بسم الله الرحمن الرحيمهذه قراءة سريعة لهذه السورة الكريمة التى توفرت على حزمة من القيم والمبادئ تعجز مئات الأقلام عن الإحاطة بها ولا تسعها آلاف الصفحات ..البداية هادئة ولطيفة جداً .. الدعوة لعدم رفع الأصوات فوق صوت النبى صلى الله عليه وسلم والتأدب فى حضرته وعدم مناداته باسمه مجرداً من صفاته المبجلة .. ودعونا نتوقف عند عدم رفع الأصوات كقيمة سلوكية ضاعت منا فى أزمنة الصخب والصياح والهيجان ..( أرجوك لا تقاطعنى .. دعنى أكمل حديثى ..إنتهى الوقت .. لم يتبق لنا إلا أن نشكر فلان وفلان ) .. أين قيمة الاستماع .. أين فن الاستماع للآخر ؟ سواءً فى الفضائيات أو الندوات العامة ..فقد ضاعت بعض المثل الرفيعة من نوع ( نصف رأيك عند أخيك )وضاعت معها أدبيات الحوار الهادف وتبادل الآراء والخبرات ..بسم الله الرحمن الرحيم ..1- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
من داخل سورة الحجرات
عبدالغنى خلف الله
2. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ
3. إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
4. إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
ونبقى داخل سورة الحجرات نطالع :بسم الله الرحمن الرحيم
5. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
6. وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ
7. فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
فلو أن أحداً من مسلمى أمريكا أو إنجلترا قرأ هذه الآيات على الرئيس الأمريكى السابق بوش أو حليفه بلير لما قامت حرب الخليج الثالثة وفق معلومات مغلوطة حول أسلحة الدمار الشامل بالعراق الشقيق أو وجود علاقة ما بين القاعدة وصدام حسين ..والعالم اليوم أحوج ما يكون لمعرفة مدلولات ومعانى هذه السورة العجيبة ..ومن داخل الحجرات ايضاً نجد منهجاً متكاملاً لمعالجة النزاعات بين الدول والجماعات والطوائف ..بسم الله الرحمن الرحيم ..:
8. وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
9. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
صدق الله العظيم ..أليس هذا التصور أفضل من قرارات مجلس الأمن الدولى ..إنه الصلح والتراضى والإقناع وإلا فالسيف والدماء والضغوط العسكرية دونما إفراط فى استعمال القوة ..إذ أن تلك المعالجات القاسية تصبح ضرورية تماماً كالعملية الجراحية لإنهاء الإحتراب والإحتقان والتوترات ..وبعد ذلك نجلس للتصافى والعفو وتناسى الخلافات .ونتنقل بين أفياء سورة الحجرات لندلف إلى واحدة من أرفع السلوكيات المتقدمة والحضارية .. ولأن الأيام دول فلا تستغرب أن يصعد نجم ويختفى آخر ومن تراه اليوم ضعيفاً متواضعاً فتمارس فيه هواية الاحتقار وتوجه له الإهانات يمنة ويسارا ستجده يوماً ما وقد صار رمزاً يشار له بالبنان وتمضي هذه السورة العملاقة لتنهانا عن الشتائم والمهاترات والتباهى.. لأنها سمات الغوغاء والدهماء وشذاذ الآفاق .. سم الله الرحمن الرحيم ..
10. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
وتمضى هذه السورة المحاضرة فى سياقها السلوكى العام فتدلف بنا إلى قيم جديدة مفادها أن نحسن الظن بالآخرين ولا نمارس التجسس والغيبة والنميمة وشبهت هذه السلوكيات الذميمة بأكل لحم الميت وأى ميت ؟ ..نه لحم أخيك فهل هنالك من فعل كريه يماثله:بسم الله الرحمن الرحيم ..
11. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
ومن ثمّ نصل إلى هذا الفهم الراقى .. الفهم الرائع الذى ساوى بين كل شعوب الأرض ووجه لهم دعوة صريحة للتعارف والتآخى وساوى بينهم بشكل عجزت عن احتماله مواثيق ما بات يعرف بحقوق الإنسان والأمم المتحدة وإتفاقيات جنيفا ..إنها العدالة الإجتماعية والنزاهة والتساوى فى الفرص وما إلى ذلك من قيم حسبوها جديدة وأهدوها لنا لنتبعها وما علموا أننا أهل السبق والريادة فى مكارم الأخلاق ..بسم الله الرحمن الرحيم :
12. يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم وإنا على ذلك من الشاهدين .