محمد خليل يسأل : إيه الحكاية يا قط ؟؟

محمد خليل يسأل : إيه الحكاية يا قط ؟؟

بقلم فؤاد حجازى

سؤال استنكارى موجه الى سعيد القط , فى مسرحية محمد خليل , التى تحمل فى عنوانها هذا السؤال ,

الذى يحوى ضمنيا سؤال الضمير الجمعى , ماذا حدث فى العالم . او لماذا الأوضاع مقلوبة .. المنتجون

فقراء .. والمسيطرون هم من يمارسون أعمالا غير مشروعة . وكان الأحرى ان يوجه هذا السؤال الى

المليم " ابو السعود " صاحب البوتيك , الذى ظهرت عليه أمارات الثراء

فجأة.


ويستميل ابو السعود ذوى النفوس الضعيفة لمساعدته فى سلب أراضى اهل القرية ..فيخطف الأطفال

(حسين ابن ام حسين بائعة الخضر ) .. ويفرق بين المحبين ( تفاحة وعمر ) ..وعمر مهندس زراعى

أجبرته البطالة على العمل فى التجارة .. أى تخلى عن العمل المنتج ( الزراعة ) الى عمل غير منتج لا

يضيف للناتج القومى شيئا ( التجارة ) .


وكان يجب توجيه السؤال الى ابى السعود .. لأنه بعمله يحول الأرض الزراعية الى بوتيكات تبيع ما لا

لزوم له .. وتمنع انتاج ما يحتاجه الناس .. ولكن توجيه السؤال الى القط ( الضحية ) يعمق الدلالة الى ان

الأوضاع مقلوبة .


والمؤلف لا تجرفه غواية الشعار (الشعب دائما على حق ) .. بل تدين المسرحية سلبية كثير من أفراد

الشعب .. يقول جابر :

كل واحد منكم ذمته مش بريئة من العمل اللى بيعمله المليم فى الناس .. انت بتقول يا عبد الغنى كان فى

ايدينا ايه ومعملناهوش .. وانا باقول لك كان فى ايديكم كتير زى ماقال زمبل كان ممكن على الاقل البلد

متنتخبش المليم ص76



وتنتقد المسرحية خوف الناس من المواجهة .. يقول سعيد القط :

,, انا عمرى ماكنت لص فى يوم من الايام ياسلامة افندى.. لكن انضحك عليا..المليم ضحك عليا وخلانى

لعبة فى ايديه..انتو ماكنتوش حاسين بيه من جوه.. معذورين..ماكنتوش عارفين الحقيقة..خد ارضى وخلانى

محلتيش حاجة.. كتبنى شيكات وبدأ يهددنى بالسجن ص77.

وفى النهاية وبعد ان عرف الناس افعال ,(المليم) الاجرامية يتحررون من خوفهم ويتمردون عليه وضده

ليستعيدوا مقدراتهم المسلوبة.

هذه المسرحية هى الثانية التى يكتبها و ينشرها المؤلف بعــد رائعته (ذئــــــاب بــــنــى مــــروان)..

والغريب فى المسرحيتين كما يقول المؤلف فى تصديره لهما انهما خامرتاه وكتب اجزاء منهما منذ ربع

قرن ويزيد..فهل محمد خليل مسرحى ضل طريقه الى الكتابة القصصية و الذى اتحفنا وامتعنا بها من

خلال مجموعاته القصصية طوال هذا الزمن ؟؟!.. أم ان الذئاب التى واجهت الخليفة العادل ( عمر بن عبد

العزيز) هى ذاتها التى تواجهنا هذه الايام قد اشعلت قريحته فكتب لنا هاتين المسرحيتين .. .باحثا لنا ومعنا

عن العدل المفتقد من جراء سيطرة المفسدين التى جعلتنا لا ننتج خبز حياتنا..بعد ان كنا نصدره للخارج

ونسد به حاجة وجوع غيرنا.. ويوم كان (المليم) قوة شرائية.. وليس رمزا لشخص " ابو السعود " كمدمر

لقيمنا فى انتاج قمحنا.


صاغ المؤلف مسرحيته فى سبعة عشر مشهدا صدرت فى سبعين صفحة من القطع المتوسط .. يردف "

خليل " معها فى نفس الكتاب مونودراما من اربعـــــة مشاهـــد تقـــع فى خمــس عشــرة صفحة ايضـــا

تحمـل عنوان ( الولد والبندقية) .. مسرحها الكاتب عن قصته القصيرة الشهيرة وتحمل عنوان ( مشاهدة

تحت السلاح لمشهد فى فصل من مسرحية واقعية جدا) وهو أطول عنوان لقصة قصيرة .. و تتحدث عن

لاجىء فسطينى لم يحصل على هدية فى طفولته سوى بندقية ..اى اغتيلت براءته.. هذا من جهة.. ومن

جهة اخرى هى دعوة لحمل السلاح لموجهة المهزلة العالمية الامريكية الاسرائيلية..حسب تعبير الراوى

فى النص المسرحى .. ونشر هذه المسرحية فى الكتاب ليس زائدا عن الحاجة كما قد يظن البعض.. لكنه

يؤكد ان الصراع الداخلى ضد( القطط السمان ) لا ينفصل عن الصراع فى مواجهة العدو الخارجى امريكا

واسرائيل.. انهما وجهان لعملة واحدة.. ولن نتمكن من التقدم وعمل تنمية حقيقية الا بخوض الصراعين معا.

وكم سمعت هذه القصة المأخوذ عنها المونودراما من المؤلف فى كثير من الندوات والمؤتمرات

والامسيات يلقيها من الذاكرة فتلقى استحسان وتصفيق الحاضرين لجمالها من كل النواحى ..ان دل هذا

على شيىء فانما يدل على اصالة موهبته فى الكتابة المسرحية وان الكاتب لايكتفى بفعل الكتابة التى قد تجد

من يجسدها على خشبة المسرح او لا تجد.. ولكن يلجأ من خلال تلاوتها الى فعل التحريض.. تحريض

الناس الى حمل السلاح.. ونبذ الخوف وترك موقع المراقب للاحداث..الى المشاركة فى صنعها.. ومواجهة

العدوين الداخلى والخارجى .


, ياناس تقدروا توقفوا بحور الدم.. تقدروا تهدوا جبال الهم.. لاجل بكره جديد.. ونهار ابيض شمسه موش

خايفة.. وارض حبلانه بالخير والخضرة,, ص100 .


صدر الكتاب فى سلسلة مشروع النشر الاقليمى برئاسة الشاعر المهندس مصطفى السعدنى رئيس اقليم

شرق الدلتا الثقافى .

قراءة جميلة في مسرحية تظهر هذه الاطلالة على محتواها عمقا في المضمون والطرح يشجع على قراءتها

أختيار موفقأيهاالكريم

دمت بخير