتابع زمني محدد بدأ " بوفاة الخليفة " , " سليمان بن عبد الملك " ثم تولية " عمر" الخلافة وانتهت بوفاته وإذا كانت الحبكة المسرحية هي " الصراع " , " والصراع " إنما ينشأ من تصادم إرادتين مختلفتين أو تنازع إرادة اختلفت دوافعها وسيطرت عليها عواطفها فإن مسرحية " ذئاب بني مروان " قدمت لنا أكثر من صراع من ألوان الصراعات التي تمد " الحبكة " بالإثارة والتشويق .... نشأ الأول والأقوى بين " عمر بن عبد العزيز " ونفسه ومحاولاته الدءوبة ترويضها وحملها علي الإخلاص والنقاء .... ونشأ الآخر من صراع خارجي بينه وبين " آل مروان " ممثلين في " هشام " , " ويزيد " , " وبن الوليد " , " وبن سليمان " وغيرهم من أمراء ووزراء الدولة " الأموية " والصراع في الحالتين صراع تقليدي بين قوي الخير وقوي الشر لم يضع له الكاتب نهاية بل تركه مفتوحا للدلالة علي بقائه مادامت الحياة ومادام الإنسان وكان موفقا إلي حد ما في ذلك .
    هذا " الصراع " ينشأ كما ينشأ في العمل القصصي تدريجيا ولكن الفرق أن كاتب المسرح مطالب بأن يظل هذا الصراع قائما حتى آخر كلمة أو مشهد في المسرح وهو ما نجح فيه " محمد خليل " منها هو " عمر بن
    عبد العزيز " علي فراش الموت ومازال صراعه مع النفس قائم لا يهدأ يحاول ترويضها فيأمر بالعفو عن خادم قدم له السم بإيعاز من " بني مروان " ويقهر هذا النفس في آخر معركة معها فيختار العفو ويترك حمية الثأر والقصاص ليقدم لنا المثال في كيفية مجاهدة النفس وهو مع ما هو فيه لا يشغله ولا يهمه إلا أن يرسل " الألف دينار " إلي بيت مال المسلمين واقرأ معي في " الفصل الثاني " , " مشهد " ماذا قال لصديقه " عنبسه" حين طلب منه مالا كان قد وعده به " سليمان " قبل وفاته .
    عنبسه : يخرج ورقة من بين ثيابه ويقدمها له : هذه ورقتها يا صديقي
    عمر : " متجاهلا الورقة " : أتعرف ماذا يعني هذا المبلغ ؟ !
    عنبسه : لا يا أمير المؤمنين .
    عمر : هذا المبلغ يعني أربعة الآف بيت من بيوت المسلمين ( يبدو التجهم والوجوم علي وجه عنبسه ) أأدفعها إلي رجل واحد؟
    عنبسه : وماذا في هذا يا أمير المؤمنين بيدك الأمر.. كل شيء في يدك
    عمر : والله لا أملك هذا ولا أعرف إلي ذلك طريقا إلا طريق واحد
    عنبسه : ( وقد عاد البشر إلي وجهه ) : ما هو هذا الطريق يا أمير المؤمنين ؟!
    عمر : النار ( يشحب وجه عنبسه ) جهنم ياعنبسه
    وارجع إذا شئت لوقف مماثل مع " عمته " ومع أمراء آل مروان بل مع عمر نفسه في أكثر من مشهد من مشاهد المسرحية الحافلة بألوان الصراع المسرحي .

    نأتي إلي عنصر آخر من " العناصر الفنية " في " المسرحية " وهو الحوار ....


    ( الـحــوار )
    والحوار في هذه المسرحية حمل الشخصيات فكشف عنها ورسمها وأمد الحبكة بطاقة هائلة من الإثارة والمنطقية الواعية المستوعبة للحدث وتتابعه فكشف الحوار عن سمو شاعري يضاف إلي تلك الظلال التي يلقيها علينا الماضي بإيحاءاته وكشف عن طبائع الشخصيات ونواياها .
    والحوار بصفة عامة إما نثري أو شعري والأخير ظهر بظهور المسرح واختفي أو كاد باختفاء الشعراء العظام ممن لديهم القدرة علي المحافظة علي عناصر الأسلوب الشعري من وزن وموسيقي داخلية وخارجية وإيقاع منتظم وصور خيالية براقة كل هذا مع مسرح له خصوصيات المسرح وعناصره الخاصة .
    أما النوع الآخر والذي أنتهجه محمد خليل في ذئاب بني مروان فهو المسرح النثري وقد اقترب به محمد خليل من الواقع المعاش لاٌ أقول الواقع التاريخي ـــ الأموي ـــ فالمسرحية لا ينبغي أن تدرس أو تقيم بعيدا عن المسرح أو بمعزل عنه وعن التمثيل .. فالجمهور يلعب دورا مهما فهو عنصر من عناصر العمل المسرحي .. وهو ماراعاه الكاتب في لغة الحوار وأسلوبه .. فلم يستخف به شأن الكثيرين من كتاب المسرح التجاري .. ولم يتطاول بلغة قاموسية تشعره بعجزه عن ملاحقته .. فحوار الكاتب حوار شائق .. ساعده علي إيجاده رحلته الطويلة مع العمل القصصي الذي يعتبر التكثيف والتركيز عمادها الأول .
    وظف محمد خليل هذا الحوار في أكثر من اتجاه خدم به أكثر من عنصر من عناصر المسرحية من حبكة إلي رسم شخصيات إلي تنامي الأحداث إلي وصف مظهري .. حدث بذلك التآلف والمزج بين عناصر المسرحية المختلفة والذي يعتبره النقاد علامة المسرحية الجيدة .. فالحوار كان توظيفيا أكثر منه قصدا لذاته .. وهنا تكمن براعة الكاتب .. ولا غرو فهذا ميدانه الذي يجيد عليه المبارزة وإحراز السبق والفوز .. نأتي إلي عنصر ثالث من العناصر الفنية بالعمل وهو "التشخيص"

    الـتشـخيـص )

    " والتشخيص " هو طريقة أداء وتطور الشخصيات وتناميها وتحليل نتائجها حسب دوافعها والربط بين طبيعة الشخصية وأفعالها . والتشخيص أنواع متعددة تتعدد بتعدد أنماط التشخيص فهناك التشخيص " الوصفي أو المظهري " هناك " التشخيص الكلامي " وهناك " التشخيص بالرأي " , " والتشخيص بالفعل " وهذا الأخير هو ما أختاره " محمد خليل" في مسرحيته وهي وإن كانت أفضل أنواع التشخيص إلا أنها تعد أعمقها لما تتطلبه من مواءمة وتركيز شديد بين الشخصية وأفعالها والفعل والدوافع والدافع والنتيجة وهي سلسلة من الموائمات تأخذ من الجهد والطاقة الكثير حيث يترك الفعل ليعبر عن الشخصية ويحلل دوافعها ونتائجها دون تدخل منه وهي من الصعوبة بمكان إلا أن كاتبنا ركب هذا الصعب وراهن بقدرته علي الوصول ووصل ساعده في ذلك وجدان خصيب وفكر ويراع طائعين وشخصيات ثرية كالت عبر عنها من خلال المسرحية . فمن خلال أفعال " عمر " عرفناه ورسمنا له صورة في أذهاننا وبدأنا في الانتقال معه ثم من خلال أفعاله وقراراته التي أخذها علي نفسه وعلي أهل بيته وآل بيت الخلافة وأمراء بني مروان كانت النتيجة منطقية والصراع يسير إلي حتميته الواجبة من إشعال نار الفتنة والغضب من المعسكر المناوئ والذي أسلمه تفكيره في النهاية إلي قتله وأعتقد أن تاريخية الأحداث وواقعيتها الفعلية ساعدت الكاتب في اختياره هذا النوع من التشخيص حيث كل الأحداث ثابتة كائنة بالفعل بداية وانتهاء
    ( الشخصيات )
    بداية لابد وأن تعطي الشخصيات عناية فائقة لأن ارتباط الحدث والحبكة في العمل المسرحي مرهون دائما بما تثيره الشخصيات فينا فيجب إعطاءهم منطقهم الحي والواعي في التصرف مع إبراز الدوافع والمبررات بما لا يحدث خللا في تجهيز وأداء الشخصية .. لأن ذلك كفيل بإحداث هذه عنيفة تحول دون حدوث الأثر المنشود خاصة إذا كانت تلك الشخصيات شخصيات تاريخية معروفة .. ويتحدد دور الكاتب في إبراز الدوافع والمبررات دون المساس بالشخصية .. وهنا تصبح الشخصية ذاتها " لغم " علي أتم الاستعداد للانفجار والإطاحة بالعمل كله إن لم يتعامل الكاتب معه بذكاء وتقنية شديدة .
    وفي ذئاب بني مروان ألتزم محمد خليل في رسم شخصياته بمعطيات التاريخ ومقرراته الثابتة . هذا الالتزام كان " حتمي " فرض علي الكاتب فحد من محاولة استلهام أو استدعاء شخصيات إضافية .. اللهم إلا في حدود ونسب ضيقة احتاجها الحوار وتنامي الأحداث كبعض الوزراء أو الرجال أو الجواري رمز إليهم الكاتب بالأرقام للتمييز بينهم .
    هذا الفرض والحتمية نشأت من خصوبة الفترة التاريخية التي تناولها الكاتب وكثرة الدراسات والأعمال التي دارت حولها أو عنها ومثولها

    الحي في أذهان الناس .. ومن هنا كان المجال ضيقا جدا أمام محمد خليل في استدعاء أو استلهام مثل هذه الشخصيات .
    إلا ان هذه الفرضية وهذا القيد وإن كان قد حد من انطلاق الكاتب إلا أنه قد وفر عليه جهدا صرفه في اتجاه مغاير أفادت منه المسرحية أيما إفادة وهي الحبكة والاعتناء بها .. والتأنق في إدارة الحوار .. والإسهام البارز في رسم الشخصيات والمناظر والشكل الخارجي .. زهو جهد ليس باليسير خاصة إذا عرفنا أن مشاهد المسرحية حوالي عشرين مشهدا متباينة المكان والزمان .. فكان دائما ما يتدخل تدخلا محمودا في عنصري العرض والإخراج وكيفية الأداء والتقديم والإيقاعات الصوتية أو اللونية المصاحبة مما يدل علي دراية تامة بكافة عناصر العمل المسرحي .. واقرأ له إذا شئت مشاهد ص75 , وص 72 , وص 56 , وص 25 .. كذلك أتاحت هذه القيود لمحمد خليل أن يميل إلي الاهتداء بسلطان العقل .. فسيطر العقل والمنطق الجدلي عليه عند الإنشاء .. خاصة في مسائل المحاجاة والجدل والتي أعتمد فيها الكاتب بالإضافة إلي المخيلة الواعية والعقل المدرك إلي نصيات تاريخية حفظها لنا التاريخ عن هذه الفترة .. واقرأ إذا شئت محاجاة " عمر " لرجال " بسطام " , " عاصم " و " اليشكري " .. وكيف حالت هذه المحاجاة دون ثورة وفتنة الله وحده يعلم مداها .. ولولا ضيق المقام وطول المناظرة لنقلتها كاملة فارجع إليها في الفصل الثالث " المشهد الثالث " .
    وإلي هنا نكتفي بما أشرنا إليه وعرضنا له من عناصر فنية داخل المسرحية فباقي عناصر العمل المسرحي من إخراج وتصميم ومحسنات مادية ومعنوية وأداء نتناولها في حينها حتى نستطيع أن نقيم العمل في إطار كلي متكامل لأنه من الظلم أن تقيم عملا مسرحيا بعيدا عن عناصره المسرحية الأخرى .
    وختاما إن مسرحية " ذئاب بني مروان " بداية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ولا يجب أن تدرس إلا في إطارها الصحيح مع تحمله زخم الأفكار وما يلحقها من شوائب النقص . شأنها شأن أي بداية .. أما عن محمد خليل فلو بحثنا عنه لما طال البحث بنا .. لأننا سنجده بين السطور .. تشير إليه الأفكار .. ويفصح عنه الأسلوب إفصاحا لا إغلاق معه ولا استغلاق .. هو محمد خليل صاحب القضية .. نفس القضية التي تحركه .. وينطلق من خلالها في آفاق إبداعه .. فقضية الظلم والاضطهاد ميدانه هذه المرة .. تناولها من خلال معناها التضادي أو وجهها الايجابي " إقرار العدل " هذه القضية التي أصبح بها مهموما فصارت تحركه
    وتحدوه في أي اتجاه يرنو .. وبأي درب يسلك .. هذه العدالة التي جعلت من عمر بن عبد العزيز قدوة ومثالا في زمان طغت فيه المادة وأبتلي الناس فيه بالتكالب علي الدنيا .. فعاش من لا يجد ووجد من لا يحتاج .. من أجل هذه القضية سار محمد خليل وسرنا معه إلي هناك .. إلي ربوع دمشق حيث قصور بني أمية فتعلمنا .. وانكشفت أمامنا حقيقة هذه النفس .. فاصطدمنا بأنفسنا في قوة تناثرت علي إثرها كل ما علق بها من شوائب هذه الحياة المادية .
    محمد عطا فريد

  2. #2
    الصورة الرمزية مصطفى السنجاري شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    الدولة : العراق/ نينوى/ سنجار
    المشاركات : 4,670
    المواضيع : 165
    الردود : 4670
    المعدل اليومي : 0.83

    افتراضي

    شكرا لأبداعك القيم أيها الأديب الرائع

    جدير بالقراءة ما قرأته هنا

    دم مبدعا رافلا بالألق

    تحياتي
    أُحِبُّكّـ فَوقَ حُـبِّ الذّاتِ حَتّـــــى
    كأنّ اللهَ لَمْ يَخلقْ ســـــواكـ

    مصطفى السنجاري

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة نقدية في "صقيع أراه"/ محمد الشحات محمد
    بواسطة محمد الشحات محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 04-10-2010, 05:14 AM
  2. قراءة نقدية في رائية "عيون عبلة"/ محمد الشحات محمد
    بواسطة محمد الشحات محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 18-05-2010, 05:38 PM
  3. وجع قديم .. قديم
    بواسطة يحيى سليمان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 15-04-2009, 11:23 PM
  4. ميلاد جديد قديم
    بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 17-08-2007, 05:06 PM
  5. قراءة في طالع وجه قديم جديد
    بواسطة محمد نعمان الحكيمي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-07-2006, 06:05 PM