كَثُرَ العِتَابْ
وَالصَّبْرُ ذَابَ بِمَا أَصَابْ
وَالقَلْبُ صَفَّقَ بِالأَسَى مُتَوَجِّسَاً مِنْ كُلِّ بَابْ
فَالرِّيحُ تَزْعُمُ أَنَّهَا هَمْسُ النَّسِيمِ عَلَى الرُّبَى
وَالسَّيلُ يَحْسبُ أَنَّهُ فِي البِيدِ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى
وَالزّيفُ بَاتَ المُجْتَبَى
وَالصِّدْقُ غَابْ
كُلٌّ يَظُنُّ بِأَنَّهُ غَيْثُ النَّدَى أَوفَى النِّصَابْ
وَأَخَصُّ مَا تَحْظَى بِهِ مِنْهُمْ أَزَاهِرُ مَجْدِهِمْ بَعْضُ الرَّبَابْ
طَلٌّ؟! فَيَا بُشْرَى اليَبَابْ!


إِنْ كُنْتَ لَمْ تَغْرسْ بِرَوضِكَ زَهْرَةً
فَعَلامَ تَنْتَظِرُ السَّحَابْ؟!
إِنْ كُنْتَ رَحْلَتَكَ الطَّوِيلَةَ لَمْ تَصِلْ
فَلِمَ الإِيَابْ؟!
إِنْ كُنْتَ تَحْسَبُ فِي تَجَشُّمِكَ الرَّدَى
فَإِلامَ تَحْتَمِلُ العَذَابْ؟!
إِنْ كُنْتَ تَحْسَبُ فِي امْتِطَاءِ الصَّعْبِ مَحْضَ تَهَوُّرٍ
فَلِمَ الرُّكُوبُ؟ لِمَ الرِّكَابْ؟!
اللَّيلُ لا يَبْكِي الصَّبَاحَ وَإِنْ أَفَلْ
وَالثَّلْجُ لا يُدْفِي الرِّيَاحَ وَإِنْ شَعَلْ
وَالعَذْلُ لا يُبْرِي الجِرَاحَ وَإِنْ عَدَلْ
وَالعُذْرُ لا يُجْدِي الصَّوَابْ


مُوتُوا جَمِيعَاً يَا عَرَبْ
أَنَا لَنْ أَمُوت
مُوتُوا بِتخْمَةِ صَمْتِكُمْ
وَعَلَى مَوَائِدِ ذُلِّكُمْ مَا لَذَّ مِنْ قَهْرٍ وَطَابْ
الصَّحْنُ سَوْطُ إِهَانَةٍ وَالكَأْسُ صَابْ
مُوتُوا كَدُودِ الأَرْضِ فِي تِلكَ الحُفَرْ
مُوتُوا كَمَوتِ الفِطْرِ فِي ظِلِّ الشَّجَرْ
مُوتُوا بِعِشْقِ الذَّاتِ وَاللَّذَاتِ وَالفَمِ وَالخَدَرْ
أَنَا لَنْ أَمُوت
مَا عَادَ يُمْكنُنِي السُّكُوتْ
فَالحُرُّ لا يَرِدُ الخَنَا مِنْ أَجْلِ قُوتْ
وَاللَيثُ يَأْنَفُ قَيْدَهُ وَالعَنْكبُوتْ
وَالبُومُ يَنْعقُ وَالخَرَابُ هُوَ الخَرَابْ


يَا رِحْلَةَ الأَمَلِ المُحَدِّقِ بِالسَّرَابْ
العَزْمُ أَخْلَدَ ، وَالتَّقَاعسُ لا يَلِيقُ بِأُسْدِ غَابْ
وَالشَّوكُ حَوْلَ الوَرْدِ ، وَالآجَامُ لَيسَتْ لِلذِئَابْ
بَلْ وَالإِهَابُ هُوَ الإِهَابْ
مَهْمَا تَلَوَّنَتِ الثِّيَابْ
وَالعَجْزُ يَلْهُو بِالمُنَى
مِنْ قَمْحَةٍ حَاضَتْ وَلَمْ تَلِدِ السَّنَابِلْ
مِنْ لَمْحَةٍ بَاضَتْ وَلَمْ تَجِدِ البَلابِلْ
مِنْ شَهْقَةٍ هَاضَتْ بَأَمْشَاجِ الحَوَاصِلِ وَالقَنَابِلِ
مِنْ هَيْبَةِ الجَسَدِ المُسَجَّي بِالشُّمُوخِ بِأَرْضِ بَابِلْ
رَقَصَتْ عَلَى أَنْغَامِ مَأْتَمِهِ الكِلابْ


سَيَطِيرُ صَقْرُ العِزِّ فِي أُفُقِي الفَسِيحْ
لَنْ يَسْتَرِيح
سَيَطِيرُ حَيثُ الجُهْدُ يَسْقِي العَهْدَ مِنْ كَفِّ الطُّمُوحْ
سَيَطِيرُ فَوْقَ القَهْرِ وَالإِخْبَاتِ وَالقَلْبِ الجَرِيحْ
سَيَطِيرُ حُرَّاً لَيْسَ يَحْفلُ بِالهِجَاءِ وَبِالمَدِيحْ
سَيَطِيرُ فِيَّ تَحَرُّرَاً مِنْ كُلِّ رِيحْ
لَنْ يَسْتَرِيح
لَنْ أَسْتَرِيح
قَلْبِي تَعَوَّدَ الاغْتِرَابْ