رسالة إلى سمير العمري


من : د. جمال مرسي


أما و قد طال الغياب .. فقد كانت هذه القصيدة


أَسَمِيرُ: عَيْنِي بالدمُوعِ تَرَقْرَقُ
و طيورُ قلبي بالوفاءِ تُشَقْشِقُ
و مشاعري نهرٌ يفيضُ عذوبةً
و من الحنايا سائباً يَتَدَفَّقُ
عُقِدَتْ على طَرَفِ اللسانِ حقيقةٌ
هِيَ في قواميسِ اللغاتِ الأصدَقُ
و تَلَعْثَمَتْ شَفَتي ، فلم تنطِقْ بها
في حينِ قلبي لم يخُنهُ المَنْطِقُ
سَلْ نبضَهُ تجِدِ الإجابَة َعِنْدَهُ
نَهْرُ المشاعِرِ في فؤادي يفْهَقُ
شَرَّفْتَني ، و كَسَوْتَنِي فضلاً بِهِ
أرقى إلى قُلَلِ الجِبالِ ، أُحَلِّقُ
و كأنَّني كالنَّسْرِ ، لا يرضى سِوى
نَجْمَ السَّما ، و لغيْرِهِ لا يُخْلَقُ
لمَّا ذَهَبْتُ لوادي عبْقَرَ سائِلاً
إيّاهُ شِعراً للحبيبِ أُنَمِّقُ
قالَ : القريضُ غدا لَهُ حِكْراً ، فما
أبْقى لنا شِعراً بِهِ نَتَصَدَّقُ
فَهُوَ الأمينُ على القوافي ، أَمْرُها
بِيَمِينِهِ ، و هُوَ الحَرِيُّ الأَخْلَقُ
و هوَ الذي أرسى قواعِدَ دولةِ الـ..
شعرِ الأصيلِ بِواحَةٍ تَتَأَلَّقُ
هَمَّشْتُ كُلَّ دفاتِري ، أبعَدْتُها
و كَتَبْتُ ما يُمْليهِ قلبٌ يَعْشَقُ
إِيهٍ سميرُ ، إليْكَ يَهْفو خافِقي
فَأَدُقُّ أبوابَ السؤالِ و أَطْرُقُ
و أجوبُ واحَتَكَ الجميلةُ ، و المُنى
تحدو خيولي ، و اْشتياقي يسبِقُ
أرنو إلى الأغصانِ أسألُ نَوْرَهَا
و أُرَىَ و عيْنِي في الزهورِ تُحَدِّقُ
و الطيْرَ أسألُ أين غابَ سميرُنا
فإذا بها بالدمعِ مِثلي تَشْرَقُ
قُلْ يا نسيمَ الصُّبحِ ما أخبارُهُ
لا تُخْفِ عَنِّي ، إنَّني مُتَشَوِّقُ
ما بالُ " غَزَّةَ " لم يَجِئْ مِرْسَالُها
برِسالةٍ مِنْ حُسْنِهِ تَتَأَنَّقُ
أخشى عليهِ من الأذى ، إنَّ الأذى
بِربوعِ " غَزَّةَ " و الضواحي مُحْدِقُ
فَهُناكَ أعداءٌ .. سَلِمْتَ لنا .. هُمو
شَرُّ البريَّةِ حِقْدُهُمْ لا يَنْفَقُ
هُم دَمَّروا ، هُمْ أفسَدوا ، هُمْ قَتَّلوا
هُمْ أتلَفوا ، هُمْ أرْجَفوا ، هُمْ أحرقوا
هُمْ دَنَّسوا الأقصى و لم يتَوَرَّعُوا
و تَحَصًّنوا مِنْ جُبنِهمْ و تَخَنْدَقُوا
أطماعُهُمْ فينا رَبَتْ ، و تَجاوَزَتْ
حَدَّ الخيالِ و أوْشَكَتْ تَتَحَقَّقُ
لولا رِجالٌ أخلَصوا و تَدَرَّعوا
بالصَّبْر يا "عُمَرِيُّ " كدتُ أُصَدِّقُ
وَهَبوا الحياةَ رخيصةً ، لم يبخلوا
بطريفِ مالٍ أو تليدٍ يُنْفَقُ
صِنفانِ فيهِمْ قد عَرَفْتُ ، فواحدٌ
بِسِلاحِهِ مُتَدَرِّعٌ مُتَمَنْطِقُ
و رأيْتُ فيكَ مُجاهداً بِلِسانِهِ
و الشِّعرُ مثلُ السيفِ موتٌ يَصْعَقُ
إيهٍ سميرُ أَما رجعْتَ ،فإنَّني
يا اْبنَ الأكارِمِ من غيابِكَ مُشفِقُ
تمضى السنونُ فلا تَدَعْ أَيّامَنَا
من بينِ أيدينا تَفِرُّ و تَزْهَقُ
عُدْ يا رعاكَ اللهُ ، إنِّي آَمِلٌ
عَوْداً ، و لسنا بَعْدَهُ نَتَفَرَّقُ


و عوداً حميداَ إن شاء الله

مع أطيب تمنياتي و دمتم

د. جمال