أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 5 من 5 الأولىالأولى 12345
النتائج 41 إلى 47 من 47

الموضوع: قراءات في فنجان الزمن

  1. #41
    الصورة الرمزية د. مختار محرم شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    الدولة : في بيتٍ ما
    المشاركات : 3,219
    المواضيع : 139
    الردود : 3219
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    قِرَاءَاتْ فِي فُنْجَانِ الزَّمَن
    قَصِيْدَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ مَقَاطِع مُخْتَلِفَةِ الْقَوَافِي.. أَنْظُر ُفِيْهَا إِلَى الدَّهْرِ مِنْ ثَلَاثِ زَوَايَا...
    فِي الْأَوَّلِ نَظْرَةٌ كَوْنِيَّة وَفِي الثَّانِي أَتَأَمَّلُ وَاقِعَ مُجْتَمَعَاتِنا وَفِي الثَّالِثِ نَظْرَةٌ لِلْذَات..
    عَــقَـارِبْ الْــوَقْـتِ بِــسِـرٍّ تَــشِـي
    تَـلُـوحُ سَـكْـرَى سَـيْـرُهَا يَـنْـتَشِي
    بَــطِـيْـئَـةٌ مِــــنْ جَــــوْرِ أَحْـمَـالِـهَـا
    مَـذْعُـورَةٌ مِــنْ دَهْـرِهَـا الْـمُـوحِشِ
    مَــهْـزُوْمَـةٌ فِــــي صَـــوْتِ دَقَّـاتِـهـا
    حُــزْنٌ كَـئِـيْبٌ بِـالـدُّجَى يَـغْـتَشِي
    تُــرَاقِــبُ الْأَطْــفَــالَ فِـــي حَــيْـرَةٍ
    بِـنَـظْـرَةٍ مِـــنْ طَـرْفِـهَـا الْأَخْــفَـشِ
    مَــــا بَـــالُ أَفْـــوَاهٍ لَــهُـمْ أَقْــفَـرَتْ
    مِـنْ كُـلِّ صَيْحَاتِ الصِّبَى الْمُدْهِشِ
    وَلَــــمْ تَــعُــدْ تَــعـلُـو أَهَـازِيْـجُـهِـمْ
    تَــرْوِي حَـكَـايَا الْـمَـوْسِمِ الْـمُنْعِشِ
    مَــا عَـادَ فِـي الـدُّنْيَا سِـوَى دَمْـعِنَا
    غَــمَـائِـمُ الْــحُـزْنِ بِـــهِ تَـحْـتَـشِي
    وَإِنْ بَـــدَتْ مِـــنْ حَـوْلِـنَـا بَـسْـمَـةٌ
    حِرْنَا مَنِ الرَّاشِي؟ مَنِ الْمُرْتَشِي؟
    نَـــقُــولُ لــلـدُّنْـيَـا مَــلَـلْـنَـا هُـــنَــا
    فَـضَـاعِـفِي الْأَثْـقَـالَ أَوْ حَـدِّشِـي*
    عَــقَـارِبُ الْــوَقْـتِ الَّـتِـي عَـاصَـرَتْ
    قَـصَائِدَ (الضِّلِّيلِ) وَ(الْمَقْدَشِي )**
    تِـقُوْلُ يَـا نَـفْسَ الْـمُعَنَّى دَعِـي الْ
    آَمَــــالَ وَالْأَحْـــلَامَ وَاسْـتَـوْحِـشِي
    وَلْـتُـغْـرِقِي فِـــي الْـبَـحْـرِ أَفْـرَاحَـنَا
    وَعِـنْـدَ شُـطْـآَنِ الُأَسَــى كَـرْنِشِي
    وَفَـتِّـشِي عَــنْ صَـفْـحَةٍ وَاخْـضُبِي
    بَــيَـاضَـهَـا بِــالْــوَجْـدِ وَلْـتَـنْـقُـشِي
    هَـــذِي سُــطُـورُ الــدَّهْـرِ مَـقْـرُوءَةٌ
    حِـبْـرٌ دِمَـانَـا فَـاكْـتُبِي .. زَرْكِـشِـي
    مَــاتَ الـنَّـهَارْ الْـيَـوْمَ فِـيْ عَـالَمِي
    أرْدَتْــهُ طَـعْـنَاتُ الـدُّجَى الْـمُغْطَشِ
    وَلَّــــى وَغَــابَــتْ فِــيْــهِ أَحْـلَامُـنَـا
    يَــا عَـيْنُ جُـوْدِي بِـالْبُكَا أَجْـهِشِي
    يَـــا قَــسْـوَةَ الْأَيَّـــامِ طُـوفِـي بِـنَـا
    وَأَسْــكِـنِـيْـنَـا قَـــبْــرَهُ وَانْــبِــشِـي
    ضَــاقَـتْ بِــنَـا الـدُّنْـيَـا وَضِـقْـنَا بِـهَـا
    فَـلْـتَـرْحَمِي أَجْـسَـادَنَا وَانْـهَـشِي
    ...
    عَــقَـارِبُ الْــوَقْـتِ الَّــتِـي لَا تَــنَـامْ
    بَـطِـيْـئَـةٌ وَالْــيَــوْمُ فِــيْـهَـا كَــعَــامْ
    تُـثِيْرُ فِـي الـنَّفْسِ الْأَسَى وَالْجَوَى
    تُـعَـلِّـمُ الْأَحْـــدَاقَ جُـــودَ الْـغَـمَـام
    تَـمُدُّ فِـي فَـوْضَى الـدّجَى خَـطْوَنَا
    تَـقُـودُنَـا مَـثْـنَى.. فُــرَادَى.. زِحَــام
    تَـــــرُوحُ تُـبْـكِـيْـنَا وَتَــغْــدُو عَــلَــى
    جِــرَاحِـنَـا تَــبْـكِـي بِــدَمْـعٍ هُـــلُامْ
    وَتَـقْـتَـفِـي آَثَــــارَ مَــــنْ أَسْــكَـرُوا
    حَــيَــاتِـنَـا دَهْــــــرًا بِــخَــمْــرٍ زُؤَام
    صِــرْنَــا تَــهِــشُّ الــرِّيــحُ أَشْـتَـاتَـنَا
    وَالـــذُّلُّ يَـعْـلُو سَـاخِـرًا كُــلَّ هَــام
    وَشَـــاعَ فِـيْـنَا الْـكُـفْرُ حَـتَّـى عَـبَـدْ
    نَــــا دُوْنَ إِيْــمَـانٍ جَـمِـيْـعَ الـلِّـئَـام
    نَــظُــنُّ يَــأْتِــي الْــعِـزُّ مِـــنْ ذِلَّـــةٍ
    قُــصُــورُنَـا مَـبْـنِـيَّـةٌ مِــــنْ خِــيَــام
    تُـقَـاتُـنَـا مِـــنْ زُهْــدِهِـم أَصْـبَـحُـوا
    يُـمَـارِسُـونَ الْإِثْـــمَ تَــحْـتَ الـلِّـثَام
    عَــقَـارِبُ الْـوَقْـتِ الَّــذِي فِـيْـهِ قَــدْ
    تَـصَـابَتِ الـشَّمْطَاءُ.. شَـابَ الْـغُلَام
    أَجْــــرَتْ مَـآَقِـيْـنَـا عَــوِيْــلًا عَــلَـى
    عَــهْـدٍ سَـيَـنْـعَانَا بِـصَـمْتِ الْـكَـلَام
    يَـــمُــوتُ فِــــي دَقَّــاتِـهَـا نَـبْـضُـنَـا
    وَنَـرْتَمِي صَـرْعَى.. سُـكَارَى.. نِـيَام
    مَــوْتَــى كَــأَعْـجَـازٍ وَلَا رُوْحَ فِــــي
    أَرْوَاحِــنَــا وَالْـعَـيْـشُ فِـيْـنَـا حَـــرَامْ
    نَــنَــامُ كَــــيْ تَـصْـحُـو كَـوَابِـيْـسُنَا
    وَبَـعْـدَهَـا نَـصْـحُـو نَـعِـيْشُ الْـمَـنَام
    أَشْــلَاؤُنَــا حَــيْــرَى كَــأَنَّــا إِلَــــى
    لَاشَــيْء نَـمْضِي نَـسْتَنِيرُ الـظَّلَام
    نَـمْـضِـي تَــخَـافُ الـسَّـيْرَ أَقْـدَامُـنَا
    يَـعُـودُ خَـلْـفَ الْـخَـلْفِ مِـنَّـا الْأَمَــام
    نُــغَـالِـطُ الــضَّـعْـفَ الَّــــذِي هَــدَّنَـا
    بِــأَنَّـنَـا أَحْــفَــادُ قَــــوْمٍ (عِــظَــام)
    فِــيْ دَرْبِـنَا الْـمَهْزُومِ كُـلُّ الْـجِهَاتِ
    الْــيَـومَ قَــدْ صَــارَتْ دُرُوبَ انْـهِـزَام
    ...
    عَــقَــارِبُ الْــوَقْـتِ الَّــتِـي لَا تُــثَـارْ
    تَـصُبُّ فِـي كَأْسِي كُؤُوسَ انْكِسَار
    قَــدْ هَـيَّـجَتْ أَحْـزَانَ فُـلْكِي الَّـتِي
    تَـمُوتُ فِـي مَـرْسَى الْـحَيَاةِ انْتِظَار

    وَاسْـتَـكْـثَـرَتْ مَــوْتِـي فَــهَـذَا أَنَـــا
    أَعِـيْـشُ عُـمْرِي كُـلُّهُ فِـي احْـتِضَار
    أَنَـــا الَّـــذِي قَــدْ عَـلَّـمَ الـدَّمْـعَ أَنْ
    يَـبْـكِـيْ وَلِــلْأَحْـزَانِ فِــيْـهِ انْـهِـمَـار
    سَـقَيْتُ غَـرْسَ الْـعَجْزِ مِـنْ لَوْعَتِي
    فَــلَــمْ أَزَلْ أَجْــنِــي أَمَـــرَّ الـثِّـمَـار
    أَعِـــيْــشُ مِــيْـعَـادًا بِــــلَا مَــوْعِــدٍ
    يَـــزِيْــدُ إِحْــرَاقِــي بِــــلَا أَيِّ نَــــار
    مَـــاضِــيَّ آَلَامٌ وَيَـــوْمَــي شَـــفَــا
    وَادٍ مِـــنَ الْآهَــاتِ خَـلْـفَ الـسِّـتَار
    قَــلْــبِـي جَـــرِيْــحٌ خَــانَــهُ لَــيْـلُـهُ
    وَخَــانَــهُ جُــــرْحُ الـلَّـيَـالِـي فَــثَــار
    أَخَـافُ مِـنْ خَـوْفِي.. وَفِـيْ حَيْرَتِي
    أَحَــارُ .. مِــنْ مُـرِّي أُعَـانِي الْـمَرَار
    عَـقَـارِبُ الْـوَقْـتِ الَّـذِي ضَـاقَ بِـي
    إِذْ لَــمْ أَضِــقْ ذَرْعًـا بِـطُولِ الْـحِصَار
    تَـقَـلَّـدَتْ سَـيْـفِي أَسَـالَـتْ دَمِــي
    وَكَـفَّـنَـتْـنِـي بِــالْأَمَــانِـي الْــكِــبَـار
    وَكُـــــلُّ ذَنْـــبِــي أَنَّــنِــي وَاحِــــدٌ
    مِــنْ مَـعْشَرٍ يَـخْشَوْنَ أَخْـذَ الْـقَرَار
    فَـرَّتْ أَمَـانِي الْـقَلْبُ مِـنْ وَحْشَتِي
    وَمِــنْ ظَـلَامِـي خَــافَ ضَـوْءُ الـنَّهَار
    وَأَيْـنَـمَـا فَـتَّـشْتُ عَــنْ خُـضْـرَةِ الْ
    أفْـــرَاحِ أهْـدَانِـي أَسَــايَ اصْـفِـرَار
    أَلْـقَـتْ بِــيَ الْأَقْــدَارُ فِــي مَـهْـمَةٍ
    أُوَاجِـــــهُ الْأَقْـــــدَارَ دُوْنَ اقْـــتِــدَار
    دُنْــيَــايَ أَبْـكَـتْـهَا مَــآَسِـي الــدُّنَـا
    وَتَــوَّهَــتْــهَـا تَــائِــهَــاتُ الْــبِــحَــارْ
    فَـرُحْتُ أَبْـنِي مِـنْ قَـوَافِي الْأَسَى
    قَــصَـائِـدًا تَــــرْوِي حَـكَـايَـا انْـهِـيَـار
    مِــنْ لَـوْعَـتِي لَـوْ لَـمْ أَكُـنْ شَـاعِراً
    لَـكُان لِـيْ مِـنْ بَـوْحِ دَمْـعِي شِـعَار
    هامش
    *حَدِّشِي المحدّش هُوَ المُضَاعَفُ أَحَدَ عَشَرَ ضعفا
    **الْمَقْدَشِي .. شَاعِر شَعْبِي يَمَنِي

  2. #42
    الصورة الرمزية د. مختار محرم شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    الدولة : في بيتٍ ما
    المشاركات : 3,219
    المواضيع : 139
    الردود : 3219
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    الشاعر الشكوكاني..
    أنتظر بقية ما في جعبتك ..
    شكرا لمرورك واهتمامك
    محبتي وتقديري ومرحبا بك دوما
    سلام

  3. #43
    الصورة الرمزية د. مختار محرم شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    الدولة : في بيتٍ ما
    المشاركات : 3,219
    المواضيع : 139
    الردود : 3219
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    مشاعر رقيقة تدثرت بحزن وبوح يدل على شفافية ونقاء الروح
    قصيدة جميلة وحزينة بها معان سامقات وصورا مبتكرة
    كان حديثا ذا شجون وقد أبدعت
    دام بهاء حرفك وروعته.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إكليل ورد نثره مرورك من هنا أختي نادية .. كلي شكر وامتنان

  4. #44
    الصورة الرمزية د. مختار محرم شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    الدولة : في بيتٍ ما
    المشاركات : 3,219
    المواضيع : 139
    الردود : 3219
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد حمود الحميري مشاهدة المشاركة
    لست أدري كيف غاب عني هذا الجمال كل هذا الوقت
    وهأنذا آخر المارين على استحياء ولولا أنه من العار
    مغادرة المتصفح تسللًا لفعلت ..
    تقبل مروري المتأخر وإن كان ضيف الليل مكروهًا كما يقولون .
    تقديري .
    الضيف الذي يحمل خلقك ونبلك وكرمك أخي الحبيب محمد نرحب به في أي وقت بل ونبتهج بحضوره
    شكرا لك بقدر السعادة التي يتركها حضورك في القلب

  5. #45
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.66

    افتراضي

    ثَلاثُ قِراءات تأخذنا بأبعادها المختلفة إلى التّحليق في رؤية نسجها شاعرنا من خيوط واقعٍ يعيشه

    قِرَاءَاتْ فِي فُنْجَانِ الزَّمَن

    ويطالعنا العنوان مبشّرا بعمق مضمون النصّ فالشّاعر بقراءاته يتناول فُنجان الزّمن، وتصوير الزّمن هنا بفنجان إنّما أتى ليدلّ على عمق مكنون الزّمن وارتباطه بالمفاجآت والغيبيّات، وحين نتأمّل العنوان نتخيّل شاعرنا يمسك فنجانه مبحلقا في قعره ليقرأ منه تفاصيل واقعه وغده.

    قَصِيْدَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ مَقَاطِع مُخْتَلِفَةِ الْقَوَافِي.. أَنْظُر ُفِيْهَا إِلَى الدَّهْرِ مِنْ ثَلَاثِ زَوَايَا...
    فِي الْأَوَّلِ نَظْرَةٌ كَوْنِيَّة وَفِي الثَّانِي أَتَأَمَّلُ وَاقِعَ مُجْتَمَعَاتِنا وَفِي الثَّالِثِ نَظْرَةٌ لِلْذَات..


    وفي مقدّمته ينبؤنا الشّاعر بالمحاور التي ارتكزت عليها القراءات فهي الكَون، المجتمع والذّات وقد تطرّق إليها من العام إلى الخاصّ، فالمحاور متداخلة وهو يبدأ معمّما وينتهي بذاته وبعالمه الداخليّ.

    عَــقَـارِبْ الْــوَقْـتِ بِــسِـرٍّ تَــشِـي
    تَـلُـوحُ سَـكْـرَى سَـيْـرُهَا يَـنْـتَشِي


    ويستهلّ قراءته الأولى ببيتٍ مصرّع، نراه اختار قافية ساكنة توحي بالرّهبة والصّمت فالكَونُ مُذهِلٌ بتفاصيله وبآياتِ إعجاز الباري به والزّمن أعظم ما يميّزه، وتأمّلات الشّاعر كانت تحلّق في رحلة بحثها في ميدانه.
    وهو يخبرنا بأنّ عقارب السّاعة تشي بأسرار الزّمن، وأنّه من شدّة تأثير تلك الأسرار التي تحملها نجدها تتطوّح في سيرها سكرى، حيثُ ينتشي سَيرُها بارتشاف تلك الأسرار.
    وربّما أتت هنا صورة عقارب السّاعة وسيرها الدائريّ، لتربط في أذهاننا الفكرة الشّائعة عن الزّمن، حيث يقال:" الزّمن دولاب، يومٌ لك ويومٌ عليك" فالزّمن يعود على نفسه كما تعود عقارب السّاعة إلى مكانها كلّما انتهت دورتها.

    بَــطِـيْـئَـةٌ مِــــنْ جَــــوْرِ أَحْـمَـالِـهَـا
    مَـذْعُـورَةٌ مِــنْ دَهْـرِهَـا الْـمُـوحِشِ


    وهنا نراه يمعن في وصفه لعقارب السّاعة التي يُحاول ربط صورة الزّمن عبرها بمخيّلة القارئ، فهذه العقارب تمشي ببطءٍ شديد والسّبب لبطءِ سَيرها هوَ جَورُ أحمالِها عَلَيْها، فهي تمشي محمّلة بالأسرار التي أشارَ إليها الشّاعر في المطلع وكذلك فهي تمشي مذعورة وخائفة ممّا يحمله ويخبّئه لها الدّهر في رحلتها الطّويلة تلك.
    ولو تمعّنا بهذه الصّورة نشاهد تلك العقارب أشبه بدابّة تمشي وظهرها مُثقَلٌ بالأحمال، ويستعصي عليها المضيّ قُدُمًا من شدّة وطأةِ هذه الأحمالِ عَلَيْها.
    مَــهْـزُوْمَـةٌ فِــــي صَـــوْتِ دَقَّـاتِـهـا
    حُــزْنٌ كَـئِـيْبٌ بِـالـدُّجَى يَـغْـتَشِي


    ويعودُ لِيُكمِلَ وَصفَهُ لِعَقارِبَ السّاعةِ التي يقصدُ بها الزّمن فهذه العقارب مهزومة وصَوتُها يَشي بالحُزنِ والكآبة وخاصّة عندما تصدُرُ تلك الدقّات في ساعات الظّلام حينَ تَغيبُ الشّمس بدفئِها ونورِها عنها.
    ومن هذه الصّورة يمكننا أن نفهم الكثير عن البعد الرّابع وهو الزّمن وما يرتبط به من النّسبيّة، وما يُضفيه على عناصر الطّبيعةِ وقوانينها بنسبيّته تلك.
    فلو أنّ بُعدَ الزّمن غير موجود لكانت دراستنا لحركة الأجسام تخضع لقوانين ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل ولربّما كان التّعامل مع ما هو مفروغٌ منه أسهل بكثير لعقولنا البشريّة من كلّ ما هو نسبيّ ومتغيّر وفق بُعدٍ لا تستطيع التنبّؤ بما يجود به.
    ولربّما كان هذا البُعد بتغيّراته وتقلّباته ومفاجآته هو أهمّ الأسباب للقلقِ الدّائم لدى الإنسان، لكونه يشكّل مصدرًا للمَجهول الذي لا يستطيع مجابهته.
    ومن هنا نستطيع تخيّل ثقل تلك الأحمال التي يأتينا بها الوقتُ محمّلة على ظهره والتي تكاد تقصم ظهره.


    تُــرَاقِــبُ الْأَطْــفَــالَ فِـــي حَــيْـرَةٍ
    بِـنَـظْـرَةٍ مِـــنْ طَـرْفِـهَـا الْأَخْــفَـشِ


    ونَرى عقارب الزَّمن تلك تراقب الأطفال وهي في حيرة من أمرها وهو يصف نظرها وعينيها بالأخفش أي بالبصر الضّعيف الذي لا يبصر صاحبه من شدّة ضعفه الأشياء إلّا في اللّيل لكون ضوء النّهار يبهر عينيه.
    وهذا التّشبيه إنّما أتى ليعمّق عامل المفاجأة والغموض في علاقة الزّمن مع حياتنا وكوننا، فهو دائما ما يأتينا بما يقلب الموازين وبما يهزّ الثّوابت ودائما يجود بما لا يمكننا تخيّله وتوقّعه.
    وهنا نراهُ يُراقِبُ الأطفال وربّما أتى الشّاعر بذكر الأطفال لكون علاقتهم بالزّمن لا تزال في بدايتها فأعمارهم لا تزال في مطلعها، وساحة تلك الأعمار هي ساحة واسعة ليسرح بها الزّمن ويمرح بما يحمله من خبايا ومفاجآت على ظهره المترنّح من شدّة الحمل.
    وربّما يمكننا ربط نظر الزّمن الأخفش بعشوائيّة توزيع حمله من الخبايا على البشر، فهو لا يبصر جيّدا من حولهُ لذلك عندما يقوم بتوزيع حمله لا يمكنه التحقّق من هويّة منْ حصلّ على هداياه تلك.

    مَــــا بَـــالُ أَفْـــوَاهٍ لَــهُـمْ أَقْــفَـرَتْ
    مِـنْ كُـلِّ صَيْحَاتِ الصِّبَى الْمُدْهِشِ


    ونرى الزّمن يُسائِلُ نفسه وهو يتأمّلُ بالأطفالِ عن الأسباب التي جعلت أفواههم كالأرض المقفرة المجدبة من كلّ تلكَ الصّيحات المرتبطة بالصّبا وحداثة السنّ وعالمها المدهش.
    فصيحات الأطفال رغم ما تحمله من الإزعاج هي من معالم صخبِ الحياة التي لا يمكن للحياة أن تكون طبيعيّة بدونها، وحينما يسود الهدوء والسّكينة أفواههم يكفهرّ وجه الحياة ويعبس، وتغدو أشبه بالموت والرّقاد.

    وَلَــــمْ تَــعُــدْ تَــعـلُـو أَهَـازِيْـجُـهِـمْ
    تَــرْوِي حَـكَـايَا الْـمَـوْسِمِ الْـمُنْعِشِ


    ولماذا توقّف هؤلاء الأطفال عن الغناء وترديد الأهازيج التي توارثتها الأجيال في بلادنا والتي تروي الكثير عن تراث شعبنا وحكايات أمسنا الجميل العابر، الذي كان يعبق بالمحبّة والجمال.

    مَــا عَـادَ فِـي الـدُّنْيَا سِـوَى دَمْـعِنَا
    غَــمَـائِـمُ الْــحُـزْنِ بِـــهِ تَـحْـتَـشِي


    لم يعد يميّز دُنيانا غيرّ الدّموع التي لبسَها الحزن كغمامة على عَيْنَيهِ، وفي هذه الصّورة نرى كم هو قاتم ذلك الواقع الذي يراقبه الزّمن في حركات الأطفال وفي صمتهم، فالدّنيا باتت كئيبة عابسة حزينة، ما من شيء يشجّع الأطفال فيها على الفرح وعلى العيشِ بشكلٍ طبيعيّ.

    وَإِنْ بَـــدَتْ مِـــنْ حَـوْلِـنَـا بَـسْـمَـةٌ
    حِرْنَا مَنِ الرَّاشِي؟ مَنِ الْمُرْتَشِي؟


    وإن رأينا أحدهم يرسم الابتسامةَ على شفتيه ومُحيّاه هاجمتنا الحيرة، لنعرف من قدّم له الرّشوة ليفتعل تلكَ الابتسامة.

    نَـــقُــولُ لــلـدُّنْـيَـا مَــلَـلْـنَـا هُـــنَــا
    فَـضَـاعِـفِي الْأَثْـقَـالَ أَوْ حَـدِّشِـي*


    ونتيجةً لكلّ هذه الأحزان والهموم التي تفرضها دنيانا وواقعنا يخاطب الزّمن هذه الدّنيا بأنّ البشرَ قدْ ملّوا من الإقامة في متاهات حزنك ويأسك، فإن شئت أن تضاعفي حِملي منَ الهموم التي ستجودين بها عليهم أو حتّى أن تجعليها أحد عشر ضعفا لن نمانع لأنّ حالة اليأس التي وصل إليها البشر جعلتهم يفقدون الحسّ بالألم وبالهموم.

    عَــقَـارِبُ الْــوَقْـتِ الَّـتِـي عَـاصَـرَتْ
    قَـصَائِدَ (الضِّلِّيلِ) وَ(الْمَقْدَشِي )**


    وهنا نراه يقارن بين الزّمن الذي يعيشه النّاس هنا وبين الزّمن الجميل الذي عاش به الشّاعر اليمنيّ المقدشيّ وغيره من الشّعراء الشّعبيّين، حيث كانت الحياة أجمل وأبسط وكانت المحبّة تصهل في شعرهم وفي كلماتهم وتملؤها سعادة.

    تِـقُوْلُ يَـا نَـفْسَ الْـمُعَنَّى دَعِـي الْ
    آَمَــــالَ وَالْأَحْـــلَامَ وَاسْـتَـوْحِـشِي


    تلك العقارب تقول لنا يا نفسّ المعذّب في هذا الزّمان لا تتعلّقي بحبال الأمل كثيرا فلن توصلك إلى نَيلِ مآربك واهربي من البشر لتعيشي وحيدة كما الوحوش في الغابة.

    وَلْـتُـغْـرِقِي فِـــي الْـبَـحْـرِ أَفْـرَاحَـنَا
    وَعِـنْـدَ شُـطْـآَنِ الُأَسَــى كَـرْنِشِي


    ويا نفس أغرقي أفراحك في البحر واربطي نفسك عندَ شواطئ الأسى والحزن

    وَفَـتِّـشِي عَــنْ صَـفْـحَةٍ وَاخْـضُبِي
    بَــيَـاضَـهَـا بِــالْــوَجْـدِ وَلْـتَـنْـقُـشِي


    وابحثي عن صفحةٍ لكي تصبغي بَياضها بالوجد والحزن وانقشي لوحات الألم عليها.

    هَـــذِي سُــطُـورُ الــدَّهْـرِ مَـقْـرُوءَةٌ
    حِـبْـرٌ دِمَـانَـا فَـاكْـتُبِي .. زَرْكِـشِـي


    يا نفس المعذّب هي ذي سطورُ الزّمان تُقرأُ على مسامعك فخذي دماءنا واستعمليها حبرًا لتنقشي عليها حكاية الألم الذي تعيشينه في واقعك، وزركشي كتاباتك على تلك السّطور كما يحلو لك.


    مَــاتَ الـنَّـهَارْ الْـيَـوْمَ فِـيْ عَـالَمِي
    أرْدَتْــهُ طَـعْـنَاتُ الـدُّجَى الْـمُغْطَشِ


    لقد غدا نهارنا جثّة هامدة لأنّ طعنات الظّلام والسّواد الحالك قد أردته قتيلا

    وَلَّــــى وَغَــابَــتْ فِــيْــهِ أَحْـلَامُـنَـا
    يَــا عَـيْنُ جُـوْدِي بِـالْبُكَا أَجْـهِشِي


    غابَ هذا اليوم وغابت فيه أحلامنا التي تربطنا بالغد، لذلك لم يعد أمامك يا عين غير أن تجودي بالدّمع والبكاء على واقع مأساويّ يموت به الأمل ويسوده الحزن والألم.

    يَـــا قَــسْـوَةَ الْأَيَّـــامِ طُـوفِـي بِـنَـا
    وَأَسْــكِـنِـيْـنَـا قَـــبْــرَهُ وَانْــبِــشِـي


    ويخاطب قسوة الأيام وظروف العيش الصّعبة مطالبا إيّاها بأن تَطوف بأهل الزّمان وأن تُسكنهم في قبر يومهم الذي مات بطعنات الظّلام والقتام اللذين ابتلي بهما واقعنا. وأن تقوم بنبش ذلك القبر الذي حوى جثّة اليوم لكي تظهر جثّته لنا بكلّ قبح منظرها وما يبعثه من الألم في النّفس.

    ضَــاقَـتْ بِــنَـا الـدُّنْـيَـا وَضِـقْـنَا بِـهَـا
    فَـلْـتَـرْحَمِي أَجْـسَـادَنَا وَانْـهَـشِي


    لقد ضاقت بنا هذه الدّنيا وضقنا بها وبكلّ محتواها من الألم والوجع والظّلام والظّلم والاستبداد والقتل والقهر والجوع والفقر وكلّ تلك الآفات التي كستها ذلك الثّوب الأسود الكئيب الذي جعلنا نكرهها ونرى في الموت راحة منها.
    وهنا يختم الشّاعر لوحته الأولى أو قراءته الأولى والتي رسمها بالفحم ليصوّر لنا بشاعة واقعنا الذي نعيشه بكلّ تفاصيل الألم والوجع والظّلم والاستبداد والقتل والكره والوحشيّة والاستعباد.
    تلك اللوحة رغم كلّ ما تحمله من قتام لم تبالغ بتصوير الواقع ولم تختلق أوهاما، بل كشفت النّقاب عن وجه واقعنا لنراه بقبحه، وهنا لم يأت الكلام على لسان الزّمن إلّا لنتمعّن في عمق رسالة هذا الزّمن لإنسان هذا الزّمان فعادة ما يلقي الإنسان باللّوم على الزّمن فيما يعيشه من بؤس، لكنّنا نرى الزّمن هنا شاهدًا علينا، وعلى ما تجود به أيدي الظّلم والطّغاة لتحميل ظهر هذا الزّمان بكلّ الألم والقهر التي كادت تكسر ظهره.
    وفي هذه اللّوحة ورغم كلّ ما حملته من الأوجاع كانت الصّور التي رسمها لنا الشّاعر عميقة بليغة موحية، جعلتنا نعيش معه التّفاصيل، ونلج إلى عمق كلماته ومحتوى سطوره.









    عَــقَـارِبُ الْــوَقْـتِ الَّــتِـي لَا تَــنَـامْ
    بَـطِـيْـئَـةٌ وَالْــيَــوْمُ فِــيْـهَـا كَــعَــامْ


    وينتقل بنا الشّاعر إلى الصّورة التالية حيث يتحدّث بها عن المجتمع، وتأتي عقارب السّاعة والزّمن هنا أيضا لتكون شاهدا على ما حلّ بمجتمعه من تغيّرات وتقلّبات.
    ويبدأ كما بدأ فقرته الأولى بوصف تلك العقارب بكونها بطيئة السّير، ويعزو هنا بطءَ تلك العقارب لقلّة نومها، فهي تعبة جدّا ومنهكة من طيلة السّهر، وهذا ما يجعلها غير قادرة على المضيّ بسرعة. ولشدّة بطء عقارب السّاعة تلك نجدها تقطع يومها وكأنّها تقطع عاما كاملا.

    تُـثِيْرُ فِـي الـنَّفْسِ الْأَسَى وَالْجَوَى
    تُـعَـلِّـمُ الْأَحْـــدَاقَ جُـــودَ الْـغَـمَـام


    ولكونها متعبة مثقلة بهمومها التي تسبّب الأرق لها نراها تثير في نفوس الخلقِ الحزن والأسى وتعلّم عيونهم البكاء بغزارة كما تجود الغيوم بأمطارها.

    تَـمُدُّ فِـي فَـوْضَى الـدّجَى خَـطْوَنَا
    تَـقُـودُنَـا مَـثْـنَى.. فُــرَادَى.. زِحَــام


    وهذه العقارب الهزيلة التعسة تجعل خطواتنا تمتدّ في دروب الظّلام والقتام، فتقودنا لتلك الدّروب، تارة تقودنا وحدانا وتارة أزواجا وتارة زرافات، كلّ يمضي وفق ما تشاء له الأقدار.

    تَـــــرُوحُ تُـبْـكِـيْـنَا وَتَــغْــدُو عَــلَــى
    جِــرَاحِـنَـا تَــبْـكِـي بِــدَمْـعٍ هُـــلُامْ


    وهي ليست مجرّد قائد في تلك المسيرة فالزّمن يقودنا وهو يبكي علينا، هو يعي تماما إلى أين يمضي بنا، وبما ينتظرنا من الأسى والوجد في تلك الدّروب، لكنّه يقودنا إليها مرغما، ويشعر بالأسى لما نلاقيه في دروبنا تلك ويذرف دموعه من شدّة حزنه.

    وَتَـقْـتَـفِـي آَثَــــارَ مَــــنْ أَسْــكَـرُوا
    حَــيَــاتَنَـا دَهْــــــرًا بِــخَــمْــرٍ زُؤَام


    وفي تلك الدّروب القاتمة المظلمة والموحشة تقتفي تلك العقارب آثار من مضَوْا قبلها على تلك الدّروب، الذين أسكرتهم الحياة بخمر مآسيها الكريهة الطّعم، فالمآسي التي عاشها أولئك الماضون في دروب اليأس والألم جعلتهم يمشون في الدّرب وهم يتطوّحون كمن سكر بالخمر.

    صِــرْنَــا تَــهِــشُّ الــرِّيــحُ أَشْـتَـاتَـنَا
    وَالـــذُّلُّ يَـعْـلُو سَـاخِـرًا كُــلَّ هَــام


    وهنا يشبّه الشّاعر الرّيح التي في دروب الظّلام التي مضى بها الخلق وراء الزّمن براعٍ يقود قطيعًا من الأغنام المتشتّتة فكلّ يمضي في جهته مبتعدا عن القطيع، والذلّ يعلو حولنا ساخرًا من كلّ فردٍ في ذلك القطيع المتشتّت عوض التجمّع وتوحيد الصّفوف للتّعاون على المضيّ قدما في ذلك الطّريق الموحش القاتم.

    وَشَـــاعَ فِـيْـنَا الْـكُـفْرُ حَـتَّـى عَـبَـدْ
    نَــــا دُوْنَ إِيْــمَـانٍ جَـمِـيْـعَ الـلِّـئَـام


    وفي دربهم المظلم ذلك نرى الخلق في تشتّتهم ذاك وقد شاع فيهم الكفر بالله وعبدوا طغاة الأرض ولئامها من أصحاب النّفوذ والجبروت والقوّة، وهنا كانت الإشارة للحكّام الذين طغوا في البلاد وظلموا العباد، وأجبروهم على الخضوع لهم والصّمت على المنكرات التي كانوا يقومون بها.

    نَــظُــنُّ يَــأْتِــي الْــعِـزُّ مِـــنْ ذِلَّـــةٍ
    قُــصُــورُنَـا مَـبْـنِـيَّـةٌ مِــــنْ خِــيَــام


    وكان خضوع الخلائق للحكّام نابع من ظنّهم أنّ أتباع الحاكم سيحظون بعزّه ودلاله لكونهم يأتمرون بأمره ويذلّون أنفسهم له، ولكنّ ظنونهم تلك كانت محض أوهام لا غير، لانّ ذلّهم لم يزدهم غير البؤس والشّقاء والظّلام والقتام واليأس، ولأنّ الحكّام الذين انصاعوا لهم لم يقدّموا لهم غير العذاب والمذلّة والهوان، وهو يشبّه تلك الحالة بمن يبني قصره من الخيام، فمهما استطاع تجميل ذلك القصر لن يحميه من المطر والحرّ وسيظلّ يعاني في عيشه في داخل ذلك القصر، لكونه قصر وهميّ مزيّف.

    تُـقَـاتُـنَـا مِـــنْ زُهْــدِهِـم أَصْـبَـحُـوا
    يُـمَـارِسُـونَ الْإِثْـــمَ تَــحْـتَ الـلِّـثَام


    وفي ظلّ تلك الفوضى التي سادت الخلق في مجتمعاتنا، نرى الموازين كلّها تنقلب، فحتّى التّقاة من أهل مجتمعنا غدَوْا يرتدون ثوب التّقى كاللّثام يخفون خلفه ما يرتكبونه من الإثم في الخفاء. وغدت جرائمهم تقترف تحت عباءة الدّين والإيمان.

    عَــقَـارِبُ الْـوَقْـتِ الَّــذِي فِـيْـهِ قَــدْ
    تَـصَـابَتِ الـشَّمْطَاءُ.. شَـابَ الْـغُلَام


    وفي ظلّ تفكّك المجتمع والفوضى التي حصلت في هذا الزّمن نرى الامرأة العجوز وهي تتصابى وتأتي بأفعال مشينة لا تُستساغ ممّن هي في جيلها، ونرى الشّباب يشيبون وهم في عزّ فتوّتهم وشبابهم.

    أَجْــــرَتْ مَـآَقِـيْـنَـا عَــوِيْــلًا عَــلَـى
    عَــهْـدٍ سَـيَـنْـعَانَا بِـصَـمْتِ الْـكَـلَام


    وهذه الأحداث والفجائع أجرت الدّمع في عيوننا على عهدٍ مَضى يقف صامتا يراقبنا وينعى ما قد مات في أمّتنا من كرامة وإيمان ودين ومبادئ وأخلاق، أيّام كانت هذه الأمّة تدين بدين الإسلام وتنتهج الحقّ في حياتها فكانت عزيزة كريمة وسادت الأمم.

    يَـــمُــوتُ فِــــي دَقَّــاتِـهَـا نَـبْـضُـنَـا
    وَنَـرْتَمِي صَـرْعَى.. سُـكَارَى.. نِـيَام


    وفي خضمّ دقّات عقارب هذه السّاعة العجيبة كلّما دقّت السّاعة يموت نبض الخلق وينطفئ وتراهم يرتمون على الأرض إمّا صرعى أو سُكارى أو نياما، هم صرعى اليأس والإحباط، وسكارى خمر النّكبات والفواجع، ونيام في حضن التشتّت والذلّ والخنوع.

    مَــوْتَــى كَــأَعْـجَـازٍ وَلَا رُوْحَ فِــــي
    أَرْوَاحِــنَــا وَالْـعَـيْـشُ فِـيْـنَـا حَـــرَامْ


    وهنا ينقلنا التناصّ للتّشبيه الذي أتى في قرآننا الكريم حيث ذكرت أعجاز النّخل الخاوية وهنا شبّه شاعرنا البشر في عصر الذلّ الذي نحياه بتلك الأعجاز الخاوية من الرّوح، فأرواحهم ميّتة رغم أنّهم لا يزالون على قيد الحياة، والعيش في هذه الأرواح حرام لأنّها لا تقدّم ولا تؤخّر فهي نائمة في غفلتها وفي تشتّتها وذلّها وخيباتها.

    نَــنَــامُ كَــــيْ تَـصْـحُـو كَـوَابِـيْـسُنَا
    وَبَـعْـدَهَـا نَـصْـحُـو نَـعِـيْشُ الْـمَـنَام


    وفي حالة الغفلة التّامة التي يحياها مجتمعنا يكون الهدف من النّوم هو إيقاظ الكوابيس من غفلتها لأنّ النّاس في صحوهم ونومهم نيام، لكن حين تكون عيونهم مغمضة تباغتهم الكوابيس كالوحوش وتهاجم أرواحهم، وعندما يستيقظون من النّوم يعودون لغفلتهم ونومهم من جديد ليعيشوا تلك الكوابيس التي كانت تطاردهم في الصّحو أيضا.

    أَشْــلَاؤُنَــا حَــيْــرَى كَــأَنَّــا إِلَــــى
    لَا شَــيْء نَـمْضِي نَـسْتَنِيرُ الـظَّلَام


    هذه الأمّة المشتّتة تمضي بدربها بأشلائها وأحزابها وطوائفها المختلفة المتخاصمة إلى مصيرها المجهول الخاوي من المجد والنّجاح، تستنير بظلامها وطغيانها في درب انحطاطها وذلّها.

    نَـمْـضِـي تَــخَـافُ الـسَّـيْرَ أَقْـدَامُـنَا
    يَـعُـودُ خَـلْـفَ الْـخَـلْفِ مِـنَّـا الْأَمَــام


    وفي مسيرة تخلّفنا تمضي الامّة بأقدام تهاب السّير إلى الأمام ومن يقف أوّلا تراه يعود إلى من هم خلف من يليه، ليتوارى عن العيون لأنّه يهاب عيون الحكّام ويخاف التّعبير عن نفسه، وأن يخوض طريقا غير التي يفرضها عليه بطشهم وطغيانهم.

    نُــغَـالِـطُ الــضَّـعْـفَ الَّــــذِي هَــدَّنَـا
    بِــأَنَّـنَـا أَحْــفَــادُ قَــــوْمٍ (عِــظَــام)


    ولكي يتهرّب أبناء أمّتنا من الظّهور بمظهر الأذلّة في زماننا هذا تراهم يفتخرون بأجدادهم الذين عمروا الأرض وصنعوا الأمجاد وسادوا العباد، متناسين ما هم عليه من ذلّ وهوان وكأنّهم بذلك يخدعون ضعفهم وذلّهم الذي يشهد عليهم ويسخر منهم.

    فِــيْ دَرْبِـنَا الْـمَهْزُومِ كُـلُّ الْـجِهَاتِ
    الْــيَـومَ قَــدْ صَــارَتْ دُرُوبَ انْـهِـزَام


    وفي درب انهزامنا الذي مضت عليه الأمّة هذه الأيّام مهما كانت وجهتك ستودي بك إلى درب انهزام فرعيّ آخر، لأنّ الفساد قد طغى في البلاد والعباد، ولأنّنا ابتعدنا عن درب الحقّ وما جاءت به تعاليم ديننا الحنيف، لذا فكلّ ما اساسه الطّغيان سيكون مآله الخسران.
    وهنا في اللّوحة الثّانية أيضا كانت اللّوحة قاتمة، وصفت ما آل إليه وضع أمّتنا من انتشار للفساد ومن ظلم الحكّام لرعاياهم، ومن خنوع الرعيّة وتذلّلها لحكّامها حتى غدا الحكّام أربابا من دون الله يطيعونهم ويعصون الله ما امرهم ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف. كما ووصف شتات الأمّة وتفرّقها بكلّ أنواع الفتن الطّائفيّة والدينيّة وما جلب ذلك على أمّتنا من الضّعف والهوان.










    عَــقَــارِبُ الْــوَقْـتِ الَّــتِـي لَا تُــثَـارْ
    تَـصُبُّ فِـي كَأْسِي كُؤُوسَ انْكِسَار


    وأيضا على الصّعيد الشّخصي والذي لا بدّ أن يتأثّر بما يدور في مجتمعه وكونه نرى عقارب الزّمن هنا أيضا لا يمكن إثارتها وتنشيطها، وهي بدورتها البطيئة جدا تصبّ في كأس حياة شاعرنا الانكسار من كؤوسها، فهي تملأ حياته فشلا وهزائم.

    قَــدْ هَـيَّـجَتْ أَحْـزَانَ فُـلْكِي الَّـتِي
    تَـمُوتُ فِـي مَـرْسَى الْـحَيَاةِ انْتِظَار


    وعقارب الزّمن هذه قد هيّجت أحزان سفنه التي تموت في انتظارها الذي لا ينتهي في مرسى الحياة، وهذا إن دلّ فهو يدلّ على ما يشوب روح شاعرنا من الألم حدّ الشّعور بالموت، نتيجة ما يراه ويصادفه من امور تفجع القلب وتوجعه من حال أمّته التي تردّت وهبطت إلى دروب الانحطاط والرّذيلة والعهر. وهو إذ ينتظر، ينتظر الفرج وانقشاع الغمّة التي غطّت سماء أمّته، والأزمة التي خنقت العباد، وينتظر الخلاص من الله وأن يردّ هذه الأمّة ردّا جميلا إلى دربه.

    وَاسْـتَـكْـثَـرَتْ مَــوْتِـي فَــهَـذَا أَنَـــا
    أَعِـيْـشُ عُـمْرِي كُـلُّهُ فِـي احْـتِضَار


    وعقارب الزّمن هذه استكثرت عليّ الموت وجعلتني أبقى ميّتا ومحتضرا طيلة حياتي أنتظر موتي ولا أجده، فالموت راحة للإنسان من مآسي حياته وزماني لا يُريدني أن أنعم بالرّاحة بل يريدني أن أبقى بانتظار لحظة موتي طيلة عمري لكي أتعذّب وأشقى.

    أَنَـــا الَّـــذِي قَــدْ عَـلَّـمَ الـدَّمْـعَ أَنْ
    يَـبْـكِـيْ وَلِــلْأَحْـزَانِ فِــيْـهِ انْـهِـمَـار


    ولبؤس حالي وخبرتي في البكاء والدّمع غدوتُ أتَلمذُ الدّموع كيف تبكي، وأعلّم الأحزان كيف تنهمر في الدّموع.

    سَـقَيْتُ غَـرْسَ الْـعَجْزِ مِـنْ لَوْعَتِي
    فَــلَــمْ أَزَلْ أَجْــنِــي أَمَـــرَّ الـثِّـمَـار


    وبلوعتي وحرقة قلبي التي انهمرت قمت بريّ شتلات العجز حتى كبرت ونمت ومنحتني ثمارها المرّة الطّعم لتزيد حياتي قتاما وصعوبة وألما ووجعا.

    أَعِـــيْــشُ مِــيْـعَـادًا بِــــلَا مَــوْعِــدٍ
    يَـــزِيْــدُ إِحْــرَاقِــي بِــــلَا أَيِّ نَــــار


    وفي زمن القسوة الذي نعيشه أعيش على موعد مع القهر والألم والوجع واليأس والإحباط، رغم أنّي لم أتواعد يوما معها، وذلك لأنّها أمور حتميّة قدريّة لا يد لي باقتحامها لحياتي، وهذا الموعد والتّلاقي يجعلني أحترق روحيّا، وهو احتراق مؤلم أكثر بكثير من الاحتراق الذي تصحبه النّيران، لأنّ من يحترق بالنّار يكون موته سريعا، لكن من تحترق روحه يكون موته واحتضاره بطيئا ويستمر مدى حياته كلّها فلا يخبو ألمه ولا يتوقّف.

    مَـــاضِــيَّ آَلَامٌ وَيَـــوْمَــي شَـــفَــا
    وَادٍ مِـــنَ الْآهَــاتِ خَـلْـفَ الـسِّـتَار


    ما عشته في ماضيّ وأمسي الألم والوجع والنّكبات، ويومي الذي أحياه يشبه حافّة وادٍ عميق من الآهات المختبئة خلف السّتار، وهذا يدلّ على غموض وصعوبة الحاضر الذي يعيشه شاعرنا، والذي يكسب يومه المرار والأسى والأوجاع.

    قَــلْــبِـي جَـــرِيْــحٌ خَــانَــهُ لَــيْـلُـهُ
    وَخَــانَــهُ جُــــرْحُ الـلَّـيَـالِـي فَــثَــار


    وهنا نرى قلبه ينزف من جراح الخيانة التي تسبّب بها ليله، واللّيل هنا إشارة للظّلام الذي يلفّ الحياة، وهذا الظّلام جريح أيضا وجراحه خانت الشّاعر فثارت جراحه من خيانة جراحها، وهذا إن دلّ على شيء فيدلّ على أنّ زماننا الذي نعيبه إنّما استمدّ العيوب منّا واستلّ جراحه من جراحنا، وحين تخوننا جراحه تتّسع جراحنا هي الأخرى وتزداد نزفا.

    أَخَـافُ مِـنْ خَـوْفِي.. وَفِـيْ حَيْرَتِي
    أَحَــارُ .. مِــنْ مُـرِّي أُعَـانِي الْـمَرَار


    وهنا نرى حجم الدّوّامة التي يرتطم شاعرنا بين جنباتها فهو من شدّة الخوف الذي يحياه بات يخاف من هذا الخوف وباتت مخاوفه تتداخل ببعضها البعض، ومن شدّة حيرته بات يحار في أمر حيرته فتشابكت لديه الحيرة وتفرّعت وتداخلت في بعضها البعض، وترى مرّ عيشه يسقيه هو الآخر أصناف وأنواع المرار فتتشابك الآلام وتتداخل في حياته هي الأخرى.

    عَـقَـارِبُ الْـوَقْـتِ الَّـذِي ضَـاقَ بِـي
    إِذْ لَــمْ أَضِــقْ ذَرْعًـا بِـطُولِ الْـحِصَار


    لقد ضاق بي زماني وملّني لكَوني لمْ أملّ حصار الآلام لي ولم أنتفض عليها وعلى قبح واقعي لأغيّر هذا الواقع ولأخلق واقعا جديدا يهب لي الأمن والطّمأنينة والسّعادة.

    تَـقَـلَّـدَتْ سَـيْـفِي أَسَـالَـتْ دَمِــي
    وَكَـفَّـنَـتْـنِـي بِــالْأَمَــانِـي الْــكِــبَـار


    لقد تقلّدت عقارب الزّمن سيفي وأسالت به دمي منتفضة عليّ، وكفّنتني بالأمنيات الكبار وهي أمنياتي وأمنيات شعبي وأمّتي بالخلاص من كلّ هذه المعاناة ومن هذا القتام والاختناق.

    وَكُـــــلُّ ذَنْـــبِــي أَنَّــنِــي وَاحِــــدٌ
    مِــنْ مَـعْشَرٍ يَـخْشَوْنَ أَخْـذَ الْـقَرَار


    ولكنّ المشكلة والذّنب الذي بقي لي هو انتسابي لأمّة يخاف أبناؤها اتّخاذ قرارهم بالتمرّد على الوضع القائم والهبّة لتغييره وهدم مملكة الطّاغوت لإعادة بناء دولة الحقّ التي ستعيد مجدنا إلى ما كان عليه كما فعل أجدادنا.

    فَـرَّتْ أَمَـانِي الْـقَلْبُ مِـنْ وَحْشَتِي
    وَمِــنْ ظَـلَامِـي خَــافَ ضَـوْءُ الـنَّهَار


    وفي خضمّ هذا التخوّف من التمرّد ومن تقرير المصير في زوبعة التشتّت والتفتّت والفتن التي تجتاح أمّتنا نجد تلك الأماني التي منحه إيّاها الزّمن تفرّ منه لخوفها ممّا يعتمر قلبه من وحشة، كما وفرّ منه ضوء النّهار لما يملأ يومه من ظلام دامس ويغلّف حياته.

    وَأَيْـنَـمَـا فَـتَّـشْتُ عَــنْ خُـضْـرَةِ الْ
    أفْـــرَاحِ أهْـدَانِـي أَسَــايَ اصْـفِـرَار


    وكلّما رامَ الأفراح وسعى إلى اخضرارها لتنعم بها حقول حياته وعمره، يهديه حزنه الخانق وأساه ويأسه الاصفرار الذي يكسو حياته من جديد ليصيب اليأس حياته من أن تنال الاخضرار يوما.

    أَلْـقَـتْ بِــيَ الْأَقْــدَارُ فِــي مَـهْـمَهَةٍ
    أُوَاجِـــــهُ الْأَقْـــــدَارَ دُوْنَ اقْـــتِــدَار


    لقد ألقى بي القدر إلى أرض مقفرة أواجه بها قدري دون اقتدار وقوّة على هذه المجابهة، فضعفي سيجعل قدري يتغلّب عليّ لا محالة، وسأبقى أغرق في ظلامي ما حييت لأنّي لا أملك الجرأة والقوّة لأغيّر واقعي ولأثور عليه.


    دُنْــيَــايَ أَبْـكَـتْـهَا مَــآَسِـي الــدُّنَـا
    وَتَــوَّهَــتْــهَـا تَــائِــهَــاتُ الْــبِــحَــارْ


    هذه المآسي التي تسود عيشي ودنياي جعلت دنياي تبكي وتنتحب لحالي، والبحار التّائهة في دنياي زادتها تيها وضياعا، فكلّ ما حولي يغرق في التّيه والضّياع والأسى لذلك أثخنت دنياي بكلّ هذه الامور القبيحة.

    فَـرُحْتُ أَبْـنِي مِـنْ قَـوَافِي الْأَسَى
    قَــصَـائِـدًا تَــــرْوِي حَـكَـايَـا انْـهِـيَـار


    ولذلك رحت أبني من قوافيّ المثخنة بالأسى واليأس والألم والوجع قصائدا تروي حكاية انهياري وانهيار مجتمعي ودنياي.

    مِــنْ لَـوْعَـتِي لَـوْ لَـمْ أَكُـنْ شَـاعِراً
    لَـكُان لِـيْ مِـنْ بَـوْحِ دَمْـعِي شِـعَار


    ومن هَول اللوعة التي سكنتني لو انّي لم أكن شاعرا أُسكن الألم القصائد لباحت دمائي بهمومي، فالشّاعر يناضل بالكلمة والمناضل العاديّ يناضل بدمه ويضع روحه على كفّتيه فدا لتحقيق مبتغاه.
    وكم كانت هنا النّهاية قويّة ورائعة، فمنها كانت الانطلاقة للتّغيير، ففي ظلّ كلّ تلك الظّروف التي تعيشها الأمّة من ذلّ وخنوع ويأس وقتام وكره، على أبناء الأمّة وأحرارها أن ينهضوا ويهبّوا للتّغيير، وكلّ يجود بما يمتلك، الكتّاب والأدباء بأقلامهم وسطورهم وفكرهم، والثّوّار بدمهم الذي سيخطّون به تمرّدهم على واقع يخنقه الذلّ، وسينقلون للنّاس رغبتهم بالعيش الكريم الذي لا يتمّ إلّا بنفض كلّ معالم الفساد وبناء مجتمعهم من جديد بروح جديدة وحلّة جديدة وجسد جديد.
    كانت قصيدة عميقة بصورها وبمعانيها، صوّرت لنا جوانب مختلفة من حياة الفرد في مجتمع ودنيا تغرقه المآسي والألم وتعكس لنا الكثير من حيثيّات وتفاصيل عيشه، والحالة النّفسيّة التي يعيشها، وتشرح أسباب هذه الاحوال وتعيدها للبعد عن سبيل الحقّ وتعاليم الدّين الحنيف، ومن ثمّ تكون الحلول هي الانتفاض على هذا الواقع المرير وتغييره وإعادة هذه الأمّة إلى سبيل الحقّ والرّشاد لتنعم بالمجد والكرامة من جديد.

  6. #46
    الصورة الرمزية د. مختار محرم شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    الدولة : في بيتٍ ما
    المشاركات : 3,219
    المواضيع : 139
    الردود : 3219
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    أختي الفاضلة ..
    الشاعرة والأديبة القديرة فاتن دراوشة
    توقفت كثيرا وأنا أقرأ قراءتك لكلماتي .. وكأني أقرؤني من جديد
    سنوات طويلة ظل هذا النص مسافرا فيها باحثا عمن يقرؤه بهذا العمق والصدق وبهذه الشفافية
    ما أكثره وأكبره نصي بمرورك عليه
    كل الود والتقدير أيتها الكريمة

  7. #47
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.66

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. مختار محرم مشاهدة المشاركة
    أختي الفاضلة ..
    الشاعرة والأديبة القديرة فاتن دراوشة
    توقفت كثيرا وأنا أقرأ قراءتك لكلماتي .. وكأني أقرؤني من جديد
    سنوات طويلة ظل هذا النص مسافرا فيها باحثا عمن يقرؤه بهذا العمق والصدق وبهذه الشفافية
    ما أكثره وأكبره نصي بمرورك عليه
    كل الود والتقدير أيتها الكريمة
    أستاذي العزيز أنا لا أقرأ النّصوص ربّما هي من تقرأني فلا أجدني أتعمّق إلّا بنصّ يعتصر انتباهي اعتصارا، ربّما يكون الألم الذي ينبض بصدقه في نصوصك ، وربّما تكون الصّورة الشّعريّة وأسلوب صياغتها، فحين أجد في النصّ ما يشعرني بأنّني أنتمي لبعضه أو لكلّه أجدني ألج النصّ بكلّ حواسّي، وهذا ما يجعلني أتعمّق بتحليله، وقد يكون التّحليل شعريّا إن شابهت لغة النصّ لغتي، وقد يكون نثريّا كما كان هنا.
    سعيدة أن نال ولوجي إلى نصّك استحسان ذائقتك الرّاقية.
    مودّتي

صفحة 5 من 5 الأولىالأولى 12345

المواضيع المتشابهه

  1. قراءات شعرية ثم قراءات أدبية ونقدية في شعر الحداثة
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى فَرْعُ دَولَةِ الكوَيتِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-02-2017, 01:39 AM
  2. فنجان قهوة على شرف الدكتور سلطان
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 20-12-2006, 02:36 AM
  3. ((وقعت حشرة فى فنجان القهوة)) فماذا ستفعل؟؟؟؟
    بواسطة محمد عصام في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 22-11-2006, 01:06 AM
  4. فنجان القهوة
    بواسطة قلب الليل في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 29-08-2006, 08:08 PM
  5. احلام متداخلة / فنجان قهوة
    بواسطة مينا عبد الله في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 25-03-2006, 01:07 PM