أَثَابَكَ مَنْ أَقَامَكَ فِي الأَنَامِ
مِثَالا فِي الوَفَاءِ وَفِي الوِئَامِ
وَأَورَدكَ الكَرِيمُ زُلالَ نَهْرٍ
مِنَ الفِرْدَوسِ صَفْوًا وِرْدَ ظَامِي
فَأَنْتَ أَرَقُّ مَنْ صَاحَبْتُ قَلْبًا
وَأَكْرَمُ مَنْ يُبَادِرُ بِالسَّلامِ
أَرَى الإِحْسَانَ فِيكَ ثِمَارَ غَرْسٍ
تَجَذَّرَ أَصْلُهُ وَالفَرْعُ نَامِ
وَفِيكَ الطُّهْرَ فِي الإحْسَاسِ طَبْعًا
جَدِيرًا بِالثَّنَاءِ وَالاحْتِرَامِ
سِرَاجًا قَدْ أَضَأْتَ النَّاسَ حُبًّا
كَأَنَّكَ فِيهُمُ بَدْرُ التَّمَامِ
تُنَادِمُنِي الإِخَاءَ فَلَيتَ شِعْرِي
أَمِنْ دَمْعٍ أَرُدُّ أَمِ ابْتِسَامِ
كِلا الأَمْرَينِ قَدْ نَطَقَا فَقَالا
وَقَدْ صَمَتَ اللِسَانُ عَنِ الكَلامِ
أَرَادَ اللهُ لِلجَسَدِ اعْتِلالا
يُطَهِرُّهُ فَأَكْرَمَ بِالسّقَامِ
فَعَافَ النَّومَ مِنْ أَوجَاعِ قَلْبٍ
وَمِنْ أَلَمٍ تَمَكَّنَ فِي عِظَامِي
وَمَا كَانَتْ مُقَارَعَةُ الليَالِي
لِتُوهِنَ عَزْمَةَ الرَّجُلِ الهُمَامِ
وَلَولا الشَّوقُ لِلأَحْبَابِ أَضْنَى
لَمَا حَظِيَ الهُزَالُ بِالاهْتِمَامِ
لَعَمْرُكَ مَا أَصَابَ الدَّهْرُ مِنَّا
سِوَى مَا اللهُ قَدَّرَ فِي النِّظَامِ
صُرُوفًا لا تَقَرُّ عَلَى قَرَارٍ
وَحَالا لا تَسُرُّ عَلَى دَوَامِ
وَمَا الدُّنْيَا سِوَى نُطَفِ الأَمَانِي
تُجَدِّدُ مَا انْقَضَى فِي كُلِّ عَامِ
فَقَدْ تَلِدُ النَّضَارَ مِنَ المَآسِي
وَقَدْ تَلِدُ البَوَارَ مِنَ الغَمَامِ
وَقَدْ تَجْلُو بِمَا تَهَبُ الرَّزَايَا
وَقَدْ تَبْلُو فَتَرْشُقُ بِالسِّهَامِ
وَأَنْكَرُ مَا تَكُونُ الحَالُ فِيهَا
مَتَى احْتَزَبَ اللِئَامُ عَلَى الكِرَامِ
أَخِي حَسَّانُ قَدْ صَافَحْتَ قَلْبِي
بِمَدْحٍ فَاحَ مِنْ فَاءٍ وَلامِ
عَلِمْتَ بِأَنَّنِي مَا رُمْتُ يَومًا
سِوَى الرضْوَانِ مِنْ رَبِّ الأَنَامِ
وَتَعْلَمُ مَا جَنَاهُ عَلَيَّ صَحْبِي
وَأَعْلَمُ مَا تُرِيدُ مِنَ الوِئَامِ
مَقَامُكَ فَوْقَ مَا تَرْجُو وَلَكِنْ
رَأَيْتُ الحَقَّ أَعْيُنُهُ دَوَامِ
لَقَدْ جَارَ الذِي أَجْرَى ظُنُونًا
تَنَاثَرُ مِثْل عَطْسٍ مِنْ زُكَامِ
فَتُؤْذِي الأَنْقِيَاءَ إِلَى اتِّبَاعٍ
وَتَرْمِي الأَبْرِيَاءَ بِجُرْمِ رَامِ
يُحَدِّثُ بِالذِي هُوَ مِنْ حَدِيثِي
وَيَحْسَبُ أَنَّهُ فَمُ الاتِّهَامِ
كَمِثْلِ مُكَابِرٍ أَعْشَتْهُ شَمْسٌ
فَقَالَ: العَينُ أَبْصَرُ فِي الظَلامِ
أَبِالتَّفْرِيقِ تُرْتَادُ المَعَالِي
وَبِالتَّقْلِيدِ تُنْتَقَدُ المَرَامِي
وَمَنْ يُحْدَى بِأَذْنَابِ الأَفَاعِي
فَإِنَّ الوَكْرَ يَسْكُنُ فِي الخِتَامِ
وَمَهْمَا أَجْفَلَتْ قَلْبِي نفُوسٌ
فَإِنَّ نَفَائِسَ الدُّنْيَا أَمَامِي
أَكَارِمَ لا يُضَامُ بِهُمْ رَفِيقٌ
سَوَاءٌ أَهْلُ مِصْرَ وَأَهْلُ شَامِ
وَفِي أَرْضِ الجَزَائِرَ فِي حِجَازٍ
وَفِي يَمَنٍ وَفِي البَيتِ الحَرَامِ
وَفِي شعْبِ الكِوَيتِ وَفِي عُمَانٍ
وَفِي قَطَرٍ وَفِي دَارِ السَّلامِ
وَلِي فِي المَغْرِبِ الأَقْصَى إِخَاءٌ
وَفِي السُّودَانِ نَبْعُ الحُبِّ هَامِ
وَفِي كُلِّ البِلادِ لَنَا رِفَاقٌ
تُكِنُّ لَنَا المَحَبَّةَ بِالتِزَامِ
هُوَ المَولَى يُكَافِئُ مَنْ يُوَافِي
فَيُنْعِمُ فِي الرِّضَاعِ وفِي الفِطَامِ
فَمَا زِلْنَ الخُطُوب يَسِرْنَ إِثْرِي
وَلَكْنْ دَامَ بِاللهِ اعْتِصَامِي
وَأَنِّي فِي الحَوَادِثِ طَلْعُ نَخْلٍ
يُسَاقِطُ تَمْرَهُ وَالعِذْقُ دَامِ
وَأَنِّي مَا عَصَيتُ العَفْوَ يَوْمًا
وَلَمْ أَجْزِ الجَهُولَ بِالانْتِقَامِ
وَأَنِّي قَدْ أَهِمُّ بِلَومِ صَحْبِي
فَيَصْرِفُنِي الإِبَاءُ عَنِ المَلامِ
أُهَذِّبُ بِالوَقَارِ نُفُورَ نَفْسِي
وَأَخْطبُ مَا تُرِيدُ بِالاحْتِشَامِ
عَفَا الرَّحْمَنُ عَنْهُمْ إِنَّ عَينِي
عَلَى هَجْرِ الأَحِبَّةِ فِي انْسِجَامِ
وَلَولا أَنْ يُقَالَ لَقُلْتُ أَهْلا
بِكُلِّ مُؤَازِرٍ لِلحَقِّ حَامِ
أُقَبِّلُ مَنْ يَثُوبُ عَنِ الخَطَايَا
وَأَقْبَلُ مَنْ يَؤُوبُ إِلَى الذِّمَامِ
فَإِنَّ الحِلْمَ أَرْفَعُ فِي مَقَامٍ
وَإِنَّ الصَّمْتَ أَسْمَعُ فِي الخِصَامِ
وَتِلكَ سَجِيَّةُ الأَبْرَارِ تَعْلُو
فَتَسْخُو بِالتَّسَامُحِ وَالتَّسَامِي
وَلَيسَ فَتَى التَّعَلُّلِ كَالمُعَنَّى
وَلا الكَلُّ المُدَلَّلُ كَالعِصَامِي
وَمَنْ يَصْدُقْ نَوَايَا البِرِّ صَلَّى
وَلَمْ يُغْرِ الجَمَاعَةَ بِالإِمَامِ
لأَنَّ اللهَ أَعْلَمُ بِالخَفَايَا
وَأَنَّ اللهَ أَعْدَلُ فِي احْتِكَامِ




ردا على قصيدة الأخ الحبيب د. حسان الشناوي طهور إن شاء الله