تِلكَ الرُّبَى فِي بُرُوجِ الشَّوقِ لَمْ تَعُجِ
تَدُورُ بَينَ الرُّؤَى نَضَّاحَةَ الأَرَجِ
ضَمَمْتُهَا فِي عُيُونِ الحُبِّ مُبْتَسِمًا
وَفِي الشِّغَافِ شَظَايَا القَلْبِ فِي نَشَجِ
هَاجَتْ حَمَائِمُ مَفْؤُودِ الهَوَى فَهَجَتْ
أَسْبَاطَ شَوْقٍ فَلَمْ يَهْجُوا وَلَمْ يَهِجِ
وَمَا اهْتِيَاجُ فُؤَادٍ أَوْ هِجَاءُ نُهَى
إِنْ كَانَ أَوهَى الأَسَى بِالوَجْدِ قَلْبَ شَجِي
وَدَّعْتُ قَبْلَ النَّوَى رُوحِي وَقُلْتُ لَهَا
يَا رُوحُ كُونِي هُنَا مَا غِبْتُ وَابْتَهِجِي
كُونِي هُنَا فِي رُبَى الأَحْبَابِ حَائِمَةً
حَوْلَ المَنَازِلِ فِي صَفْوٍ وَفِي رَهَجِ
إِيَّاكِ أَنْ تَهْجُرِي دَارَ العُلا جَزَعًا
وَإِنْ تَحُزُّ بِسِكِّينٍ عَلَى الوَدَجِ
فَمَا الحَيَاةُ مَعَ الأَحْرَارِ فِي مِقَةٍ
كَمَا الحَيَاةُ مَعَ الأَشْرَارِ وَالهَمَجِ
هُنَا الْتَقَينَا بِأَسْبَابِ السُّرُورِ عَلَى
أَرَائِكِ البِرِّ وَالإِيثَارِ وَالبَلَجِ
نُرَوِّحُ الجِدَّ هَزْلا غَيرَ مُبْتَذَلٍ
وَنَشْرَبُ الوُدَّ كَأْسًا غَيرَ مُمْتَزجِ
فِي خَانِيُونُسَ فِي الزَّيتُونِ فِي رَفَحٍ
فِي الشَّيخِ رِضْوَانَ فِي التُّفَاحِ فِي الدَّرَجِ
فِي شَاطِئِ العِزِّ فِي عَبْسَانَ فِي مَعَنٍ
فِي كُلِّ حَيٍّ وَإِقْلِيمٍ وَمُنْعَرَجِ
لَمَّا سَرَيْتُ أُرِيدُ المعْبَرَ اغْتَرَبَتْ
عَنِّي الوُجُوهُ وَغَارَ الدَّرْبُ بِالدَّلَجِ
أَمْسَيتُ فِيهِ كَمَا أَصْبَحْتُ مُنْتَظِرًا
صَكَّ الخُرُوجِ فَمَا نلْنَا سِوَى الحَدَجِ
فِي بِضْعِ مِتْرٍ قَضَينَا اليَومَ فِي عَنَتٍ
مِنْ غَيرِ عُذْرٍ سِوَى الإِذْلالِ وَالنَّفَجِ
كَأَنَّ شَاهِقَةَ الأَسْوَارِ قَدْ أَمِنَتْ
نَصْلَ العَدُوِّ وَخَافَتْ وَصْلَ ذِي وَشَجِ
تُشَيِّدُ السُّورَ بِالفُولاذِ فِي هَلَعٍ
وَتَسْتَعِينُ بِمَاءِ البَحْرِ فِي الفُرَجِ
وَتَبْقُرُ الأَرْضَ أَمْتَارًا عَلَى حَرَضٍ
لِتَنْسِفَ النُّورَ فِي الأَنْفَاقِ وَالسُّرُجِ
فِيمَ الحِصَارُ وَفِيمَ الخَوفُ فِيمَ دَمٌ
يُرَاقُ ظُلْمًا بِزَعْمٍ كَاذِبٍ ثَبِجِ
إِنْ كَانَ حُوصِرَ حَقُّ النُّورِ فِي مُقَلٍ
فَلَنْ يُحَاصَرَ نُورُ الحَقِّ فِي المُهَجِ
وَمَا يُبَلَّغُ بِالتَّدْلِيسِ دَرْبُ هُدَى
وَمَا تُسَوَّغُ كَفُّ الغَدْرِ بِالحُجَجِ
وَقَدْ عَلِمْتُمْ لَوِ البَوَّابَةُ انْفَرَجَتْ
لَمْ يَبْقَ مِنْ نَفَقٍ يُرْجَى وَلَمْ يَرُجِ
يَا مَنْ يُصَادِرُ حَتَّى العَذْلَ عَنْ شَفَةٍ
وَيَدَّعِي البَوْنَ بَينَ الرَّحْمِ وَالمَشَجِ
لا يُدْرِكُ الرَّغْدُ قَدْرَ المَاءِ فِي قُلَلٍ
حَتَّى يُجَرِّبَ لَفْحَ الحَرِّ وَالأَمَجِ
لَمْ يَفْسُدِ المِلْحُ لَكِنَّ التِي فَسَدَتْ
كَفٌّ تَدُسُّ جُحُودَ المِلْحِ فِي الضَرَجِ
مَا نَفْعُ خَائِبَةِ الآمَالِ إِنْ لَطَمَتْ
خَدًّا وَشَقَّتْ جُيُوبَ العَجْزِ وَالزَّعَجِ
وَمَا مَعَانِي اعْتِبَارِ الأُخْتِ إِنْ رَقَصَتْ
عَلَى الجِرَاحِ وَخَانَتْ سَاعَةَ الحَرَجِ
وَمَا اجْتِهَادُ حَكِيمٍ قَالَ مَوْعِظَةً
لِمَنْ يُوَافِقُ مَجْذُوبًا عَلَى لَحَجِ
وَخَائِضٍ فَوْقَ عَرْشٍ غَيرَ مُنْتَخَبٍ
سَاسَ البِلادَ بِلأْيِ الرَّأْيِ وَالهَرَجِ
تَرَاهُ يَعْبِسُ كَي تَخْفَى سَفَاهَتُهُ
فَإِنْ تَحَدَّثَ بَانَتْ سَحْنَةُ الهَوَجِ
مَا انْفَكَّ يَكْذِبُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ لَهُ
حُكْمًا وَعِلْمًا وَرَأْيًا غَيرَ ذِي عِوَجِ
فَلَيسَ أَرْذَل عِنْدَ النَّفْسِ مِنْ وَقِحٍ
وَلَيسَ أَثْقَل مِنْ مُسْتَظْرِفٍ سَمِجِ
يَقُولُ: إِنَّ السَّلامَ اليَوْمَ مَنْهَجُنَا
وَبِالتَّفَاوِضِ كُلُّ الحَقِّ سَوْفَ يَجِي
فَاخْفِضْ جَنَاحَكَ وَاكْسِرْ صَاغِرًا قَدَمًا
تُرْضِ العَدُوَّ وَتُبْطِلْ عَدْوَةَ الحِجَجِ
يَا فِتْنَةً مِنْ شَرَابِ المَينِ مَا ثَمِلَتْ
وَهَلْ جَنَيْتَ مِنَ التَّسْلِيمِ وَاللَجَجِ؟!
إِنْ كَانَ يُخْفِقُ ذُو السَّاقَينِ فِي أَرَبٍ
فَكَيفَ يَسْبِقُ فِي المِضْمَارِ ذُو عَرَجِ؟
وَإِنْ هَجَوتَ أُبَاةً قَاوَمُوا وَرَمَوا
فَكَمْ أَبِيٍّ عَلَى حُسْنِ الفِعَالِ هُجِي
لِيَهْنَ قَوْمٌ سَرَوا لِلفَجْرِ فِي ثِقَةٍ
وَأَبْحَرُوا ضِدَ عَصْفِ الرِّيحِ وَاللُجَجِ
زَوَاهِرٌ فِي الوَرَى جَلَّتْ فَلاحَ لَهَا
فِي مَفْرِقِ النَّصْرِ مَعْنَى غَيرَ مُخْتَلِجِ
خُذِ الأَدَاةَ وَدَعْ مَنْ لاتَ لَيسَ لَنَا
إِلا الثَّبَات وَيَأْتِي اللهُ بِالفَرَجِ