|
عَلَى جَبِينِكِ يَا مِصْرُ الإِبَاءُ سَبَى |
فَأَشْرَقَ المَجْدُ فِي عَينَيكِ وَانْتَسَبَا |
قَدْ عُدْتِ أَنْتِ وَعَادَ الدَّهْرُ مُفْتَخِرًا |
وَعَادَ شَيْبُكِ مِنْ عَزْمِ الشَّبَابِ صِبَا |
وَقُلْتِ وَالكَونُ يُصْغِي السَّمْعَ مُنْبَهِرًا |
لا مُسْتَحِيلَ إِذَا بَادَرْتَهُ طَلَبَا |
هَاتِي المَلايِينُ فِي الآفَاقِ قَدْ هَتَفَتْ |
بِالزَّاجِرَاتِ تُذِيقُ الخَائِنَ الغَضَبَا |
عَافَتْ نُفُوسُهُمُ إِخْلادَ مَنْ نَكَثُوا |
كَمَا الصُّقُورُ تَعَافُ الذُّلَّ فَوْقَ رُبَى |
فَقَامَ شَعْبُكِ فَوقَ القَهْرِ مُنْتَفِضًا |
يُنَازِعُ الجَوْرَ بِاسْمِ الحَقِّ مَا غَصَبَا |
وَجُنْدُ نَصْرِكِ جُنْدُ اللهِ قَدْ رَكِبَتْ |
تُزِيحُ بِالثَّوْرَةِ الكُبْرَى الذِي نَكَبَا |
فَفِي نَفِيرِكِ سَوْطُ السَّافِحِينَ هَوَى |
وَفِي زَئِيرِكِ صَوْتُ النَّابِحِينَ خَبَا |
وَالعِزُّ فِيكِ غَدَا مِنْ بَعْدِ أُمْنِيَةٍ |
حَقِيقَةً مِنْ شُمُوخٍ جَاوَزَ الشُّهُبَا |
يَا مِصْرُ إِنَّ سَبِيلَ العِزِّ ذُو كَلَفٍ |
فَلَيسَ يُدْرِكُ مَنْ قَالَ: الزَّمَانُ كَبَا |
تَحْكِي الحَوَادِثُ أَنَّ المَرْءَ كَيفَ أَتَى |
وَدَيدَنُ الدَّهْرِ فِيهَا قَلَّمَا كَذَبَا |
وَمَا تَوَانَى غَدٌ إِلا افْتَرَى ضَرَرًا |
وَمَا سَخَا العَزْمُ إِلا فَرَّجَ الكُرَبَا |
وَلَيسَ لِلأُسْدِ قَدْرُ اللَيْثِ خَائِرَةً |
وَلَيسَ لِلهِرِّ قَدْرُ الهِرِّ إِنْ وَثَبَا |
إِنْ المُلُوكَ مَتَى جَارُوا عَلَى أُمَمٍ |
وَأَخْبَتَتْ أَوْرَدُوهَا العَسْفَ وَالعَطَبَا |
وَلِلشُّعُوبِ إِرَادَاتٌ مَتَى نَهَضَتْ |
تَقَهْقَرَ الجَوْرُ حَتَّى تُدْرِكَ الغَلَبَا |
أَلَيسَ فِي تُونِسَ الأَحْرَارُ قَدْ ثَبَتُوا |
عَلَى الإِبَاءِ فَمَالَ العَرْشُ وَاضْطَرَبَا |
خَلَّى يَدَ المُلْكِ رَغْمًا وَهْوَ مُرْتَجِفٌ |
مِن الهَدِيرِ وَوَلَّى مُمْعِنًا هَرَبَا |
يَا شَعْبَ مِصْرَ بَلَغْتَ اليَومَ مَنْزِلَةً |
فَوقَ النُّجُومِ وَقُدْتَ الفُرْسَ وَالعَرَبَا |
أَشَمَّ أَكْرَمَ أَعْلى رَاسِخًا قَدَمًا |
أَجَدَّ أَجْوُدَ أَجْدَى بَالِغًا أَرَبَا |
ظَمْآنَ لِلعَدْلِ طَلابًا لِدَارِ عُلا |
صَلْدَ العَرِيكَةِ لا تَخْشَى الذِي حَزَبَا |
يَا شَعْبَ مِصْرَ هُوَ التَّارِيخُ يَكْتُبُكُمْ |
عَلَى الصُّخُورِ وَلَنْ يُمْحَى الذَي كَتَبَا |
وَمَرْكَبُ الحَقِّ مَا جَدَّ المَسِيرُ بِهِ |
إِلا تَرَنَّحَ مِنْ كَيدٍ وَمَكْرِ صَبَا |
هِيَ الطَوَاغِيتُ أَشْبَاهٌ فَلا زَمَنٌ |
بِهِمْ تَقَلَّبَ إِلا سَاءَ مُنْقَلَبَا |
إِنْ كَانَ فِرْعَونُ أَوْ هَامَانُ أَيُّهُمَا |
سَاسَ البِلادَ سَقَاهَا المُّرَّ وَالوَصَبَا |
لا يُطْـلَبُ العِزُّ إِلا مِنْ مَوَاطِنِـهِ |
وَلَيْسَ يُـطْلَبُ مِمَّنْ خَانَ أَوْ لَعِبَا |
مَاذَا البُكَاءُ عَلَى بَاغٍ وَمُرْتَزَقٍ |
وَفِيمَ يُؤْخَذُ عِنْدَ السَّادِرِينَ أَبَا |
هَذَا الغَبِيُّ الغَوِيُّ المُمْتَلِي صَلَفًا |
وَخَاطِفُ القُوتِ مِنْ صَحْنِ الذِي سَغَبَا |
وَالنَادِلُ الغِرُّ إِنْ نَادَى السَّلامُ مَشَى |
نَحْوَ الْهَوَانِ ، وَإِنْ نَادَى الْجِهَادُ أَبَى |
تِلكَ الثَّلاثُونَ لَمْ يُوْرِثْنَ أُمَّتَهُ |
إِلا الفَسَادَ وَغَمْطَ الحَقِّ وَالسَّلَبَا |
وَمِصْرُ دَوْلَتُنَا الكُبْرَى نَتُوقُ لَهَا |
تُعِيدُ لِلمَجْدِ بِالإِصْرَارِ مَا ذَهَبَا |
فَجَدِّدِي العَزْمَ يَا قَعْسَاءُ وَاقْتَرِبِي |
مِن الشُّعُوبِ فَهَذَا نَصْرُكِ اقْتَرَبَا |