عَرِفْتِ مِنِّي لَذِيذَ الوَصْلِ فَاعْتَرِفِي
وَنُلْتِ مِنِّي كَرِيمَ الفَضْلِ فَاغْتَرِفِي
وَطَالَ مِنِّي هَوَاكِ العَهْدَ فَاقْتَسِمِي
وَعَرَّفَ الوُدُّ مِنِّي الوَرْدَ فَاقْتَطِفِي
وَخَالَجَ اسْمُكِ نَبْضَ القَلْبِ فَاقْتَرِبِي
وَحَاكَ حُبُّكِ إِثْمَ الشَّوقِ فَاقْتَرِفِي
يَا مَنْ تُعَرِّضُ بِالذِّكْرَى لِتُخْجِلَنِي
وَتَغْمِزُ القَصْدَ مِنْ طَرْفٍ عَلَيَّ خَفِي
مَا عَادَ يَشْفَعُ عِنْدِي زَيفُ تَذْكِرَةٍ
فِيهَا سُقِيتُ عَذَابَ الجَوْرِ وَالجَنَفِ
لَكَمْ وَقَفْتُ عَلَى أَبْوَابِهَا زَمَنًا
فَإِنْ مَرَرْتِ عَلَى أَطْلالِهَا فَقِفِي
أَحْرَمْتُ بِالحُبِّ مِنْ مِيقَاتِ ذَاتِ نَدَى
فَطَافَ فِيَّ وَلَكِنْ فِيكِ لَمْ يَطُفِ
طَلَبْتُ عَفْوَكِ عَمَّا لَمْ أُلِمُّ بِهِ
مِمَّا اتْهَمْتِ فَلَمْ تَعْفِي وَلَمْ أَعُفِ
وَكَمْ جَعَلْتُ الرِّضَا رُضْوانَ مُبْتَهِلٍ
فَصِبْتِ قَلْبِي بِنَارِ العَذْلِ وَالعَسَفِ
وَعُدْتِ مِنِّي بِمَا قَدْ شِئْتِ مَغْفِرَةً
وَعُدْتُ مِنْكِ بِإِثْمِ البَذْلِ وَالشَّغَفِ
وَقُلْتِ سَاعَةَ غَاضَ القَلْبُ مِنْ عَلَقٍ
أَنْ أَنْتَ فِي طَرَفٍ وَالحُبُّ فِي طَرَفِ
وَقَدْ أَصَبْتِ ، لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَنَّ لَنَا
فِي مُعْجَمِ الحُبِّ مَعْنَى جِدَّ مُخْتَلِفِ
الحُبُّ عِنْدِي مَعَانِي العَيْشِ مُعْتَنَقًا
وَالحُبُّ عِنْدَكِ بَعْضُ اللَّهْوِ وَالتَّرَفِ
وَالحُبُّ عِنْدِي رَحِيقُ الرُّوحِ أَسْكُبُهُ
وَالحُبُّ عِنْدَكِ خَمْرُ الأُذْنِ بِالهَرَفِ
وَالحُبُّ عِنْدِي مِنِ المَكْنُونِ فِي صَدَفٍ
وَالحُبُّ عِنْدَكِ بِالبَرَّاقِ مِنْ خَزَفِ
وَالحُبُّ عِنْدِي حُنُوٌّ غَيرُ ذِي كَدَرٍ
وَالحُبُّ عِنْدَكِ هَالاتٌ مِن الصَّلَفِ
غَالَبْتُ فِيكِ ظُنُونِي وَهْيَ مُفْعَمَةٌ
وَعِشْتُ فِيكِ جُنُونِي وَهْوَ ذُو ثَقَفِ
وَمَا عَزِفْتُ عَنِ الآمَالِ مِنْ أَلَمٍ
وَمَا انْقَلَبْتُ عَنِ الإِقْبَالِ مِنْ جَلَفِ
آمَنْتُ حَتَّى سَقَانِي الحُبُّ كَأْسَ رَدَى
وَهَا كَفَرْتُ بِهَذَا الحُبِّ فَانْصَرِفِي
مَا عَنْ قِلَى قَبَضَتْ نَفْسِي مَحَبَّتَهَا
لَكِنَّ هَذَا انْتِصَارُ العَاشِقِ الأَنِفِ
كَمْ مِنْ مَنَاقِبَ قَدْ أَغْرَتْ بِصَاحِبِهَا
قَومًا ، وَكَمْ شَغَفٍ أَفْضَى إِلَى تَلَفِ
وَقَدْ تَلِفْتُ وَفَتَّ الوَجْدُ مِنْ عَضُدِي
حَتَّى شُغِلْتُ بِهَذَا الوَجْدِ عَنْ هَدَفِي
أَنَا المُعَنَّى بِهَمِّ الأُمَّةِ انْكَفَأَتْ
عَلَى هَوَاهَا انْكِفَاءَ البهْمِ فِي العَلَفِ
نَامَتْ عَلَى ذُلِّهَا وَالذُّلُّ شَرُّ رَدَى
تُمْسِي وَتُصْبِحُ تَرْجُو الأَمْنَ فِي الغُرَفِ
وَبَاتَ لِلقَوْمِ فِي التِّلْفَازِ قُدْوَتُهُمْ
وَأَصْبَحَ العِلْمُ بِالمَنْشُورِ فِي الصُّحُفِ
إِذَا تَغَنَّتْ بِوَصْفِ القَدِّ رَاقِصَةٌ
فَالأَبْجَدِيَّةُ لا تَكْفِي لِكُلِّ حَفِي
وَإِنْ تَحَدَّثَ فِيهُمْ صَوتُ مَكْرُمَةٍ
فَلَيسَ تَسْمَعُ غَيرَ اللامِ وَالأَلِفِ
كَأَنَّهُمْ بِاقْتِفَاءِ الضَّبِّ قَدْ سَعِدُوا
إِنْ كَانَ فِي الجُحْرِ مَا يَرْجُونَ مِنْ تَرَفِ
الصِّينُ تَصْنَعُ سِجَّادَ الصَّلاةِ لَهُمْ
وَالهِنْدُ تَطْبَعُ حَرْفَ الضَّادِ فِي التُّحَفِ
وَالشَّرْقُ يَنْسِجُ مِنْ رِبْحٍ عَمَامَتَهُمْ
وَالغَرْبُ يُنْتِجُ مَا شَاؤُوا مِنِ الحِرَفِ
غَارَتْ عَلَيهِمْ شِرَارُ الأَرْضِ فَاتِكَةً
فَأَطْرَقُوا الرَّأْسَ ذُلًّا خِشْيَةَ الحَسَفِ
القُدْسُ فِي قَبْضَةِ الأَنْذَالِ رَاسِفَةً
تَرْجُو النَّصِيرَ فَعَزَّ النّصْرُ ثُمَّ جُفِي
وَتِلْكَ غَزَّةُ تَجْتَرَّ الحِصَارَ دَمًا
تُجَاهِدُ البَأْسَ بَينَ القَصْفِ وَالشَّظَفِ
جَنَى القَرِيبُ عَلَيهَا وَالغَرِيبُ مَعًا
يَومَ اسْتَقَامَتْ لِدَرْبِ العِزِّ وَالشَّرَفِ
وَفِي السَّمَاوَةِ فِي بَغْدَاد مَهْلَكَةٌ
تُجْرِي النُّفُوسَ دَمًا فِي كُلِّ مُنْعَطَفِ
لا الكَرْخُ أَعْفَتْ حِرَابُ المَوْتِ قَاطِنَهَا
وَلا اسْتَتَبَّ سَرَابُ الأَمْنِ فِي النَجَفِ
حَتَّى الرَّسُول أَصَابُوا لَيسَ يَرْدَعُهُمْ
عَنِ السَّفَاهَةِ مَا لاقُوا مِن الخَرَفِ
فَمَا يُرَامُ رِضَا الأَجْلافِ إِنْ حَقَدُوا
وَلا تُرَدُّ يَدُ الإِسْفَافِ بِالأَسَفِ
وَمَا يُقَلَّمُ ظُفْرُ الجَهْلِ فِي لَعِبٍ
وَمَا يُقَوَّمُ عُسْرُ الحَالِ بِالطُرَفِ
تَسْتَنْجِدُ الكَلِمَاتُ الثَّائِرَاتُ أَسَىً
بِالشِّعْرِ يُطْلِقُهَا وَالشِّعْرُ لَيسَ يَفِي
كَأَنَّهَا بِعَويلِ النَّزْفِ مَا اتَّصَفَتْ
أَوْ أَنَّهَا بِجَلِيلِ الوَصْفِ لَمْ تَصِفِ
وَيْحَ العُرُوبَة إِنْ بَاتَ الأَمِيرُ بِهَا
مَنْ لا يُفَرِّقُ بَينَ التَّمْرِ وَالحَشَفِ
أَوْ أَفْسَدَ الدِّينَ جَهْلًا بَعْضُ شِرْذِمَةٍ
مَا بَينَ مُخْتَلِفٍ رَأْيًا وَمُؤْتَلِفِ
يَا لَلرِّجَالِ إِلَى كَمْ لا يُحَرِّكُكُمْ
شِعْرِي وَلا يُجْتَبَى نُصْحِي وَلا لَهَفِي
لَو كُنْتُ أَخْطُبُ فِي صَخْرٍ أَجَابَ ، فَمَا
أَقْسَى قُلُوبكُمُ فِي الرَّغْدِ وَالعَجَفِ
يَا لَيتَ شِعْرِي لَقَاحُ العِزِّ تَغْرزُهُ
كَفُّ الكَرَامَةِ فِي الأَصْلابِ وَالنُّطَفِ
مَنْ لَمْ يَكُنْ بَاذِلًا لِلمَجْدِ هِمَّتَهُ
وَعَاشَ يَخْشَى المَعَالِي فَهْوَ فِي الجِيَفِ
مَا قِيمَةُ النَّخْلِ يَزْهُو لِلعُلا صَلَفًا
إِنْ كَانَ جُرِّدَ مِنْ تَمْرٍ وَمِنْ سَعَفِ
فَالْزَمْ مَنَاهِجَ أَهْلِ الصِّدْقِ فِي سُبُلٍ
وَاكْشِفْ حِجَابَ دَعَاوَى العَجْزِ يَنْكَشِفِ
وَاتْبَعْ دُرُوبَ رِجَالِ الحَقِّ إِنَّهُمُ
أَقْرَانُ خَيرٍ وَهُمْ كَالنُّورِ فِي السُّدَفِ
وَإِنْ وَجَدْتَ مِن المَعْرُوفِ فَضْلَكَ جُدْ
وَإِنْ وَعَدْتَ وَلَو غَيرَ الحَلِيفِ فَفِ
وَعِشْ كَمَا الصَّقْر حُرًّا فَوقَ كُلِّ خَنَا
وَلا تُجَانِفْ إِلَى إِثْمٍ وَلا تَخَفِ
وَقُمْ إِلَى الجِدِّ لا تَرْكَنْ إِلَى دَعَةٍ
وَاصْبِرْ عَلَى المَجْدِ إِنَّ المَجْدَ بِالكَلَفِ
هِيَ الحَيَاةُ عَلَى الدَّوْلاتِ دَائِرَةٌ
فَاليَومَ فِي كَنَفٍ وَالصُّبْحُ فِي كَنَفٍ
وَالنَّصْرُ فِي نُصْرَةِ الدَّيَّانِ نَطْلُبُهُ
إِنْ عَزَّ فِي سَلَفٍ فَالخَيرُ فِي الخَلَفِ