آل البيت
شعر: د. سمير العمري

فِيْمَ افْتِخَارُكَ يَا مَنْ قُلْتَ كَانَ أَبِي
وَيَا بْنَ جَدِّكَ هَلْ قَدَّمْتَ مِنْ سَبَبِ؟
الحُرُّ يُحْرِزُ أَمْجَادًا بِبَذْلِ يَدٍ
وَالغِرُّ يُحْرِزُ وَهْمَ المَجْدِ بِالسَّلَبِ
"يَا مَنْ تَعِيبُ عَلَينَا الرَّأْيَ تَطْلُبُنَا
يَا طَالِبَ النَّجْمِ قَدْ أَوْغَلْتَ فِي الطَّلَبِ"
مَا قُلْتَ إِلا هُرَاءً لا يَلِيقُ بِنَا
إِنْ كَانَ يَحْفَلُ ذُو لُبٍّ بِرَأْيِ غَبِي
شَتَّانَ بَيْنَ عَظِيمِ الجُهْدِ ذِي أَرَبٍ
وَبَيْنَ مُسْتَهْتِرٍ بِالجُهْدِ وَالأَرَبِ
لَيْسَ الذِي لِلعُلا يُمْضِي عَزَائِمَهُ
كَالمُرْجِفِينَ وَلَيْسَ الرَّأْسُ كَالذَّنَبِ
أَنَا أُحَلِّقُ بِالدُّنْيَا أَقُولُ: خُذِي
وَأَنْتَ تَلْحَقُ بِالدُّنْيَا تَقُولُ: هَبِي
مِثْلِي وَمِثْلُكَ فِي بَحْرٍ قَدْ اجْتَمَعَا
جَمْعَ النَّقِيضَينِ مِنْ مَاءٍ وَمِنْ لَهَبِ
هَذَا يُجَدِّفُ رُبَّانًا لِبَرِّ هُدَى
وَذَاكَ يَرْجُفُ مَفْزُوعًا مِنَ اللُّجُبِ
خَارَتْ وَخَارَ وَفَرَّ الكِبْرُ مِنْ دَمِهِ
فَالصَّدْرُ فِي رَهَبٍ وَالعَيْنُ فِي هَرَبِ
أَرَى العُلا تَقْتَضِيِني وَهْيَ رَاغِبَةٌ
عَزْمًا يُحَدِّثُ عَنْ فَضْلِي وَعَنْ دَأَبِي
حِينَ الزَّمَانُ سَقَى الإِنْسَانَ حِدَّتَهُ
فَغَابَ عَنْهُ وَحَدُّ السَّيْفِ لَمْ يَغِبِ
وَمَا أَرَى لَذَّةَ الدُّنْيَا لِشَارِبِهَا
إِلا كَلَذَّةِ مَخْمُورٍ مِنَ العِنَبِ
وَمَا سُلافَتُهَا إِلا لِعَاصِرِهَا
إِنْ صَبَّ أَصْبَى وَإِنْ لَمْ يَصْبُ لَمْ يُصِبِ
كَمْ سَامَ حِلْمِي حَقُودٌ فِي مُنَاكَفَةٍ
فَكَانَ عَزْمِي إِلَى العَلْيَاءِ وَالسُّحُبِ
وَمَا خَشِيتُ لِقَاءَ الحَرْبِ مِنْ غَلَبٍ
وَمَا شَكَوتُ قَلاءَ الكَرْبِ مِنْ لَغَبِ
إِنِّي لأَفْخَرُ أَنَّ اللهَ هَذَّبَنِي
وَزَادَنِي شَرَفًا بِالعِلْمِ وَالأَدَبِ
وَإِنْ فَخَرْتُ بِأَصْلٍ طَابَ مَحْتِدُهُ
فَإِنَّ فَخْرِي بِمَا أَنْجَزْتُ أَخْلَقُ بِي
أُجِلُّ قَدْرَ الذِي يَجْلُو بِقُدْرَتِهِ
وَمَا أُسَرُّ سِوَى بِالسَّادَةِ النُّجُبِ
وَمَا احْتَفَيتُ بِأَنْسَابٍ وَإِنْ عَظُمَتْ
إِلا بِآلِ رَسُولِ اللهِ خَيْرِ نَبِي
نَسْلٌ تَشَرَّفَ مِنْ "طَهَ" وَعِتْرَتِهِ
لا آلَ مَنْ نَسَلُوا مِنْ عَبْدِ مُطَّلِبِ
هُمُ الأَكَارِمُ أَقْدَارًا وَقَدْ نُسِبُوا
لِخَيرِ جَدٍّ هَدَى الدُّنْيَا وَخَيرِ أَبِ
أَحَبَّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ ذَاتَ تُقَى
كَمَرْيَمِ الطُّهْرِ لَمْ تَعْتَبْ وَلَمْ تَعِبِ
بَرَّتْهُ أُمًّا رَؤُومًا وابْنَةً فَضَلَتْ
كُلَّ النِّسَاءِ وَصَانَتْ طَاهِرَ العَصَبِ
أَهْدَتْ إِلَى قَلْبِهِ زُهْدًا يُسَّرُ بِهِ
وَسَيِّدَينِ هُمَا كَالأَنْجُمِ الشُّهُبِ
فَكَانَ فِي الحَسَنِ السَّلْوَى لِقَلْبِ أَبٍ
وَفِي الحُسَينِ سُرُورًا مِنْ نُبُوغِ صَبِي
رَيْحَانَتَانِ أَفَاحَ اللهُ عِطْرَهُمَا
فِي صَدْرِ أَحْمَدَ فِي جَدٍّ وَفِي لَعِبِ
يَا آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ إِنَّ لَكُمْ
فِي قَلْبِ كُلِّ تَقِيٍّ حُبَّ مُحْتَسِبِ
يَا خَيرَ مَنْ وُلِدُوا يَا خَيرَ مَنْ قُصِدُوا
يَا خَيرَ مَنْ حُمِدُوا يَا أَشْرَفَ العَرَبِ
إِنْ كَانَتِ ادَّعَتِ الأَشْيَاعُ حُبَّكُمُ
فَإِنَّ حُبِّي يَفُوقُ القَوْمَ فِي الرُّتَبِ
إِنِّي أُحِبُّكُمُ حُبًّا لِجَدِّكُمُ
وَطَاعَةً لِرِضَا الرَّحْمَنِ فِي رَغَبِ
صَلَّى عَلَيْكُمْ إِلَهُ الكَونِ فَالتَزَمَتْ
مِنَّا الضَّمَائِرُ تَرْجُو حُسْنَ مُنْقَلَبِ
يَا آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ مَعْذِرَةً
إِنْ كَانَ أَفْرَطَ فِي الدَّعَوى أُولُو الرِّيَبِ
قَالُوا الرِّسَالَةُ إِرْثُ الآلِ خَالِصَةً
وَبِالإِمَامَةِ حَصْرُ الشَّرْعِ بَعْدَ نَبِي
فَكَذَّبُوا وَشُهُودُ الحَقِّ صَادِقَةٌ
وَصَدَّقُوا وَدَلِيلُ الحُكْمِ فِي كَذِبِ
لَئِنْ وَرِثْتُمْ مِنَ الهَادِي مَحَبَّتَهُ
فَمَا يُوَرَّثُ دِيْنُ اللهِ بِالنَّسَبِ
إِنَّا لَنُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ خَالِقُنَا
قَدِ اجْتَبَانَا بِتَقْوَى لَيْسَ بِالحَسَبِ
وَقَسَّمَ الفَضْلَ بَينَ النَّاسِ فَاخْتَلَفُوا
وَإِنْ تَشَابَهَ لَوْنُ الصُّفْرِ وَالذَّهَبِ
وَقَدْ هَدَانَا وَأَهْدَانَا التِي اقْتَرَنَتْ
بِوَعْدِهِ الحَقِّ مِمَّا بَعْدُ لَمْ يَهَبِ
وَمَنْ أَذَلَّ هَوَاهُ الكِبْرُ خَابَ بِهِ
وَمَنْ أَعَزَّ نُهَاهُ الحَقُّ لَمْ يَخِبِ