إهداء إلى الحبيب محمود حمادي ردا على قصيدته دعاء القلب
بُرُوجُكَ فِي الفَضِيلَةِ فُقْنَ قَـدْرَا
وَجُزْنَ ذُرَى المَجَرَّةِ نَحْوَ أُخْـرَى
يَمُـرُّ بِهَـا السَّنَـاءُ فَيَجْتَبِيهَـا
وَيَنْشُدُهَـا الثَّنَـاءُ فَيَسْتَـقِـرَّا
وَتَأْلَفُهَـا النُّفُـوسُ بِـلا عَنَـاءٍ
وَتَغْبِطُهَا شُمُوسُ الفَخْـرِ غَيـرَى
فَعَرْفُكَ جَـاوَزَ الجَـوزَاءَ عُرْفًـا
وَحَرْفُكَ حَازَ نَشْوَى الشِّعْرِ شِعْرَى
تَكَادُ مِـنَ المَشَاعِـرِ أَنْ تَرَاهَـا
تُطِلُّ عَلَى صُرُوحِ المَجْـدِ فَخْـرَا
مِنَ الفَلُّوجَـةِ امْتَـدْتْ بُرُوقًـا
فَأَينَعَ فِي السُّوِيدِ القَطْـرُ زَهْـرَا
فَمَا بَالُ المُـرُوءَةِ مِثْـل ثَكْلَـى
وَأَخْلَـقُ بِالمُـرُوءَةِ أَنْ تُـسَـرَّا
أَمَا زَالَتْ تَنُـوحُ عَلَـى وَفَـاءٍ
وَتْبكِي لِلعُهُودِ تَلِيـدَ ذِكْـرَى؟
أَمَا عَلِمَتْ بِـأَنَّ الغَـدْرِ أَمْسَـى
سَجِيَّةَ كُلِّ مَنْ يَخْتَـالُ كِبْـرَا؟
أَمَـا عَلِمَـتْ بِـأَنَّ اللهَ أَحْيَـا
إِلَى أَجَلٍ وَأَنَّ المَـوْتَ أَجْـرَى؟
هُوَ القَدَرُ الذِي فِي الدَّهْرِ يَمْضِي
وَيَمْتَحِنُ الوَرَى وَصْـلا وَهَجْـرَا
فَكَمْ نَضَبَتْ رُبُوعٌ مِنْ سَحَـابٍ
فَأَمْطَرَهُنَّ بَعْـدَ الجَـدْبِ وَفْـرَا
وَكَمْ بَكَتِ الحُرُوفُ عَلَى طُرُوسٍ
فَأَبْدَلَهُنَّ بَعْـدَ الطِـرْسِ سِفْـرَا
أَمَا عَرِفَتْ بِمَحْمُـودِ السَّجَايَـا
حَسِيبًـا شَامِخًـا حُـرَّا وَبَـرَّا
أَلُوفًا صَـادِقَ الوَعْدَيـنِ شَهْمًـا
أَخَـا أَدَبِ وَمَكْرمَـةٍ وَبُشْـرَى
إِذَا نَفَشَ النَّـوَالُ أَفَـاءَ زُهْـدًا
وَإِنْ عَطِشَ السُّؤَالُ أَفَاضَ نَهْـرَا
عِرَاقِـيَّ الإِبَـاءِ سَلِيـلَ صِيـدٍ
مَتَى عَصَفَ البَـلاءُ يَشُـدُّ أَزْرَا
لَقَدْ أَوفَيتَ يَـا مَحْمُـودُ عَهْـدًا
وَقَدْ نَقَضَ العُهُودَ القَـومُ تَتْـرَى
عَظِيمَ الفَضْلِ! هَلْ تَلِدُ الأَمَانِـي
لِصَاحِبِهَا سِوَى مَا كَانَ أَقْـرَى؟
وَهَلْ جَنَتِ المَنَاقِبُ مِـنْ خَتُـولٍ
بِمَا أَسْدَى سِوَى مَا جَاءَ إِمْـرَا؟
فَمَاذَا الحُبُّ مَهْمَا طَابَ وَصْـلا
إِذَا اتَّخَذَ الحَبِيبُ عَلَيـهِ أَجْـرَا؟
وَمَا صِفَةُ التَّشَكُّلِ فِـي انْزِيَـاحٍ
لِذِي غَرَضٍ يَرَى فِي الفُجْرِ فَجْرَا
لَكَمْ عَاشَرْتُ ظَاهِرَ ذِي حَرِيـرٍ
وَخَيشُ ضَمِيـرِهِ بِالحِقْـدِ أَزْرَى
وَكَمْ جَرَّبْـتُ ذَا شَمَـمٍ وَرَأْيٍ
بِأَبْخَسِ لَفْظَةٍ فِي المَدْحِ يُشْـرَى
هِيَ الأَهْـوَاءُ تُشْقِـي عَابِدِيهَـا
فَتَقْضِي مِنْ ظُنُونِ السُّوءِ وَطْـرَا
إِذَا رَجَتِ النُّفُوسُ غـرَاسَ مَكْـرٍ
سَتَحْصُدُ سُنْبُلاتِ المَكْرِ حَسْـرَى
وَمَهْمَا كَالَ ذُو الوَجْهَينِ مَدْحًـا
تَخَبَّـطَ رَأْيُـهُ وَارْتَـدَّ خُسْـرَا
وَمَا يُجْدِى الحَسُودَ كَثِيرُ نُصْـحٍ
مَتَى اسْتَمْرَا الضَّغِينَـةَ وَاسْتَمَـرَّا
وَمَا يُبْرِي الدَّوَاءُ نُهَـى صَفِيـقٍ
يَظُنُّ بِأَنَّهُ فِـي القَـومِ كِسْـرَى
وَمَا سُـرُجٌ تُفِيـدُ وَلا سُـرُوجٌ
لأَحْمَقَ يَحْسَبُ الضِّرْغَـامَ هِـرَّا
فَكَيفَ يُوَافِقُ الإِنْصَـافُ فِكْـرًا
إِذَا الأَنْصَافُ قَدْ سَامَتْـهُ كُفْـرَا
وَكَيفَ يَشِتُّ مَنْ عَلِمُـوا يَقِينًـا
بِــأَنَّ اللهَ بِالـنِّـيَّـاتِ أَدْرَى
وَمَـا العُمَـرِيُّ إِلا ذُو فُــؤَادٍ
وَدُودٍ يَرْتَجِـي لِلنَّـاسِ خَـيْـرَا
أَخِي مَحْمُودُ قَـدْ أَغْدَقْـتَ وُدَّا
يَرُفُّ شَذَى بِشِعْرٍ مِنْكَ أَطْـرَى
كَأَنَّ حُرُوفَهُ قَـدْ سِلْـنَ شَهْـدًا
وَأَنَّ سُطُورَهُ قَـدْ فُحْـنَ عِطْـرَا
وَقَدْ رَشَفَ البَيَانُ مِـنَ المَعَانِـي
كُؤُوسَ بَلاغَةِ الإِبْـدَاعِ سِحْـرَا
بِهِ نَضَحَ الشَّعُورُ عَبِيـرَ صِـدْقٍ
يُلامِسُ فِي عَمِيقِ الحِـسِّ طُهْـرَا
وَفِي حَرَجِ المَوَاقِفِ كُنْـتَ لَيثًـا
يَذُودُ عَنِ الهُـدَى نَابَـا وَظُفْـرَا
كَأَنَّـكَ آخِـرُ النُبَـلاءِ عَهْـدًا
وَأَوَّلُ صَفِّهِمْ فِي الفَضْـلِ ذِكْـرَا
وَأَكْرَمُ فِي خُطُوبِ الدَّهْرِ بَـذْلا
وَأَوْسَعُ فِي العَنَا كَفَّـا وَصَـدْرَا
لَقَدْ صَدَّقْتَ فِيكَ القَـولَ فِعْـلا
يُوَافِقُ مَا اقْتَضَـى حُلـوًا وَمُـرَّا
أَتَيتُـكَ وَالمَدِيـحَ عَلَـى حَيَـاءٍ
وَمَا أَجِدُ المَدِيحَ يَفِيـكَ شُكْـرَا
فَدَعْ بَيتَ القَصِيدِ وَسَـعْ فُـؤَادًا
بَنَى لَكَ فِي شِغَافِ الحَمْدِ قَصْـرَا