من يثبت له حق الشفعة
اختلف الفقهاء فيمن يثبت له حق الشفعة على قولين
الأول : لا تثبت الشفعة لغير الشريك في الرقبة
وهو الخليط في نفس المبيع
وهو قول الشافعي ومالك واحمد 1
واستدلوا لذلك
بقولة صلى الله علية وسلم ( الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) 2
وجه الدلالة :
إن اللام في الشفعة للجنس فتحصر الشفعة فيما لم يقسم ولا شك ان حق كل من الشريك في حق المبيع والجار مقسوم فلا شفعة لها 3
ويجاب على ذلك :
1- إن الحديث الذي استدلوا بة من باب تخصيص الشئ بالذكر وهو لا يدل على نفي ما عداه
2- أو نقول إن المراد بهذا الحديث إن الشفعة لا تجب للجار بقسمة الشركاء لان الشريك أحق منة وحقه يتأخر عن حقهم 4
---------------------------------------------------------------------------------------
1- بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2 / 256قليوبي وعميرة 2/43 الروض المريع 2/400
2- البخاري 2257 مسند احمد 399
3- الروض لمريع 2/400 قليوبي وعميرة 2/43
4- الزيلعي 5 /340






القول الثاني : اثبتوا حق الشفعة على الشكل التالي
1- الخليط في نفس المبيع وهو الشريك الذي لم يقاسم
2- الخليط في حق المبيع وهو الشريك في الشرب والطريق الخاصين كنهر لا تجري فية السفن والطريق غير النافذة
3- ثم الجار الملاصق 1
وهذا قول الأحناف
واستدلوا لذلك من
السنة:
1 - قول النبي صلى الله علية وسلم ( الشفعة لشريك لم يقاسم ) 2
2- عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال: قال النبي صلى الله علية وسلم ( جار
الدار أحق بشفعة جارة ينتظر بها وان كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا ) رواة الخمسة إلا النسائي 3
3- عن الشريد بن سويد قال : قلت يا رسول الله ارض ليس فيها شرك ولا قسم إلا الجوار فقال :صلى الله علية وسلم : (الجار أحق بسقيه ما كان )رواة احمد والنسائي 4

وجه الدلالة
فما كان ملك الشفيع متصلا بملك المشتري الدخيل اتصال قرار والاتصال على هذه الصفة سبب للمضار وقد تحقق الاتصال في الخليط بنوعية والجار الملاصق فشرعت الشفعة لقطع ضرر الدخيل ورفع يده عن العقار وثبوت الملك لهؤلاء خلفا عنة هذا عند الانفراد في حق الشفعة 5
إما عند تعدد الشفعاء :
1- الزيلعي 5/339
2- اخرجة الزيلعي 4/226 وقال فية غريب
3-احمد 303 ابو دؤود 3518 الترمذي 1349 ابن ماجة 2492
4- احمد 389 لنسائي 320 ابن ماجة 2496
5- تعدد الشفعاء الدكتور عبد الله الناصر ص8


فقد اتفق العلماء على ثبوتها لكل واحد من الشفعاء عند تعددهم واتحادهم في سبب الاستحقاق وذلك عملا بالنصوص الواردة في ثبوت حق الشفعة لمن قام بة سببها سواء
كان واحدا أو أكثر من واحد 1
وللشفعاء جميعا إن يطالوا بالشفعة فان أعطوا قسم المشفوع فيه بينهم كما إن لكل واحد منهم إن يطالب بالشفعة وحدة ولكن يجب إن لا تقتصر مطالبته على نصيبه فقط
وإنما يطالب بجميع المشفوع فيه فان أعطي رجع علية باقي الشفعاء المستحقين للشفعة وأعطي كل واحد منهم نصيبه من المشفوع في3
وإذا اسقط بعض الشفعاء حقه في الشفعة لم يسقط حق الباقين ولكن عليهم إن يأخذوا جميع المشفوع فيه أو يتركوه وليس لهم اخذ بعضة وهذا مما اجمع علية أهل العلم 4
قال ابن المنذر (اجمعوا على إن من اشترى شفصا من ارض مشتركة فسلم بعضهم الشفعة وارد بعضهم إن يأخذ فلمن أراد الأخذ بالشفعة إن يأخذ الجميع أو يدعه وليس له إن يأخذ بقدر حصته ويترك الباقي ) 5
وسبب المنع ان في اخذ بعض المشفوع فيه وترك بعضة إضرار ا بالمشتري بتبعيض الصفقة
علية ولا يزال الضرر بالضرر 6







1-الهداية و شرح النهاية 1 /347 شرح الزر قاني على مختصر خليل 6/183
2- -شرح الزر قاني على مختصر خليل 6 /183
3- المصدر السابق نفس الصفحة والجزء
4-روضة الطالبين 5/100 المقنع والشرح الكبير والإنصاف 15/419
5-الإجماع لابن المنذر ص83
6- تبين الحقائق 5/241 بدائع الصنائع 5/6 مواهب لجليل 5/328

وشرح ذلك :
إن الشفعة شرعت لدفع ضرر الشريك الداخل خوفا من سوء المشاركة ومئونة القسمة فإذا اخذ باقي الشفعاء بعض المشفوع فيه وتركوا بالباقي للمشتري لم يندفع الضرر عنهم لمشاركة الداخل لهم فلا يتحقق معنى الشفعة الذي شرعت لآجلة 1
ويرى الأحناف :
إن الشفيع إذا اسقط حقه بعد القضاء بالشفعة فأنة ليس لمن بقى من الشفعاء إن يأخذ نصيبه لأنة بالقضاء قطع حق كل واحد منهم من نصيب الأخر
وان وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض شركائه أو لغيرهم لم تصح إليهم لان ذلك عفو وليس بهبة فلا يصح لغير من هو علية 2
غيبة بعض الشفعاء :
إذا غاب بعض الشفعاء أو كان غير عالم بالبيع فان حقه في الشفعة لا يسقط بل له إن يطالب بة حين مجيئه أو علمه 3
وقد حكي الإجماع على ذلك ابن رشد ولكن هذا الإجماع منقوض بما ورد عن بعض التابعين من سقوط شفعة الغائب 4
وذلك
لقولة صلى الله علية وسلم ( لا يحل له إن يبيع حتى يؤذن شريكة فان شاء اخذ وان شاء ترك )5
وهذا يشمل الحاضر والغائب




--------------------------------------------------
1- بدائع الصنائع 5/6
2- تبين الحقائق 5 /241
3- مغنى المحتاج ج2 ص 306
4- ابن رشد بداية المجتهد 2 /198
5- اخرجة مسلم في باب الشفعة من كتاب المساقاة 1229

وقولة صلى الله علية وسلم ( الجار أحق بشفعة جارة ينتظر بها وان كان غائبا )1
ولان الشفعة حق شرعي للشفيع إذا وجد سببها فتثبت لة حتى يعفو عنها كالإرث
ثم إن الغائب شريك لم يعلم بالبيع أو أنة علم ولكنة لم يتمكن من المطالبة فتثبت له الشفعة كالحاضر
وإذا طالب احد الحاضرين بالشفعة فأنة يقضي له بها ولا يؤخر إلى حين قدوم الغائب
لاحتمال عدم مطالبته فلا يتزاحم المتيقن بالمشكوك فية 2
على المشتري وعلية يلزم الحاضر إن يأخذ الكل أو يدع الكل ولا يقتصر على المطالبة بنصيبه فقط وذلك حتى لا تتبعض الصفقة
وليس للحاضر إن يؤخر المطالبة بالشفعة والأخذ بها إلى حين قدوم شركائه لان في التأخير إضرار بالمشتري وهذا عند جمهور الفقهاء 3
ويرى الشافعية في الأظهر عندهم
ان للحاضر ترك الأخذ بالشفعة إلى حين قدوم الغائب ولا يسقط حقه بالشفعة لأنة تركة بعذر وهو خوف قدوم الغائب فينتزعه منة أو يقاسمه فيه وذلك ضرر بة فكان له تأخيره إلى حين قدوم شركائه 2
وان اخذ احد الشفعاء الحاضرين بالشفعة فقدم احد الشفعاء الغائبين فان عفا عن حقه في الشفعة سقط حقه فيها وان طالب بة قسم المشفوع فيه بينهم
وتكون القسمة بحسب عدد هم او على قدر أنصبتهم حسب خلاف الفقهاء
فان أتى الغائب الثالث فان القسمة الأولى تنتقض ويعاد تقسيم المشفوع فيه بينهم مرة أخرى وهكذا ان قدم رابع وخامس
ووجه ما ذهب إلية الفقهاء من صحة القسمة الأولى مع وجود شفيع ثالث أو رابع فيها بان ثبوت حق الشفيع لا يمنع التصرف بدليل أنة يصح هبته وبيعة وغير ذلك ويملك الشفيع أبطالة 3
ولعل هذا الأمر عند عدم وجود وسائل اتصال كما هو علية الحال في السابق إما في وقتنا الحاضر فيمكن ان يبقى المشفوع فيه مع الشفيع الأول حتى يعرف عدد الذين يطالبون بالشفعة من الشركاء ثم يقسم بينهم المشفوع فية مرة
--------------------------------------------------------------------------------
1- اخرجة الترمذي في باب ما جاء في الشفعة للغائب رقم 1349
2- بدائع الصنائع 5/6/ مغنى المحتاج 2 /306
3- المغنى 7 /501 بدائع الصنائع 5/6 الشرح الكبير على مختصر خليل 2/490 مغنى المحتاج 2/306
2- ذكر صاحب المنهاج والأرجح إن له تأخير الأخذ إلى حين قدوم لغائب 2/306
3- المغنى 7 /502
4- مجموع الفتاوى
واحدة حتى لا يتضرر الشفيع الأول ومن أتى بعدة من تعدد القسمة
وان اخذ الحاضر جميع المشفوع فيه ثم قدم الغائب وأراد إن يأخذ نصيبه فقال له الحاضر إنا اسلم لك الكل فإما إن
تأخذ جميع المشفوع فيه وإما تدعه لي فليس له ذلك وللغائب إن يأخذ نصيبه فقط 1
وإذا نمى المشفوع فيه نماءا منفصلا كبستان فيه شجر فأثمر فان هذا النماء لمن كان العقار في يده ولا يشاركه فيه غيرة لأنة انفصال في ملكة أشبة ما لو انفصل في يد المشتري قبل الأخذ بالشفعة
وهذا إذا كان الشفيع الغائب في مرتبة واحدة مع الشفيع الحاضر إما إذا كان الشفيع الغائب في مرتبته مختلفة
وهذا لا يكون إلا عند الأحناف والرواية الثانية عند الإمام احمد بن حنبل1
فان كن الغائب في مرتبة على من الحاضر ي
كالشريك مع الجار قضي للغائب بكل المشفوع فيه
وان كان الغائب في مرتبة ادني من مرتبة الحاضر كالجار مع الخليط منع من الشفعة 2











1- بدائع الصنائع / الهداية وشرحها البداية 10 /352 الشرح الكبير على مختصر خليل 2/490مغنى المحتاج 2/306المغنى 7/501
2- بدائع الصنائع / الهداية وشرحها البداية 10 /352