نَقَاؤُكَ فِيكَ يَا ابْنَ الصِّدْقِ سَامِقْ
وَقَلْبُكَ حِيكَ مِنْ عِطْرِ الحَدَائِقْ
وَعِلْمُكَ عَنْكَ حَدَّثَ بِالعَوالِي
وَعَزْمُكَ مِنْكَ بِالإِحْسَانِ سَابِقْ
وَشِعْرُكَ إِنْ تَغَنَّى فَاحَ نَشْرٌ
مِنَ الإِبْدَاعِ فِي الإِحْسَاسِ عَابِقْ
وَوَجْهُكَ مِنْ فُيُوضِ ضِيَاءِ صِدْقٍ
تَبَدَّى مِثْل شَمْسٍ فِي المَشَارِقْ
وَلَو مَدَّ الوَفَاءُ لَهُ بِسَاطًا
لَمَدَّ لَكَ الأَرَائِكَ وَالنَمَارِقْ
وَلَو نَطَقَ الجَمَالُ مِنَ الرَّوَابِي
لأَهْدَاكَ الأَقَاحِي وَالزَّنَابِقْ
فَلا عَجَبٌ وَقَدْ رُمْتُ المَعَالِي
بِأَنِّي أَصْطَفِيكَ مِن الخَلائِقْ
وَأَنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَكَانًا
كَتَاجِ الدُّرِّ فِي أَعْلَى المَفَارِقْ
فَأَنْتَ بَوَارِقُ الصِّدْقِ اسْتَقَلتْ
وَقَدْ كَذَبَتْ عَلَى العَينِ البَوَارِقْ
وَأَنْتَ الغَيثُ مُؤْتَمَنًا بِخَيرٍ
مَتَى عَلَتِ الرُّعُودُ بِغَيرِ وَادِقْ
وَمَا فِي عَذْلِ ذِي جَدْبٍ لِغَرْسِي
سِوَى عَذْلِ الطَحَالِبِ لِلشَّقَائِقْ
وَمَا رَجَمَ النَّخِيلَ بِطُوبِ عَيبٍ
سِوَى قَزمٍ بِأَنَّ النَّخْلَ بَاسِقْ
وَكَمْ فِي الخَلْقِ مَنْ صَاحَبْت صَفْوًا
فَإِنْ غصَّ الزَّمَانُ سَقَاكَ مَاذِقْ
وَكَمْ مِنْ مُقْسِمٍ بِاللهِ عَهْدًا
أَرَانِيهِ المُهَيمِنُ عَهْدَ صَادِقْ
مَتَى عَاشَرْتُهُ فِي الدَّهْرِ أَبْدَى
عَلَى سُرُجِ الرَّجَاءِ فَمَ المُمَالِقْ
إِذَا وَافَقْتُهُ زَعَمَ اجْتِبَائِي
وَإِنْ خَالَفْتُ عَلَّقَ لِي المَشَانِقْ
كَأَنَّ لِكُلِّ عَادِيَةٍ شِفَارًا
تُكَدِّرُ عَيْشَنَا وَالعَيشُ رَائِقْ
يُبَادِرُ بِالأَذَى أَهْلٌ وَصَحْبٌ
وَمَا مَلَّ النَّدَى أَو كَلَّ عَاتِقْ
وَلَكِنْ فِي السَّلامَةِ مُسْتَقَرٌّ
لِمُهْجَةِ مُقْبِلٍ وَلِرُوحِ تَائِقْ
أَمَا تَرِدُ النُّفُوسُ مَتَى تَسَامَتْ
مَكَارِمَ تُجْتَبَى مِنْ كُلِّ شَاهِقْ
وَتَأْنَفُ أَنْ تَضِلَّ عَلَى طَرِيقٍ
وَإِنْ نَزَغَتْ عَنِ الحَقِّ الطَرَائِقْ
وَلَيسَ أَغَمُّ لِلأَسْمَاعِ هَدْيًا
مَتَى التَقَتِ القَلاقِلُ وَاللَقَالِقْ
فَإِمَّا أَعْمَلَ العُقَلاءُ رَأْيًا
تَكَشَّفَتِ الدَّخَائِلُ وَالحَقَائِقْ
أَلَيسَ الضَّبُّ يَدْخُلُ كُلَّ جُحْرٍ
وَتَرْتَادُ الكَوَاكِبُ كُلَّ شَاهِقْ
وَتَنْكَفِئُ الرِّعَاعُ عَلَى عِظَامٍ
وَيَرْقَى لِلعَظَائِمِ كُلُّ حَاذِقْ
فَكَيفَ يَرَى النَّدَى حُرٌّ بِأَرْضٍ
بَنُوهَا بَينَ مُحْتَرِبٍ وَمَارِقْ
وَكَيفَ يُرَى الهُدَى إِنْ ضَلَّ قَصْدٌ
وَإِنْ أَفْتَى لأَهْلِ الحَقِّ فَاسِقْ
وَمَا يَكُ مِنْ رِضَا لَو لَمْ يَرُقْ لِي
رِدَاءَ الحِلْمِ يُلْجِمُ كُلَّ نَاعِقْ
وَأَنِّي مُخْلِصٌ صَافِي النَّوَايَا
رَفِيقٌ شَاكِرٌ بِاللهِ وَاثِقْ
وَأَنِّي لَسْتُ أَجْزَعُ فِي خُطُوبٍ
وَلا أَخْشَى مِنَ الزَّمَنِ الطَّوَارِقْ
فُخُذْ مِنِّي المَحَبَّةَ يَا صَدِيقِي
عَلَى طَبَقِ الوَفَاءِ وَكَأْس وَامِقْ
وَدَعْ شِعْرِي يُغَرِّدُ فِيكَ مَدْحًا
بِمَا أَوْلَيتَ فَضْلا مِنْكَ دَافِقْ
وَمَا وَأَبِيكَ قَدْ خَاتَلْتُ يَوْمًا
وَمَا حَرْفِي بِغَيرِ نَدَاكَ نَاطِقْ
فَأَنْتَ أَجَلُّ مَنْ خَالَطْتُ قَدْرًا
وَأَرْفَقُ مِنْ مُلاقٍ أَو مُفَارِقْ
وَأَنْتَ أَبَرُّ مَنْ وَافَيتُ عَهْدًا
كَرِيمَ النَّفْسِ مَحْمُودَ الخَلائِقْ