أَتَنْجُو؟ وَهَلْ يُبْقِي الصِّحَابَ عِتَابُ
وَتَرْجُو؟ وَهَلْ يُسْقِي الشَّرَابَ سَرَابُ
إِلامَ تَخُصُّ الحُبَّ مَنْ لَيْسَ يَجْتَبِي
وَتَرْضَى عَنِ الأَيَّامِ وَهْيَ غِضَابُ
إِلامَ؟ وَثَغْرُ الوَجْدِ حَطَّ لِثَامَهُ
سُفُورَاً ، وَفِى الوِجْدَانِ رَانَ حِجَابُ
فَهَا أَنْتَ قَدْ أَرْضَيتَ وُدَّاً وَأَسْخَطُوا
وَأَصْفَيتَ مَا شَاؤُوا الوَفَاءَ وَشَابُوا
وَلَمَّا تَزَلْ فِي المُحْدثَاتِ مُؤَمِّلا
وَهَلْ يُرْتَجَى بَعْدَ المَشِيبِ شَبَابُ؟
أَصَابَكَ مِنْ كَيْدِ الوُشَاةِ شَدَائِدٌ
وَكُلُّ عَظِيمٍ بِالوُشَاةِ مُصَابُ
فَلا تَشْتَكِ النَّاسَ الأَذَاةَ فَإِنَّمَا
لِكُلِّ أَذَى مَهْمَا يَطُولُ ذَهَابُ
وَصَبْرَاً عَلَى بَلْوَى الزَّمَانِ وَعُسْرِهِ
فَفِي الصَّبْرِ مِفْتَاحٌ وَفِي الغَدِ بَابُ
فَيَا رَبَّ هَذَا الفَضْلِ فِي النَّاسِ لَمْ تَزَلْ
غَرِيبَاً إِلَيهِ تَشْرَئِبُّ رِقَابُ
أَقَمْتَ مَعِ الأَحْلامِ وَهْيَ خَصِيبَةٌ
وَسِرْتَ مَعِ الأَيَّامِ وَهْيَ يَبَابُ
وَذُبْتَ تُضِيءُ الحَقَّ دَرْبَا وَمَنْهَجًا
فَلَوْ أَنَّهُمْ لِلحَقِّ مِثْلكَ ذَابُوا
وَيَا رِحْلَةً جَارَتْ عَلَيَّ وَجَرَّعَتْ
كُؤُوسَ عَذَابٍ وَالظُّنُونُ عِذَابُ
سَأَصْبِرُ نَفْسِي مَعْ رِسَالَةِ عِزَّةٍ
وَإِنْ طَالَ تَرْحَالٌ وَعَزَّ رِكَابُ
وَأَمْضِي عَلَى مَتْنِ الرَّجَاءِ مُحَلِّقًا
لِيَبْلُغَ مِنْ جُهْدِ العَلاءِ نِصَابُ
وَإِنْ أَمْسَكَتْ كَفُّ السَّحَابِ بَنَاتهَا
فَيَكْفِي لأَبْنَاءِ الطُّمُوحِ رَبَابُ
عَجِبْتُ لِتَصْرِيفِ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ
أَرَانِي أُمُورًا كُلُّهُنَّ عُجَابُ
زَمَانٌ يَرَى الدَّيْجُورَ نُورًا وَأَهْلُهُ
يَرَونَ الهَوَى حُكْمًا فَغصَّ صَوَابُ
وَقَومٌ تُذِيبُ الصِّدْقَ فِي مُرِّ مَا افْتَرَتْ
وَقَومٌ تُرِيبُ الحَقَّ ثُمَّ تُرَابُ
وَشَاكٍ مِنَ الإِنْصَافِ وَهْوَ فَضِيلَةٌ
وَبَاكٍ عَلَى الإِسْفَافِ وَهْوَ سِبَابُ
وَتَنْفُخُ أَضْغَانُ النُّفُوسِ خَسِيسَهَا
لِتَضْرِمَ نَارَ الحِقْدِ وَهْيَ خَرَابُ
وَكَمْ مُدَّعٍ فِي اللهِ حُبِّي فَإِنْ رَأَى
قُدُورَاً لِطَهْوِ الغَدْرِ سَالَ لُعَابُ
أَلا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ لِلحَقِّ إِنْ جَرَى
عَلَيهِ غِيَابٌ أَنْ يَكُونَ إِيَابُ
وَكَيفَ يَطِيبُ العَيْشُ لِلحُرِّ فِي الدُّنَى
إِذَا حَكَّمَتْ فِيهَا الشَّرَائِعَ غَابُ
وَكَيفَ يُهَابُ اللَيثُ فِي الغَابِ إِنْ عَوَتْ
عَلَيهِ ذِئَابٌ أَوْ عَصَتْهُ كِلابُ
وَكَيفَ يَكُونُ الجَوُّ فِي النَّفْسِ رِفْعَةً
إِذَا أَخْلَدَ البَازِي وَطَارَ غُرَابُ
أُحَدِّثُ نَفْسِي كُلَّ يَومٍ بِأَنَّهَا
سَتَلْقَى مَوَاعِيدَ الرِّجَالِ تُجَابُ
وَأَنَّ عَرُوسَ المَجْدِ مِنْ بَعْدِ مَهْرِهَا
تُزَفُّ إِلَيهِمْ وَالأَكُفُّ خِضَابُ
فَمَا لِي أَرَى قَومِي عَنِ الفَجْرِ أَعْرَضُوا
وَلِلفُجْرِ قُرْبَانٌ لَهُمْ وَقِرَابُ
أَصَابُوا كِرَامَ الخَلْقِ مِنْ غَيرِ زَلَّةٍ
وَصَابُوا النَّدَى سُخْرًا وَفِي الفَمِ صَابُ
وَمَنْ عَابَ أَقْدَارَ الخَلائِقِ عَيَّبُوا
وَمَنْ هَابَ أَقْدَارَ الضَّرَاغِمِ هَابُوا
عِتَابِي إِذَا جَارَ الكِرَامُ مَثُوبَةٌ
وَعَفْوِي إِذَا جَارَ اللِئَامُ عِقَابُ
وَصَوتِي كِتَابٌ لِلنُّهَى فَصْلُ حِكْمَةٍ
وَصَمْتِي خِطَابٌ لِلوَرَى وَجَوَابُ
وَيَسْأَلُ أَهْلُ الحَرْفِ رَأْيًا عَنِ الذِي
يَرَى فِي الشُّعُورِ الشِّعْرَ أَيْنَ لُبَابُ؟
شُعُورِي كِيَانٌ فِي المَوَاقِفِ كُلِّهَا
وَشِعْرِي لِسَانٌ فِي الصُّرُوفِ وَنَابُ
وَقَوْلِي: كَأَنَّ الشِّعْرَ غَرْسٌ مِنَ النُّهَى
بِأَرْضٍ خَيَالٍ وَالشُّعُورَ سَحَابُ
فَتَزْهُو بُنَيَّاتُ الحُرُوفِ نَدِيَّةً
وَتَعْشُو عَنِ الأَفْهَامِ وَهْيَ ضَبَابُ
وَإِنْ يَطْعَنِ الأَصْحَابُ فِي ورْدِ مَنْطِقِي
فَإِنِّي لِظُلْمِ الأَقْرَبِينَ كِتَابُ
أَيُمْدَحُ بَعْضُ السَّجْعِ مَدْحًا لِطَيْرِهِ
وَشَدْوِي عَلَى أَعْلَى الغُصُونِ يُعَابُ
وَلَو كُنْتُ مِنْ أَهْلِ المُدَاجَاةِ فِي الوَرَى
لَجَلَّ لَنَا قَدْرٌ وَعَزَّ جَنَابُ
وَلَكِنَّنِي أَهْلُ النَّزَاهِةِ وَالعُلا
وَأَنَّى لِمَنْ يَبْغِي عَلَيَّ طِلابُ
وَمَا يُجْحَدُ الحَسُّونُ عَذْبَ تَرَنُّمٍ
عَلَى أَيْكِهِ مَهْمَا يَطِنُّ ذُبَابُ
وَمَا تُرْمِدُ الشَّمْسَ المُضِيئَةَ غَيْمَةٌ
وَمَا يُفْسِدُ التِّبْرَ النَّقِيَّ تُرَابُ