|
رُبَّ مَسَاءٍ شَاعِرِيّاً بَدا |
يَبْعَثُ في النَّفسِ رقيقَ المُنى |
تَأْتلِقُ الأحلامُ في جَوِّهِ |
مِثلَ العَذارى وَسْطَ رَوْضِ الهَوى |
قدْ شَوَّشَ الطّارِقُ ألحَانَهُ |
لَمّا تَرَاءى مثلَ طَيْفِ الرَّدى |
أطْرَقَ عِنْدَ البابِ رأساً بِهِ |
تَرْتَسِمُ الحِيرَةُ في ما أتى |
تَسَمَّرَتْ في الأرضِ أنْظارُهُ |
كَأنّهُ يَرْنو لِشَيْءٍ هَوى |
واحْتَدَمَ الصَّمْتُ فَأنْفاسُهُ |
عَاصِفِةٌ مُنْذِرَةٌ بِالفَنَا |
فَراعَها مَنْظَرُهُ واقِفاً |
بالبابِ فَاسْتَنْكَرَتِ المُلْتَقى |
وَليْسَ ثَمَّ مَوْعِدٌ بَيْنَها |
وَبَيْنَهُ فَاسْتَغْرَبَتْ ما جَرى |
وَبادَرَتْ بِنَبْرَةٍ شَابَها |
بَعْضُ ابْتِسام قَاتِمٍ كاللَّمَى |
يَا طَارِقاً فِي الليْلِ أبْوَابَنَا |
مَا كُنْتَ مَدْعُوّاً لِعِيدٍ هُنَا |
قالَ بَلَى دُعِيتُ لكِنَّمَا |
قَدْ نَابَ عَنْ دَعْواكِ دَعْوَى القََضَا |
فَانْطَلَقَتْ لَحْظَتَها شَهْقَةٌ |
وَأبْصَرَتْ فِيهِ نَعِيّاً نَعَى |
أتَيْتَ بِالمَوْتِ بِلا مَوْعِدٍ |
وَالحُبُّ في مَوْعِدِهِ مَا أتَى |
وَيْحِي! وَهذِهِ الاغَانِي لِمَنْ |
أهذِهِ الشُّمُوعُ ذَابَتْ سُدَى |
رَسَمْتُ مِنْ بَسْمَتِهِ لَوْحَةً |
عَلَّقْتُها بَيْنَ نُجُوُمِ السَّمَا |
وَصُغْتُ مِنْ ضِحْكَتِهِ نَغْمَةً |
طَرّزْتُ فيها هَمَساتِ المَسَا |
وَمِنْ صَدَى أنْفَاسِهِ طَائِرَاً |
إلَى سَمَاواتِي يَغُذُّ الخُطَى |
تَرَاجَعَتْ وَالحُزْنُ يَغْتالُها |
وَانْتَحَرَ الشَّمْعُ وَمَاتَ الغُنا |
مَا الحُزْنُ وَالفَرْحُ سِوَى دَمْعَةٍ |
تَحْكُمُها تَناقُضَاتُ القَضَا |
وَالفَرْحُ إنْ حَقَّقْتَ فِي كُنْهِهِ |
غَفْوَةُ حُزْنٍ فِي قُلُوبِ الوَرَى |
رُبَّ مَسَاءٍ شَاعِريٍّ بِهِ |
تَأتَلِقُ الآلامُ مَهْمَا دَجَا |